أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رشيد قويدر - فتح والكلفة السياسية الباهظة لإدارة الأزمة.. لا حلها















المزيد.....

فتح والكلفة السياسية الباهظة لإدارة الأزمة.. لا حلها


رشيد قويدر

الحوار المتمدن-العدد: 1459 - 2006 / 2 / 12 - 09:41
المحور: القضية الفلسطينية
    


ثمة مثل روسي يقول«إن الطريق إلى السقوط ليس به محطات طويلة»، وينطبق هذا المثل على الشتاء القاتم الذي حل على حركة فتح، مطلع عام 2006. حين اجتاحت حركة حماس أغلبية مقاعد المجلس التشريعي، بعد أن وقعت فتح في شرك صراع داخلي، وتورطت في مستنقع الفساد وبمستويات متعددة غير مسبوقة، وفي كلفة باهظة سياسية، كان عليها أن تدفع ثمنها، الأمر الذي عبرت عنه نتائج الانتخابات. ورغم أنها حركة عريقة قدمت آلاف الشهداء، وخاضت الكثير من الحروب، وناهز عمرها الخمسين عاماً.
فعلى مدى أكثر من عقدٍ ونصف (1989)، لم تنجح حركة التحرير الفلسطيني ـ فتح، في عقد مؤتمرها السادس، رغم المتغيرات الهيكلية في النظام الدولي وبطبيعته وآلياته، ومن ثم في البنية الإقليمية، والمحلية الذاتية الفلسطينية. وبالتناسق والتناسب مع حجم المتغيرات على كافة الأصعدة. انطلاقاً من كونها حركة قادت النضال الوطني الفلسطيني على مدى نصف قرن، وعبرت عن الجزء الأعظم من الإرادة الوطنية الفلسطينية المتمثلة في السيادة والاستقلال، وصولاً إلى تحولها حزباً للسلطة الفلسطينية، في الكيان الفلسطيني المزمع انشاءوه وصولاً إلى الدولة الفلسطينية المستقلة.
وكان ينبغي على قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، أن تجسد انعكاساً لنهوض المشروع الوطني الفلسطيني، حين غدت فتح حزب السلطة ـ الحزب الحاكم. بما يعني من ضرورات التغيير في البنية الهيكلية للحركة، واختلاف الأداء التنظيمي والمهمات النضالية. لكن الوصول إلى السلطة ادخلها في أزمة بنيوية عميقة لم تعمل على حلها، بل على إدارة الأزمة، حين دخلت في رحى طاحونة الفساد، وتحملت وحدها دون غيرها، وزر سوء الإدارة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبعد أن تغلغل الفساد في بنيتها التنظيمية في تماهيها وتداخلها بالسلطة، وأثر في سلوكها العام، بل طغى على الانتماء التنظيمي، الأمر الذي أدى إلى تراجع شعبيتها وفعاليتها، رغم الدور الكبير الذي لعبته في انتفاضة الاستقلال من زاوية، والكلفة الباهظة في الشهداء والبنى التحتية، واغتيال الرئيس الشهيد أبو عمار.
ولعل النظام الداخلي للحركة يعبر أصدق تعبير عن عالم مثّله الرواد في حقب سابقة، وأخذ يشيخ على نحو متسارع، انطلاقاً من العجز على إعادة النظر به وبمنظومته الداخلية، والعمل على تحديثه، بما يشمل المفاهيم الأساسية والقواعد والأسس التنظيمية، والبناء الهيكلي، نحو التناسق مع طبيعة المرحلة ومتطلباتها. وعلى سبيل المثال، تنص المادة (1) من النظام الداخلي على أن «حركة فتح وطينة ثورية ولعضويتها صفة السرية»، وهو ما يتناقص مع واقع حالها لجهة السرية، بعد أن تماهت وسيطرت على م. ت. ف. بدلاً من أن تكون كبرى فصائلها، وبما أتاح لها هذا التماهي من عمل علني ووجود رسمي في مجمل أقاصي العالم.
لقد جاء قيام السلطة الفلسطينية، وتولي فتح دور الحزب الحاكم والمعبر عن سياساتها، وبما تعني كلمة سلطة من نفوذ، لتتغلغل بها مصالح ذاتية وضيقة، وفي حالة انفصام عن تطلعات الشعب وتمثيله، ليجسد مكمن الخطر المباشر على فعالية جسم الحركة.
بيد أنه كان ينبغي تحولاً في مفاهيمها الأساسية، استناداً إلى العمل النضالي الذي أصبح يتطلب أفقاً أوسع للحوار والوحدة الوطنية، ومجالاً أرحب للديمقراطية، وتعزيزاً لروح المسؤولية، في تمثيل القطاعات الأوسع تعبيراً عن مصالح الطبقات الوطنية على المستوى الوطني الفلسطيني، بل وتوزيعاً لهذه المسؤوليات. أي بالضبط تطويراً لديمقراطية فلسطينية تنسجم مع الثقافة النضالية ومتطلبات المرحلة.
