أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله أيت بولمان - الواجب














المزيد.....

الواجب


عبد الله أيت بولمان

الحوار المتمدن-العدد: 1940 - 2007 / 6 / 8 - 07:17
المحور: الادب والفن
    


قرب الورقة من عينيه الغائرتين. ضيق جفنيه في محاولة لفك طلاسم السؤال. عيناه تبدوان خلف زجاج نظارتيه السميك مثل مغارتين. عليه أن يحدد الجيب الذي سيحتاج إليه، وبعد ذلك كل شيء يهون. لا بد أن يثبت للجميع أنه أهل لهذه الشهادة التي بدونها لا يمكن أن يظفر بمعشوقته، لذلك استنفر كل طاقاته، وكل ..جيوبه.
الدروس موزعة حسب احتمال سقوطها (نعم سقوطها) موضوعا للامتحان. في كل جيب حِـرز، وفي كل حـرز ضِرس من دروس الفلسفة: "الشغل" في المقدمة، "الذات" في الميمنة، "الغير" في الميسرة، "الحق" في الساق، و"العقل" في الصدر.
خميس بشرق الجسم والغرب زحفه وفي أذن الجميــع منه زمــازم.
خمسة دروس جاء بها مدجَّجاً لإعدام سقراط ومن معه!
ـ إيـــوا، والواجب؟
ـ الواجب؟! الواجب أخاي من نهار طاح ما بقي حدّ هـز ليه الراس، ولا فكـر فيه!
لكن يبدو أن العاملين بقسم الامتحان فكروا فيه مليا هذه السنة:
في كتابه " أسس ميتافيزيقا الأخلاق" يَعتـبـر كانت واجبـًا كلَّ عمل خيِّـرٍ يراد لذاته بوصفه هدفا لا وسيلة للحصول على مقابل. إنه الإرادة الحرة، والضرورة الأخلاقية المستقلة والقائمة على احترام القوانين الكونية.
حلل هذه الفكرة مبرزا العلاقة بين الواجب والإرادة.
تناول الورقة بفتور، ولم يكد يتهجّى ما عليها حتى جاءه صوت (فيورباخ) (كذلك كانوا يسمون أستاذ الفلسفة) : « اسمعوا يا أولاد، لا بد من تحديد الكلمات المفاتيح قبل مباشرة الموضوع. وهل بوسعنا أن نفتح أيا كان ـ أقول أيا كان ـ ما لم يكن معنا مفتاح؟»
تذكر النصيحة فسطر كيفما اتـفق، ثم راح يتأمل العبارة الأولى :
ـ كانت واجبا: إذن صارت حقا.. لكن، من هذه التي كانت واجبا؟ وانا مالي؟
آخ! لو ركز قليلا لجند هذا الدرس ضمن واحدة من تجريدات جيشه العرمرم! لكن لم الأسف؟ أليس الأهم أنّ الموضوعَ مرتبط بدرس الواجب؟ فلينتظرْ حالما يرق قلب المراقب فيعفي ذلك الشرطي الذي يربض بداخله، ولْـيتمطَّ بعد ذلك وليسعلْ، وليتزحزحْ .. فلربما تمخض ذلك عن "واجب" في الاحتياط.
.. لم يصدق عينيه وقد لمح لفظ "الواجب" على أول حِـرز أخرجه. توقع أن يحصل ذلك في المرة الخامسة أو الرابعة .. أو حتى الثانية، أما أن يستجيب له الواجب في المحاولة الأولى، فتلك أقصى درجات التواطؤ. وعليه فقد كان حريا بـ (كانت) أن يربط بين الواجب والصدفة، لا بين الواجب والإرادة!
وضع الحِـرز تحت ورقة التحرير، فارتسمت على محياه فرحة طفولية لا تخطئها العين. رأى نفسه في بهو الكلية، ثم وهو يخاصر فتاته ويجوب شوارع العاصمة .. وحين عاد من سفره كي يضع الواجب في سياقه، قرأ ما يلي:
المبلغ الواجب أداؤه : 178.45 درهم
تذكر أن والدته كلفته قبل خروجه بتسديد فاتورة الكهرباء. كتب عليها اسمه ورقم امتحانه، ثم وضعها أمام المراقب الذي أبى أن يتسلمها مخافة أن يصعقه التيار.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيط والإبرة ومواجع أخرى..


المزيد.....




- المتحف البريطاني والمتحف المصري الكبير: مواجهة ناعمة في سرد ...
- مليشيات الثقافة العربية: عن -الكولونيل بن داود- و-أبو شباب- ...
- مليشيات الثقافة العربية: عن -الكولونيل بن داود- و-أبو شباب- ...
- شيرين أحمد طارق.. فنانون تألقّوا في افتتاح المتحف المصري الك ...
- بين المال والسياسة.. رؤساء أميركيون سابقون -يتذكرون-
- ثقافة السلام بالقوة
- هل غياب العقل شرط للحب؟
- الجوائز العربية.. والثقافة التي تضيء أفق المستقبل
- كوينتن تارانتينو يعود إلى التمثيل بدور رئيسي
- لونُ اللّونِ الأبيض


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله أيت بولمان - الواجب