أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبداللطيف هسوف - تاريخ الأمازيغ المنسي: سبتيميوس سفيروس: الأمازيغي الذي حكم روما وزوجته «جوليا دومنا»، ابنة كاهن مدينة حمص الأعظم.















المزيد.....

تاريخ الأمازيغ المنسي: سبتيميوس سفيروس: الأمازيغي الذي حكم روما وزوجته «جوليا دومنا»، ابنة كاهن مدينة حمص الأعظم.


عبداللطيف هسوف

الحوار المتمدن-العدد: 1885 - 2007 / 4 / 14 - 08:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تاريخ الأمازيغ المنسي: سبتيميوس سفيروس: الأمازيغي الذي حكم روما وزوجته «جوليا دومنا»، ابنة كاهن مدينة حمص الأعظم.

كان سفيروس (SeptimeSévère) مواطناً من مدينة لبتيس ماغنا (Leptis magna)، وهي بالقرب مما ندعوه الآن طرابلس الغرب. وقد حكم هذا الرجل الغريب الأطوار روما لمدة ثماني عشرة سنة، من العام 193 ميلادية حتى وفاته سنة 211 ميلادية بعيداً عن عاصمته روما بمدينة يورك (York) الإنكليزية. ويصفه الكتّاب الرومان "بالبربري" الذي تعلَّم اللاتينية، ولكنه لم يفقد قط لهجته الأمازيغية.
ولد سبتيموس سفيروس سنة 146 ميلادية لأبوين أمازيغيين في مدينة لبدة بغرب ليبيا سنة 146م، وأتم تعليمه في ليبيا وحصل علي شهادة في الحقوق، ثم التحق بالجيش ولم يلبث أن أصبح قائداً لإحدى الكتائب الروماينة ليرتقي بعد ذلك إلى أعلى المناصب، إذ أصبح قائدا عسكريا سنة 172م بإقليم بإسبانيا، ثم حاكما لمنطقة بأوربا الوسطى.
بعد موت الإمبراطور الروماني كومود مقتولا، حدثت في أوائل سنة 192م انقسامات خطيرة بين كبار رجال الدولة الرومانية حول من سيتولى السلطة ويتبوأ عرش روما. ولحل المشكل، تولى الحكم مستشار الإمبراطور برتيناكس، لكنه سيقتل سنة بعد ذلك. هذا ما جعل سفيروس يعود بجنوده إلى روما بدعوى الثأر لإمبراطوره المقتول كومود. خلال عودته، سيواجه محاولات بعض الأعيان لشراء عرش روما بمساعدة الحرس الإمبراطوري الفاسد. لذا، وبعد أن ثأر للإمبراطور المقتول وتخلص من أعدائه، جلب أفواجا من سكان البوادي ليعوضوا الحرس الإمبراطوري.
ورغم ما ميز الرومان من تسامح مع الأجانب الأمازيغ وامتياز نظامهم السياسي بالمرونة والديمقراطية، إلا أن خصوم سبتيموس لم يخفوا احتجاجهم على عدم أصالته بوصفه أمازيغيا أجنبياً يتحدث في القصر اللغة الأمازيغية ولم يتعلم من اللاتينية إلا النزر القليل، وأن شقيقته التي صحبته لم تتعلم اللاتينية هي الأخرى وأنها كانت تتفاهم في دارها بروما باللغة الأمازيغية. لكن، دخول العديد من الأفارقة كقادة في صفوف الجيش الإمبراطوري واكتساحهم لمجلس السينا الذي يحكم الإمبراطورية في روما، إذ أصبح مشكلاً في ثلثه من أعضاء أمازيغيي الأصل، كل هذا سهل قبول الأغلبية لينتخب سبتيميوس سفيروس إمبراطوراً لروما في وقت مبكر من عام 193 من الميلاد، ثم ليصبح بذلك الإفريقي الوحيد الذي لبس اللباس الإمبراطوري الروماني. كان حينها بإمكان سفيروس أن يكتب باعتزاز واضح: "في رأيي، إن عصرنا البشري مميز، وكأنما قدر له أن يكون كذلك. لأنه أنتج أناساً كثيرين ذوي قدرات عالية. وها هو يرى الآن أن الأطفال الذين أنجبهم ورباهم يتبوءون أعلى المراكز وأرفعها .
اعتلى إذن سفيروس عرش الإمبراطورية الرومانية (193_211م). ومع ذلك لم ينسه هذا العرش موطنه الأصلي ومسقط رأسه وأسرته، فاهتم بشمال شرق إفريقيا وأنشأ فيها من الآثار ما خلده به التاريخ بين عظمائه. وقد تعلم سبتيموس سفيروس اللغة اللاتينية وهو كبير السن إلي جانب درايته بالإنجليزية كأي شخص من سكان مقاطعة (ويلز) البريطانية حين كان يعسكر بها، ولكنه ظل متمسكا بلغته الأمازيغية في بيته ومع أفراد أسرته، كما أنه كان يفضل أطعمة بلاده الأصلي على موائد قصره في روما.
