أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صائب خليل - خيارات على ظهر سفينة














المزيد.....

خيارات على ظهر سفينة


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1942 - 2007 / 6 / 10 - 08:56
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
ترنحت السفينة الكبيرة وهي تنزلق ببطء الى حيث تنتظرها اعماق المحيط المظلمة المثلجة. على السطح كان القبطان الأشيب يضع الأطفال في القارب الأول, من قاربين بقيا سالمين من الإصطدام بجبل الثلج ومن العراك بين المسافرين والملاحين المرعوبين الذي تلا ذلك.

اضافة الى المسدس الذي يحمله، احتاج القبطان الذي كان يلقب بـ "القديس" منذ بعثته الخيرية الى افريقيا, الى حزمه الشديد الذي كان معروفاً به, وكذلك الى الإحترام الكبير والثقة التامة التان يحظى بهما من قبل كل فرد في طاقم سفينته. فمن المؤكد انه كان بحاجة الى اسلحته الثلاثة تلك لإقناع الرجال بالقبول بخيار انتظار الموت، تاركين القاربين للأطفال كما تقتضي قواعد البحر والرجولة.

كان القارب ينزل ببطء بينما كان القبطان يصرخ بأوامره بإعداد القارب الثاني. لسؤ حظ الرجال والنساء, كان هناك الكثير من الأطفال, فليس هناك فرصة لأي منهم ان يحصل على مكان في القارب الثاني والأخير.
اقترب من القبطان رجل يبدو على لباسه ومظهره اثار النعمة, وهمس باذنه: " نستطيع ان ننقذ الكثير من الأطفال من الموت، ان استمعت الي دقيقة واحدة".

نجح الرجل بسحب القبطان بضعة امتار بعيداً عن الفضوليين مستغلاً الوقت بين القاربين, وقال:
- "هل تذكر دعوتك للتبرع لملايين الأطفال في افريقيا حين قلت ان كل عشرة دولارات يمكن ان تنقذ طفلاً من الموت؟"
- "أذكر.." همهم القبطان معجلاً محدثه ان يختصر..
- "لو انك اتحت لي مكاناً في القارب الثاني لأعطيتك شيكاً..مليون دولار!"
نظر القبطان الى محدثه باحتقار شديد ورفع المسدس في يده بحركة لا ارادية فأكمل الرجل على عجل: "يمكنك ان تنقذ به مئة الف طفل!" بهدوء انزل القبطان مسدسه وهو يتمتم "مئة الف طفل"

- "ولكن لايوجد مكان اضافي..القارب الثاني لن يسع حتى لكل الأطفال المسافرين"
- "إذن احذف احد الأطفال.....من اجل المئة الف طفل" اكمل الرجل قبل ان يتلقى غضب القبطان الشديد.
- "ايها الوغد الحقير...اتريدني ان انقذك على حساب حياة طفل؟"
- "لا...لكني اتوقع منك ان تفضل انقاذ مئة الف طفل بدلاً من طفل واحد, هل هذا غريب؟"

دار القبطان حول نفسه مرتين قبل ان يتمكن من السيطرة على غضبه ليواجه مكلمه قائلاً:

- " هل تضن اني مستعد لمثل هذا العمل الوسخ؟ اتتصور اني سأحمل طفلاً من القارب... من الحياة.. كيف تريد مني ان اقتل طفلاً لأي سبب في العالم؟"
- "لسبب جيد طبعاً...انقاذ مئة الف طفل بدلاً منه. هل تطالبك انسانيتك ان تختار انقاذ طفل واحد ام مئة الف؟" ثم اضاف "ان كنت تخشى الموافقة بسبب المسافرين والبحارة فانا اعلم ان لهم ثقة عمياء بك ولن يعترضوا على اي شيء تقوله."

بعد قليل كان القبطان يصرخ ويرفع يده بالمسدس ويخفضها, والرجل يجيبه بهدوء وبصوت لايسمعه غيرهما, واخيراً هدأت العاصفة, وسارع الرجل يكتب صكاً ويسلمه للقبطان, الذي نادى البحار الوحيد الذي سيرافق الأطفال على القارب واعطاه الصك بعد ان اخبره ما يفعله به.
في هذه الأثناء كان البحارة قد وضعوا الأطفال في القارب الأخير، لكن القبطان اشار لهم ان ينتظروا وتقدم متثاقلاً متردداً ليرفع اكبر الأطفال عمراً وهو ينظر بعيداً عن وجهه, واعاده الى ظهر السفينة, واشار الى الرجل ان يصعد مكانه.
وفيما هو ينتقل الى القارب, وضع الرجل فمه على اذن القبطان وهمس شيئاً, فرفع القبطان مسدسه ببطء ووضعه على رأس الرجل الذي اقشعر رعباً, لكنه استطاع ان يضيف: "...مئة الف طفل اخر....ما الفرق بالنسبة لك؟"

نظر القبطان الى الكلب الضخم الذي كان يقف قرب الرجل الغني ثم نظر الى وجه صاحبه, وقال هامساً:
"لا فرق ...فعلاً لافرق....ليكن...حياة لمئة الف طفل اخر...ليكن..واشار اليه بحركة دائرية, فأشار الرجل الى كلبه الضخم فقفز هذا ا لى جانب سيده, بينما كان القبطان يحمل ثاني اكبر طفل من القارب, ليضعه على سطح السفينة ويستلم صكاً ثانيا ويعطيه لمرافق الأطفال على عجل.

دمدم البعض بغضب, لكنهم هدأوا بسرعة غير متوقعة, مستسلمين لقرار القبطان الغريب موقنين ان لا بد ان وراء الأمر سراً كبيراً.

انزل القارب الأخير الى الماء بحمولته الثقيلة بحذر شديد, وجلس قائده في الوسط ممسكاً المجدافين وانتظر قليلاً حتى يبتعد القارب عن جدار السفينة قبل ان يضرب بالمجاديف سطح الماء. وفي نفس هذه اللحظة سمع على سطح السفينة صوت اطلاقة وسقط القبطان والدم يسيل من رأسه.



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افاق الحافظ متأخراً...فمتى يصحو الآخرون؟
- ضيف المنطقة الخضراء 2* من 2
- ضيف المنطقة الخضراء – 1 من 2
- لابد ان يكون هناك...من يوقد الشموس
- أشواك القنفذ: فكرة لحماية الصحفيين
- السوق, القائد الضرورة الجديد: تعليقات على نص وثيقة -العهد ال ...
- المهدي المنتظر الجديد: الإستثمار
- على ماذا يفاوض فريق الأسود الأرنب؟
- نائب ما شافش حاجه
- -الرنين الإعلامي-: كيف يجعلونا نقبل اخباراً غير معقولة؟
- هدية مشاغبة للشيوعي العراقي: النقد -المغرض- كفرصة ذهبية لعرض ...
- المسلمون والعلمانيون – اضطهاد متبادل
- -لواكن- العراق الذين لانراهم..
- االعلمانية والديمقراطية الإسلامية – الجزء 2 - غض النظر عن ال ...
- إنتخابات حكومات المحافظات الهولندية غداً
- العلمانيين والديمقراطية في عالم اسلامي
- الفرق بين ازعاج عمار الحكيم و دماء المواطن العراقي
- شيعة العراق صفويين ومجاهدي خلق عرب اقحاح
- إعدام المدن بلا محاكمة
- الهنود الحمر يجيبون وفاء سلطان


المزيد.....




- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صائب خليل - خيارات على ظهر سفينة