أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - التحولات الإجتماعية للطبقة العاملة في ظل الرأسمالية الإمبريالية















المزيد.....


التحولات الإجتماعية للطبقة العاملة في ظل الرأسمالية الإمبريالية


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 1839 - 2007 / 2 / 27 - 12:59
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إن نشأة الطبقة العاملة لم تحدث فجأة واحدة بل كانت حصيلة صراع مرير دام عدة قرون ، أولا عبر الحركة الإجتماعية للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء ضد استبداد الأنظمة الإقطاعية ، ثانيا عبر الصراع بين مفاهيم البرجوازية و مصالح الإقطاع ، ثالثا عبر الصراع المرير بين العمل و الرأسمال ، بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية، بين المفاهيم الإشتراكية و المفاهيم البورجوازية ، و مازال الصراع قائما و سيبقى كذلك ما دامت التناقضات الطبقية و الإجتماعية قائمة بل وهي آخذة في التعمق ، نتيجة السيطرة البرجوازية على السلطة السياسية و الهيمنة الإيديولوجبة الرأسمالية على الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية ، و فرض سياسات الرأسمالية الإمبريالية على الشعوب بالقوة العسكرية من طرف الإمبريالية الأمريكية و حلفائها ، و تمرير السياسات الرأسمالية التبعية من طرف الأنظمة الرجعية الحاكمة في البلدان التي تم نهب خيراتها و تفقير شعوبها ، و تعيش الطبقة العاملة أوضاعا مزرية في الفترة الحالية التي تتسم بالتحولات الدولية المتسارعة في اتجاه ضرب ما تبقى من مكتسباتها التاريخية في ظل هجوم الرأسمالية الإمبريالية ، التي تشن حربا شرسة على الحركة الإجتماعية الإشتراكية و الحركة الفكرية الإشتراكية من أجل سيادة الفكر البورجوازي و سيطرة الطبقة البورجوازية على السلطة السياسية و الإقتصادية .

لقد مرت الطبقة العاملة بعدة مراحل اقتصادية و اجتماعية قبل أن تصبح فيما هي عليه اليوم بدءا بالعمل الحرفي اليدوي الذي استمر لعشرات القرون ، في الوقت الذي لا يمكن فيه التمييز بين العامل و صاحب ورشة العمل إلا في حصاد الربح ، حيث تنتفي بينهما الفوارق الطبقية و الإجتماعية أثناء العمل ، و كان ذلك طبيعيا في المجتمعات الإقطاعية التي سادت فيها العبودية و استغلال العمال و العاملات بالمزارع و الضيعات ، و لم يتم بروز الطبقة العاملة إلا عندما تراكمت الأرباح في يد أصحاب ورشات العمل ، الذين سعوا إلى الإرتقاء الطبقي عن طريق استغلال قوة عمل الطبقة العاملة إلى جانب استغلال الطبقة الإقطاعية للعاملات و العمال الزراعيين ، و ظهرت الإرهاسات الأولى للرأسمالية فيما يسمى بالمانيفكتورات في القرن 14 الميلادي ، و لم يتم بروز الطبقة العاملة كقوة اجتماعية إلا عندما طرأ تحول كمي في المجتمعات الإقطاعية مع بروز التقنية الصناعية التي أحدثت تحولا كيفيا في هذه المجتمعات ، عبر تطور وسائل الإنتاج التي أحدثت قفزة نوعية نتيجة التحوا الملموس في علاقات الإنتاج ، و برزت مفاهيم البرجوازية التي تدعو إلى تحرر الطبقة العاملة من قيود العبودية الإقطاعية ، و لم يتحقق ذلك التحول الكيفي إلا بعد إنجاز الثورات الإجتماعية البرجوازية الثلاث في إنجلترا و أمريكا و فرنسا ، ثم في باقي العالم الغربي فيما بعد ، و لعبت الطبقة العاملة دورا أساسيا في إنجاح هذه الثورات البورجوازية ضد مصالح الأنظمة الإقطاعية.

