أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - الانتحاري الذي فجر نفسه بمقهى الانترنيت 1/3















المزيد.....



الانتحاري الذي فجر نفسه بمقهى الانترنيت 1/3


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1861 - 2007 / 3 / 21 - 12:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تقديم
يوم الأحد 11 مارس 2007، خلال ليلة شتوية هادئة، فجر الانتحاري عبد الفتاح الرايضي نفسه بعد احتجازه بمقهى الانترنيت سيدي مومن، وبذلك أعاد الكثيرون طرح نفس التساؤلات التي أثيرت بعد تفجيرات يوم الجمعة الأسود (16 ماي 2003) التي حدثت غير بعيد عن ميلاد ولي العهد، في حين كانت تفجيرات سيدي مومن بعد فترة من عقيقة الأميرة لالة خديجة، فهل المغرب أضحى الآن مستهدفا؟ وهل انطلقت آليات إنتاج الانتحاريين؟ ولعل أبرز سؤال هو لماذا مازالت فضاءات مهمشة مثل دوار السكويلة تفرخ الانتحاريين؟
=-===
حدث هكذا، روايات متناثرة هنا وهناك، كل يدلي بدلوه مما تجود به شهادات المارة أو الواقفين خلف السياج الحديدي الذي وضعه رجال الأمن لعزل المكان عن حركات المرور، ووسط صخب الروايات وتناقضاتها، حاولنا فور وصولنا إلى مسرح الجريمة "نادي الانترنيت" بعد منتصف الليل، أن نستشف المعلومات التي من شأنها أن تقودنا إلى "راس الخيط"، فحسب مصادر جد مطلعة خلصنا إلى أحداث هذه الواقعة التي اهتزت لها ساكنة البيضاء فور تلقيها نبأ الانفجار.
ففي الوقت الذي كان فيه الانتحاري الأول (عبد الفتاح الرايضي) يبحر في شبكات الانترنيت، كان محمد فايز (صاحب نادي الانترنيت) يراقبه عبر حاسوبه الذي أخضعه من قبل لنظام خاص يسمح له بمراقبة كل الحواسيب داخل فضائه الانترنيتي، الأمر الذي جعله يبطل كل محاولة لتواصل عبد الفتاح الرايضي الذي حسب مصدر أمني عليم كان يتواصل مع شبكات متطرفة لم يكشف عن هويتها، إلا أن هناك من لمَّح إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مما أدى بالانتحاري الأول إلى تغيير حاسوبه لينتقل إلى عدة حواسيب، وتفيد مصادرنا أن الانتحاريان ولجا نادي الانترنيت حوالي الساعة 8.30، وقرابة ساعة من المحاولات المتكررة لبعث رسائلهما وتغيير الحواسيب، أصاب اليأس عبد الفتاح الرايضي حتى بلغ به الأمر إلى الضغط بشدة على لوحة المفاتيح "كلافيي" في عدة مرات والغضب باد على ملامح وجهه، حتى بدا وكأنه يضرب براحته أزرار "الكلافيي" وفي اعتقاده أن الخلل يكمن في جهاز الحاسوب، وحسب محمد المباركي (18 سنة) الذي كان جالسا بجانب الانتحاري عبد الفتاح فإن محمد فايز (صاحب المحل) تدخل لثنيه عن ضرب لوحة المفاتيح بعدما أخبره محمد الكريسي الذي يساعده داخل النادي بذلك، الشيء الذي نتج عنه شنآن بينه وبين الانتحاريين، تطور إلى شجار بينهما وتبادلا خلاله عبارات السب والشتم إلى أن أوقف صاحب النادي الصخب الدائر بينهما فور نطقه بكلمة "غادي نعلم البوليس"، كان لهذه الكلمة وقع كبير في نفسيتهما مما أدى بهما إلى الارتباك والحيرة لما ستؤول إليه أمورهما في حالة حضور رجال الأمن، ووسط ذهول الانتحاريين أقفل محمد فايز الباب الحديدي للمحل وأحكمه، عندها أحسا حسب شاهد عيان كان ضمن الزبناء بنادي الانترنيت بأن الأمور ستنحو إلى ما لم يكن بحسبانهما، يقول محمد المباركي "عندما بدا عليهما الارتباك استعطفاه وطلبا منه فتح الباب وكذا عدوله عن فكرة تبليغ الشرطة، ولما تيقنا بأن لا مناص من حضور رجال الشرطة، توجه الانتحاري الثاني (يوسف الخدري 20 سنة) وقطع التيار الكهربائي لكن رغم ذلك كان الزبناء في وضع يسمح لهم بالرؤية، إلا أن الغريب في هذه العملية الانتحارية التي تفيد المعلومات الدقيقة حسب مصادر عليمة أنها مختلفة تماما عن باقي العمليات الانتحارية التي كانت بعض الدول مسرحا لها، إذ أنه انطلاقا مما صرح لنا به محمد المباركي الذي تابع العملية منذ بدايتها، فإنه مباشرة قبل انقطاع التيار الكهربائي وانتشار الظلمة تراجع الانتحاري عبد الفتاح الرايضي إلى الخلف حتى التصق بالباب المؤدي إلى الغرفة المحاذية وما إن قطع يوسف الخدري التيار الكهربائي، حتى ولج عبد الفتاح الرايضي الغرفة ليسمع دوي انفجار هز أرجاء المنزل المكون من طابقين، والذي أدى إلى نزع الباب الحديدي للنادي بقوة عالية ليرمى على بعد 25 مترا، كما أحدث خسائر فادحة بسيارة سوداء
" MERCEDES 190"، كانت متوقفة قرب النادي، تعود ملكيتها لمحمد فايز الذي أصيب بجروح وحروق على مستوى وجهه، في حين فر الانتحاري الثاني بعد أن رمى بحزامه الناسف فوق رجلي محمد المباركي الذي كان قد ارتمى رفقة زميله "اليوبي محمد بنعامر خلف طاولة حجبت عنهما شظايا العبوات الناسفة، وكذا أشلاء الانتحاري عبد الفتاح الرايضي الذي انفصل رأسه وصدره حسب ما شاهدناه عن بطنه، فيما رجلاه تناثرتا في أماكن مختلفة من الغرفة، يقول محمد المباركي، مباشرة بعد فرار الانتحاري الثاني، خرجت مذهولا من هول الفاجعة لأصادف أمامي سيارة الأمن الوطني التي كانت تعبر الشارع المحاذي لنادي الانترنيت، أوقفناها، لنخبرهم بما وقع كما أشرنا لهم بأن انتحاريا فر في اتجاه "الكاريان"، لكن الذي أثار انتباهنا هو أن نادي الانترنيت كان يضم قبل الانفجار تسعة أشخاص خلافا لما تم الترويج له كون عدد الموجودين داخل النادي سبعة أشخاص (الانتحاريان ومحمد فايز صاحب النادي ومحمد كرداني، الذي أصيب في عينه ومحمد الكريمي، إضافة إلى الشاهدين محمد المباركي واليوبي محمد بنعامر" في حين صرح لنا محمد المباركي قائلا: "كنا تسعة أشخاص كعدد إجمالي، وأصيبوا جميعا بفعل قوة الانفجار، إلا أنا وزميلي وكذا صاحب المحل الذي أصيب بجروح وحروق خفيفة"، وعن سؤالنا له بأن ما تم الترويج له من كون عدد المصابين أربعة إضافة إلى الانتحاري الذي فجر نفسه والاثنين الباقيين فإن العدد يصبح سبعة أشخاص عوض تسعة، أجابنا محمد المباركي قائلا: "نعم هادشي لي قالو (ضاحكا) والعلم لله، وكأنه أراد أن يشير إلى أن العدد الفعلي الذي كان داخل المحل هو تسعة أشخاص بالفعل.
