أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رشيد قويدر - التاريخ الفلسطيني وتأصيل الفكر السياسي المعاصر















المزيد.....


التاريخ الفلسطيني وتأصيل الفكر السياسي المعاصر


رشيد قويدر

الحوار المتمدن-العدد: 1937 - 2007 / 6 / 5 - 11:06
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


صدر عن "المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات"؛ وفي سلسلة "من الفكر السياسي الفلسطيني المعاصر"؛ ثلاثية: "المقاومة الفلسطينية 1970 ... في ظل ازدواج السلطة"، و"حملة أيلول وما بعدها 1970 ـ 1971 ... في المراجعة النقدية للبدايات"، و"النهوض مرة أخرى 1972 ـ 1973 ... في المراجعة النقدية للبدايات". وتشكل هذه الكتب المحددة زمنياً ثلاثية من الدراسات المختصة المترابطة لهذه المرحلة من تاريخ المقاومة الفلسطينية، فهي تأتي متحررة من عبء الاعتقاد المسبق، أو المعتمد على الذاكرة، لأنها موثقة بالوقائع والأحداث المفصلية والرئيسية، التي ترسم الإطار التاريخي الوقائعي لمسلسل الأزمات التي نشبت بين النظام الأردني والمقاومة الفلسطينية، منذ بروزها كظاهرة علنية في الأردن وحتى عشية الصدام الكبير في أيلول/ سبتمبر 1970، ويشير عنوان الكتابين على التوالي من حيث الزمن إلى الجملة التالية: "المراجعة النقدية للبدايات"، بما يوضح الوظيفة والأهداف من هذه الدراسة، كدراسة مختصة ناقدة ومن قلب التجربة التاريخية، تشكل مدخلاً هاماً لدراسة الفكر السياسي الفلسطيني المعاصر، فيما هو مطلوب راهناً وبقوة إلى إعادة تطويره والسعي إلى تصحيحه. وبهذا المعنى تكمن الإجابة عن الفائدة من الاستخلاصات لماضٍ غير بعيد، ومن المعروف أن التطورات السياسية والاقتصادية والعالمية قد تجاوزته. ففي المقاربة النقدية والمقارنة مع الراهن، يستطيع المتخصص أن يفتح قوساً واسعاً حول هذه الهوة في العقل والتاريخ الفكري السياسي الفلسطيني المعاصر، وهي مركب الموروث في البنية السياسية والتنظيمية الثقافية، لأهم الملفات والمسائل المفصلية الراهنة في القضية الفلسطينية، ألا وهي حكومة الوحدة الوطنية، على أساس من وثيقة الوفاق الوطني، بما تعني من شراكة سياسية فعلية في إدارة الصراع، وملفات الأمن والاقتصاد والفساد والإصلاحات الإدارية، والعلاقات الخارجية، وإصلاح منظمة التحرير، بالاستخلاص إلى أن تمتين اللُحمة الوطنية الداخلية هو العامل الحاسم على الصمود وتحقيق الأهداف الوطنية.
ويرد المؤلف حول وقائع أحداث تلك السنوات قائلاً: "أن تكون التواريخ الفاصلة بين مرحلة وأخرى بوقائعها متداخلة أمر مفهوم، إن من زاوية مراكمة الجهد الضروري لتشكيل البدائل الكفاحية في الميدان، أو من حيث الوقت اللازم لتبني الخيارات البرنامجية بحكم تكوين الحالة الفلسطينية وتوازناتها الداخلية، فضلاً عن تداخلاتها الإقليمية. والمؤلفات الثلاثة تغطي تلك المرحلة الصعبة من أواسط العام 1970 وحتى مطلع العام 1973، التي تتوسط ظاهرة العمل العلني في الأردن التي انقضت، ومن جهة أخرى إعادة التموضع تحت راية البرنامج المرحلي التي لم يكن أفقها قد تبدى بعد". أي أن هذه الفترة الزمنية لها ميزة استثنائية في التاريخ الفلسطيني المعاصر، فالمقاومة الفلسطينية في هذه المرحلة، وبجسمها الرئيسي والمهيمن لم تكن ناجزة، ذلك أنها افتقدت إلى فضاء برنامجي سياسي حاوٍ وثابت يدفع إلى تثمير عموم الأهداف والإنجازات، نحو برنامج ملموس "البرنامج المرحلي"، فضلاً عن كون فصائل المقاومة في تلك الفترة كانت ما تزال تفتقر وبالدرجة المطلوبة إلى هويات محددة اجتماعياً وحقوقياً وجغرافياً، والتي بدونها يصبح الكلام عن الديمقراطية والنضالات الاجتماعية الديمقراطية والمطلبية والحريات العامة، كلاماً مجرداً بلا مضمون.
