أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - الشيخان وحوار الطرشان















المزيد.....

الشيخان وحوار الطرشان


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1845 - 2007 / 3 / 5 - 11:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


-1-
لا أدرى لماذا يحشر رجال الدين انفسهم بين آن وآخر في مشاكل سياسية واقتصادية معقدة، كالصراع القائم الآن بين سُنَّة عرب العراق وشيعته.
لقد اعتقد معظم الناس، بأن الصراع الدموي الدائر في العراق الآن بين السُنَّة والشيعة هو صراع مذهبي، وليس صراعاً سياسياً واقتصادياً، تغذيه الدول المحيطة بالعراق. فبداية الصراع منذ معركة صفين، قبل 14 قرناً ، لم يكن صراعاً مذهبياً بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب. لم يكن صراعاً على كيفية تفسير القرآن الكريم، أو كيفية تطبيق الشريعة الإسلامية. كان الصراع وبدأ منذ ذلك الوقت، صراعاً سياسياً بين الدولة والمسجد، بين الحكم الديني والحكم المدني. بين خلفاء يريدون الاستمرار بالحكم الراشدي، وبين خلفاء يقولون لا خبر جاء ولا وحي نزل، ويُطْبِقون القرآن الكريم بين أيديهم، ويقولون للقرآن: "هذا آخر عهدنا بك "، كما قال عبد الملك بن مروان عندما جاءه خبر الخلافة. وكان الصراع بين آئمة يتقون الله وبين خلفاء يقولون على منبر صلاة الجمعة: "والله لو قيل لي أحدكم اتق الله، لضربت عنقه" كما قال عبد الملك بن مروان.
-2-
والصراع الدائر اليوم بين السُنَّة والشيعة هو الصراع نفسه الذي دار بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان مع اختلاف الزمان والمكان ولب المشكلة. هو صراع سياسي بين فئة من العرب الشيعة تريد تطبيق نظام الملالي في إيران ليس بكله ولكن بجزئه؛ بمعنى أن يظل الجنوب العراقي تابعاَ سياسياً لإيران ومرهوناً بسياسيتها كتابعية اسرائيل لأمريكا مثلاً . وأن يكون الجنوب العراقي حليفاً استراتيجياً وسياسياً لإيران كما هو حزب الله لسوريا وإيران مثلاً. في حين أن السُنَّة العرب يخشون من هذا التحالف، ويرفضونه لا خوفاً من إيران ولكن خوفاً على أنفسهم وحقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية كذلك.
فالخلاف بين عرب السُنَّة وعرب الشيعة في العراق ليس الخلاف بين مذهبين دينيين. فكلا السُنَّة والشيعة يعلمان بأن زمن حكم المذاهب الدينية قد ولى. وأن الصراع اليوم هو صراع سياسي اقتصادي، وليس صراعاً مذهبياً دينياً. لقد كان الصراع المذهبي الديني هو المسيطر في القرون الأولى للميلاد، وفي القرون الأولى للهجرة كذلك. ولكن مع تغير الأمم والثقافات والمعادلات السياسية، تغيرت طبيعة الصراع. فالصراع بين أمريكا والاتحاد السوفياتي لم يكن صراعاً سياسياً بقدر ما كان صراعاً اقتصادياً سياسياً بين الرأسمالية والاشتراكية، وليس بين كاثوليك الغرب وارثوذكس الشرق. وكان كلاهما من ديانة واحدة، كما هم السُنَّة والشيعة الآن.
-3-
ولكن يأبى الشيخ القرضاوي وجملة من الشيوخ معه، إلا أن يحوّلوا الصراع بين السُنَّة والشيعة في العراق إلى صراع ديني مذهبي، لكي يكونوا طرفاً في هذا الصراع، ولكي يبعدوا السياسيين عن هذا الصراع، وتكون كلمتهم في هذا الصراع هي العليا. ولذا سبق ووجه الشيخ القرضاوي الذي أصبح الآن "ضرورة العراق" وحل محل "ضرورة العراق" السابق صدام حسين، أن ناشد الزعماء الكُرد في كُردستان لحقن دماء المسلمين من سنة وشيعة في جنوب ووسط العراق. واليوم يحرك القرضاوي "الضرورة" آلته الإعلامية الضخمة، المتمثلة بقناة الجزيرة، لكي تقيم حواراً مباشراً وعلى الهواء بينه وبينه الملا رفسنجاني لانهاء الصراع القائم بين السُنَّة والشيعة، هكذا و(بشحطة) قلم. فيُعقد الحوار بين الاثنين، ولا نخرج بنتيجة من هذا الحوار، الذي كان أشبه بحوار الطرشان. فلا الشيخ القرضاوي يفهم ما يقوله رفسنجاني، ولا رفسنجاني يفهم ما يقوله القرضاوي. وما كان حوار الطرشان هذا إلا أن يكون كذلك، بين ثعلب السياسة الإيرانية المعمعم والمخفي بقشرة دينية رفيعة كرفسنجاني، وهو في حقيقته رجل اقتصادي ومال ومقاول، وأكبر تجار الفستق في العالم، وأثرى شخص في إيران، ويحتل المرتبة الـ 46 في قائمة أثرياء العالم، وبين الشيخ القرضاوي أغنى شيوخ الإسلام السُنّي المعاصرين في العالم، والقاضي الشرعي لأكثر من عشرين شركة كبرى في العالم العربي.