++++++++++++++++++++++++++
بعد أن خيم السكون واشتدت حلكة الليل في فضاء سيدي مومن الجديد، "الكرون" بدار الحاج حجاج فايز، والد محمد صاحب نادي الانترنيت الذي ظل متسمرا فوق كرسي خشبي بجانب منزله المكون من طابقين، كانت الساعة آنذاك الثالثة صباحا من يوم الاثنين أي بعد ست ساعات من وقوع الحادث، منظره خلف السياج الحديدي الذي وضعه رجال الأمن لعزل المكان عن المارة يثير الشفقة، كان شارد الذهن يبحث في دواخله عن تفسير لما وقع ثم إن ملامحه بلحيته البيضاء ترسم حوله انطباع بأن الرجل غارق في بحر من التساؤلات، وأمام تطويق رجال الأمن للمكان تسللنا إلى الحاج حجاج في عتمة الليل ليحكي لنا ما جرى، يقول حجاج فايز عن هذه الحادثة، "حوالي العاشرة إلا عشر دقائق كنا في الطابق العلوي بالمنزل، في لحظة ما اهتز المنزل بما فيه من أواني ومحتويات وطويت "الزربية" بفعل الرجة القوية التي أحدثها الانفجار، خلت أن ذلك راجع إلى انفجار قنينة غاز، لكن ما إن نزلت الدرج حتى بدا لي باب المنزل معوجا ومنفصلا عن الاسمنت، ثم اندهشت لما رأيت الباب المؤدي إلى نادي الانترنيت منزوعا ومطويا بشكل غريب، لكن لما رأيت رجلا مبتورة عند مدخل الباب اختلطت الأمور عليّ، لم استطع تركيز نظري على الأشلاء المرمية في الغرفة الداخلية للنادي، لقد رأيت خمسة أطراف متناثرة في أرجاء الغرفة، الرأس بكتفيه في جهة والصدر في جهة أخرى، كما أن رِجْليْ الانتحاري انفصلتا عن بعضهما البعض، في حين رأيت أمعاءه وأنامله وكذا أشلاءه في كل مكان، حتى أن بعضا منها كان عالقا بسقف الغرفة، ساعتها وجدت ابني مرميا على الأرض ولما سألته عن السبب أجابني بأنه دخل في شجار مع اثنين أرادا تكسير حاسوبه، كان يرتدي آنذاك "سليب سماطي" فقط، مما يدل بأنه كان على أهبة العراك معهم. تركنا الحاج حجاج غارقا في بحر أسئلة، وتوجهنا على الساعة الرابعة والنصف صباحا إلى مستشفى محمد الخامس بالحي المحمدي قصد الوقوف عن قرب على حالة المصابين الأربعة، خاصة أنه بلغ إلى علمنا أن الانتحاري الثاني (يوسف الخدري) تم نقله إلى المستشفى حوالي الساعة الواحدة والنصف صباحا من يوم الاثنين، كما هو مثبت بدفتر الدخول للمستشفى.
عند وصولنا باب المستعجلات وجدنا رجال الأمن قد أخضعوا المكان لمراقبة شديدة، مما تعذر علينا الصعود إلى الغرف التي تبدو مضاءة دون الأخريات، حاولنا التنقيب عن منفذ للوصول إلى الضحايا لكن دون جدوى، فقد تعمد رجال الأمن حسب مصدر مطلع حمل الضحايا إلى جناح جراحة العيون والأذن لتوفره على مدخل واحد فقط، لذا تم تطويقه برجال الأمن تحسبا لأية محاولة للاختراق.
عند عودتنا لمسرح الجريمة وجدنا الشرطة التقنية والعلمية تخرج أكياسا بلاستيكية صغيرة بها أشلاء الانتحاري الذي فجر نفسه، وما هي إلا لحظات، حوالي الساعة الخامسة والنصف صباحا حتى أخرجوا كيسا أزرق اللون به ما تبقى من جثة الانتحاري عبد الفتاح الرايضي، ليضعوه في سيارة بيضاء توجهت إلى المختبر العلمي لتحليلها، وحوالي الساعة السادسة صباحا انتقلنا مرة أخرى رفقة الحاج حجاج إلى مستشفى محمد الخامس حيث يرقد ابنه محمد فايز بمعية الضحايا، على متن سيارة أجرة كبيرة،فوجدناها فرصة مواتية لمحاورته عن شخصية ابنه محمد، يقول الحاج حجاج: "كان ابني من خيرة التلاميذ في جل الأقسام التي درس بها، يضرب به المثل في الدراسة، حتى ولج قسم الأولى ثانوي شعبة العلوم الرياضية، لكنه نحا منحى آخر خصوصا بعدما اشتريت له دراجة نارية، وبحكم أني تاجر أعيش أغلب أوقاتي في مدينة "الكارة"، لم أكن أعلم عنه أي شيء حتى فوجئت بتركه الدراسة، وقد تزوج، وما إن مر شهر تقريبا حتى طلق زوجته التي لم تكن على ما يرام ليرحل إلى إيطاليا، قضى هناك حوالي خمس سنوات ليعود إلى بلده المغرب بعدما استقرت أحواله المادية، فجهز نادي الانترنيت بكل محتوياته، كما أنه "الله يرضي عليه" يملك سيارة (MERCEDES 190) سوداء، وقد تحطمت بفعل الإنفجار"، كان الحاج محمد الذي تاجر لسنوات عديدة في الأغنام والأبقار، مشتاقا لرؤية ابنه، فهو يرى فيه بطلا أنقد المغرب من حادثة كان سيذهب ضحيتها العشرات، لكن أماله في معانقة ابنه وتوشيحه بوسام الرضى والفخر، تلاشى عندما منعه رجل الأمن الخاص الذي يحرس الباب المؤدي إلى غرفة الضحايا، توسل كثيرا لرؤية ابنه، وخلع سلهامه الأسود، وطلب من رجال الأمن الذين يحرسون المكان أن يمنحوا سلهامه لابنه محمد فايز، لأنه لا يرتدي سوى "سليب سماطي" ليرفض طلبه، وبينما كنا نهم بالخروج من باب المستشفى، التقينا والدته رفقة جارتها (ممرضة بنفس المستشفى) كانت تحمل حلوى وكأس قهوة، اشترتها خصيصا لمحمد، لكن فور وصولهما إلى الباب المؤدي لبهو الغرفة تم منعهما من الدخول، بل تم رفض طلبهما بإدخال الحلوة والقهوى إلى محمد، لكن بعد توسل والدته تمكنت من الدخول، إلا أنها لن تراه سوى خلف باب الغرفة حيث يرقد رفقة الضحايا، ومن خلال الحراسة الشديدة لمستشفى محمد الخامس أفادنا مصدر عليم بأن الغرض من هذه الحراسة الشديدة هو منع أية محاولة لتسرب بعض أفراد الجماعة التي ينتمي إليها الانتحاريان لوضع حد لحياة يوسف الخدري الانتحاري رقم اثنان والذي مما لاشك فيه أنه يدفن في صدره معلومات من شأنها حل اللغز الذي حير رجال الأمن الذين حضروا إلى مسرح الجريمة بسيدي مومن.