إلى ذلك يقول المؤلف في مقدمته لكتاب "المقاومة الفلسطينية 1970" حول أزمة المقاومة وبلغة مباشرة "إن فشل الإستراتيجية الفلسطينية العائدة لتلك المرحلة، لاصطدام المقاومة بعددٍ من المعضلات، لم تجد لها حلاً يشق طريقه في الحياة العملية، ولعل أهمها يتمثل فيما يلي:
• لم تنفذ المقاومة من زاوية الوعي والممارسـة العمليـة إلى عمق الواقع المعقد للعلاقات الأردنية ـ الفلسطينية، وبخاصةً واقع الانقسام الإقليمي في المجتمع الأردني، والضرورة الكامنة في الموقع الفريد الذي يحتله الأردن في خارطة المصالح الإمبريالية في المنطقة، والوظيفة التي يؤديها في هذا السياق.
• لم تستند هذه الإستراتيجية إلى عمق عربي جاهز للتعاطي ـ بالحدود الدنيا ـ مع موجبات "حرب الشعب طويلة الأمد"، ما أدى إلى كشف ظهر المقاومة الفلسطينية، رغم التعاطف الشعبي الواسع الذي حظيت به.
• لم تقدم المقاومة إجابة واضحة (لا بل ارتبكت وتطرفت) على احتمال أن تترجم مساعي الحل السلمي القائمة على تطبيق القرار 242 بخطوات عملية بغض النظر عن مداها، وما هي انعكاسات هذا الاحتمال على التجاور ـ التعايش القائم بين إستراتيجيتين: إستراتيجية المقاومة، وإستراتيجية الاتجاه الوازن في النظام الرسمي العربي، وما هي الخيارات المتاحة لتجنب الصدام مع الحالة الإقليمية العربية التي توفر للمقاومة غطاءً يحميها من النزوع المعروف للنظام في عمان لإلغاء وجودها في الأردن". وتبرز هنا منهجية التحليل والمقاربة.
ولا بدَّ هنا من التنويه كي تستكمل هذه التخوم بعدها التاريخي، في تطور العقل السياسي الفلسطيني المعاصر، من الإشارة إلى كتابين سبق وصدرا لذات المركز؛ وجِهة التأليف هما: "الجبهة الديمقراطية ... النشأة والمسار"، و"البرنامج المرحلي 1973 ـ 1974 ... صراع ـ وحدة في المقاومة الفلسطينية"، للربط المنهجي للمؤلف في سياق مرحلة متكاملة لتطور المقاومة الفلسطينية، خاصة وأن تلك المرحلة هي الأب الشرعي لمعظم الفصائل الفلسطينية الراهنة والحديثة بالمعنى اليساري الديمقراطي والوطني والقومي العلماني، سوى الفصائل الإسلامية الراهنة، والتي جاءت من تنظيمات عابرة "الإخوان المسلمين" أو امتداد لها.
وانطلاقاً من الربط المنهجي لهذه الخماسية، يكتسب كتاب "الجبهة الديمقراطية ... النشأة والمسار"؛ الخروج من الفصيل أو المنظمة ذات "البعد الواحد"، أي شعار "الكفاح المسلح الطريق الوحيد للتحرير"، حيث يتناول الكتاب من على مشارف عقد السبعينيات من القرن الماضي، انطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، التي عللت "أزمة حركة المقاومة الفلسطينية"، الكتاب الأول الذي صدر في أدبياتها، بدأ بمساءلة واقع وحاضر المقاومة ورسم البديل، في منهج نقدي مغاير للقائم على الصيغة التراثية في العلاقات والولاءات، وفي نقد الذات؛ أي المقاومة والدور والمنهج، وعن خلاصات الماضي وصولاً إلى الحاضر، وكل ما يتطلبه تأصيل التنوير من الاستخدام الحر للعقل، رغم الممانعات والعوائق كمطلب صعب ومهمة شاقة، بسبب ثقل الميراث وسماكة طبقات الأوهام التي تحجب الرؤى الصافية على العقول، واختلاط الوضعيات على الناس. إن الجبهة الديمقراطية لا يمكن فصلها عن الواقع التاريخي الذي ولدّها، نقطة الانعطاف الأولى في تطور الفكر السياسي ـ الاجتماعي الفلسطيني، بعد ما توفرت لهذا الفكر إمكانية إدراك إستراتيجية للتحرير الوطني والاجتماعي الديمقراطي، ربطاً بإدراكها لطبيعة المشروع الصهيوني ـ الإمبريالي في المنطقة، وللجذور العميقة للاغتراب الاجتماعي وشروط إزالته، وتعيين تلك