كان لانتصار مفاهيم البرجوازية على مصالح الإقطاع أثر كبير في بروز الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة و الطبقة البورجوازية ، و كانت الطبقة العاملة في الصفوف الأولى للحركات الإجتماعية التي أطاحت بالأنظمة الإقطاعية التي حلت محلها الأنظمة الرأسمالية ، و لم تكن تعلم الطبقة العاملة أن الطبقة البورجوازية ستصبح نقيضها الأساسي الذي سيستفيد من نتائج هذه الثورات الثلاث و أن الطبقة العاملة هي التي ستؤدي الثمن ، و لم تكن تعلم أن الطبقة البرجوازية ستقودها إلى الحروب الإمبريالية و اللصوصية في المستعمرات بآسيا و أفريقيا لضرب مصالح شعوبها و استغلال ثرواتها ، و لم تكن تعلم أن النظام الرأسمالي سيصبح أكثر عدوانية ضد مصالحها و أكثر استعبادا لها بعد استغلال قوة عملها و نهب خيرات شعوبها ، فأصبحت الحشود الهائلة من العاملات و العمال داخل المعامل تكدح من أجل الإنتاج الوفير ، الذي يذر أرباحا طائلة في أيدي الطبقة البرجوازية التي تملك وسائل الإنتاج و تسيطر على الرساميل ، فأصبح بذلك العمل ذو صفة اجتماعية بما توفره الطبقة العاملة من حركة اجتماعية داخل المعامل من أجل ضمان وفرة الإنتاج و استمراريته ، بينما ظلت وسائل الإنتاج ذات الصفة الخاصة الرأسمالية في أيدي أقلية قليلة من الطبقة البورجوازية .

لقد تعرضت الطبقة العاملة لاستغلال الطبقة البرجوازية قبل بروز الحركة الماركسية و الفكر الماركسي ، الذي أبرزت التناقضات الأساسية بين الرأسمال و العمل ، بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية ، بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج ، بين قوة العمل ذات الصفة الإجتماعية و وسائل العمل ذات الصف الرأسمالية ، و كان لحلول النظام الرأسمالي مكان النظام الإقطاعي أثر كبير على المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة و على رأسها الحريات الفردية ، التي بدونها لا يمكن للرأسمالية أن تعرف الطريق إلى التطور و الإستمرارية ، حيث أن حاجة الرأسمالية إلى طبقة عاملة تملك مستوى من الثقافة و التقنية ضروري إستجابة للتحول الكمي و الكيفي لوسائل الإنتاج ، الذي أبرز التحول الكيفي و الكيفي في المجتمعات الرأسمالية لضمان تطور الأنظمة الرأسمالية و استمراريتها ، فكان لابد من التحرر من قيود العبودية الإقطاعية لفتح المجال أمام الإستغلال البشع للرأسمالية و نهب ثروات الشعوب من طرف الطبقة البرجوازية ، و هكذا عرف الرأسمال و العمل تناقضات أساسية لا يمكن حلها إلا بحل التناقض الأساسي بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية ، و بالتالي حل التناقض الأساسي بين صفة الملكية الخاصة الرأسمالية لوسائل الإنتاج و الصفة الإجتماعية للعمل ، فكان لابد من استمرار الصراع بين الطبقتين المتناقضتين في ظل النظام الرأسمالي باعتباره نظاما تناحريا ، تنتفي فيه المساواة في توزيع العمل و الثروات بين جماهير العاملات و العمال بالمعامل و الطبقة البرجوازية .

إن الحركة الإجتماعية العمالية ضد الإستغلال البشع الذي تتعرض له قد حققت مكتسبات تاريخية بممارسة حرية التنظيم عبر المنظمات النقابية الجماهيرية التي تدافع عن حقوقها الإقتصادية و الإجتماعية ، فبحلول النظام الرأسمالي فتح مجال الصراع الطبقي من أجل انتزاع ما يمكن انتزاعه من المكتسبات في أفق السيطرة المطلقة للطبقة العاملة على وسائل الإنتاج ، فكان لابد من الصراع بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية في ظل الأنظمة الرأسمالية ، فبعد الإعتراف بالحقوق المدنية و السياسية التي تشكل مجموع الحقوق الفردية باعتبارها تكريسا للممارسة البورجوازية ، حيث أن هذه الحقوق تتمتع بها الطبقة البورجوازية بينما الطبقة العاملة تظل تكدح بالمعامل من أجل تراكم الرأسمال في أيدي الطبقة البورجوازية ، و كان لا بد من الصراع ضد مصالح الأنظمة الرأسمالية و تضييق الخناق حولها من طرف الطبقة العاملة في ظل سيادة المفاهيم الماركسية ، و لم يكن أمام الطبقة البرجوازية الأوربية إلا اللجوء إلى استعمار بلدان أفريقيا و آسيا كحل ظرفي لأزمة الرأسمالية ، لتحقيق نسبة معينة من الرفاهية للطبقة البورجوازية و فئة من الأرستقراطية العمالية على حساب استغلال شعوب و ثروات المستعمرات ، لمواجهة تغلغل الحركة الإجتماعية و الفكرية الماركسية في أوساط الطبقة العاملة و نشوء مرحلة الرأسمالية الإمبريالية ، و أمام المد النضالي للحركة العمالية كان لابد للرأسمالية الإمبريالية من التنازل عن بعض الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية كحل ظرفي لتجاوز الصراع المباشر مع الطبقة العاملة بعد بروز الأنظمة الإشتراكية .