+++++++++++++++++++
كان لزاما أن نحاول معرفة ما وقع أمام ندرة التصريحات وتضارب ما يتداوله الحاضرون من رجال أمن وإعلاميين... اخترنا البحث لدى الساكنة، عسانا نجد من يدلنا على شيء ذا قيمة، كانت الارتسامات كثيرة وقد روى بعض الحاضرين حكايات تبرز بطولتهم في الموقف، كما تحدث البعض الآخر وكأنه يملك الحقيقة كاملة، وكنا أمام ما يقال كالتائه بين مجاري مياه نادرا ما تتقاطع... استمر بنا الحال تحت أشعة شمس حارقة ساعات من الزمن إلى أن اهتدينا إلى فكرة أن نختار محاورينا بدل أن نترك الصدفة تختار لنا.
كانت الساعة الحادية عشرة نهارا، وقد لاحظنا أن الحركة بالبيوت المجاورة لمكان الانفجار شبه عديمة، وهو أمر طبيعي لأن معظم السكان قضوا ليلتهم كاملة يتابعون ما وقع، قررنا أن ننتظر إلى أن يظهر أحد يمكننا الكلام معه، لم تكن الفكرة محكمة، حيث أنه بالرغم من تتبعنا لبعض الخارجين من المنازل المجاورة الذين حضروا للاطمئنان على أحوال عائلاتهم بعدما بلغهم ما وقع، لكن دون نتيجة...
في لحظة من اللحظات خرج شاب في الثلاثين من عمره، كنا نراقب المكان من خلف الحواجز الأمنية، حيث كانت الساحة أمامنا ممنوعة المرور بالرغم من فراغها من كل شيء سوى بعض شظايا الزجاج ومخلفات الواقعة، وقد لاحظنا على ملامح الشاب ما يوحي أنه استيقظ من نومه للتو، فكانت فرصتنا لأن ذلك كان يعني أنه قد قضى الليلة في مكان الانفجار، وربما قد عاين الانفجار أو يعرف من عاينه..
ترصدنا خطواته فتوجه خارج الحواجز من الجهة الأخرى، حيث لا إعلاميين ولا رجال أمن، سوى عدد قليل من رجال الشرطة يحرسون الممر، كنا مضطرين للتأكد من ملامحه وهندامه لأنه كان علينا الانتقال للجهة الأخرى عبر بعض الأزقة المجاورة وبالتالي البحث عنه من جديد،.. بعد وقت قصير وجدنا مبتغانا، وبعد تعريفنا بأنفسنا إليه وسؤاله إن كان حاضرا مساءا في مكان الانفجار، طلبنا أن يحكي لنا ما وقع، تردد قليلا ثم بدأ يتكلم وملامح الأسف ظاهرة عليه.
"ما بين التاسعة والنصف والعاشرة إلا ربع، سمعنا دوي انفجار قوي، فهرعنا إلى الخارج حيث وجدنا أشخاصا معطوبين، الزجاج متكسر والدخان منبعث من داخل نادي الانترنيت والباب الأمامي للمحل مرمي على مسافة بعيدة، كانت جثة الشخص المنتحر عبارة عن أشلاء، الرأس في مكان والأطراف في مكان آخر، حينها كانت دورية للشرطة تمر بالقرب من المكان وعند رؤيتهم الناس وقد بدأوا في التجمهر، حضروا لعين المكان وأبلغوا إدارة الأمن... رأينا الانتحاري الثاني هاربا واعتقدنا أنه من بين المعطوبين وأنه هارب من الخوف، كانت الجروح واضحة على وجهه، خصوصا على مستوى العين والفم، وكان لباسه عاديا لا يحيل على أنه من الإسلاميين، والحقيقة أن هيئته كانت تظهره وكأنه لص أو منحرف.. عند حضور رجال الأمن بدأوا في إبعاد الناس عن مكان الواقعة، فوضعوا الحواجز، الشخص الذي يدير نادي الانترنيت شخص عادي يعيش حياته مثل الجميع، كما أن الأشخاص الذين يتعاملون مع المحل إما طلبة أو تلاميذ أو أشخاص يأتون للاتصال بأهلهم خارج المغرب، وعموما كأي نادي للانترنيت جل الزبناء من الجنسين ومن مختلف الأعمار، كما أن أجهزة الحاسوب التي يتوفر عليها عادية، والأكيد أن المستهدف ليس المحل في حد ذاته... ما وقع أن هناك رقابة يقوم بها صاحب الانترنيت على الزبناء، حيث يطلع أحيانا على الشبكات التي يلجون إليها ويمكنه تعطيل الدخول لبعض الشبكات المشبوهة أو التي يمكن أن تحمل فيروسات، وقد كشف صاحب المحل الشبكة التي دخلها الشخص المنتحر، حيث كانت شبكة مشبوهة وكان دائما يعطل ولوجه إليها، الشيء الذي كان يدفع بالمنتحر إلى تغيير جهاز الحاسوب الذي يشتغل عليه اعتقادا منه أن الخلل في الجهاز، وبعد انتقاله من مكان لآخر ومن حاسوب لآخر عدة مرات، بدأ يضغط على أزرار الحاسوب بقوة، فحصل سوء تفاهم بينه وبين صاحب المحل الذي ترك مسرح الحدث وأقفل الباب مهددا بمناداة الشرطة، مباشرة بعد ذلك وقع الانفجار داخل المحل".