-4-

دار حوار الطرشان بين الشيخين بخصوص الحالة العراقية. وتساءل الشيخ القرضاوي عن أسباب عدم إصدار المراجع الشيعية في إيران فتوى واضحة وصريحة تحرّم القتل الطائفي، وتوجب مقاومة الاحتلال قائلا: "لو صدرت فتوى واضحة بتحريم فرق الموت من مرجعيات إيران لانتهت المشكلة. وتساءل الشيخ القرضاوي لماذا لا تصدر فتوى توجب المقاومة بوضوح؟
لاحظوا أن القرضاوي يقرر، بأن فتوى دينية ايرانية سحرية، كافية لانهاء الصراع السياسي الاقتصادي بين السنة والشيعة العرب في العراق؟
منتهى الغباء والجهل بحقيقة الصراع.
طبعاً، فقد أدرك رفسنجاني بخبثه السياسي، وبمكره التجاري، الهدف من وراء هذا السؤال وهذا التحريض. وكالعادة، جاء تعليقه مغلفاً بلهجة رجل الدولة قائلاً: "أوصي الدكتور القرضاوي أن يقرأ الأخبار وتوصيات المسئولين الإيرانيين، وعندها سيعلم أن الأمر تغير بالنسبة لإيران. فكم من مرجعيات أدانت ورفضت ما يحدث.
واستمر الحوار حول سلوكيات السُنَّة والشيعة الدينية، ولم يستطع الشيخان الامساك بالسبب الحقيقي للصراع السياسي القائم الآن في العراق بين عرب السُنَّة والشيعة، ذلك أن الشيخ القرضاوي أثار الجدل من ناحية دينية صرفة بينما نظر اليها رفسنجاني من ناحية دينية /سياسية. ولم يفطن الشيخان إلى أن الصراع العربي السني الشيعي في العراق، هو صراع سياسي اقتصادي واختلاف على تقاسم الثروة الوطنية والسلطة السياسية، وليس اختلافاً على ما فعلته السيدة عائشة وغيرها من الصحابة قبل 14 قرناً ، كما يظن الشيخ القرضاوي بالذات، الذي ألبس الحوار ثوباً دينياً ومذهبياً بحتاً، ومن هنا فشل الحوار، ولم نخرج بنتيجة واحدة، وكان الحوار استعراضاً اعلامياً أكثر منه أي شيء آخر.
-5-
لقد طالب القرضاوي باستعمال الفتاوى الدينية كعلاج سحري لهذا العنف، وليس العقل والواقعية السياسية وتقاسم السلطة والثروة. فطلب من رفسنجاي اصدار عدة فتاوى دينية سحرية لعلاج هذه المشكلة منها اصدار فتوى تحرم الاقتتال وتحلل مقاومة الاحتلال، وكأن فتوى مثل هذه يمكن أن توقف الاقتتال دون اعطاء السُنَّة الحقوق السياسية والاقتصادية لتي يطالبون بها على شكل شراكة في الثروة الوطنية والسلطة السياسية. ورغم حوار الطرشان هذا، فقد قام كل من فهمي هويدي وسليم العوا وهما من مريدي الشيخ القرضاوي و(داعقي) سحائب البخور حول فتاويه، بالتعليق الايجابي على هذا الحوار. وقال هويدي، أن الشيخ القرضاوي اتبع أسلوب المصارحة والمكاشفة المنطلق من العالم الغيور على أمته، الذي يسعى لمسِّ موضع الجراح. أما العوا فقد قال: " يُعدُّ هذا الحوار باكورة الخطوات البناءة التي توصل إليها وفد "اتحاد العلماء" خلال مباحثاته مع المسئولين الإيرانيين في أثناء زيارته لطهران قبل نحو أسبوعين، من أجل إطفاء نار الفتنة، ورد الجمهور السُنّي والشيعي إلى أصل الأخوة الإسلامية".
إنه كلام في الهواء، من بعض دراويش التكايا الصوفية السياسية.
السلام عليكم.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يُصلح المليار ما أفسده العطّار؟
- محرومون يستحقون الصدقة!
- ليبراليون متشائمون
- Happy Valentine’s Day
- القرضاوي -الضرورة- يستنجدُ بالكُرد لإنقاذ العراق!
- Star Academy 4
- متى نشرب هذه الكأس؟
- هل قاد اخفاق العَلْمانية إلى الارهاب؟
- القُبلة الأمريكية الأخيرة للعراق
- الارهاب وجناية المثقفين
- مسمار جُحا
- الفاشية الفلسطينية البازغة
- دور الفقهاء في ذمِّ النساء
- فتح ملفات الفساد الأردني: لماذا الآن؟
- لماذا أصبحت بعض الشعوب ككلب ديستوفيسكي؟
- من وصايا الماوردي للسلطان العربي
- الأردنيون وذهبُ رغَد
- لماذا يرفض الفقهاء الرقص مع النساء؟
- عمرو موسى والطبّ العربي بالزعفران
- واشتروها بثمن بخس.. دراهم معدودة!


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - الشيخان وحوار الطرشان