إن التحول الكمي و الكيفي لوسائل الإنتاج الذي يسير في تزايد مستمر بفضل جهود الطبقة العاملة و على حساب قوة عملها ، و توفير القيمة المضافة على شكل أرباح طائلة في أيدي الطبقة البرجوازية لم يضمن لوحده تطور الأنظمة الرأسمالية ، فأصبحت الرأسمالية الإمبريالية تعيش تناقضات مستمرة تلازمها و التي تبرز على شكل أزمات نتيجة تناقضاتها الأساسية مع الحركة العمالية ، و الطبقة البورجوازية في صراعها تحاول تصدير أزمات الرأسمالية الإمبرالية مستهدفا من خلال ذلك مصالح الطبقة العاملة كنقيض دائم لها ، ذلك ما سنراه في نشوء الأنظمة الرأسمالية الفاشية و اندلاع الحربين الإمبرياليتين الأولى و الثانية و حروبها اللصوصية التي أدت فيها الطبقة العاملة ثمنا باهظا ، و خلق صراعات ثانوية تزج بالطبقة العاملة في غياهبها للتخلص من مطالبها و تجميد نضالاتها بافتعال الحروب و النزاعات بين الشعوب في قطر واحد و بين مجموعة من الأقطار ، مستهدفة تفعيل التناحر في صفوف الطبقة العاملة الذي يحول دون إبراز التناقض الأساسي بينها و بين الطبقة البرجوازية و تحميلها النتائج الكارثية لأزمات الرأسمالية الإمبريالية ، و لولا هذه التناقضات المفتعلة بين الشعوب لما سنحت الفرصة للرأسمالية الإمبريالية لكي تعرف الطريق إلى التطور و الإستمرارية و بروز الرأسمالية الأمبريالية الأمريكية كمستفيد أول من هذه الأزمات ، و التي سرعان ما افتعلت أزمة ما يسمى بالحرب الباردة بين المنتظم الشرقي الأشتراكي و المنتظم الغربي الرأسمالي في محاولة لإقحام الرأسماليات الإمبريالية الأوربية في صراع دائم ضد الحركة الإجتماعية الإشتراكية و الحركة الفكرية الإشتراكية ، و بالتالي إقحام الأنظمة الرجعية بالدول التابعة لها لضرب الحركة الإجتماعية الأشتراكية كنقيض للرأسمالية الإمبريالية ، و استغلال خيرات البلدان الفقيرة للحفاظ على مكانتها كقائدة للمنتظم الرأسمالي الإمبريالي ، و العمل على تحميل أعباء أزماتها للطبقة العاملة بشكل مباشر بعد سقوط المنتظم الإشتراكي الشرقي ، و ذلك بترويج مفاهيم جديدة في محاولة لحل أزماتها كإعادة الهيكلة و الشراكة و النقابة المواطنة و المقاولة المواطنة و غيرها من المفاهيم البورجوازية .