كان الأسف مرسوما على محيا محاورنا، وقد وجّهنا نحو صديق له، حيث قال إنهما صادفا بعضهما البعض ليلة أمس بمكان وقوع الانفجار، شكرناه على أجوبته وتوجهنا إلى صديقه، كان الصديق من نفس السن تقريبا، لكنه كان على عكس من الأول سريع الغضب، ومع ذلك أدلى لنا بشهادة من بين ما جاء فيها:
"سمعنا دوي الانفجار فاعتقدنا أن الأمر يتعلق بانفجار قنينة غاز، بعدما حضرنا إلى عين المكان وجدنا الدخان يخرج من نادي الانترنيت والناس في حالة هلع، حيث بدا أحد الأشخاص من أبناء الحي مصابا في عينه بشكل بالغ، وقد رأيت والده يحمله باتجاه المستشفى.... الملاحظ أن أغلب الزبناء الذين يأتون إلى هذا النادي هم من خارج الحي، حيث يأتون من "سيدي مومن القديم" و"حي القرية"، والسبب كما يعتقد الجميع أن تسعيرته لا تتجاوز ثلاثة دراهم، في نفس الوقت جودة الربط مع شبكة الانترنيت فيه أفضل من باقي المحلات المجاورة، كما أن صاحبه يتعامل بشكل جيد مع الزبناء... لا نريد لأحد أن يسيء للمنطقة التي نسكنها، ولا أفهم لماذا يقع هذا في "سيدي مومن" كل مرة، حتى أصبحت سمعة حي سيدي مومن مرتبطة بالإرهاب، هذا غير معقول، والله سبحانه وتعالى لا يريد هذا".
" أثارنا بعض الشيء تفضيل الغرباء لنادي الانترنيت موضوع الانفجار مما أدى بنا إلى محاولة التساؤل عن النادي وعن خصوصياته أكثر، بعد التجوال بالقرب من مكان الواقعة، انتبهنا إلى مكتبة صغيرة وقد علق عليها إعلان خاص بنادي الانترنيت المنكوب، سألنا صاحبها وحاولنا استطلاع رأيه بالموضوع لكنه نفى وجوده بعين المكان ساعتها وأن ما يعرفه هو ما يروج بين العامة، مع ذلك وأمام إصرارنا قبل الجواب عن بعض الأسئلة كان ملخصها:
"نتألم عما وقع في هذا الحي، لقد سمعت الخبر من الناس، حيث لم أكن متواجدا بالمكتبة ساعتها، فأنا لا أشتغل يوم الأحد، أما عن صاحب "الانترنيت"، فكما قد تلاحظ، أعلق إشهارا له بمكتبتي لأنني أتعاون معه، فعادة ما أقوم بطبع بحوث زبنائي عنده، خصوصا وأنه إنسان طيب، كما أعتمد عليه لطبع كل ما أحتاجه من إعلانات وغيرها... بالرغم من أن الأحياء أصبحت مليئة بمحلات "الانترنيت"، وما أن فتحت مكتبتي، منذ ثلاثة أشهر، حتى لاحظت أن الرواج لديه متميز نسبيا، والفضل يعود لأخلاقه ولتمكنه من المعلوميات".
إلى هذا الحد بدأت حقيقة الرواية الأكثر تداولا تستقر في قناعتنا، واعتقادنا أنه لا شيء قد يحمل جديدا في الموضوع، لكن ما وقع مع الجار الأول حفزنا لإعادة التجربة مع شاب آخر عند خروجه من المنطقة المحرمة على العموم وعلى الصحفيين (المنطقة التي أحاطها رجال الأمن بالحواجز) وهو يتوجه نحو صديق له، حيث يبدو أن سن الاثنين يتراوح ما بين أربعة وعشرين وستة وعشرين سنة، كما تبدو عليهما بعض الأناقة ومستوى لا بأس به من التمدرس، توجهنا إليهما وطلبنا سماع تعليقهما على ما وقع، وكذا إن كان أحدهما في عين المكان عند وقوع الحادثة؟ كان الشابان يؤكدان كلام بعضهما البعض ويتكلمان بثقة شاهد عيان:
يقول الأول: "كنت ذاهبا في اتجاه البيت، فرأيت شخصين يركضان وبعض الجراح بادية على وجه أحدهما، توقفا عند شخص يسمى "فتاح" كان يجلس أمام مسكنه، فطلبا منه مساعدتهما بتوفير بعض الدواء إن وجد، بعدما سألهما عما وقع، أجابا أن الأمر يتعلق بسلك كهربائي وقع على أحدهما، فاقترح عليهما التوجه إلى المستشفى، لكنهما أصرا على أن الأمر مستعجل، وبعدما استدار "فتاح" للدخول إلى بيته، إذا بهما يستمران في الجري في اتجاه المزبلة... أكملت الطريق نحو المنزل فوجدت حوالي أربعين شخصا قد بدأوا بالتجمع، وكانت حالة من الفوضى والصراخ تعم المكان، وكان أغلب الحاضرين من أبناء الحي، سألت بعض الأصدقاء، أحدهم لا يفارق "محمد فايز" صاحب "الانترنيت"، فأكدوا أنه كان هناك ثلاثة أشخاص، دخل أحدهم -"المنتحر"- إلى المحل وبقي اثنان خارجا، ولما استعمل الانتحاري "U.S.B" (ذاكرة معلوماتية صغيرة) لتحميلها أو تفريغها، قاطعه "محمد فايز" ودار بينهما نزاع أخرج على إثره "محمد فايز" هاتفه النقال لأجل الاتصال برجال الأمن، وقتها أقفل أحد الشخصين الآخرين المتواجدين بالخارج باب المحل، فوقع الانفجار مباشرة بعد ذلك، حيث لاذ الاثنان بالفرار..".
أعدنا طرح السؤال بإلحاح، هل كان هناك شخصان أو ثلاثة؟ فكان الجواب "ثلاثة أشخاص"، حيث كان الشخصان اللذان تحدثا إلينا يتفقان فيما يقولان ومؤكدين نفس الكلام، مما اضطرنا إلى إعادة طرح الأسئلة بصيغ مختلفة، حيث كنا نؤكد من جهتنا أن صاحب "الانترنيت" من أغلق الباب، لكن الأجوبة كانت تنفي ذلك، وتكرر ما سبق من أنه كان هناك شخصان خارج المحل، جاءا رفقة "المنتحر"، وأن أحدهما من أغلق باب المحل فوقع الانفجار الذي مات على إثره الانتحاري، ولاذ رفيقاه بالفرار.
