أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض العيداني - البصرة بين مركزٍ يستنزفها واقليمٍ ينصفها














المزيد.....

البصرة بين مركزٍ يستنزفها واقليمٍ ينصفها


رياض العيداني

الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 18:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




تُعدّ إشكالية البصرة مع النظام المركزي في العراق واحدة من أقدم القضايا المؤجلة في تاريخ الدولة العراقية الحديثة فمنذ نشأة الدولة لم تكن البصرة محافظةً عادية ، بل القلب الاقتصادي للعراق ونافذته البحرية الوحيدة ومصدره الرئيس للثروة النفطية ومع ذلك تعيش هذه المدينة مفارقة قاسية بين وفرة الموارد وغياب العدالة التنموية بما يكشف خللاً بنيوياً في طبيعة إدارة الدولة .

إن المطالبة بإقليم البصرة ليست فكرة طارئة أو هي وليدة اليوم ، بل تمتد جذورها إلى رؤية مبكرة طرحها المرحوم السيد (طالب النقيب) في عام 1914م الذي كان أحد مؤسسي الدولة العراقية الحديثة والذي دعا بوضوح إلى تطبيق اللامركزية الإدارية والسياسية ومنح المناطق حق إدارة شؤونها وفق خصوصياتها الاقتصادية والاجتماعية ، فقد أدرك النقيب أن المركزية المفرطة لا تُنتج عدالة ، بل تُراكم التهميش وتُحوّل الأطراف إلى خزانات موارد بلا حقوق متناسبة .

البصرة اليوم تسهم بما يقاربـ(85%) من موارد الموازنة العامة عبر صادرات النفط فضلاً عن أنها تضم أكبر الحقول النفطية في البلاد وفضلاً عن ذلك موقعها الجغرافي الاستراتيجي وموانئها وأراضيها الزراعية الخصبة ورغم ذلك يعاني سكانها من بطالة واسعة وصلت الى أكثر من (40%) وتدهور حاد في الخدمات ونقصٍ في البنى التحتية ، وهو ما يؤكد فشل النظام المركزي في تحويل الثروة إلى تنمية .

وتتجسد اختلالات هذا النظام بوضوح في (قضاء شط العرب) الذي يمثل نموذجاً حقيقياً لما تعانيه البصرة عموماً ، فالقضاء الذي يزيد عدد سكانه على (800ألف نسمة) لا يمتلك أي مصدر فعلي للمياه الصالحة للاستخدام البشري ولا توجد فيه مستشفى متكاملة فضلاً عن غياب شبكة المجاري ومحطات معالجة المياه الثقيلة ، كما أن أغلب شوارعه الفرعية تفتقر كلياً إلى شبكات تصريف مياه الأمطار وهي غير معبّدة بالمرة وهذا ما يجعل حياة السكان اليومية سلسلة أزمات مستمرة ، ويضاف إلى ذلك النقص الحاد في المدارس إذ تعمل أغلبها بنظام الدوام الثلاثي ويتجاوز عدد الطلبة في المدرسة الواحدة أكثر من (ألف طالب) في بيئة تعليمية منهكة .

ورغم هذا الواقع شهدت الأيام الماضية اجتماعاً رسمياً لمسؤولين محليين لمناقشة إزالة التعارضات الخاصة بمدّ سكة الحديد الإيرانية الهادفة إلى نقل البضائع الإيرانية عبر الأراضي العراقية مستقبلاً ، والمفارقة أن رئيس الوحدة الإدارية في قضاء شط العرب كان حاضراً ، في وقتٍ كان الأولى أن تُطرح قضايا القضاء المنكوب خدمياً ، وهو ما يعكس خللاً صارخاً في ترتيب الأولويات إذ تُقدَّم مصالح إقليمية خارجية على حساب أبسط حقوق المواطن البصري .
المستحقات المالية للبصرة:
إلى جانب التهميش الخدمي تعاني محافظة البصرة من حرمان مالي ممنهج يتمثل في مستحقات متراكمة بذمة الحكومة المركزية ، فالبصرة تمتلك ثلاث فئات رئيسة من الحقوق المالية الدستورية غير المصروفة بشكل كامل، وهي:
أولاً: (50%) من إيرادات المنافذ الحدودية الواقعة ضمن حدودها الإدارية .
ثانياً: الأموال الخاصة بتنمية الأقاليم التي خُصصت لدعم المحافظات المنتجة والمحرومة .
ثالثاً::( 5% ) من إيرادات النفط (البترودولار).
وتشير التقديرات إلى أن الجزء الأكبر من المبلغ المتراكم بذمة الحكومة المركزية والذي يصل إلى نحو(43 ترليون دينار عراقي) ناتج عن عدم صرف مستحقات البترودولار منذ عام 2008 ولغاية اليوم ، وهذا الرقم لا يمثل سوى جزء من حقوق البصرة ، لكنه كفيل وحده بإحداث نقلة نوعية في البنى التحتية والخدمات لو أُدير محلياً بعدالة .

لقد أصبحت المشاريع الخدمية الاستراتيجية رهينة بيد وزارتي التخطيط والمالية اللتين تتذرعان مراراً بعدم توفر التخصيصات المالية ، بينما تبقى حياة المواطن معلّقة بانتظار الموافقات المركزية وفي حال قيام إقليم البصرة تنتفي هذه الحلقة المعطِّلة ، إذ تُقرّ المشاريع الخدمية مباشرة وفق سلم أولويات محلي واقعي دون الحاجة لموافقات مركزية معقدة .
ختاماً إن تحويل البصرة إلى إقليم ليس مشروعاً انفصالياً ولا ترفاً سياسياً ، بل ضرورة دستورية وتنموية وإنسانية ، إنه استعادة لمسار عقلاني دعا إليه المرحوم (طالب النقيب) منذ بدايات الدولة وخطوة نحو عراقٍ متوازن يعيد تعريف العلاقة بين المركز والأطراف على أساس العدالة لا الاستنزاف ، والدستور العراقي كفل هذا الحق ويبقى على أبناء البصرة تحويله من نصٍ معطّل إلى واقعٍ منقذ فالقرار الأول والأخير بيد المواطن وحده وعليه أن يقول كلمته أمام المركز وبكل شجاعة .



#رياض_العيداني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يموت النهر ... وتنطفئ الحياة مأساة البيئة في العراق


المزيد.....




- أمريكا تعلق على اتفاق جديد لوقف القتال بين تايلاند وكمبوديا ...
- شخص يهاجم بسكين نجاة ومادة سائلة.. ويصيب 15 شخصا بينهم خمسة ...
- تايلاند وكمبوديا تتفقان على -وقف فوري- لإطلاق النار بعد أساب ...
- السعودية - شريفة الغوينم: كان حلمي أن أبتكر روبوتا يكشف اكتئ ...
- لبنان: باريس تندد بإطلاق نار إسرائيلي أصاب أحد عناصر اليونيف ...
- نيويورك تايمز: هدى طفلة غزية كافحت المرض لتحيا لكن الحصار قت ...
- دراما الجامعة في -ميد تيرم- طموح الفكرة وسطحية التنفيذ
- باكستان: مستعدون للذهاب لغزة ولا نسعى لنزع سلاح حماس
- إيران: الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل تشن حربا شاملة علين ...
- هجوم مكثف على كييف وزيلينسكي يبحث جهود السلام مع الأوروبيين ...


المزيد.....

- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض العيداني - البصرة بين مركزٍ يستنزفها واقليمٍ ينصفها