بعد ذلك، سيقضي سفيروس على حاكم سوريا سنة 194م ويستولي على بزنطة، ثم ينتصر على الجنرال ألبيينوس الذي أعلن نفسه إمبراطورا ببلاد الغال قرب مدينة ليون ويشرد أهله. ويمكننا أن نقول إن سفيروس حكم روما في أوج عظمتها وقمة قوتها، إذ كانت تهيمن على ثلاثة أرباع العالم المعروف آنذاك، وبلغ نفوذها أقصي مداه، إذ كانت تبسط سيطرتها علي رقعة كبيرة من الأرض، تمتد شرقاً إلي نهر الفرات وغرباً إلي إنكلترا.
وفي خضم تلك الأحداث، تعرف سبتيموس سفيروس على «جوليا دومنا»، أميرة سوريا ابنة كاهن مدينة حمص الأعظم، في حفل لمعبد إله الشمس إيلا كابل، فتتزوجها في عام 175 ميلادية لترافقه في أسفاره قبل أن يصبح إمبراطورا لروما، وتشاركه الحكم لتصبح واحدة من أقوى الشخصيات في الإمبراطورية الرومانية من عام 193 إلى 217 بعد الميلاد. كانت تمسك إدارة الإمبراطورية الرومانية العظيمة لما كان الإمبراطور سبتيموس سيفيروس زوجها يترك العرش ليحارب المنافسين ويقضي على الثوار ويطارد ويخمد الفتن في إمبراطورية روما العظيمة. وبالفعل برهنت جوليا دومنا للشعب الروماني أنها قادرة على تسلم القيادة والإدارة وأنها تستطيع احتلال مركز الزعيم. كما عرف عنها كذلك اهتمامها بالعلوم والفلسفة والفنون، لذا استقدمت عددا من رجالات الفن والعلم إلى بلاط قصرها بروما.
تميز حكم الإمبراطور سفيروس بالعديد من الإصلاحات القضائية والعسكرية، إذ سمح لقدماء ضباط الجيش بشغل مناصب إدارية وعمل على تحسين ظروف الحياة للجنود وأحدث خزينة للإمبراطورية، لكنه بالمقابل ضيق الخناق على صلاحيات السينا وكذا عناصر الأرستقراطية الرومانية والكنيسة المسيحية ليستفرد بحكم شبه مطلق.
لم يكن سفيروس الأمازيغي إنسانا ناتئ الشخصية أو إمبراطورا ضعيفا كما بعض سابقيه وبعض لاحقيه. وإن لم يصل درجة العظام من أباطرة روما، إلا أن حكمه تميز بالصرامة والقوة وإعادة نشر فلسفة الانضباط داخل الجيش والإدارة. ويكفيه فخرا أنه نشر الرخاء الاقتصادي في البلاد وترك لروما مخازن ملآ بالمؤن والزاد. وتحتفظ بعض متاحف أوربا إلى اليوم، بالفاتيكان وباريس وميونيخ، بتماثيل كانت قد نصبت له في الكثير من المدن التي كانت تابعة لروما آنذاك. وبالإضافة إلى اهتمامه بمدن مسقط رأسه بإفريقيا، ترك سفيروس مآثر عدة أهمها قوس اللاذقية بسوريا الذي لازال شاهدا إلى اليوم على عظمة هذا الإمبراطور الأمازيغي وزوجته الحمصية السورية.
وفى عام 196 م، زار الإمبراطور سفيروس وزوجته مصر ليكسب ود أهلها بإصلاح أحوالهم وتوحيد نظم البلاد الإدارية والمالية مع سائر أنظمة الإمبراطورية الرومانية. ثم في سنة 211 م، اصطحب سفيروس ابنه كركالا (caracalla) إلي إنجلترا التي كان يعيش أهلها في حالة من التخلف كي يسكت بعض الفتن بها ويعود ابنه على حياة الخشونة الريفية بعد أن نشأ في قصور روما وترفها. خلال هذا السفر، مات سبتيموس سيفيروس في إنجلترا بمدينة يورك في فبراير سنة 211م ودفن هناك ليخلفه ابنه من بعده علي عرش روما. نقل رماد جثة الإمبراطور الأمازيغي سفيروس إلى روما حيث احتفى به أفراد السينا احتفاءهم بالكبار. وكانت آخر كلمة نطق بها سفيروس قبل موته: لنعمل .
جلس إذن على عرش الإمبراطورية الرومانية فى عام 211 م كراكلا أكبر أبناء الإمبراطور السابق سفيروس ومعه أخوه جيتا الأصغر كشريكين فى حكم الدولة الرومانية. لكن كراكلا أصدر أمره بقتل أخيه ليستأثر بالحكم وحده، ويشاع أنه قتل عشرين ألف شخص آخرين من الذين احتجوا على فعلته بقتله أخيه.



