أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسن مدن - لا فسحة للحلم














المزيد.....

لا فسحة للحلم


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 568 - 2003 / 8 / 19 - 02:35
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 د. حسن مدن

 

في نصٍ قديم لفرويد يعود إلى بدايات القرن العشرين يقول إن مليوني سنة من التاريخ وما قبل التاريخ ليست سوى فاصل عابر في عملية انتشار الحياة على الأرض وتكوين كوكبنا في الفضاء الكوني. واختتم ميشيل فوكو كتابه "الكلمات والأشياء" بعبارة قدمها كما لو كانت نبوءة، حين كتب يقول "ليس الإنسان أقدم المشكلات التي انطرحت على المعرفة الإنسانية ولا أكثرها ديمومة، فالإنسان هو اختراع يبين لنا علم آثار فكرنا بيسر وسهولة حداثة عهده، وربما وشوك نهايته".

 

مرة، وفي إطار الجدل الدائر حول مقالته الشهيرة "نهاية التاريخ" التي أصبحت فيما بعد نواة كتابه "نهاية التاريخ وخاتم البشر" كتب فرانسيس فوكاياما مقالة أعاد فيها التمسك بالعصب الرئيسي في نظريته رافضاً أية إعادة نظر في أحكامها، لكنه اعترف بأن بين المئات من الذين كتبوا معارضين هذه النظرية، ثمة من أمسك بنقطة الضعف الحقيقية فيها ألا وهي أن التاريخ لا يمكن أن يتوقف طالما أن علم الطبيعة الحديث ليست له نهاية، هذا العلم الذي قد يؤدي إلى نهاية البشرية. والغريب أن فوكاياما يتماهى مع هذا النقد الموجه لنظريته ويذهب به إلى نهاية قصوى تشبه تلك التي ألمح إليها فرويد أو تنبأ بها ميشيل فوكو، قائلاً إنه خلال الجيلين المقبلين سيوفر لنا علم التقنية الحديثة أدوات توصلنا إلى نهاية التاريخ البشري، إلى نهاية الإنسان، حينها سيبدأ برأيه تاريخ جديد لما بعد البشرية.

 

لكن الغرابة التي تتبدى لنا للوهلة الأولى من تبني فوكاياما لآراء بعض منتقديه من زاوية مغايرة لتلك التي ألفناها في النقد الموجه إليه سرعان ما تتبدد، إذا ما لاحظنا أنه ينطلق من هذا النقد لتوكيد أطروحته لا لينفيها، فالتاريخ برأيه انتهى، والخطة التالية لما بعد انتهائه ستكون نهاية العالم نفسه بسبب التقنيات التي أوجدها الإنسان. إنه بالضبط يضعنا على محك النهايات، حيث لا توجد بارقة أمل في وضعٍ أفضل من القائم، حيث لا فسحة أخرى للحلم. وإذ يلاحظ فوكاياما أن العالم خلال عقد كامل، عشر سنوات بالتمام والكمال، من تبشيره بنهاية التاريخ لم يصبح أي العالم أفضل مما كان، ولم يعد باعثاً أكثر من السابق على الأمن والطمأنينة: نزاعات في يوغسلافيا والصومال، ثبات الكثير من الأنظمة الاستبدادية، الأزمة الاقتصادية الآسيوية، انهيار "الإصلاحات" في روسيا وسواها من تطورات سلبية، فإنه لا يجد في ذلك مدعاة للتشكيك في نظريته. إنه يكتفي بالقول إنني لم أعِدْ بأن المشاكل ستحل خلال عقد واحد، وهي حجة قوية بالتأكيد لولا أن التطورات التي شهدتها حقبة ما بعد الحرب الباردة التي انقضت حتى الآن حملت كل مؤشرات أن "نهاية التاريخ" الموعودة ليست سوى بداية لتاريخٍ جديد من الهيمنة وغطرسة القوة وإملاء الشروط من القوي على الضعيف الذي وجد نفسه عارياً إلى الحائط. ومثل هذا التاريخ لا يمكن أن يشكل نهاية أبداً. إنه سيرورة دائمة. ومثل هذه السيرورة تعيد إنتاج الحلم الإنساني، فيما المطلوب مصادرة الفسحة التي تعد به، على النحو الذي يتوخاه فوكاياما من أطروحته.

 

 



#حسن_مدن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- !هل نسمع العراق؟
- مربى تشيخوف


المزيد.....




- غضب عارم في المكسيك بعد مقتل رئيس بلدية مناهض للجريمة
- سلحفاة بحرية تصبح نجمة محلية وتعود إلى المحيط بعد رحلة إنقاذ ...
- روايات فظيعة لناجين من اعتداء جنسي لرجال دين.. البابا لاون ي ...
- الداخلية السعودية تنشر فيديو أين خبأ مقيمان كيسا من مخدر -ال ...
- ما هي أبرز الجماعات المسلحة المعارضة لحماس في غزة؟
- أوكرانيا: قتلى وجرحى في قصف روسي بمسيرات وصواريخ استهدف منشآ ...
- خبير أمني إسرائيلي يحذر: نحن نفقد الشباب الأميركي إلى الأبد ...
- لوفيغارو: هذه أسباب غياب مأساة السودان عن الاهتمام الدولي وا ...
- 290 مفقودا في غرق قارب مهاجرين قرب الحدود بين ماليزيا وتايلن ...
- قطر الخيرية تعقد شراكات دولية خلال القمة العالمية للتنمية ال ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسن مدن - لا فسحة للحلم