القوى الاجتماعية التي كان بمقدورها أن تشرع في حل هذه المهمات في زمانها ومكانها، بما هي عملية علمية مشروطة تاريخياً، نمت في وسط سياسي اجتماعي حيّ وفاعل، مع جميع خصائصها التاريخية، بإدراكها موشور المصالح الاجتماعية السياسية التي تعلل مشروع المستقبل التحرري والاجتماعي الديمقراطي، وبقسط إيجابي كبير في معرفة قوانين التطور وعمل العلاقات الاقتصادية في المجتمع، في سياق المضمون الإنساني العام. لقد خصبت تلك النشأة الكثير من الحركات الاجتماعية ـ السياسية في المحيط العربي بالقيم الإنسانية العامة الملازمة للاجتماعية الديمقراطية أو الوطنية الثورية.
ونعني بذلك أن الجبهة الديمقراطية لا يمكن فصلها عن الواقع التاريخي الذي أوجدها وولدها، ولأن هذا الواقع أملى عليها دوراً واختراقاً كبيراً في ميدان الفكر والسياسة، وشكل البعد الحداثي الظاهر في تكوينها طفرة نوعية جذرية في السعي نحو المستقبل، ومنه ما نشهده سياسياً في الوقائع الراهنة؛ نحو إنجاز وقائع برنامجية وطنية باتت برنامجاً وطنياً شكلت به سنوات النهوض مرة أخرى ... 1973، وهو ما توج في كتاب "البرنامج المرحلي 1973 ـ 1974"، ويمكن من خلاله رصد وقائع تاريخ ذلك الزمن في الصراع مع العقل السياسي المهيمن، حين أبرزت برنامجها كرهان وطني جريء على تحدي القضايا المتأزمة، وإعطاءها ردود مناسبة لحل المهمات الوطنية المطلوبة، الأمر الذي يشير إلى أن منهاجيتها قد دخلت عميقاً في فكر الثورة الفلسطينية المعاصرة، بدءاً من نظام نظراتها ومفاهيمها النظرية، ومن ثم ترجمتها إلى برنامج، انطلاقاً من أسس الواقع والحالة الموضوعية العربية والدولية، بتسليط الضوء بصورة أعمق على البرنامج الوطني المطلوب. ولم يكن ذلك ممكناً إلا من خلال الكفاح ومن موقع متقدم على مختلف محاور الكفاح الوطني الديمقراطي، ومن خلال الحوار الوطني مع أنظمة المفاهيم الأخرى السائدة والمأزومة، والتفاعل الحي مع الظرف الموضوعي والمحيط العربي والدولي، التي تتبنى نظرات مختلفة عدمية انتظارية.
بين الكتابين "الجبهة الديمقراطية ... النشأة والمسار" و "البرنامج المرحلي 1973 ـ 1974 ... صراع ـ وحدة في المقاومة الفلسطينية"، أي بين سنوات مشارف سبعينيات القرن الماضي وحتى عام 1973، جاءت الثلاثية "المقاومة الفلسطينية 1970 في ظل ازدواج السلطة" عن وقائع ونتائج أحداث الأردن، و "حملة أيلول وما بعدها 1970 ـ 1971"، و"النهوض مرة أخرى 1972 ـ 1973"، لنستكمل الاستمرارية التاريخية، الكفيلة بشرح تحولات الثورة الفلسطينية، وطرح الأسئلة الكبرى القائمة على لماذا ؟، ولتربط علم التاريخ ببعده الاجتماعي؛ الأهمية المعطاة للعوامل الاقتصادية ـ الاجتماعية، في مواجهة أية نزعة عمياء عدمية أو مطلقة باسم الموضوعية. فالعقل الذي يفقد الصلة مع منطق العملية التاريخية الموضوعي، محكوم عليه بالسقوط في خطيئة الاعتباط، واختلاق الخرافات ليصبح ذاته "سخرية التاريخ"، والوسائل التي يلجأ إليها للتغيير تؤدي إلى نتائج مناقضة للأهداف المرسومة، ولموديلات اصطناعية منفصلة عن الواقع.
لقد قدم المؤلف جهداً موضوعياً في تكوين مشهد الإطار التاريخي والوقائعي لمسلسل الأزمات التي نشبت بين النظام الأردني والمقاومة الفلسطينية، منذ بروزها كظاهرة علنية في الأردن وحتى عشية الصدام الكبير في أيلول/ سبتمبر 1970، ويلاحظ بأن "جميع هذه الأزمات ينظمها خيط واحد هو رفض النظام منذ البداية بالقبول بهذه الظاهرة، التي أدرك أنها تحمل مشروع السلطة الأخرى النازعة إلى تجاوزه أو فرض نفسها كشريك بالحد الأدنى، ومع ذلك فإن لكل من هذه الأزمات دلالة سياسية محددة تبعاً للسياق الذي حكمها ...".
