أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الشادلي سعداوي - قراءة نقدية في كتاب رحلة عمر لبشير الحامدي















المزيد.....

قراءة نقدية في كتاب رحلة عمر لبشير الحامدي


الشادلي سعداوي

الحوار المتمدن-العدد: 8567 - 2025 / 12 / 25 - 00:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يفتتح بشير الحامدي كتابه بسؤال هويّاتي ظاهريًا: «هل أنا إلى اليوم تروتسكيًا؟». غير أنّ القراءة المتأنية تكشف أنّ السؤال ليس بحثًا عن انتماء أيديولوجي، بل مراجعة لمسار شخصي داخل تاريخ سياسي محدّد. منذ البداية، يعلن الكاتب خروجه من النقاش النظري الصرف، واختياره الحديث عن الذات لا باعتبارها مركزًا للمعنى، بل مدخلًا لفهم تجربة سياسية عاشها جيل كامل في شروط قمع وتشظّي وانكسار.
#في_حدوده_المنهجية
«رحلة عمر» ليس تنظيرًا سياسيًا ولا سيرة ذاتية كلاسيكية، بل نصّ شهادة. يكتب الحامدي بعد أن هدأ الغبار، لا ليمجّد نفسه ولا ليصفّي حسابات، بل ليضع التجربة على الطاولة كما هي. قوّة النص تكمن في صدقه وصراحته، لكنه يميل إلى السرد التبريري أكثر من التحليل البنيوي، ما يحدّ من قدرته على تفكيك البنى التنظيمية والفكرية التي أنتجت الإخفاقات المتكرّرة. هذا خيار مفهوم إذا كان الهدف شهادة، لكنه يظلّ حدًّا معرفيًا للنص.
تقديري ان بشير الحامدي - وهذه #نقاط_قوة - كان صادقا - في #السرد_الشخصي: جرأة في عرض الانشقاقات والمحطات الحسّاسة دون تمجيد أو تصفية حساب.
كذلك #الإلمام_النظري: حضورٌ واضح للتراث الماركسي والتروتسكي كأفق معرفي شكّل الوعي.
- الرابط بين #الذاتي_والجماعي: تحويل الوقائع الشخصية إلى شواهد على تحوّلات أوسع.
- النزاهة الأخلاقية: الامتناع عن صناعة أسطورة ذاتية، والاعتراف بالتعب بوصفه حقيقة التجربة.
بينما نلاحظ (وهي في تقديري #نقاط_الضعف)
- غلبة السرد الشخصي على التحليل البنيوي.
- غياب دراسة طبقية معمّقة تربط الوضع الاجتماعي بالخيارات التنظيمية.
- تكرار الأحداث والتنقل بين التجارب التنظيمية بشكل يشتّت القارئ.
#ولكن مع هذا فيه خيط ناظم
رغم التشتّت الظاهري،.....
هناك خيط واضح يتكرّر عبر الفصول: فشل التنظيمات لا يعود فقط إلى القمع، بل إلى #عطب_داخلي_بنيوي في #تصور_السياسة والتنظيم والسلطة. هذا الخيط يظهر في تجارب الشيوعيين الثوريين، الانشقاقات، الجدل مع الماويين، رابطة اليسار العمالي، الجبهة الشعبية، عصيان، الهيئات الثورية، والمرصد التونسي للمعلم والتعليم. #الشكل_يتغيّر، لكن #المرض واحد.
===. ====
: أهم الأطروحات التي مرّ بعا بشير الحامدي
1. التروتسكية كتجربة ثقافية لا كبرنامج سياسي: أغنت الكاتب معرفيًا لكنها فشلت كأداة تغيير في الواقع التونسي.
2. ستالينية التنظيم: حتى التروتسكيون وقعوا في فخ المركزية والزعامة المطلقة.
3. وهم الطبقة العاملة الجاهزة: يفضح النص مسلّمة وجود طبقة عاملة واعية ومنظّمة،
ويكشف التذرر الطبقي وتحولات العمل.
4. نقد الانتقال الديمقراطي والجبهة الشعبية: يعتبرها جزءًا من ديمقراطية الانقلاب، ويرى دخول الانتخابات انزلاقًا نحو اليمين.
5. التحول نحو اللاسلطوية/القاعدية: رفض العمل المأجور والديمقراطية التمثيلية، والدفاع عن التنظيم المجالسي والحدود الإيكولوجية، كخلاصة لمسار طويل من الفشل.
"وتأتي التجربة الذاتية كمرآة لانعكاس "العام
الذات هنا ليست حكاية فرد، بل قياس #حرارة جيل. من التزام صارم إلى شكّ، ثم قطيعة، فبحثٍ عن بدائل نقابية وقاعدية ومجالسية. في هذا المسار تظهر صورة الأزمة: حين تعجز السياسة عن إنتاج معنى جماعي، ينزاح النضال إلى أخلاقٍ فردية، وتصير الذاكرة بديلاً مؤقّتًا للفعل. تعب المناضلين ليس أثر القمع وحده؛ إنه إرهاق البُنى ووهْم الطبقة وغياب الخيال التنظيمي...
====
من هنا تاتي الاسئلة التي تبقى معلّقة وما كان يمكن تعميقه :
- كيف يمكن لتجارب الماضي أن تُترجم إلى خيارات جديدة لليسار اليوم؟
- هل أزمة التنظيمات سياسية فقط، أم فكرية وتنظيمية أيضًا؟
