أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - جعفر حيدر - ارض الشهيد مقابل الجسد














المزيد.....

ارض الشهيد مقابل الجسد


جعفر حيدر

الحوار المتمدن-العدد: 8567 - 2025 / 12 / 25 - 13:42
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في العراق لا تُسرق حقوق الشهداء فقط بالروتين والفساد الإداري، بل تُدنَّس أحيانًا بأبشع أشكال الابتزاز حين تتحول دماء الشهداء إلى سلعة تُساوَم عليها الأمهات والأرامل والبنات، إذ يُفتح باب “المعاملة” ظاهريًا باسم القانون وباطنيًا باسم الشهوة، فتُعلَّق حقوق الشهيد بين توقيعٍ مؤجل وملفٍ ناقص ونظرةٍ فاحصة لا تبحث عن الاستحقاق بل عن الجسد، وحين تقف امرأة فقدت معيلها أمام موظف يفترض به أن يكون حارسًا لكرامة الدولة لا سماسرة أخلاقها، يُطلب منها ما لا يُقال، ويُلمَّح لها بما لا يُكتب، ويُفهمها أن الطريق إلى الراتب أو قطعة الأرض أو الامتياز الموعود أقصر إن تنازلت عن ما تبقى لها من كرامة، هنا لا يكون الفساد مجرد سرقة مال عام بل اغتيالًا ثانيًا للشهيد، مرة بالرصاص ومرة بالإهانة، لأن الشهيد الذي خرج ليحمي الوطن لم يفعل ذلك كي تُستباح زوجته أو تُساوَم ابنته، ولم يضحِّ بروحه ليصبح اسمه ورقة ضغط في يد ذئاب ترتدي وجوه الموظفين، والغضب هنا لا يكفي لوصف المشهد، فالحزن أعمق من الدموع حين نرى دولةً تسمح بانكسار أهل الشهداء بدل احتضانهم، وتتركهم فريسة للفقر والحاجة والخوف من ضياع الحق، فتتحول الحاجة إلى سلاح، والسلطة الصغيرة إلى أداة إذلال، ويُختبر صبر المكلومين عند كل شباك وكل توقيع، وكأن الكرامة بند غير مُدرج في القوانين، وكأن الشرف تفصيل يمكن تجاوزه مقابل “تسيير المعاملة”، وهذا الانحطاط لا يفضح أفرادًا فقط بل يفضح منظومة صمت، منظومة تعرف وتغض الطرف، تعرف أن الجريمة تقع في الممرات الخلفية وعلى الأرائك الملطخة بالنفاق، لكنها تختار السلامة على المواجهة، وفي هذا الصمت تُقتل الثقة نهائيًا، لأن الوطن الذي يعجز عن حماية أرملة شهيد من الابتزاز هو وطن مكسور المعنى، والسلطة التي تساوم على الأجساد باسم الحقوق سلطة ساقطة أخلاقيًا مهما رفعت من شعارات، ولن يُشفى هذا الجرح إلا حين يصبح حق الشهيد خطًا أحمر لا يُلمس، وتصبح كرامة أهله مقدسة لا تُساوَم، ويُحاسَب كل من ظنّ أن الحاجة تُسكت العار، لأن الأوطان لا تُبنى على إذلال المكسورين، ولا تُصان دماء الشهداء حين تُباع كرامتهم في المكاتب المغلقة.



#جعفر_حيدر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية بين الغباء الديني والسياسية الناجحة
- رجال الدين والسلطة
- مجازر لبناء المستقبل


المزيد.....




- دائرة المقاطعة في الجبهة الديمقراطية تحيي اتساع حملات التضام ...
- مهندسو المياه والغابات والتقنيون الغابويون يراسلون رئيس الحك ...
- فيديو - ترامب يمازح طفلًا بحديث عن -سانتا كلوز السيئ-.. ويها ...
- تهاني ترامب بمناسبة عيد الميلاد تشمل -حثالة اليسار-
- حكم بسجن طفلين 10 سنوات بتهمة الإرهاب على خلفية نشاط رقمي
- Kafkaesque West: From the Rule of Law to the Age of Unperson ...
- Managing Water Differently: Algeria Facing Hydrological Extr ...
- Why Gutting This Agency Amounts to Playing With Fire
- دعوات داخل حزب العمال البريطاني للعودة إلى الاتحاد الجمركي ا ...
- لماذا تتزايد مطالب أعضاء في حزب العمال بالعودة للاتحاد الجمر ...


المزيد.....

- [كراسات شيوعية]اغتيال أندريه نين: أسبابه، ومن الجناة :تأليف ... / عبدالرؤوف بطيخ
- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - جعفر حيدر - ارض الشهيد مقابل الجسد