يستكمل كتاب "حملة أيلول وما بعدها 1970 ـ 1971" ما جاء في الكتاب السابق "المقاومة الفلسطينية 1971 في ظل ازدواج السلطة"، في سياق المراجعة النقدية لتجربة المقاومة الفلسطينية في الأردن، والتي انتهت في تموز/ يوليو 1971 بإنهاء الظاهرة العلنية لوجودها هناك، وقد اتبع الكتاب منهجية معينة قضت بالتمهيد لمختلف محاوره، بعرض موجز للحدث ومعطياته الرئيسية، ما يوفر للقارئ القدرة على الاستخلاص ومحاكمة التحليل المقدم، ربطاً بالحدث ووثائقه، التي ينفض عنها غبار عقود السنوات. من واقع وثائق تنطق بما حدث، ومعاينات صحفية بعيداً عن الوصف، تعود لتنفعل أمامنا كأنها تحدث للتو واللحظة، وبأسلوب موضوعي في التقديم موظفاً به مصادره الموثقة من وقائع جلسات أو أوراق رسمية أو مذكرات، بما لها من فائدة وخدمة تاريخية في كشف حقائق ذلك التاريخ وإدراك أحداثه، قدرة فائقة على اختزان التفاصيل الدقيقة دون الغرق بها، بما يمنح القارئ فرصة نادرة لتكوين واستعادة مشهد الحدث عن قرب، واستعادة الذاكرة التفصيلية لمن عايش ذلك التاريخ، وصورة مجسمة أقرب ما تكون من المعايشة الحقيقية للأجيال الجديدة في إطلالتها على أحداث ذلك الزمن وتفاصيله، ويرى المؤلف: "تستمد هذه الفترة الزمنية أهميتها من موقعها الوسطي بين مرحلتين كان لكل منهما إستراتيجيته الخاصة: مرحلة العمل العلني في الأردن، ومرحلة إعادة التموضع خارجه ...".
مع الكتاب الثالث "النهوض مرة أخرى 1972 ـ 1973" والمعنون في المراجعة النقدية للبدايات؛ تكتمل الثلاثية التي تغطي أبرز المحطات التي اجتازتها المقاومة الفلسطينية من أواسط عام 1970 وحتى مطلع 1973. في هذه الفترة الزمنية التي يغطيها: خروج المقاومة من صدمة أحداث الأردن، واستعادتها لفعاليتها السياسية والميدانية، وقد توقفت الحركة الفلسطينية أمام العلاقات الفلسطينية ـ الأردنية وقضايا الوحدة الوطنية، فكانت الدورتان (10 و 11) للمجلس الوطني الفلسطيني قد سجلتا تقدماً في كلا المسألتين على خلفية النزاع السياسي المتجدد بين منظمة التحرير الفلسطينية والنظام الأردني، بعد إعلانه عن مشروع "المملكة العربية المتحدة"، والكتاب يستعيد التجارب السابقة ودروسها والاستفادة منها.
إن ميزة سلسلة "من الفكر السياسي الفلسطيني المعاصر" الراهنة، وكتبها الخمسة هو بكلمتين: مغزى التاريخية. وبالتأكيد لا يعني هذا أنها لا تخص إلا الماضي، فقد اندمجت من خلال نشاطها ونتائجها في النسيج الفعلي للعمليات التاريخية اللاحقة، وصولاً إلى الراهن. فقد نشأت معها الظروف والقضايا التاريخية الجديدة، التي تطلبت حلولاً جديدة وتطوير خلاق، ترفعها إلى مستوى أعلى نوعياً تجاوباً مع الحاجات النوعية الجديدة.
كما تحتفظ بموضوعات مبدئية كثيرة وأهمية كبيرة في سياق التطور التاريخي، لكن هذه الموضوعات تحتاج في كل مرحلة جديدة ـ وفق منهاجية كتب السلسلة ـ إلى إعادة النظر بعين نقادة وفقاً للوضع المتغير، ووفقاً لقوام ومصالح القوى الاجتماعية ذات المصلحة في التحرير والتحرر الديمقراطي والتقدم، وهذه الخلاصة في مغزى التاريخية في تقييم المراحل، فمنطق التحليل العلمي غير ممكن، إلا بالارتباط الذاتي مع الظروف العامة والموضوعية المحيطة التي وضعت فيها، حينها لا يجوز النظر لها خارج الزمن.
إن استعادة الإمساك بالماضي الفلسطيني غير البعيد، هي ليس فقط لإدراك ذلك الماضي بصورة مفاهيمية فحسب، بل إدراك السمات المميزة بعدم إهمال السياق التاريخي والوقائع التي حددت سير الأحداث المتناولة، وعلى جانب آخر هام استبعاد الوقائع غير الحقيقية لهذا التاريخ، بدءاً من وفرة الكتب التي حاولت تناول ذلك، بالتركيز على "إيمانية خامدة"، كاستعاضة عن تحليل القوى المحركة للثورة الفلسطينية، بهدف السعي المستمر للتبرير، أو لاستغلال أحداث الماضي بشكلٍ سيء، لتعزيز موقف طرف في السياسة الراهنة من حول هذا التخوم التاريخية، تبعاً لأفضلياته الذهنية والفكرية.
