أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير كاظم عبود - الأيزيدية تزف مجموعة من الشهداء















المزيد.....

الأيزيدية تزف مجموعة من الشهداء


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1896 - 2007 / 4 / 25 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وأذ تزف بعشيقة وبحزاني جثامين عدد من شهداء الأيزيدية ، وهم يتركون 23 عائلة بكامل شيوخها وأطفالها ونسائها دون معيل ، وأذ تزف بعشيقة وبحزاني التي اختنقت بدماء لوثت ترابها ، وسماء ملبدة بغيوم الأحقاد والكراهية التي ما طغت على ضمير وعقل الأيزيدية التي استلمت جثث اولادها ، وهذا العدد لن يكون الأخير في قافلة الشهداء أنما سيتم تسجيلهم عددا مضافا ضمن قوافل الشهداء الذين ذبحوا في سبيل ديانتهم .
بالرصاص أو بالحبال أو بالسكين ، ومع اختلاف الوسائل والطرق فأن الموت الذي يحيط بالأيزيدية من كل الجهات تعبير عن حقد الإنسان وانتشار الضمائر الميتة التي صارت اليوم مسترجلة وتقطع الطريق وتحيط بهم من كل الجهات .
حالمين بالخبز وبلقمة العيش الشريفة ، لايحملون معهم سوى عرقهم وتعبهم اليومي ، وحالمين بيوم بين اطفالهم ، وهم يرفعون الأكف نحو الله وبأتجاه الشمس ، أن يحفظ الناس وأن يكفهم شر الأشرار ، وان يعم الخير والآمان ، فيلتقيهم الأشرار وهم يتبرقعون بدين لايقره الناس ، وهم يرفعون أسلحتهم وأظافرهم ، فينهشون تلك الأجساد المتعبة ، ويطرزون تلك الأجساد بالرصاص ، ويشربون من دماء الأيزيدية دون إن يشبعوا ، ويلغون في دمهم لعلهم يكتفون بتلك الضحايا .
قوافل من الضحايا ، ولم يتوقف الموت ولاتأخرت المنايا التي تحيط بخاصرة المدن التي يسكنها الأيزيدية قبل إن يكون العراق ، جثث ورؤوس ودماء دون إن تنتهي ديانتهم ، وهم بشر مثلنا كرمهم الله ، وكيف للقتلة إن يفهموا أن الله كرم بني آدم على كثير من المخلوقات وفضلهم تفضيلا ، وكان لابد إن تظهر وحشيتهم في التصدي للعمال الفقراء ، وللبؤساء ممن يركضوا يومهم خلف رغيف الخبز الطاهر لعيالهم ، ممن قضوا نهاراتهم وراء مكائن الحلج ومعامل النسيج ، يتنفسون الخيوط والقطن المتطاير ، وتضيق صدورهم مع تيبس الشفاه ، لكنها الحياة وقدرهم في إن يكونوا عمالا مأجورين ، يقضون أيام شبابهم لأعالة أطفالهم وعوائلهم من أجور هذا العمل الشريف ، ومع فرحهم بعملهم وعودتهم كان لابد إن يتوقف العمل وتنتهي حياة العمال ، فقد كمنت الوحوش البرية في طريق الموصل – بعشيقة ، واستلت أنيابها تنهش اللحم البشري ، وتحقق حلم بدائي في أن تنشر المناحة داخل 23 عائلة أيزيدية ، وان تسمع نواح الثكالى ووجع الشيوخ وحرقة ارواح الطفولة اليتيمة في كل بيوت الأيزيدية .
23 شهيدا قضوا بصمت وبيسر ، كانوا في طريقهم يعودون في آمان الله ، وحين يسأل القتلة عن ديانة هؤلاء لايخفون تلك الحقيقة التي لم يخفها قبلهم الأجداد ، ولم تزل دمائهم جارية ، رغم ما يقوله الدستور عن مواطنتهم المثلومة ، وعن حقوقهم المكسورة .
وأذ يسجل التاريخ الحديث صفحات سوداء في قتل الأيزيدية المسالمين ، الذين لم يحملوا معهم عصا أو خنجر أو سلاح ، حتى لاترغمهم الظروف على إيذاء بشر ، حتى ولو كانوا من فصيلة القتلة ، الذين نامت عيونهم بعد إن ماتت ضمائرهم ، وهم يحققون النصر على 23 عامل أعزل يعود من معمله ، بجبن مشهود ينتصرون على تلك المجموعة التي ما تنكرت لديانتها ، وتباهت بعملها الشريف في معمل النسيج بالموصل ، وتلقوا الموت بصمت مهيب .
لن يكون عزاء ، ولن يتقبل اهاليهم التعازي وكلمات الحزن ، فمثل هؤلاء يبقون صرخة في الضمائر ، موتهم وطريقة قتلهم تطالب القيادات إن تقتص من القتلة الذين باتوا خطرا على الإنسان بشكل عام ، وعلى اهلهم بشكل خاص ، ولن تهدأ تلك الأرواح مالم تجد إن تطبيقا للعدالة سيتناسب مع الجريمة الشنعاء التي ارتكبتها العقول البدائية ، والضمائر الميتة التي تلبست في اجساد بشر هم جزء من بهائم تنتشر بين ازقتنا وطرقاتنا .
ومع كل ما حصل لم تزل اليزيدية لاتحمل الأسلحة ولاتخفي الخناجر تحت الملابس ، ولاتضمر الحقد على الناس ، ولاتجبر احدا على الدخول في ديانتها ، ولاتنتقم عشوائيا ، ولايظهر منها ما يشيع الجريمة ، ومع كل ما حصل للأيزيدية من مآس ونكبات لم تزل الأيزيدية تدعو الله إن يمنح الناس السلام وان يهدي الضمائر وتشيع المحبة .
23 عائلة فارقت اولادها واحبتها ، وتلك دلالة كبيرة على حجم الفجيعة والظلم الذي يحيط بالأيزيدية وهي تبحث عن أمانها في بيوتها وبلداتها البائسة والفقيرة ، ظلم متراكم وبلدات تفتقر للخدمات وحياة بائسة ، وقتل لم يتوقف ، غير إن كلمة المحبة ستنتصر ، وصلاة الانسان التي تدعو للسلام والمحبة ستنتصر على لغة الرصاص والخناجر ، والزمن كفيل بأن يبرهن على ذلك .
وضمن ركاب السيارة القادمة من الموصل خليط من الركاب من مختلف الأديان والمذاهب والملل ، غير إن القتلة سألوا عن الأيزيدية فلم يكذب احد ، ولم يخش احد ، ترجلوا من اماكنهم ليخلوا الطريق لبقية الركاب ، ووقفوا صفا واحدا ، لعلهم ينتظرون موتهم ، فهم يترقبون تلك الأفاعي في كل الطرق ، ويحذرون سمومها ، غير أنهم مؤمنين بقدرهم وديانتهم ، وقفوا متراصفين بأنتظار إن ينشب الأوغاد اظافرهم ، وبعد إن طرزوا بالرصاص تلك الأجساد تصارخوا فيما بينهم ابتهاجا بما تحقق لهم من انتصار على تلك الجثث البائسة ، والتي أضناها التعب والعمل ، فباتت مرهقة وجائعة لم تلحق إن تأكل لقمة مع اطفالها ، فرحلت عنا غير إن ارواحها بقيت هائمة تلاحق القتلة أينما رحلوا .
لا الدستور يحميهم ولا القوانين ، ولا السلطات تحميهم ولا احد يدافع عنهم ، وكانهم مطلوبين دائما ، وكانهم خارج الزمن ليتم تهميشهم ونسيانهم ، وتحثهم الاحداث ليحملوا السلاح ويحصنوا مدنهم ، وتستفزهم الجرائم ليكونوا غلاظ القلوب ، وتدفعهم افعال القتلة لحماية أنفسهم دفاعا شرعيا عن النفس ، وملاحم من التضحيات التي لم تدفعهم لكل هذا ، وصفحات من الغدر والأفعال البعيدة عن الرجولة تغتال شبابهم ، لكنهم يتمسكون بصلاتهم ودعائهم الأبدي ، إن يا الله انشر الخير والمحبة بين كل الناس ثم انشره على عوائلنا .
لن تكون تلك القافلة آخر القوافل ، ولن يتوقف الموت الذي يلاحق الأيزيدية ، مادامت البهائم تنتشر بيننا ، ومادامت العقول المتحجرة والبائدة هي التي تمسك بالزناد ، وتحمل على خواصرها الخناجر الحادة ، ومادام الغدر منهجا وعنوانا في الحياة .
لن تمسح كلمات الحزن تلك الدماء القانية ، ولن تلغي كلمات المواساة كل اركان الجريمة ، ولن تكون كلمات الرثاء والمواساة بحجم الجريمة الإنسانية التي ستهز اركان البلدة الطيبة ، ويقينا أنها ستزيد من احترام ومحبة الأيزيدية لكل الأديان التي تتعايش بأنسجام وسلام في منطقة بعشيقة وبحزاني ، لأن الأيزيدية يعرفون إن هذه البهائم التي قتلت اولادها لاتنتمي لدين بشري أبدا .