توجهنا بالحديث إلى الشخص الثاني، الذي كان يحاول تأكيد كلام الأول باستمرار، فسألناه: أين كنت وقت الحادث؟ فأجاب: "كنت بمحل "الانترنيت" المجاور الذي يبعد بحوالي 40 متر عن "الانترنيت" الذي وقع به الانفجار"، ثم استرسلنا في أسئلتنا، وماذا بعد ذلك؟فأجاب: "بعدما سمعنا الانفجار خرجنا لنرى ماذا وقع، فإذا بنا نصادف شخصين يجريان، حيث وقع لأحدهما سكين كبير سرعان ما أعاد التقاطه واستمرا في الجري"، ومحاولة منا لكشف أي تناقض في كلامه وكلام صديقه الأول سألناه بطريقة جوابية: طبعا حاول أحد إيقافهما أو اللحاق بهما؟ أجاب ساخرا: "من يستطيع إيقاف شخصين يحملان مدية وحالتهما تبعث على الشر، كل خائف على نفسه، وأكثر من هذا كان الأهم أن نتوجه لمعاينة ما وقع أولا ومعرفة إن كان أحد الأقارب هناك".
++++++++++++++++++++
أمام هذين التصريحين أخذت الأمور مجرى آخر، فبعدما أحسسنا بما يكفي من التعب وبعدما اعتقدنا أن الأمر محسوم في خطأ في التواصل بين انتحاريين ووجهة ما، أو أن المعطيات الأولية التي راجت بكثرة من طرف عناصر الأمن أقرب للحقيقة، وجدنا أنفسنا نعيد التساؤل حول الحقيقة الكاملة، فبدأنا مشوار تعب آخر تحت فرضية أن هناك ما لم تشأ السلطات التصريح به، أو السماح بإشاعته، ساعتها ما كان علينا إلا العودة نحو الإعلاميين ورجال الأمن للاطلاع عن آخر المستجدات والبحث عن ما إذا كان هناك ما يفيد وجود شخص ثالث صحبة الانتحاريين، ساعتها وجدنا الجميع يتحدث عن نفس الرواية الأولى بتفاوتات بسيطة تخص بعض التفاصيل، إلى أن جاء أحد رجال الأمن التابع للشرطة العلمية، حيث حاول حسم التأويلات المختلفة بإعطائه أجوبة للصحفيين من بين ما جاء فيها:
"حسب الأطباء الحالة الصحية للانتحاري الثاني مستقرة، وستجرى له اليوم عملية جراحية على مستوى العنق، حيث إن إصابته ليست خطيرة، أما الحروق والعلامات التي وقعت على مستوى وجهه فهي بسيطة، لقد تحدثنا إلى هذا الشخص في نفس الليلة التي وقع خلالها الحادث لأنه كان في كامل وعيه، إلا أنه لم يصرح لنا بهويته ولا بأية معلومات عن العملية أو الجهة التي تقف وراءها.
تم القبض على الانتحاري الثاني بمستشفى سيدي عثمان، حيث توجه إلى هناك لتلقي العلاج، وكان يظن أن لا أحد قد يتعرف عليه وعلى عدم مشاركته في الانفجار الذي وقع.."
وقد نفى المسؤول الأمني أن يكون الانتحاريون من بين الأشخاص المبحوث عنهم، كما أكد أن عدد الضحايا كان من الممكن أن يصير أكبر وأسوء لولا انفجار الانتحاري منعزلا في غرفة ثانية داخل المحل.
من جهة أخرى، أوضح رجل الشرطة العلمية أن القنبلة من صنع تقليدي وأن الطريقة التي تم بها التفجير هي التي كانت حديثة ومتطورة، مضيفا أن التفجير تم عن قرب عبر ما يعرف بالتحكم الذاتي، وأنهم لا يتوفرون لحدود تلك الساعة على أية معطيات حول طبيعة المواد التي صنعت منها في انتظار ما سيسفر عنه مختبر الشرطة العلمية والتقنية.
كان تصريح رجل الأمن ثمينا جدا، حقيقة لم ندرك ساعتها قيمته، فإلى هذه الساعة لم يجب إلا عن أسئلة ظهرت جد عادية، وإن كان قد حسم أمر القبض على الانتحاري الثاني بمستشفى سيدي عثمان، لكنه بعد مرور الوقت، وجدنا فيما قاله أمور قد تكون هامة.. بعد التصريح سرب أحد رجال الأمن للإعلاميين خبر عدم حضور أي أحد من شخصيات وزارة الداخلية أو غيرها إلى عين المكان، مما كان يعني بالنسبة لنا أن المهمة قد انتهت هناك... توجهنا من جديد إلى مستشفى محمد الخامس، حيث يرقد المصابون والانتحاري الثاني، هناك وجدنا المكان خال من الإعلاميين ورجال الأمن، باستثناء شرطيين يحرسان مكان نزول الجرحى، عندما سألنا عن الانتحاري الثاني، قال أحد الشرطيين أنه ربما في قسم آخر بالمستشفى، وحينما سألنا بعض الممرضات قيل لنا إنه نقل إلى مستشفى 20 غشت، توجهنا لقسم المستعجلات مرة أخرى وسألنا بعض من حضروا منذ اللحظة الأولى عن ما كان يروج خلال الليل بين الانتحاري الثاني والأطباء ورجال الأمن، وقد حكي لنا أن الانتحاري جاء مخدرا بفعل "السيلسيون" حيث كان يصيح "الجوع الجوع.." وهو في حالة غير طبيعية، وقد استرسل مخاطبنا واثقا من نفسه، "جاء الأمن بالانتحاري الثاني من مستشفى سيدي عثمان، حيث أوصله أحد المواطنين ليتلقي العلاج بعدما وجده مشردا يتخدر بالسيلسيون، عندها جاء رجال الأمن الذي عادة ما يخبرون أقسام المستعجلات عندما تكون هناك طوارئ أو أشخاص مبحوث عنهم، حيث ألقى القبض عليه، فنقلوه إلى مستشفى محمد الخامس.. توجهنا لقسم السجلات وبعد تعريفنا بأنفسنا طلبنا الاطلاع عن السجل وأخذ معلومات عن العناصر الذين نقلوا ضمن واقعة الانتحار، فعلا استجاب الموظف بعد استشارة مرؤوسته، وأفادنا بأسماء وساعات دخول المجموعة وطبيعة الإصابات التي لحقت كلا منهم، حيث جاءت كما يلي: محمد كرداني مصاب في العين اليمنى وعلى مستوى الجمجمة بفعل إنغراس كرتين حديديتين، محمد كريمي ومحمد فايز مصابان بجروح طفيفة، وقد دخل الضحايا الثلاثة إلى قسم المستعجلات حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف مساءا، أما الانتحاري الثاني فقد دخل المستشفى حوالي الساعة الواحد والنصف ليلا، بحروق على وجهه وجرح نسبيا عميقا على مستوى العنق.. كان الانتحاري قد أدلى باسم "سعيد للوهلة الأولى، ثم أضاف "باهي" كاسم عائلي دون أن يسجل عنوانه أو رقم بطاقته الوطنية، الشيء الذي كان يعني بالنسبة لنا محاولة منه للتحايل على رجال الأمن وتمويههم لربح بعض الوقت كما نعتقد، وقد تأكد لنا أنه استعمل رائحة "السيلسيون" للتمويه فقط، أمام محدودية المعطيات فكان لزاما علينا التوجه إلى مستشفى سيدي عثمان لمعرفة ما يروج من حقائق حول استقباله، هناك علمنا أن مواطنا أحضره للمستشفى بعدما وجده جريحا ومتشردا يستهلك المخدرات وعندما سألنا عن المواطن الذي رافقه، علمنا أنه اختفى بمجرد وصول رجال الأمن، إلى هذا الحد انتهت رحلتنا، لقد استوفى التعب منا الكثير، ولابد لنا من التوقف لإعادة ترتيب المعطيات ومقاربتها مع ما أعلنته وسائل إعلام الأخرى، والتصريحات الرسمية وغير الرسمية للمسؤولين.
