أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمود كرم - لمحات من كتاب أزمنة الحداثة














المزيد.....

لمحات من كتاب أزمنة الحداثة


محمود كرم

الحوار المتمدن-العدد: 1926 - 2007 / 5 / 25 - 12:59
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


لم يتوقف المفكر علي حرب في مجمل كتاباته عن الإشارة دائماً إلى مواقع الخلل في واقعيات حياتنا المعاصرة ، طارحاً التساؤلات تلو التساؤلات ، ومجترحاً في الوقت نفسه سبل الخروج من قوقعة الأطر الفكرية والمعرفية والمفاهيمية المستهلكة والجامدة والضيقة والخاوية ..

وفي كتابه الأخير ( أزمنة الحداثة الفائقة ) هناك ثمة رؤى تنفذ إلى العمق ، باحثةً عن المصير الذي يجب على شعوب العالم العربي أن تحدده ، وسط عالم قد تجاوز فعلاً الحداثة التقليدية ، للخروج من نفق التخلف ومن ثقافة الارتداد التراجعي لفكر الاستلاب الماضوي ومن تكرار المشاريع الفاشلة المدمرة ومن التشبث بأوهام المستقبل الخادعة ، التي لم تزل المنطقة العربية سائرةً في مساربها التائهة المعتمة ، وفي ظل كل هذا التردي يتساءل علي حرب : كيف نفكر ونعمل ، عرباً وبشراً في أزمنة الحداثة الجديدة وتحولاتها المتسارعة ؟ وكيف نتوجه وبأي شكل نتغير ..؟

يرى علي حرب إن واقع التخلف والتردي والهزيمة ، برمته يتوقف أولاً على ما يقرره العرب تحديداً لأنفسهم ولدولهم ولشعوبهم للخلاص من كل تلك الواقعيات المدمرة والقاتلة ، وثانياً التركيز على خلق الوقائع الميدانية والثقافية الخلاقة المتجددة لمعرفة كيفية مواكبة العالم الآخذ في التسابق مع موجات الحداثة الفائقة ، حيث يقول في مقطع مهم من كتابه :
عربياً يبدو المشهد هو الأكثر تأزماً وتردياً ، مما يضع العرب في مهب المتغيرات ، فإما أن يواجهوا الأحداث باستخدام العدة القديمة المستهلكة ، لكي يهدروا الفرص والطاقات والموارد ، ويزدادوا تخلفاً وهامشية وتبعية للغير ، وإما أن يحسنوا التغير بطرح أسئلة العصر وإتقان لغة الخلق والتحول والتداول ، لكي يعملوا على تدارك الكوارث والمساهمة في صناعة الحضارة وقيادة المصائر ، فالعالم الآخذ في التعولم يزداد تشابكاً وتوحداً بقدر ما يتخطى الحداثة التقليدية إلى موجات جديدة من الحداثة الفائقة ، ومَن ينجح في معالجة مشكلاته وإصلاح أحواله يسهم في إصلاح الشأن البشري المشترك ، بقدر ما يشارك في إدارة العمل الكوكبي بصورة بناءة وراهنة ، انتهى ..

ويتوجه المفكر علي حرب إلى المشكلة الأساسية في العالم العربي التي يراها تتلخص في انعدام القنوات الثقافية الناهضة بالمجتمع نحو تلمس واقع التخلف ، ومواجهة الذات الغارقة في اجترارها المتكرر للأدوات الثقافية المستهلكة التي فقدت صلاحيتها في واقع اليوم حيث يقول :

ولا شك أن الثقافة ، بثوابتها ومحرماتها ونماذجها ومنتجاتها ، هي مصدر أساسي من مصادر الخلل والعطب ، فالعلة لا تكمن دوماً في القرار السياسي أو في المشروع الاقتصادي ، وإنما لها جذورها في نظام الفكر ومصادرات العقل أو في قوالب المعرفة ومنظومات القيم ، فضلاً عن طرائق التفكير وقواعد التعامل . بهذا المعنى لسنا ضحية أقدارنا بقدر ما نحن ضحية أفكارنا ، ثمة شواهد وناس يشتغلون على أقدارهم وظروفهم للخروج من قصورهم واجتراح امكاناتهم ، كما تشهد النماذج الناجحة في اليابان وماليزيا ودول شرقي آسيا ، وازدهار الأصوليات اليوم ( الأصوليات الدينية والقومية ) ، أياً كانت الظروف التي أسهمت في انتاجها ، دليل على أن العلة ليست دوماً في الجيوب بل في العقول ، وعلى أن الخلل هو ثقافي أكثر مما هو اجتماعي ، انتهى ..