على ذات الجانب، من مفارقات النظام الداخلي في الباب الأول المادة (2)، فهي تنص على «مقاومة كل الحلول السياسية المطروحة كبديل عن تصفية الكيان الصهيوني المحتل في فلسطين، وكل المشاريع الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية أو تدويلها أو الوصاية على شعبها من أي جهة». وهكذا، فالنظام الداخلي على تقادمه وشيخوخته، لم يلّم بأخذ المستجدات بالواقع الفلسطيني، بل لم يلّم بالمستجدات التي ألمت بالحركة ذاتها (فتح)، وبما نشدته من حلول ووقعته من اتفاقات، أو حتى في سياق القرار الدولي 242 والقرار 338،وإعلان الاستقلال الفلسطيني. وهي ذاتها من أشرف على مؤتمر مدريد واعلان المبادئ ، واتفاقات اوسلو وما تلاها، تلك التي أشرفت عليها ووقعتها مع إسرائيل، في الوقت الذي كان ينبغي عليها تطوير إستراتيجية سياسية، تستند على مشروع وطني يأخذ بعين الاعتبار تراثاً من الانجازات الوحدوية الوطنية، ترفد المشروع الوطني العام وعملية النهوض به، نحو الأهداف المشروعة بالاستقلال والحرية، لقد انعكس هذا السلوك المتنفذ على انتفاضة الاستقلال، وعصف بأشكال النضال المتبناه الموحدة والمناسبة في المكان والزمان.
لقد نص النظام الداخلي أيضاً في المادة (4) فقرة (ب) على «أن المركزية الديمقراطية هي الأساس في ممارسة المسؤوليات، وتضمن وحدة العمل والتنظيم والانسجام الفكري والتفاعل السياسي في الحركة» فكيف يمكن تطبيق المركزية الديمقراطية، مع تعطيل مؤتمرات الحركة وأطرها؟ إن عامل التقادم والزمن قد أدى بالتأكيد الى تغليب المركزية على أي اعتبارات ديمقراطية أخرى، بل حصر الصلاحيات في أيدي قلة، كما أنه البيئة التي خرجت من رحمها الفوضى العامة وفي شكلها المشاهد راهناً.
بل، وربما وفي ظل نظام ناشئ، تتماهى به وتتداخل أجهزته وإداراته بالحركة، وبقوام إداري يناهز 150 ألف موظف، قد لا تكون المركزية الديمقراطية هي الأسلوب الأمثل في إدارة الحياة السياسية داخل الحركة ذاتها. والتي يفترض بها أن تبدأ من دورها في تمثيل قطاعات وشرائح مجتمعية فلسطينية. فقد هدفت المركزية الديمقراطية لحركة ما، خضوع الهيئات الدنيا للهيئات الأعلى، وخضوع الأقلية لرأي الأكثرية، لكنها في ظروف مجتعية لا يمكن إدارتها بفارق أصوات قليلة، حين لا تكون أكثرية موصوفة. فالجانب المركزي فيها سيغلب الاختيار لتولي المسؤوليات، ناهيك عن أبعاد الولاء الشخصي وليس السياسي.
فضلاً عن أن هذا الجسم الإداري هو عموماً من بنيان وصلب جسم حركة «فتح» ذاتها، الامر الذي حول جسماً كبيراً من الحركة إلى «جماعة وظيفية» في الدواوين الحكومية، ولا يمكن التغافل عن هذه الصورة التي فصلت بشكلٍ واضح بين أسفل الهرم الاجتماعي على اتساعه وبين هذه «الجماعة»، خاصة وأن العديد من المتنفذين منها، وجد طريقاً (ما) لأعلى السلم الطبقي والاجتماعي بفضل اجتماع السلطة والمال، أي نحو الثروة، بفعل امتيازات السلطة وعلاقاتها، أو بفعل طرق أخرى غير مشروعة.
ولفهم هذه الوضعية فقد سادت رؤية «استقطاعية» لمفهوم الدولة، مثلتها نخبتهم ليسقطوا على أعلى السلم الاجتماعي بفعل الامتيازات، مما أدى إلى ابتعادها عن التحولات الاجتماعية بل والاغتراب عنها على اتساعها، وتهميشها خاصةً في ظل تفقير مدروس وممنهج للاحتلال. وفي امتدادها على السياسة شهدنا وعلى امتداد التجربة، وضعية تسعى بها الحالة المهيمنة الحفاظ على مركزيتها، واعتبار كل ما هو آخر ثانوي، بامتداده على السلوك السياسي، بدءاً من موضوعة القرار الوطني الفلسطيني الجماعي. وبشكل أو بآخر، شهدنا منها إزاحة م.ت.ف. خدمةً لرؤيتها السياسية وارتباطاتها الدولية مع جهات التمويل المالي الدولي العام. وهذه الرؤية تنطلق من أطروحة الجماعة الوظيفية، وهي هنا بالخط العام بما فيه من قصور، فليس مجال مناقشتها في هذا المبحث (كي لا نقع في خطأ التعميم) بقدر ما هي إشارة افتراضية إلى بيروقراطية طبقة الحكم ومنشأها وجهازها، وتحولها إلى جماعة وظيفية ووضعها الاقتصادي الاجتماعي العام، في رحلة التحولات لخارطة المجتمع.