++++++++++++++++++
لا حديث في صفوف ساكنة دوار السكويلة إلا عن يوسف الخدري وعبد الفتاح الرايضي الذي فجر نفسه وسط نادي الانترنيت بسيدي مومن الجديد أو "الكرون" كما يسميه البعض، وفور وصولنا إلى هذا الدوار الذي تنعدم فيه أدنى شروط الحياة، حيث الأزبال المنتشرة تملأ أرجاءه، أول ما لفت انتباهنا هي الرائحة النتنة التي تزكم الأنوف، نفايات هنا وهناك، وأبقار وخرفان جوعى تأكل الأكياس البلاستيكية العالقة ببعض الأعشاب الجافة النابتة وسط الأزبال، وأطفال صغار يرشقون بالحجارة فضاءات الدوار الشاغرة التي تعاني الإهمال إضافة إلى كومة من الأزبال أمام الساقية (العوينة) المقابلة للزنقة التي يقطن بها الانتحاري عبد الفتاح الرايضي، على بعد ثلاثين مترا من براكته كان الذباب المنتشر في سماء هذا الدوار كشرارات تتطاير فوق الأوحال التي أحدثتها المياه المتسربة من (العوينة) التي كان يسقي منها الانتحاري عبد الفتاح المياه بـ "البيدويات"، بل كان يحضر من مائها مشروبات (خودنجال) التي كان يبيعها قبل اعقتاله إثر هجمات 16 ماي الأليمة، وسط الزقاق الضيق الذي تتداخل فيه الممرات وتعرقل حركة السير فيه حاويات قمامات الأزبال.
كانت حركة المارة والجيران وكذا الأطفال المتجمهرين حول منزل الرايضي تحاصر الأنفاس داخله، لدرجة أصبح معها يشبه إلى حد كبير أزقة المخيمات الفلسطينية بجنوب لبنان أو دهاليز أحياء قندهار، كل شيء في هذا الدوار ينم عن إهمال قد لا يستفحل فيه التطرف فقط، وإنما الجريمة وترويج المخدرات بكل أنواعها، فور وصولنا إلى منزل الانتحاري عبد الفتاح الرايضي، كانت ألسنة الجيران تلوك حسرتها لما آل إليه هذا الشاب الذي كان حسب قولهم " داخل سوق راسو لدرجة أنه وضع حدا للحيته الطويلة مفضلا قصها، بدل تركها كما في السابق"، كما تتداول الألسن داخل الحي خبر اعتقال والدته "رشيدة" البالغة من العمر 42 سنة صباح هذا اليوم (الثلاثاء) على الساعة التاسعة، في حين لا يعدو الأمر أن يكون مجرد بحث عادي معها من طرف رجال الأمن حسب مصدر أمني بعين المكان، باب "البراكة" الخشبي هو الآخر يبعث على الاشمئزاز كما أن الستار المتدلي من فوقه (خامية) متسخ بفعل غبار الأتربة التي تعم أزقة هذا الدوار المعزول عن العالم الخارجي، كان الاندهاش وحده متنفسا لنا ونحن نلج هذه "البراكة" التي لا تتعدى مساحتها ثلاثة أمتار طولا ومترا ونصف عرضا، يقطنها سبعة أفراد كلهم أشقاء لعبد الفتاح إضافة لوالدته رشيدة التي لا تفارق "الخمار"، كانت "البراكة" أو خم الدجاج الذي على ما يبدو أرحم من هذه الزنزانة التي قضى بها الانتحاري عبد الفتاح وإخوته قرابة أربع سنوات، قبل أن يرحلوا إليها قادمين من بلوك 5 الذي تقطن به أسرة يوسف الخدري، الانتحاري الذي فر هاربا بعد الحادث، وحسب أيوب شقيق الانتحاري عبد الفتاح فإن والده محمد الرايضي طلق أمه رشيدة منذ ثلاث سنوات، تاركا إياها تتخبط في أوضاع جد مزرية رفقة سبعة أبناء (ذكورا)، وهم مراد، عبد الفتاح (الذي فجر نفسه بنادي الانترنيت) أيوب، عثمان، نبيل، مهدي، وسعد الذي يدرس في القسم الأول ابتدائي، وحسب جيران رشيدة والدة عبد الفتاح، فإن رشيدة طلقها زوجها دون أن يترك لها سوى مبلغ بخس من المال لإعالة أبنائها السبعة، زد على ذلك أن جل أبناءها صغار السن أكبرهم سنا هو محمد الذي يصل عمره حوالي 26 سنة حسب شقيقه أيوب.
كان الجيران الذين استفاقوا على هول الفاجعة صباح "الثلاثاء" باكتشافهم أن منفذ العملية الانتحارية هو ابن جارتهم رشيدة، المرأة التي كانت تقضي كل وقتها في رحلة الذهاب والإياب بين المنازل كـ "صبانة"، همها الوحيد هو إطعام أبناءها الصغار، خصوصا أن ابنها أيوب هو الذي يتقاسم معها الآن رحلة البحث عن لقمة العيش باشتغاله في معمل للنجارة مقابل مبلغ 100 درهم، في حين تطوف والدته أزقة دوار السكويلة لبيع الجوارب، وفي الجانب الآخر هناك من يقول بأن عبد الفتاح الرايضي الذي غاب عن الأنظار قرابة تسعة أشهر، قد رحل للجهاد في العراق، ومنهم من قال أيضا بأنه أعتقل مع المجموعة التي ألقي عليها القبض في إقليم تطوان، لتتضارب الآراء وتمتزج الارتسامات حول اختفاء عبد الفتاح الرايضي الذي غاب حسب البعض قرابة سنة، ليتمكنوا من مشاهدته مرة أخرى وأخيرة عبارة عن أشلاء متناثرة في قاعة الانترنيت بسيدي مومن.