#عبداللطيف_هسوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ الأمازيغ المنسي: جوبا الثاني ملك الموريين المفكر العال ...
- تاريخ الأمازيغ المنسي: بوكوس الأول: حاكم موريتانيا الطنجية
- تاريخ الأمازيغ المنسي: سيفاكس الثائر: الماسولي حاكم المغرب ا ...
- إهداء لرئيس عنصري حاقد يتجاهل تاريخ بلاده - تاريخ الأمازيغ ا ...
- تاريخ الأمازيغ المنسي: أكليد يوغرتا (هانيبعل الأمازيغ): روما ...
- تاريخ الأمازيغ المنسي: أكليد يوغرتا (هنيبعل الأمازيغ): روما، ...
- تاريخ الأمازيغ المنسي: الملك مسينيسا النوميدي: أفريقيا للأفر ...
- مكانة الأمازيغ باعتبار النص الديني: صحيحا كان أم مزعوما؟
- لوكيوس أبوليوس ... مثقف أمازيغي... قراءة في رواية الحمار الذ ...
- لوكيوس أبوليوس ... حياة وأعمال مثقف أمازيغي لفترة ما قبل الإ ...
- نعرات الانفصال في العالم العربي الإسلامي: تقرير المصير داخل ...
- دانييل شرويتر يكتب عن اليهود والأمازيغ المغاربة: اليهود ببلا ...
- دانييل شرويتر يكتب عن اليهود والأمازيغ المغاربة: يهود تمزغوا ...
- اليسار المغربي: من معارضة النظام الحاكم إلى الشيخوخة المبكرة ...
- قصص قصيرة جدا لنماذج بشرية عادية جدا
- جل بعينيك...وبفكرك
- أمام الهيمنة الغربية، هل للعالم العربي الإسلامي حق في الحوار ...
- المهرجان العالمي للسينما بمراكش: ذر الرماد في العيون
- تساؤلات محيرة حول مغرب الأمس ومغرب اليوم ومغرب الملك محمد ال ...
- إرث أمتي


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبداللطيف هسوف - تاريخ الأمازيغ المنسي: سبتيميوس سفيروس: الأمازيغي الذي حكم روما وزوجته «جوليا دومنا»، ابنة كاهن مدينة حمص الأعظم.