أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ابراهيم الخياط - من بعقوبة البرتقال والنضال














المزيد.....

من بعقوبة البرتقال والنضال


ابراهيم الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 1898 - 2007 / 4 / 27 - 11:24
المحور: المجتمع المدني
    


مساء الأربعاء 9 نيسان 2003 وبعد أن شاهد أهالي بعقوبة عبر البث المباشر للقنوات الإيرانية ، مشهد سقوط تمثال الدكتاتور وسط بغداد ، خلت شوارع المدينة الوديعة المقهورة (بعقوبة) من مظاهر السلطة الباغية . إذ أقفلت دوائر المخابرات والأمن والشرطة المحلية أبوابها، وانسحبت شرطة النجدة والمرور من نقاطها ، وتبخر المحافظ ومعيته ، فضلاً عن الانسحاب المخزي لأفراد وطواقم حزب السلطة ، الذين اختبأوا وهم بكامل قيافتهم وتسليحهم المدجج! وراح يتندر عليهم أهل الحسجة بالقول أنهم " لازمين عدّة "، وهذا تعبير شعبي شرعي يطلق على النساء في أول ترملهن ، إذ يلزمن البيوت دون براح . وهذا حال عناصر السلطة منذ ليال عشر بنهاراتها!
وسرت شائعة تحتمل التصديق بأن المجرم " مزبان خضر هادي " الهارب أصلا من منطقة الفرات الأوسط ، قد هرب من "بعقوبة" يوم 9 نيسان متخذا مكانه في تابوت على مشبك إحدى السيارات ، مخافة انتقام الشعب الحابس لغضبه.
ولما بان صباح الخميس 10 نيسان وبعد الثامنة صباحاً بقليل، استبيحت دوائر الدولة المنهارة وأول الأهداف كان أسواق بعقوبة المركزية، التابعة لوزارة التجارة. فما كان من أهالي المدينة الشرفاء ، وعلى رأسهم الشيوعيون ورجال الدين وجمع من الشباب الطيبين ، إلا أن يحولوا دون النهب والسلب ، مستخدمين العصي والأعواد وصيحات النخوة العراقية الأصيلة ، بوجه بعض من عناصر الشرطة وثلة من فدائيي الدكتاتور الناهبين ، وهم يرتدون ملابسهم المدنية ، وتتبعهم مجاميع من الذين شملوا بعفو الطاغية سيء الصيت ، وأشتات من الناقمين والمسحوقين.