إن سلسلة الكتب المذكورة ومنهجيتها ووثائقها هي على خط مساعد لمهمة الباحث الموضوعي، الذي يهدف إلى دراسة هذه المرحلة أو تلك، بعيداً عن مقارنة الظواهر المفصولة عن بعضها البعض من حيث المكان والزمان، طالما أن علم التاريخ لا يمكن أن يمتلك طريقة التجارب، حيث يحتل التحليل التاريخي المستند إلى المقاربة والمقارنة والتحقيب المنهجي مكانة أكبر بكثير من حقول علمية أخرى، والمحصلة تعزيز استخلاص خبرة سياسية ملموسة، ربطاً بالنموذج المفاهيمي في التحليل النظامي ـ الوظيفي للواقع والبنية والحالة الموضوعية. نظام النظرات الذي نشأ ونما في النسيج الحيّ للوقائع السياسية والاجتماعية، في فترة الانبعاث الكبرى للثورة الفلسطينية، والربط بين التاريخ والأهداف، وعلى وجه الدقة التاريخ والنظرية الغائية، وتعميق التكهن استناداً إلى التحليل التاريخي لتحقيق الأهداف، بعيداً عن "الحقائق المقدسة" الخامدة المفصولة عن الوسط التاريخي، بتعميق الثقافة السياسية التي تعرب عن مصالح قوى اجتماعية واسعة وملموسة تماماً في أي زمن. فالشعاراتية "المقدسة" رغم ضوضائها سرعان ما تتحول على الأغلب إلى صورة عن لوحة الاستكانة والتعاطف العام، بعيداً عن مشروطيات الوسط الاجتماعي الطبقي والثقافة السياسية في زمانها ومكانها.
إن تحليل العلاقة بين القوة والمعرفة، هو الصراع على المعنى التاريخي والاجتماعي وهو بالمحصلة التاريخ بعينه، لقد احتفظت سلسلة الكتب، بطاقة معرفية نقدية عالية، عبر إدراكها المبكر للتوتر الذي هيمن على الوعي بالشروط المتصارعة المتناقضة، وكيف انتهت هذه السيرورة الجدلية التي تفاعلت وتطورت.
وفي سياق مهمة الباحث الناقد ليس فصل صراع عن آخر، أو تحويل المنتميات إلى مسائل غير جوهرية، وهو ما يفضي على الأغلب في الخطاب السياسي الرسمي المسيطر في ذلك الزمن، إلى تحويل الخلاصة التاريخية إلى جملتين: الأولى تمجد بطولة الذات، والثانية ترفض الهزيمة أو الاعتراف بها.
وأخيراً تعبر السلسلة عن ثقل نوعي نقدي في التحليل، وفي سياق دراسة الحركة التاريخية، يمكن تلمسها بسهولة بعصفها بطبيعة الخطاب السياسي الرسمي، وفي كفاحها وإلحاحها الشديد على مواجهة أولئك الذين ينكرون على علم التاريخ القدرة على فهم الواقع والعالم. لقد أرخت سلسلة الكتب لتفسير الماضي غير البعيد، ذلك الماضي المؤسس، لتفسر القدرة المستقبلية على التغيير، في استعادة للتماسك الذي يرى في التاريخ بحثاً عقلانياً في مجرى التحولات نحو التطلعات الجديدة، التي تقود إلى الهدف الجوهري والرئيسي، وهو ما يضعه نصب أعينهم من يدرسون الماضي، باعتبار أن الماضي والحاضر هو نسيج واحد لا يمكن تقسيمه، فهما يتواصلان ويتواشجان فيما بينهما مع المستقبل، ويشكلان محدداته وليس معرفة ما حدث فقط.
ونحن الآن أمام تجربة تاريخية وعملية ثرّة، تساعدنا في فهم كيفية وصولنا إلى ما نحن فيه وعليه، كما تساعدنا على الاجتياز نحو المستقبل عبر تحديث العقل السياسي الفلسطيني، وتعميق إحياء هذا الالتزام على الصعيد المنهجي النقدي والمقارن الموثق في الدراسات التاريخية المعاصرة على صعيد القضية الفلسطينية ومجرى تحولاتها، وفقاً للمساهمة التي تم تناولها وعلى وجه العموم تبرز ملحاحيتها راهناً داخل إطار الحياة والعقل السياسي الذي تحتاجه مكونات العملية السياسية، خاصة وأن بعضها قد اعتزل مدفوعاً بالنزعة الذاتية بعد قفزة الأصولية السياسية الدينية.