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يريدون أن يفقئوا عيون العراق
- كيف نرمم خراب الأنسان العراقي ؟
- ماذا قدم التجمع العربي لنصرة القضية الكوردية ؟
- مالك المطلبي وتواضع العلماء
- هل كان ابو سفيان ايزيديا ؟
- دور المؤسسات المدنية في المرحلة الراهنة - لجنة دعم الديمقراط ...
- ملاحظات على مشروع قانون المصالحة والمساءلة
- رسالة الى السيد وزير الداخلية العراقي
- جريمة حلبجة من منظور قانوني
- رسالة الى القاضي عارف الشاهين - رئيس المحكمة الجنائية العراق ...
- في ذكراك السنوية .. علي كريم سعيد لم نزل نفتقدك
- معاناة المثقف العراقي خارج الوطن
- القضاء الأردني يصدر قراره العادل ضد الأرهاب
- فتاوى التحريض والأرهاب
- متى تدرك تركيا إن الإمبراطورية العثمانية انتهت ؟
- حوار الطرشان في مؤتمر التقريب بين المذاهب
- متى تحل المحبة بين العراقيين ؟
- فريق الدفاع الذي ساهم بدفع صدام للأعدام
- برزان وأموال العراق
- المفارقات في إعدام صدام


المزيد.....




- -أخطر مكان في العالم-.. أكثر من 100 صحفي قتلوا في غزة منذ 7 ...
- 86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأم ...
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على بيان -حماس- بشأن مفاوضات وقف إط ...
- الجنائية الدولية: ضغوط سياسية وتهديدات ترفضها المحكمة بشأن ق ...
- أمطار طوفانية في العراق تقتل 4 من فريق لتسلق الجبال
- تتويج صحفيي غزة بجائزة اليونسكو العالمية لحرية الصحافة
- غزة.. 86 نائبا ديمقراطيا يقولون لبايدن إن ثمة أدلة على انتها ...
- هل تنجح إدارة بايدن في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل ...
- -ديلي تلغراف-: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا ...
- صحيفة أمريكية: المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير كاظم عبود - الأيزيدية تزف مجموعة من الشهداء