ما ان تقدم الغروب حتى تكونت لجان شعبية بمبادرة ريادية من الشيوعيين ، للدفاع عن الحارات السكنية والأهالي والبيوت في وسط البلدة ، وفي ناحية بهرز، وفي قرى شفته و الهويدر بشكل خاص ، بعد توفر السلاح بيد الناشطين الشيوعيين ورجال حسينية بعقوبة.
في يوم الجمعة 11 نيسان تداول الشيوعيون مع أصدقائهم وتشاوروا ، وجرت لقاءات عديدة بينهم لجمع قواهم في مقر علني . وكما تقول تجارب الحياة فضلاً عن الأدبيات السياسية : إن الحرية تؤخذ ولا تمنح ، لذا اتفقوا على فتح مقرهم في اليوم القابل.
وتماما كما اتفقوا أثناء تجمعهم على كورنيش خريسان ، فقد تم اختيار مقر لحزبنا الشيوعي في بعقوبة يوم السبت 12 نيسان ، وتلألأت اللافتة المضاءة بالحروف الحمر يوم الأحد 13 نيسان ، بهمة شيوعية مشهودة.
وكانت جماهير حزبنا الشيوعي ينافسون بهمّتهم أصدقاءه ، وأصدقاؤه ينافسون أنصاره ، والأنصار ينافسون رفاقه ، والرفاق ينافسون قادته الميدانيين.
وأردف المقر المذكور بمقرين آخرين حيث صار مكان الاول في حارة شعبية قرب جامع الشاهبندر والثاني في محطة بعقوبة ، ثم جاء دور الثالث في منطقة بعقوبة الجديدة.
توالت زيارات جماهير حزبنا مع جموع غفيرة من أبناء شعبنا المكافح الصابر، وقام رفاقنا بإحضار موقد مع أوان للشاي ، وتبارى للتواجد في المقرات الفتية - نهاراً وفي الواجبات الليلية - شيوخ أجلاء كانوا قد تعلموا في مدرسة حزبنا ألف باء السياسة والأخلاق والطيبة ومعهم شبيبة لم يكملوا سن العشرين بعد..
وعقب مبادرة حزبنا العلنية قامت الأطراف الوطنية والدينية الأخرى بافتتاح مقارها ، ولتكتسي ( بعقوبة الخير ) حلّة من ألوان الطيف السياسي العراقي.
وشهدت " بعقوبة " وناسها الطيبون بادرة أخرى للشيوعيين ، إذ قامت مفرزة مسلحة من رفاقنا - وبعد ساعات من افتتاح المقر العلني لحزبنا يوم الأحد 13 نيسان - بالتوجه إلى نصب الدكتاتور المقام في مدخل المدينة من جهة بغداد ، وقامت بإنزاله وسط فرحة ومؤازرة أبناء شعبنا الجذلان ، فالكل يصفق، وحتى قامت السيارات المارة بإطلاق منبهاتها لهذا العرس الجميل ، فقد انهارت الدكتاتورية ، والشعب السجين كسر زنزانة العراق..
ويعلم أهل بعقوبة من أقصاها إلى أقصاها بأن رفاقنا - وهذه مأثرة تُحسب - قد خرجوا من بيوتهم في المدينة واخذوا زمام المبادرة المتفانية بأيديهم هم ، ولم تدخل الدبابات الأمريكية إلى بعقوبة سوى مرة واحدة ، ولمدة ساعة واحد ، وذلك غربي طرق المدينة الجنوبي ، حيث قامت بتفتيش قصر رئيس أركان جيش الدكتاتور، المجرم إبراهيم الشيخ ، ثم انسحبت وبقيت المدينة الخضراء بيد ثوارها من المشارب كافة..
وتبقى الصورة البهية التي أشرقت يوم السبت 19 نيسان ، حين وصلت مئات النسخ من جريدة " طريق الشعب " الى مدينة " بعقوبة " في عددها الجديد / الأول بعد سقوط الدكتاتور. فتشممت الأنوف الكريمة طيب الحقيقة ، وتكحلت العيون المنتظرة لمرأى الطائر ملوّن الجناح ، واخضرت الأكف وهي تلامس الجريدة.
ووزعوها وهم يرددون الأغنية السبعينية الشهيرة " وسلمتهم يمّه يمّه آخر أعداد الجريدة " فبعض دمعت عيناه ، وبعض رسم قبلاته على اسم الجريدة وآخرون - من فرحتهم - قدّموا للرفاق أقداح العصير، وكثيرون حتى من أعضاء القوى السياسية الأخرى جاءوا إلى مقراتنا للحصول على نسخ من الجريدة الحمراء الأثيرة ، التي ولجت ببشراها البيوت العطشى ، والمقاهي الحزينة ، ودكاكين بعقوبة ....... بعقوبة التي ضمّت الشيوعيين في أحداقها وبين آس نهرها ، من زمن الوجد إلى زمن الوجد.

بعقوبة - 20/4/2003





#ابراهيم_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في فئ السنديانة الحمراء البتول
- جمهورية البرتقال
- حُداء الغرانيق
- مدمي الشباب
- واحدة لا تكفي
- فتوى (توقيت) الاعدام
- سؤال بسيط جداً
- هو حزبنا لأنه شيوعي وعراقي - قراءة هادئة في وثائق صاخبة
- تروحن
- دولة السيد المالكي والشيوعيون
- الامام سفيان الثوري
- عرض كتاب - هادي لم يمت
- أنوّه دفعا للإحراج
- شهيدة الأردن - شيوعية من بعقوبة
- أشاعر وجبان؟
- ما أنصفت يا نصيف !!
- بعيداً حيث أنا
- تحيتا إكبار وعتب للسيد حسن نصر الله !!
- زينب
- في لقاء مع الشاعر إبراهيم الخياط : تعففت من النشر الرخيص إعت ...


المزيد.....




- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...
- نتنياهو قلق من صدور مذكرة اعتقال بحقه
- إيطاليا .. العشرات يؤدون التحية الفاشية في ذكرى إعدام موسولي ...
- بريطانيا - هل بدأ تفعيل مبادرة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ...
- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...
- اجتياح رفح أم صفقة الأسرى.. خيارات إسرائيل للميدان والتفاوض ...
- احتجاجات الجامعات الأميركية تتواصل واعتقال مئات الطلاب
- الأونروا: وفاة طفلين بسبب الحر في غزة
- لوموند تتحدث عن الأثر العكسي لاعتداء إسرائيل على الأونروا
- لازاريني: لن يتم حل الأونروا إلا عندما تصبح فلسطين دولة كامل ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ابراهيم الخياط - من بعقوبة البرتقال والنضال