ويشير علي حرب إلى نقطة مهمة تتمثل في إننا لم ننجح إلى الآن في تغيير الواقع المتخلف الذي نرتع فيه ونزداد به تخلفاً ، بسبب نضالاتنا الفاشلة في قضايا خاسرة ، ودفاعنا عن الهوية والثوابت بعقلية مناضلة ، وكأن كل مَن في الكون يتربص بنا الدوائر ويتقصد هزيمتنا وتخريب هويتنا والنيل من ثوابتنا ، ويرى أن الفرق شاسع بيننا وبين الغربيين في تعاملهم مع الأفكار والثوابت ، حيث يقول :

ولعل هذا هو الفرق الكبير بين العرب والغربيين ، فبعد أن اتخمنا نضالات فاشلة وقضايا خاسرة ، ما زلنا نتعامل بعقلية مناضلة ومدافعة عن الهوية ، والثوابت أو عن الحقيقة والعقلانية والحرية ، في حين أن الغربيين يخضعون أفكارهم وثوابتهم ، بالدرس والتحليل لخلق لغات مفهومية ، وأطر نظرية أو مباديء استراتيجية ، أو يجددون معها الوجهة والعدة أو المهمة ، والطريقة ، بقدر ما يتغيرون ويسهمون في تغيير العالم ، وهكذا فالذي لا يقدر أو لا يحسن الخلق ، خلق الوقائع التي يتحول بها عن ما هو عليه لن ينجح في تغيير الواقع ، بل سوف يغيره الآخرون بقدر ما يتم التغير على حسابه وضد مصلحته ، انتهى ..

ويرى على حرب : أن المفكرين والأدباء والكتاب والفنانين المبدعين في مجالات المعرفة والثقافة ليسوا هم الفئة الغالبة في عالمنا ، ولذلك يجدهم قليلي الفاعلية والجدوى ، بل السيطرة في عالمنا أضحت للوعاظ والمرشدين أو للدعاة والمناضلين أو لحراس الهوية وشرطة العقائد ، وسواهم من الذين يمارسون التعمية الأيديولوجية والشعوذة الثقافية أو التشبيح القومي والتهويل الديني ..

وفي ظل هذه السيطرة التي أغلقت على العقول والأفكار والثقافات والمعرفيات آفاقها الرحبة بأقفال الماضوية المتشنجة والأدلجة المميتة والتعصب الأعمى والنرجسيات الواهمة والمخاتلة ، وحولت التراث والمنقولات والأحكام والمعتقدات والمفاهيم إلى أصنام للعبادة والتقديس ، فكانت النتيجة كما يقول علي حرب :

تلك هي ثمرة التقديس للأفكار ، أكانت حديثة أم قديمة : أن تتحول إلى أوثان لكي تطمس الحقائق وتستبد بأصحابها ، بقدر ما تشل طاقة العقل على الفهم والتشخيص أو على التقدير والتدبير ، فأصل الاستبداد أن تستبد بالمرء هوية أو عقيدة أو مقولة أو أن يستعمره أسم أو أصل أو نموذج ، ولو تعلق الأمر بالحرية والتقدم والعقل ..



#محمود_كرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطفالنا بين بشاعة العنف وثقافة الكراهية
- العُمر وبريق الغوايات
- سلطة الموروث الديني
- الهدّامون
- الإبداع .. نزعة الإنسان الجوهرية
- حوار في المشهد المعاصر 2 / 2
- حوار في المشهد المعاصر 1 / 2
- خطورة أن يهيمن الديني على المدني
- لذة المغفرة
- الداهية غارفيلد
- مَن يسرق الدهشةَ منا !؟
- إليكِ .. في يوم الحب
- الأنثى وفتنة المؤامرة
- الاستبداد صناعة عربية
- الواعظ وثقافة الوعظ الديني
- الكتابة .. وعي الإرادة وانتصار الحرية
- حياة
- الثقافة الجماعية والتعصب الأيديولوجي
- يوم في هلسنكي
- التخلف .. إرث الماضويات المهيمنة


المزيد.....




- نتنياهو يعلق على قبول حماس وقف إطلاق النار والسيطرة على الجا ...
- لوكاشينكو: العالم أقرب إلى حرب نووية من أي وقت مضى
- غالانت: عملية رفح ستستمر حتى يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح ...
- الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا ...
- معبر رفح.. الدبابات تسيطر على المعبر من الجانب الفلسطيني مع ...
- حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- كاميرا مثبتة على رأس الحكم لأول مرة في مباراة الدوري الإنكلي ...
- بين الأمل والخوف... كيف مرّت الـ24 ساعة الماضية على سكان قطا ...
- وفود إسرائيل وحماس والوسطاء إلى القاهرة بهدف هدنة شاملة بغزة ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمود كرم - لمحات من كتاب أزمنة الحداثة