الكتاب: "الجبهة الديمقراطية ... النشأة والمسار"
• الكاتب: المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
• الناشر: ـ المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
ـ شركة التقدم العربي للصحافة والطباعة والنشر ـ بيروت
ـ الدار الوطنية الجديدة ـ دمشق
• الطبعة الأولى: حزيران/ يونيو 2001

2 ـ الكتاب: "البرنامج المرحلي 1973 ـ 1974 ... صراع ـ وحدة في ظل ازدواج السلطة"
• الكاتب: المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
• الناشر: ـ المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
ـ شركة التقدم العربي للصحافة والطباعة والنشر ـ بيروت
ـ الدار الوطنية الجديدة ـ دمشق
• الطبعة الأولى: نيسان/ إبريل 2002

3 ـ الكتاب: "المقاومة الفلسطينية 1970 ... في ظل ازدواج السلطة"
• الكاتب: المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
• الناشر: ـ المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
ـ شركة التقدم العربي للصحافة والطباعة والنشر ـ بيروت
ـ الدار الوطنية الجديدة ـ دمشق
• الطبعة الأولى: حزيران/ يونيو 2007

4 ـ الكتاب: "حملة أيلول وما بعدها 1970 ـ 1971 في المراجعة النقدية للبدايات"
• الكاتب: المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
• الناشر: ـ المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
ـ شركة التقدم العربي للصحافة والطباعة والنشر ـ بيروت
ـ الدار الوطنية الجديدة ـ دمشق
• الطبعة الأولى: حزيران/ يونيو 2007