و في كل مرحلة من مراحل الهيمنة الرأسمالية الإمبريالية يطرح مستوى من المطالب الملحة للطبقة العاملة ، و التي يجب وضعها في أولويات النضال من أجلها منذ استيلاء الطبقة البرجوازية على السلطة السياسية و الإقتصادية في القرنين 17 و 18 ، و كان لابد من النضال من أجل الحقوق الفردية / السياسية و المدنية التي تضمن لها حرية التنظيم النقابي ، من أجل الدفاع عن المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة بعد الثورات البرجوازية التي ساهمت الطبقة العاملة في إنجاحها بشكل كبير ، و مع تنامي الرأسمالية الأحتكارية و استغلال الطبقة العاملة من أجل مزيد من الربح في أيدي الطبقة البرجوازية التي تنكرت لدور الطبقة العاملة في إسقاط الأنظمة الإقطاعية كان لابد من الضال من أجل الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية كأولويات ، فكان لميلاد الحركة الإجتماعية الإشتراكية و نشر مفاهيم الإشتراكية في القرن 19 دور هام في الصراع الطبقي ضد طغيان الرأسمالية ، و لم يتحقق ذلك إلا مع نجاح الثورة البولشيفية في القرن 20 و بروز التناقضات الأساسية بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية ، بين الرأسمال و العمل ، بين وسائل الإنتاج الرأسمالية و القوى المنتجة الإجتماعية ، بين الطبقات العاملة و الطبقة البورحوازية المسيطرة على السلطة السياسية و الإقتصادية ، و في ظل هذه التناقضات الأساسية يستمر تطور وسائل الإنتاج و تكديس الأموال في أيدي الطبقة البورجوازية و نهب خيرات الشعوب و تفقير الطبقات الشعبية و على رأسها الطبقة العاملة ،
و قد أطلعتنا الرأسمالية الإمبريالية الأمريكية باعتبارها قائدة الإمبرياليات الغربية على فظاعة النظام الرأسمالي الإمبريالي ، حيث تبين الإحصائيات اليوم أن % 1 من سكانها يستولي على خيرات البلاد بينما أكثر من ثلث سكانها يعيش فقرا مدقعا ، و بذلك يكون 2,7 مليون من السكان الذين يمثلون الطبقة البورجوازية يسيطرون على الموارد المالية و تبقى 100 مليون تحت عتبة الفقر و يمثلون الطبقات المسحوقة بينما 167 مليون يتأرجحون بين الطبقات الفقيرة و الطبقات الوسطى ، هكذا تدوس الرأسمالية الإمبريالية كل الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية للطبقة العاملة.

إن استمرار استغلال الطبقة البرجوازية للطبقة العاملة لأزيد من خمسة قرون و فشل التجارب الإشتراكية الإتحاد السوفييتي و شرق أوربا ، بعد سقوط المنتظم الشرقي في أواخر الثمانينات فتح المجال أمام الأنظمة الرأسمالية الإمبريالية لمزيد من الإستغلال ، فخلال المراحل التي مرت بها الرأسمالية بعد مرحلة البناء منذ بروز المانيفكتورات مرورا بالرأسمالية التنافسية فالإحتكارية ثم الإمبريالية تم تكديس الأموال في أيدي الطبقة البرجوازية ، و عرفت وسائل الإنتاج تطورا هائلا عبر التقدم التيكنولوجي خاصة في مجال الإعلاميات التي أحدثت قفزة نوعية في أوساط المجتمعات الرأسمالية ، خاصة في ظل السيطرة الرأسمالية الإمبريالية الأمريكية الشيء الذي له أثر كبير في تطور مفهوم الطبقة العاملة عبر التحول الكمي و الكيفي في أوساطها ، و أصبح العمل اليوم يتخذ أشكالا متعددة و متنوعة حسب مستوى تطور وسائل الإنتاج كميا و كيفيا ، و ضرورات حاجيات الملحة للرأسمالية الإمبريالية إلى الخدمات الكمية و الكيفية للطبقة العاملة ، التي مرت بعدة مراحل منذ سقوط الأنظمة الإقطاعية التي ساد فيها استعباد العاملات و العمال الزراعيين بالمزارع و الضيعات بشكل مباشر ، مرورا بهروب العاملات و العمال الزراعيين من طغيان الإقطاع بالبوادي و سقوطهم في بطش الرأسمالية بالمدن الصناعية .
فكان لابد من القفزة النوعية للمجتمعات بالمدن من أجل تيسير استغلال الطبقة العاملة بتيسير الحياة المدنية في شبه رفاه نسبي في حدود استهلاك المنتوج الصناعي المتجاوز لدى الطبقة البرجوازية ، و منح الطبقة العاملة إمكانية الحصول إلى المستوى الثقافي المطلوب في التقنية الصناعية ، و كان لابد من ترقيتها حتى تكون في مستوى استغلال الرأسمالية الإمبريالية ، و تبقى الحشود الكبيرة من الجماهير التي لا حاجة للرأسمالية الإمبريالية بخدماتها في عطالة دائمة حتى الموت بما في ذلك المعطلون ذوي الشهادات ، و هكذا دواليك انطلاقا مما يتطلبه التطور الكمي و الكيفي للتكنولوجية في مستويات معينة من مراحل تطور الرأسمالية الإمبريالية و المحدد لتطور أساليب استمرار الإستغلال ، و في كل مرحلة من المراحل يتم التخلص من الحشود الكبيرة من الطبقة العاملة التي تجاوزتها متطلبات الرأسمالية الإمبريالية و تقنيات العمل و تعددت أشكالها بتعدد مستويات تطور القفزة النوعية لوسائل الإنتاج .
فإذا كانت الجرارات قد حطمت دور المحراث الخشبي و المنجل يالبوادي و بالتالي التخلص من العدد الهائل من العاملات و العمال الزراعيين ، الذين ليس للإقطاع حاجة بهم في العمل بالمزارع و الضيعات التي أقامها في أراضي الفلاحين الفقراء ، فإن الإنسان الآلي قد تخلص في مرحلة معينة من الحشود الكبيرة من العمال بالمعامل في المدن الصناعية ، كما يتخلص اليوم الحاسوب من عدد كبير من المأجورين الذين لعبوا يوما دورا هاما في التخلص من العمال التقنيين الذين لعبوا يوما دورا هاما في التخلص من العمال اليدويين ، و هكذا دواليك و الأموال تتراكم في أيدي الطبقة البورجوازية و الفقر ينتشر في أوساط الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين .

و هكذا فإن حاجة الطبقة البرجوازية للخدمات يخلق فئة معينة من الطبقة العاملة أكثر ترقية اجتماعية من الفئة التي سبقتها و أقل عددا و تكلفة منها، و ذلك نتيجة التحولات الكمية و الكيفية لوسائل الإنتاج و بالتالي القفزة النوعية بالمجتمعات الرأسمالية ، كما حدث عند التخلص من عدد هائل من العمال بالمناجم و المزارع و الموانيء و معامل الصلب و غيرها من الأعمال التي تتطلب الجهد العضلي الصرف ، و يتم اليوم التخلص من المأخورين بقطاع الخدمات خاصة منهم الأقل مستوى في التقنية مما تتطلبه القفزة النوعية لتكنولوحيا هذا العصر ، و على الرغم من تباين أوجه الإختلاف فيما بين هذه الفئات إلا أنها جميعها تتفق في تعرضها لاستغلال الرأسمال الإمبريالية ، خدمة لتكديس الأموال في أيدي الطبقة البرجوازية التي تسعى دائما إلى تحقيق الربح الوفير و توفير وسائل الرفاهية و الراحة و الترفيه ، و تبقى الطبقة العاملة تكدح جاهدة من أجل البقاء و يبقى الرأسمالية الإمبريالية يبحث عن الربح السريع و تنامت الفوارق الطبقية و الإجتماعية في ظل الأنظمة الرأسمالية الأمبريالية ، فكان لابد من التخلص من القطاع العام و تفويت المؤسسات الصناعية و الفلاحية و المالية للرأسماليين ، و طرد الحشود الهائلة من العاملات و العمال و التخلي عن الخدمات الإجتماعية المجانية ، و التخلص من قيود الدولة القومية و تحطيم الحدود الجمركية لفتح المجال أمام الإستغلال المباشر لثروات الشعوب بالبلدان الفقيرة بدون قيد و لا شرط .
و كان لتكديس الأموال في أيدي الطبقة البرجوازية و الطفرة التكنولوجية المتقدمة في مجال الإعلاميات و الإعلام أثر كبير في تشجيع اقتصاد الريع ، و بعد استنفاد اقتصاد المضاربات المالية و العقارية على مستوى بلد واحد أصبحت الرأسمالية الإمبريالية مسرحا لتنقل الرساميل عبر البلدان و القارات بدون قيود ، فبعد التجاوز النسبي للإعتماد على الطبقة العاملة اليدوية التي لا تملك مستوى معينا من التقنية و التي نبيع قوتها العضلية ، أصبح الإعتماد على الطبقة العاملة المثقفة التي تبيع قوتها الفكرية و العقلية بالإضافة إلى قوتها العضلية ، و بالتالي تجاوزت الرأسمالية الإمبريالية الإستثمارات ذات أهداف إنتاجية لترتكز الإستثمار المضارباتي في المجال المالي ، و التركيز على اقتصاد الريع الذي يعتمد على تنقل الرساميل عبر القارات بحثا عن الطبقة العاملة الرخيصة و التكلفة الإنتاجية الزهيدة ، و ذر مزيد من الأرباح من خلال المعاملات المالية خارج نطاق العملية الإنتاجية لتكديس الرساميل بدون تكلفة تذكر ، و هكذا تجاوزت الرأسمالية الإمبريالية استغلال الأفراد و الجماعات في المعامل و المزارع إلى استغلال الشعوب ، و ضربها في صميم عمق حياتها اليومية و استغلال خيراتها و تخريب اقتصادها.