وفي هذا الإطار غصنا إلى جانب أيوب في حياة شقيقه عبد الفتاح الرايضي، الذي غاب عن المنزل ما يزيد عن تسعة أشهر، أي حسب قوله منذ أن زارهم رجال الشرطة في "البراكة" للبحث عنه، عندها لم ينعموا مرة أخرى برؤيته، وعن حياته وتكوينه صرح لنا أيوب بأن شقيقه عبد الفتاح يبلغ من العمر 23 سنة، مستواه التعليمي يكاد يكون محدودا، إذ أنه غادر الدراسة وهو لم يكمل بعد تعليمه في المستوى الخامس ابتدائي، بمدرسة "التباع" القريبة من دوار السكويلة، بعد مغادرته للمدرسة امتهن مهنا مختلفة، حتى استقر على التجارة في الملابس المستعملة، وبعد أن كون "راس المال" أصبح يتاجر في الملابس في بعض المدن المغربية، لكن ما يعرف عنه هو أنه كان يتاجر في الملابس بـ "الريكلام" في مدينة سلا، قضى هناك بعض الوقت إلى أن عاد إلى حضن دوار السكويلة حيث توجد أسرته الصغيرة، وحسب بعض المعلومات التي استقيناها من شباب الدوار، فإن عبد الفتاح كان شابا عاديا، متفتحا، يميل شيئا ما إلى الانطوائية، لكن المعلومات حوله كانت في مجملها نادرة لكونه كان يغيب لفترات طويلة، لكنهم أجمعوا على أنه كان يبيع عصير الليمون بدوار السكويلة، ووسط تضارب الآراء كان لشقيقه أيوب رأي آخر، لقد وجدناه ساعة اقتحامنا لـ "براكته" رفقة أخيه المهدي الذي لم يقو على كبح دموعه المنسابة، إثر متابعته لمشهد رجال الأمن وهم ينقبون كل أرجاء البراكة، بحثا عن صور عبد الفتاح وكل ما يتعلق به، وكذا اعتقال والدته رشيدة وحملها على متن إحدى سيارات رجال الأمن، فقرابة ساعة ونصف لم يستطع المهدي أن يضع حدا لدموعه الحارقة، وهو ينادي "وا أمي".
إذن وسط تضارب الأفكار كان لأيوب رأي آخر، فشقيقه عبد الفتاح كان منضبطا، كثير الحركة، ولم يكن يواضب على الصلاة إلا في السنين الأخيرة (قبل اعتقاله خلال أحداث 16 ماي)، كما أنه قص لحيته بعد خروجه من السجن، بعفو ملكي في سنة 2005، يضيف أيوب وبعد أن عاد من مدينة سلا، اقتنى عربة، وأصبح يبيع مشروب "خودنجال" أمام المسجد الذي أغلقته السلطة بعد أحداث 16 ماي، وبمناسبة تواجده في مدينة سلا تعرف عبد الفتاح الرايضي على المدعوة "حليمة"، وبعد شهور قليلة أعلنا عن زواجهما بهذه المدينة، لكن حسب تصريح شقيقه فإن عبد الفتاح تزوج بحليمة قبل اعتقاله سنة 2003، واقتنيا "براكة" بكاريان طوما بسيدي مومن، وبعد سنة من زواجهما رزقا بمولود سمياه سعد الريادي، حتى لقب عبد الفتاح حسب البعض بأبو سعد، وفي إطار الاعتقالات التي شهدتها الدار البيضاء إثر هجمات 16 ماي 2003 ألقي القبض على الانتحاري عبد الفتاح الرايضي ليحكم عليه بالسجن خمس سنوات قضى منها ثلاة سنوات داخل الزنزانة فيما قضى السنتين المتبقيتين خارج السجن بعد العفو الملكي الصادر في 2005، لكن انطلاقا من مصادرنا المطلعة، فإن هناك نزاعا وقع بين الانتحاري عبد الفتاح وزوجته حليمة أفضى إلى عودتها إلى مدينة سلا، وقد تم اعتقالها هي الأخرى يوم الثلاثاء للاستماع لأقوالها ونزع بعض المعلومات التي من شأنها أن تغني مسار البحث حول المتورطين في العمليات التي كانت تستهدف كل من ولاية أمن الدار البيضاء والمركز التجاري مرجان حسب مصادرنا.
وبخصوص الانتحاري عبد الفتاح، فقد صرح لنا شقيقه الأصغر (أيوب) الذي يعمل في محل للنجارة مقابل 100 درهم في الأسبوع، أن رجالا بلباس مدني اعتقلوا شقيقيه (مراد 1982 وعثمان 1984) ليلة الاثنين قصد تعميق البحث معهما لاكتشاف معلومات حول طبيعة علاقات شقيقهما وكذا بعض الجزئيات لإغناء البحث، أما عن والدته، التي تم اعتقالها صباح الثلاثاء فقد توجه بها رجال الأمن حسب مصدر جد مطلع إلى قسم الاستعلامات العامة، لانتزاع بعض المعلومات، و تم إرجاعها إلى كاريان السكويلة مرة أخرى ليتم اعتقالها مرة ثانية، كما أنه حسب نفس المصدر تم تهديدها باعتقال ابنيها (مراد وعثمان) إذا لم تتعاون مع الشرطة ومدها بما في حوزتها من معلومات حول ابنها وعلاقاته المبهمة.