5 ـ الكتاب: "النهوض مرة أخرى 1972 ـ 1973 في المراجعة النقدية للبدايات"
• الكاتب: المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
• الناشر: ـ المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
ـ شركة التقدم العربي للصحافة والطباعة والنشر ـ بيروت
ـ الدار الوطنية الجديدة ـ دمشق
• الطبعة الأولى: حزيران/ يونيو 2007



#رشيد_قويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع المحاصصة الدموي في قطاع غزة
- -نايف حواتمة ومحطات الكفاح الفلسطيني بين الدولة والثورة-
- الزعاترة والهروب على نحوٍ واعٍ أو غير واعٍ
- الزعاترة وتسويق كوابيس-الثنائية الحدّية-
- جريمة القنابل العنقودية الاسرائيلية والانتهاك الفاضح للقانون ...
- روسيا قاطرة -شنغهاي-.. ورئاسة - الثماني الكبار-
- لترتفع حملة التضامن مع كوبا قدوة بلدان أميركا اللاتينية
- فتح والكلفة السياسية الباهظة لإدارة الأزمة.. لا حلها
- مجزرة غزة: خطأ في التقدير أم سياسة ثابتة؟
- مجموعة »الثماني« .. منظومتان فكريتان..
- بحثاً عن سور يقي أوروبا موجات الهجرة إلى الشمال..
- رواية «الإرهاب» الأميركية
- غوانتانامو: أرض مغتصبة.. وانتهاك لحقوق الإنسان


المزيد.....




- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح
- بايدن: القنابل التي قدمناها لإسرائيل استخدمت في قتل المدنيين ...
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- بايدن على قناعة بأن ترامب لن يعترف بهزيمة في الانتخابات
- قائد -نوراد-: الولايات المتحدة غير قادرة على صد هجوم بحجم ال ...
- أبرز مواصفات iPad Pro 13 الجديد من آبل
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- الجيش الإسرائيلي: معبر -كرم أبو سالم- تعرض للقصف من رفح مجدد ...
- -يني شفق-: 5 دول إفريقية قررت إنهاء عمليات الشحن البري مع إس ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رشيد قويدر - التاريخ الفلسطيني وتأصيل الفكر السياسي المعاصر