و لم يكن في وسع الطبقة البرجوازية السيطرة على السلطة السياسية و الإقتصادية إلا في ظل الفراغ السياسي و التنظيمي اللذان تعاني منهما الطبقة العاملة منذ ميلادها إلى اليوم ، فعلى الرغم من الطفرة النوعية التي حققتها في ثورة أكتوبر و التي لم تستطع الصمود طويلا أمام هجوم الطبقة البرجوازية و تملص الطبقة البرجوازية الصغرى من مسؤولياتها، فإن الطبقة العاملة تعيش اليوم نكسات اقتصادية و اجتماعية بعد فقدان تنظيماتها النقابية التي كانت في مرحلة سابقة تعتبر الأداة الوحيدة التي تعتمد عليها في مواجهة الطبقة البرجوازية ، إن افتقاد الطبقة العاملة لحزبها الثوري يجعلها عرضة لمزيد من الإستغلال و فقدان مكتسباتها التاريخية التي أحرزتها في مراحل تاريخية سابقة ، و كان لنكسات الأحزاب الشيوعية الفاشلة في تنظيم الطبقة العاملة في صفوفها أثر كبير في فقدان قوتها ، خاصة و أن القيادات البرجوازية للنقابات الموالية للأحزاب التي تدعي قيادة الطبقة العاملة بقت بعيدة كل البعد عن الإلتحام بالطبقة ، فما كان على الرأسمالية الإمبريالية بعد احتواء الأحزاب الإشتراكية التي تحولت إلى تنظيمات سياسية اجتماعية تحاول تسيير أزمات الرأسمالية الإمبريالية و تدجين التنظيمات النقابية ، إلا المضي قدما في مزيد من الهجوم على مكتيبات الطبقة العاملة ، فبعد إسقاط المنتظم الشرقي الذي فشل في التعبير و الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة بالممارسة العملية للحزب البروليتاري ، ما كان على الإمبريالية الرأسمالية الأمريكية التي تمثل أقصى مستويات تطور الرأسمالية الإمبريالية إلا أن تسارع إلى انتزاع ما تبقى من مكتسبات الطبقة العاملة .



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أوراق منظمة إلى الأمام : من أجل بناء خط ماركسي لينيني لحز ...
- العلاقة الجدلية بين المعبرات السياسية للبورجوازية الصغرى و م ...
- الوجه الحقيقي للاستغلال البشع الذي يتعرض له العمال والفلاحون ...
- المهام الثورية للبورجوازية الصغرى
- الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربي ...
- الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربي ...
- الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربي ...
- الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربي ...
- الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربي ...
- في حديث مع التحريفيين الجدد بالنهج الديمقراطي 2
- حتى لا تكون الأمازيغية الوجه الآخر للأصولية 2
- حتى لا تكون الأمازيغية الوجه الآخر للأصولية
- الحركة الثورية و بناء الحزب الثوري
- في حديث مع التحريفيين الجدد بالنهج الديمقراطي
- الرسالة النقدية للمناضل الماركسي اللينيني عزيز المنبهي إلى ق ...
- من أوراق منظمة إلى الأمام : الوضع الراهن والمهام العاجلة للح ...
- حركة النهج الديمقراطي إلى أين ؟
- من ثرات منظمة إلى الأمام : دور الشهيد القائد عبد اللطيف زوال ...
- من او راق منظمة إلى الأمام : لنبن الحزب الثوري تحت نيران الع ...
- من او راق منظمة إلى الأمام : سقطت الأقنعة فلنفتح الطريق الثو ...


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - التحولات الإجتماعية للطبقة العاملة في ظل الرأسمالية الإمبريالية