أما عن الانتحاري الثاني (يوسف الخدري) الذي نجا بأعجوبة من الانفجار، فقد توجهنا فور انتهائنا من استقاء المعلومات حول الانتحاري عبد الفتاح الرايضي إلى منزله الكائن ببلوك 5، أول ما لفتت أنظارنا هو أن "براكة" يوسف رحبة شيئا ما مقارنة مع براكة رفيقه عبد الفتاح، فحوالي العاشرة صباحا ولجنا هذا الفضاء الصفيحي المفعم برائحة "النعناع" اعتبارا لكون والد محمد الخدري الملقب بـ "نعينيعة" يبيع "النعناع" في "السويقة" بدوار السكويلة، كان المشهد داخل هذه "البراكة" أشبه بالمأتم، نظرا لالتفاف النساء حول والدة يوسف (عائشة بنت العربي 1963)، فيما والده قعد القرفصاء في إحدى الزوايا المهملة من "البراكة" ، وسط حركة الدخول والخروج من بابها المهترئ إذ كان صدى ضربات عائشة على صدرها يحزّ في نفسية الحاضرين، وزاد من تأثير المشهد ترديدها لعبارة "خرج عليه، غسل ليه دماغو"، وفي قمة بكائها اقتربنا منها بسؤال حول طبيعة ابنها، خالتنا في بادئ الأمر عناصر من رجال الأمن، كانت تتوسلنا أن نرفق بابنها لأنه حسب قولها "مظلوم" لكن فور علمها بأننا صحافيبن أطلقت العنان للسانها لتبوح لنا بما تعرفه عن ابنها يوسف "إنه طفل صغير، لا يمكنه أن يحمل أفكارا تدميرية"، أما والده محمد فقد عاد بنا إلى طفولة يوسف قائلا: "بعد خروجه من الثالث ابتدائي تسكع ككل أطفال هذا الدوار، لكنني حاولت أن أملأ وقت فراغه بالرياضة، دخل إلى نادي جمعية شباب البرنوصي لممارسة رياضة فنون الحرب لكنه غادرها بسرعة دون أن يكمل مشواره الرياضي في هذه الجمعية، وبعد أن لاحظت أنه سيتشرد ككثير من أطفال دوار السكويلة، قربته مني لمساعدتي في بيع "النعناع"، دمعت عينا محمد وكأنه يتذكر لحظات البراءة المتلألئة في عيون ابنه يوسف الذي لم يتجاوز 18 سنة، يضيف والده، "بعد مدة طويلة انفلت يوسف من بين يدي وتشرد في الشوارع، لقد كان يشم "السيليسيون" والدوليو، و يعود في وقت متأخر من الليل، ولم يسبق له أن نام خارج "البراكة"، إلا أنه قبل هذه الحادثة اختفى عن أنظارنا قرابة 15 يوما، ولم نسمع عنه أي خبر، إلى أن سمعنا اسمه في التلفاز، صمت برهة وكأنه تذكر شيئا ما، ليخبرنا أن ابنه اشتغل من قبل "سودور"، وأنه لم يقو على مزاولة هذه الحرفة، تنهد محمد ووضع يديه فوق رأسه قائلا "هاذ الحرامي تلف ليا ولدي وخربق ليه دماغو"، وفي الجانب الآخر من شخصية يوسف الخدري، صرحت لنا زوجة أخيه الذي هاجر مؤخرا إلى إيطاليا كمهاجر سري بمبلغ خمس ملايين بأن يوسف كان يربي الحمام والأرانب وأنها تفاجأت قائلة: "لا يمكن ليوسف أن يجيد استعمال الحاسوب، فلم يتعد مستوى تعليمه الثالث ابتدائي"، وبالنسبة لوالدة يوسف فهي تتذكر جيدا اللحظات الأخيرة التي شاهدت فيها ابنها الصغير قائلة:"قبل خمسة عشر يوما من غيابه، دخل إلى الغرفة وحمل حقيبة رياضية وقال لي "غادي نمشي للدوش"، كنت ساعتها أرتب صوف فروة خروف عيد الأضحى"، ولما طلبنا منها صورة ليوسف أجابنا والده بأن رجال الأمن حضروا ليلة الاثنين ونقبوا "البراكة" بكاملها بحثا عن صوره وبعض الأشياء التي تخصه، وقد حملوا معهم كل صوره وأشياء أخرى لم نتمكن من رؤيتها، وعن الأخبار التي راجت عن ابنه، قال بأن "عمره ليس 20 سنة كما تداولت وسائل الإعلام، بل هو من مواليد 1989-06-14، ولم يسق لنا أن رأيناه مع عبد الفتاح الرايضي الذي غرر به، لقد بحثنا عنه طيلة هذه المدة التي غاب فيها عن أنظارنا، وكم فرحت عندما تخلص من شم "السيليسيون"، فقد نصحته بالصلاة، رغم أني لا أحفظ أية سورة من القرآن بما فيها سورة الفاتحة.
وبينما نحن نتجاذب أطراف الحديث مع والدة يوسف الخدري، إذ دخل رجال السلطة بمختلف مستوياتهم يراقبون الأجواء داخل هذا الفضاء الصفيحي الضيق، عندها أجهشت عائشة والدة يوسف بالبكاء، قائلة "كان درويش،عمرو ما دار العايب وكان زين بين خوتو"، فليوسف حسب والدته ست إخوة وهو سابعهم (أحمد الذي هاجر إلى إيطاليا، توفيق، عبد الرحيم، يوسف،عزيز، ياسين، والطفلة هدى التي لم تبلغ بعد ثلاث سنوات)، فحسب ما لاحظناه هو أن الانتحاريان يتقاطعان في نقاط عديدة، فكل منهما يسكن بدوار السكويلة، زد على ذلك الوضعية المزرية التي يعيشون في كنفها، كما أن أسرهما تضمان سبعة أبناء كل منهما على حدة.
من هنا نجدد طرح السؤال، لماذا تفرخ دور الصفيح انتحاريين على شاكلة عبد الفتاح الرايضي ويوسف الخدري وقبلهما انتحاريو هجمات 16 ماي 2003، المنحدرين من كاريان طوما؟! سؤال سبق أن تردد في أعلى التجمعات وتكرر في أغلب التصريحات، بل لاكته وسائل الإعلام بما فيه الكفاية، حتى أضحى خطابا أيديولوجيا تروجه بعض التيارات ذات الأهداف الانتخاباوية، بل نوقش على أعلى المستويات في هرم السلطة، ليتدحرج السؤال من منبر لآخر دون أن يحدث صداه أي أثر أو تبرز معالمه ليعود من جديد بصدى أقوى وليفرخ أسئلة أخرى من قبيل، ماذا طبق من أطنان الوعود التي وعدت بتغيير الأوضاع الحرجة التي يعيش في كنفها سكان كاريان طوما ودوار السكويلة اللتين أضحتا حسب ما يبدو بؤرتان من بؤر قندهار التي فرخت ولا تزال انتحاريين يخضعون بسهولة لغسل الدماغ بهدف تغيير الواقع المعاش.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتحاري الذي فجر نفسه بمقهى الانترنيت 2/3
- الانتحاري الذي فجر نفسه بمقهى الانترنيت 3/3
- جمهوريو المملكة 1/4
- جمهوريو المملكة 2/4
- جمهوريو المملكة ¾
- جمهوريو المملكة 4/4
- سياسة القائمين على الأمور أحبطتهم ودفعتهم للسلبية والتطرف
- صحراويو تيندوف يبيعون ممتلكاتهم ويهربون
- مستملحات ومقالب ملك 1
- مقالب ملك
- صفقة المديوري مع القصر -المنفى الاختياري-
- مساءلة محمد المديوري وغيره من الناهبين قائمة
- نهب وفساد في بيت الجمارك
- مازلت أتساءل
- قضية - إيجا- خادمة -لارما- ضياع حق بامتياز
- ماذا يريد الأمازيغ من التصعيد في مختلف المجالات؟
- قطع الأعناق أهون من قطع الأرزاق
- ماذا يريد المغاربة؟
- وهم بترول تالسينت هل كذب -كوستين- على الملك؟
- حوارمع إدريس بنعلي، باحث ومحلل اقتصادي


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - الانتحاري الذي فجر نفسه بمقهى الانترنيت 1/3