- ما آليات تجاوز الانقسامات التقليدية دون إعادة إنتاجها؟
- كيف تتفاعل المنهجيات القديمة (تروتسكية، ماوية) مع تحديات العولمة والحقوق الاجتماعية؟
- ما كان يمكن تعميقه:
- تحليل طبقي مُفصّل: خرائط التذرّر، أشكال العمل الجديدة، وعلاقة الاتحاد بالتحولات الاجتماعية.
- مقارنات تنظيمية: فروق الهيكلة والاستراتيجية بين الشيوعيين الثوريين، رابطة اليسار العمالي، وراد/أتاك.
- سياق دولي وإقليمي: أثر المدارس الفكرية المجاورة واللحظات العالمية على التجربة المحلية.
- ربطٌ منهجي للذات بالمجتمع: تحويل الاعترافات إلى مفاهيم قابلة للتعميم النقدي.
في المحصلة او الخلاصة المركّبة: من التجربة الذاتية إلى أزمة اليسار العربي
«رحلة عمر» ليست مجرّد سيرة فردية، بل نصّ يفضح تصدّع البنية العميقة لليسار التونسي. التجربة الذاتية هنا تتحوّل إلى استعارة كبرى: مناضل يكتب بعد أن استُهلكته المعارك، ليكشف أنّ التعب لم يكن فقط أثر القمع، بل نتيجة عطب داخلي في التنظيمات، ووهم الطبقة العاملة الجاهزة، وانغلاق الأفق الثوري.
هذه الشهادة الفردية تُحيلنا إلى أزمة أوسع: أزمة اليسار في تونس، حيث تحوّل المشروع الجماعي إلى ذاكرة مثقلة، والنضال إلى أخلاق فردية، والسياسة إلى سؤال بلا جواب. لكن ما يجعل النص أكثر عمقًا هو أنّه لا يتوقف عند حدود تونس، بل يلمّح إلى أنّ ما عاشه جيل كامل هناك هو جزء من مأساة أكبر يعيشها اليسار العربي.
في المنطقة العربية، تتكرّر الملامح وإن اختلفت التفاصيل:
- القمع السلطوي في مصر أو سوريا أو المغرب يفرض شروطًا مشابهة من العزلة والتذرّر.
- الانقسامات التنظيمية تتخذ أشكالًا متباينة، لكنها تحمل نفس المرض: مركزية مَرَضية، زعامة غير قابلة للنقد، وتحويل الخلاف السياسي إلى صراع شخصي.
- وهم الطبقة العاملة يظهر في أكثر من بلد، حيث تحوّلت البنى الاجتماعية بفعل العولمة والاقتصاد غير المهيكل، بينما ظلّ الخطاب اليساري أسير صورة قديمة للعمال ككتلة جاهزة للثورة.
- التحوّل نحو الأخلاق الفردية أو النشاط الجمعياتي/القاعدي يتكرّر كخيار أخير حين تفشل السياسة في إنتاج معنى جماعي.
هكذا، تصبح التجربة الذاتية التي يرويها الحامدي مرآة لأزمة اليسار العربي بأسره: أزمة مشروعٍ لم ينجح في أن يترجم الأيديولوجيا إلى فعل، ولا أن يحوّل الذاكرة إلى أفق. ومع ذلك، فإن قيمة النص تكمن في أنّه لا يقدّم استسلامًا، بل يضع أمامنا شهادة حيّة تقول: إن لم نُصلح البُنى، سنظل نعيد إنتاج نفس التعب، ونحوّل السياسة إلى ذاكرة، والنضال إلى أخلاق بلا مشروع.
إنها خاتمة مفتوحة: سؤال الالتزام لم يعد سؤال هوية («هل أنا تروتسكيًا؟»)، بل سؤال معنى («ما جدوى أن أكون مناضلًا اليوم؟»). وهذا السؤال، بما يحمله من ألم وصدق، هو ما يجعل «رحلة عمر» وثيقةً عن أزمة جيل، وعن أزمة يسارٍ عربيٍّ يبحث عن نفسه بين الركام، في اختلاف السياقات، لكن في وحدة المرض البنيوي.
ملاحظة : اتعبتني يا بشير ..هههه



#الشادلي_سعداوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية في كتاب رحلة عمر لبشير الحامدي


المزيد.....




- الجيش الأردني يعلن شن غارات على -شبكات تهريب المخدرات- في جن ...
- واشنطن تلاحق مسؤولاً بارزًا في الحرس الثوري الإيراني.. ماذا ...
- ألمانيا و13دولة أخرى تندد بخطة إسرائيل إقامة مستوطنات بالضفة ...
- اتفاق غزة يراوح مكانه.. نزع السلاح شرط أم ذريعة؟
- لماذا لا تريد إسرائيل عبور اتفاق غزة إلى مرحلته الثانية؟
- كنائس فلسطين تحيي عيد الميلاد المجيد رغم تضييقات الاحتلال
- تطورات فضائح إبستين.. مليون وثيقة جديدة ومحامون يعملون على م ...
- -فلسطيني- يتولى رئاسة هندوراس
- خطة سلام من 20 نقطة -توفر فرصة للتهدئة- بين أوكرانيا وروسيا. ...
- سوريا تُعلن إحباط مخطط في اللاذقية لاستهداف احتفالات رأس الس ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الشادلي سعداوي - قراءة نقدية في كتاب رحلة عمر لبشير الحامدي