إن مثال الأزمة، عبرت عنها الانتخابات البلدية الأخيرة، فالفساد العام أدى إلى تراجع الحركة في انتخاباتها، بسببٍ من إهمال الجانب الخدمي، حين عبر الناخبون عن ضرورة التركيز عليه، وبشكلٍ جلي وواضح.
وأدت العشائرية والولاء الشخصي، إلى تشويه علاقة الحركة بالعملية النضالية ذاتها، بوصفها وسيلة للوصول إلى الأهداف الوطنية. وعليه فلابد للمراقب أن يستخلص تراجع الكادر الفتحاوي على مستوى الإعداد والتثقيف بعد إغلاق باب الحوار وتبادل الآراء، وترك باب الهيئات القيادية مفتوحاً على مصراعيه، في اتخاذ القرارات كما شاءت، ويمكن رصد مظاهر عامة في أسباب الأزمة منها: ـ
1 – التداخل بين أجهزة السلطة وحركة فتح، ما استتبعه من ذوبان جسم الحركة في مؤسسات السلطة، وتفشي حالة الانتفاع من المال العام، وشيوع ظاهرة التكتلات العشائرية في سياقها.
2 - انفصام في العلاقة بين الحركة والجماهير، حين تبتعد عن استشراف همومهم، وبما يفضي إلى انتاج فجوة عميقة بين الهيئات القيادية والقاعدة في الحركة ذاتها.
3 – غياب المتابعة والمراقبة والمحاسبة والشفافية، بما ينتج عنه من حالة تسيب وعدم انضباط، وفي وهم التبرير من حجم هذا الواقع بان «حركة فتح تتيح دائماً مساحة من التمرد»، لكنه وصل إلى حدود فقدان المسؤولية بكل ما تعني موجباتها.
4 – التناقض مع قضية لم تنجز بعد مرحلة التحرر الوطني، بين مسلكية الثورة وذهنية الدولة وعدم القدرة على الوفاء لمتطلبات الحالتين، بسببٍ من الاحتلال وتبعاته، وربطاً بالفساد.
5 - الانقسامات على أساس الولاءات الشخصية والمصلحية والعشائرية والجهوية، وفضلاً عنها أيضاً على خلفية الانتماء للأجهزة الأمنية. وفي ظروف غابت عنها الحياة الديمقراطية وتعطيل المؤتمرات، برز ما سمّي بالصراع بين الحرس القديم والحرس الجديد، ليس من موقع الأجيال الشابة أو موضوع العمر، بل من ذهنية الأفكار واستحواذ القيادة وانغلاقها على أجوائها المحافظة.
6 - انعدام محطات التقييم المرحلي واختلاط في الرؤية بين ما هو استراتيجي وما هو تكتيكي. وبين الوسيلة الكفاحية ومتطلبات المرحلة.
وعلى هذا وغيره، فإن ضعفاً في الأطر التنظيمية ناجم عن الانقطاع الفعلي للتجديد عبر العملية الديمقراطية، أما الدماء الجديدة التي ضخت للهيئات القيادية، فهي من الانتماءات والولاءات الشخصية التي مرت عبر المحسوبية لما يسمى بالحرس القديم، وعلى حساب الكفاءات والانتماء السياسي.
استناداً لما سبق، فإن المطلوب أولاً من حركة فتح الإقرار وقبل كل شيء بوجود أزمة فعلية، والعمل على حلها وليس إدارتها، ولا يكفي مجرد الإقرار بأن هناك «خللاً هنا وآخر هناك». لأن الاعتراف بالمرض هو مقدمة لعلاجه، وهو ما يتطلب إسناداً من كل حريص ووطني.
فتراث فتح ومشروعها هو ملك للشعب الفلسطيني، وإعادة ترتيب البيت الفتحاوي هو مقدمة لتفعيل دور الحركة واستعادة تراثها النضالي ودورها الريادي، بما يتناسب مع مثلته في حركة التاريخ الفلسطيني المعاصر. إن أول ما يتطلب ذلك هو العودة إلى الواقع الفعلي وإلى ديناميات الوحدة الوطنية، على أسس واضحة، وهو وحده خبرة تاريخية جديرة بالإقتداء، بما تعبر عن نظرات صائبة إلى الأمام



#رشيد_قويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجزرة غزة: خطأ في التقدير أم سياسة ثابتة؟
- مجموعة »الثماني« .. منظومتان فكريتان..
- بحثاً عن سور يقي أوروبا موجات الهجرة إلى الشمال..
- رواية «الإرهاب» الأميركية
- غوانتانامو: أرض مغتصبة.. وانتهاك لحقوق الإنسان


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رشيد قويدر - فتح والكلفة السياسية الباهظة لإدارة الأزمة.. لا حلها