أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل عباس - امسح واربح














المزيد.....

امسح واربح


كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1906 - 2007 / 5 / 5 - 11:18
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
هذه القصة مهداة إلى المعتقلين السياسيين – السابقين منهم واللاحقين - من أبناء المرحوم وجيه البني ( يوسف , ابراهيم , سحر , أكرم , أنور ) مع كل الحب والتقدير .
كامل عباس – اللاذقية
كل يوم لهما رحلة يُجران بها عربتهما المشتركة من أمام دارهما الواقعة في حي العمارة القديم بدمشق , مرورا بسوق القزازين , وصولا الى ساحة جامع الفاروق في الشارع الرئيسي , هناك يبيعان الأقلام والدفاتر في الخريف , و الألبسة الداخلية في الشتاء ’ والخضار والفواكه في الربيع والصيف , لم يكن المشوار هينا عليهما بداية الأمر ’ ولكنهما الآن محسودان ودخلهما أصبح كافيا لتصريف أعباء الحياة اليومية من طعام وشراب وسكن ويزيد أيضا .
نبت على طريقهما في الأشهر الأخيرة كثيرا من بياعي اليانصيب الجديد – امسح واربح- كل بياع أمامه سحارة خشب مقلوبة غُلٍفت بغلاف أنيق من الحرير ووضع عليها رزمة من دفاتر اليانصيب , وما على الزبون سوى اختيار إحداها , وحك الورقة ليتعرف على حظه في الحال , نعم إنها طريقة قديمة جديدة - كما يقول هادي - تستعملها دولة التقدم والاشتراكية , من أجل دعم الخيار الاشتراكي في سوريا , وجديدها هو مسايرتها لروح العصر وسرعته الصاروخية , وتجاوزا للروتين السابق حينما كان ينتظر الزبون إلى يوم الثلاثاء ليعرف النتيجة ’ والمؤسسة الجديدة هي كالسابقة ستخفف من البطالة وتؤازر أطروحة السلطة الجديدة حول اقتصاد السوق الاجتماعي , لأن ريع المؤسسة سيذهب لدعمه !!!
هادي عبد الرحمن وعادل عد اللطيف , صديقان حميمان تعّرفا على بعضهما في رحاب العالم السفلي حيث مكثا عشر سنين مشتركة فيه , ومع آن القاعدة هي أن يخرج السجناء الذين أمضوا سنين طويلة مع بعضهم وقد مل كل منهم الآخر , الا أن لكل قاعدة استثناء , ومع أن تلك السنون كانت حبلى بالمتغيرات , بحيث تكسرت أحلام كل الرفاق تقريبا , إلا أن هادي وعادل بقيا كما كانا أمينين لمبادئهما , وفلسفتهما كانت وما زالت أن الإنسان سيموت بالنهاية وتأكل عيناه الدود مثله مثل الآخرين سواء كان صاحب ثروة وجاه ونفوذ في الحياة ,أم كان فقيرا معترا لايملك شيئا , وان ما يعطي الحياة معنى وقيمة هي عمل الانسان من اجل غد أفضل لأخيه الانسان .
في ثرثراتهما الدائمة كان عادل وهادي متفقان دوما على إدانة سلوك العديد من الرفاق الذين انقلبوا على ماضيهم , ولم تعد القيم تعني لهم شيئا , وهما يتذكران بحنان حقيقي تلك الحياة المشتركة داخل السجن , وكيف كان يوزع كل ما يرد لهم من نقود وطعام ولباس على أرضية احتياجات كل رفيق منهم بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى ’ وكانا يظنان ان تلك الروح ستبقى سارية في زمن الحرية , وعندما خرجا وشهدا الانهيارات الكبرى على الصعيد العالمي والمحلي ’لم يستغربا سلوك العديد من الرفاق الذين نا لوا تعويضات ليست قليلة بسبب كونهم موظفين عند الدولة , فقط حادثة واحدة أثارت اشمئزازهما ’ كان صديق مقرب جدا منهما يعمل في شركة رفضت إعادته الى عمله , فرفع دعوى ضدها , بنفس الفترة كان عادل وهادي يبحثان عمن يقرضهما مالا من اجل شراء عربة ولوازمها كنقطة انطلاق في الحياة الجديدة ’ وقد أقسم الصديق بأنه سيتبرع لهما بما يلزم إذا ربح الدعوى ونال تعويضاته ’ ولكن عندما تم له ذلك تنّكر لوعوده .
في طريق عودتهم هذا اليوم صارح هادي عادل بأنه ينوي شراء بطاقة يانصيب , ورجاه أن يوافق على ذلك كون الغلة كانت أكثر مما كان متوقعا , دهش عادل من طلب هادي , وحاول إقناعه بأن عملا كهذا هو ضرب من ضروب القمار , ولكنه رضخ لطلبه بعد أن أخذ منه وعدا بأنه لن يكررها مرة أخرى .
حك هادي بطاقة اليانصيب وكانت المفاجأة بحملها رقما يربح ثلائة ملايين ليرة سورية دفعة واحدة .
ذهب هادي الى المركز المخصص لاستلام المبلغ , في حين تابع عادل طريقه إلى البيت , أفكار عديدة عبرت في مخيلته وهو يدفع العربة أمامه , كلها تدور حول الجائزة , ومع أن جوائز أيام زمان المشابهة كانت تحمل الصحف لتعنون عن ولادة مليونير جديد في البلد , لكن الجائزة الآن بالكاد تشتري بيتا متواضعا في أطراف دمشق .
استقر رأي عادل أخيرا على العمل لكي تكون الجائزة نقطة انطلاق لافتتاح دكان مشترك لبيع الألبسة الجاهزة, ففي ذلك ضمان لمستقبل عادل وهادي وأولادهما , وهذا المشروع يوافق ميول وتطلعات هادي أكثر من أي مشروع آخر .

انتظر عادل طوال الليل عودة هادي ولكنه لم يعد حتى الآن !!!



#كامل_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس حول الإصلاح الديني وضرورته الحالية في بلادي
- حضارة الاستهلاك وأثرها في الصحوة الدينية الحالية
- الجرح العراقي والملح الأمريكي
- الصيام الأكبر
- من أجل يسار لبرالي عربي جديد
- اللبرالية والوضع الراهن في سوريا
- اللبرالية في التاريخ السوري - خالد العظم نموذجٌ
- اللبرالية في التاريخ السوري - الكواكبي رائداً
- اللبرالية والعلمانية
- اللبرالية وعلاقتها بالديمقراطية
- اللبرالية ومسيرة التطور الاجتماعي
- نجيب محفوظ في ذمة التاريخ
- عماد شيحا في روايته الثانية - غبار الطلع -
- شرق أوسط جديد بفوضاه !!
- تعريف برابطة العمل الشيوعي في سوريا
- اليسار السوري والتحرر الجنسي
- الطريقة السورية في تكريم المثقفين عند بلوغهم سن الستين
- الخف الوطني
- إذا كان بيتك من زجاج فلا ترجم بيوت الناس بالحجارة
- متى يصبح مناضلونا موضوعيين تجاه المفكرين الأمريكيين أمثال هن ...


المزيد.....




- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل عباس - امسح واربح