أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - نور جواد الدليمي - حين يتحول الخلاف الأسري الى شروع في القتل: قراءة قانونية في واقعة إحراق طبيب لزوجته الطبيبه في الموصل














المزيد.....

حين يتحول الخلاف الأسري الى شروع في القتل: قراءة قانونية في واقعة إحراق طبيب لزوجته الطبيبه في الموصل


نور جواد الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 8555 - 2025 / 12 / 13 - 19:07
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


أعاد الخبر المتداول بتاريخ اليوم 13/12/2025 عن إقدام رجل على إحراق زوجته داخل مركبتها في مدينة الموصل تسليط الضوء على واحدة من أخطر صور العنف الأسري، ليس بسبب النتيجة وحدها، بل بسبب طبيعة الفعل ذاته وما يثيره من إشكالات قانونية تتعلق بالتوصيف الصحيح للجريمة. فبحسب المعلومات المتداولة، نشبت خلافات عائلية بين الزوجين، وكلاهما يعمل في مهنة الطب، انتهت بقيام الزوج بالاعتداء على زوجته أثناء وجودها داخل عجلتها، من خلال كسر زجاج السيارة، وسكب مادة البنزين على وجهها، ثم إضرام النار بها، ما أدى إلى إصابتها بحروق في الوجه واليدين، قبل أن يتم إسعافها ونقلها إلى المستشفى لتلقي العلاج.

ومن المهم التأكيد منذ البداية على أن المجني عليها لم تفارق الحياة، وهو ما يغيّر من الوصف القانوني للنتيجة، لكنه لا يقلل بأي حال من جسامة الفعل أو خطورته. فالقانون الجنائي لا ينظر فقط إلى النتيجة، بل إلى السلوك الإجرامي والقصد المصاحب له، والوسيلة المستعملة في التنفيذ.

تشير المعلومات المتداولة إلى أن الجهات التحقيقية قد أرسلت الأوراق التحقيقية إلى القضاء استناداً إلى أحكام المادة (342) من قانون العقوبات العراقي، وهي المادة التي تتعلق بجريمة إضرام النار عمداً في مال منقول أو عقار، وتشمل في بعض صورها الحالات التي يؤدي فيها الحريق إلى وفاة شخص دون أن يكون قصد الجاني متجهاً ابتداءً إلى القتل. غير أن تطبيق هذه المادة على الواقعة محل البحث يثير تساؤلاً قانونياً مشروعاً حول مدى انسجام هذا التكييف مع الوقائع المعلنة.

فالواقعة، بحسب تفاصيلها، لا تتعلق بحريق عرضي أو اعتداء على مال انتهى بإصابة شخص، بل بسلوك مباشر ومقصود تمثل في كسر زجاج المركبة، وسكب مادة حارقة على إنسان حي، وإشعال النار فيه. هذا التسلسل من الأفعال لا يترك مجالاً للقول إن القصد انصرف إلى مجرد الإيذاء أو الإضرار بالممتلكات، بل يكشف عن نية إجرامية تتجه إلى إزهاق الروح، وإن لم تتحقق النتيجة لأسباب خارجة عن إرادة الجاني.

من هنا، فإن التكييف القانوني الأكثر انطباقاً على هذه الواقعة هو الشروع في القتل العمد باستعمال وسيلة وحشية، لا مجرد جريمة حريق. فالحرق يُعد، وفق الفقه الجنائي والقضاء المستقر، من أكثر وسائل القتل قسوة ووحشية، لما يسبقه من آلام مبرحة وعذاب جسدي شديد، وهو ما اعتبره المشرّع ظرفاً مشدداً يغلّظ الوصف والعقوبة.

وبالرجوع إلى قانون العقوبات العراقي، فإن المادة (406/ 1/ج) تنص على تشديد العقوبة إلى الإعدام إذا وقع القتل العمد باستعمال وسائل وحشية، وبالاقتران مع أحكام الشروع المنصوص عليها في القانون، فإن الواقعة تنطبق على الشروع في القتل باستعمال وسيلة وحشية، وهو ما يفتح الباب أمام تطبيق أحكام المادة (406/ 1/ج/31) بوصفها التكييف القانوني الأقرب للواقعة، متى ما ثبت القصد الجرمي من خلال التحقيقات والأدلة الفنية والطبية.

ولا يغيّر من هذا التوصيف كون الجريمة وقعت في إطار علاقة زوجية أو على خلفية مشاكل عائلية، فالقانون لا يمنح أي حصانة للعنف الأسري، ولا يعتبره عذراً مخففاً، بل ينظر إليه بوصفه اعتداءً مضاعف الخطورة، لأنه يصدر ممن يفترض به الحماية والرعاية لا الإيذاء.

كما أن مهنة الجاني والمجني عليها، بوصفهما طبيبين، لا تشكل عنصراً مخففاً، بل قد تُؤخذ بوصفها قرينة إضافية على الإدراك الكامل بخطورة الفعل ونتائجه، وهو ما يعزز قيام القصد الجرمي لا العكس.

في النهاية، تبقى الكلمة الفصل للقضاء بعد استكمال التحقيقات وسماع أقوال الأطراف وتقييم التقارير الطبية والأدلة الجنائية، إلا أن من الضروري التأكيد على أن توصيف الوقائع توصيفاً دقيقاً منذ المراحل الأولى يشكل ضمانة أساسية لتحقيق العدالة، ويمنع التقليل من خطورة أفعال لا يمكن اعتبارها مجرد “خلافات عائلية خرجت عن السيطرة”، بل سلوكاً إجرامياً خطيراً يمس الحق في الحياة والسلامة الجسدية.

هذا التعقيب لا يهدف إلى إصدار حكم مسبق، بل إلى تسليط الضوء على الإطار القانوني الصحيح الذي ينبغي أن تتحرك ضمنه القضية، التزاماً بنص القانون وروحه، وحمايةً لحق المجتمع قبل حق الأفراد.



#نور_جواد_الدليمي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة السحر والشعوذة في المقابر:سرد أدبي لوقائع حقيقية
- فحص المخدرات عند التعيين… حلٌّ ناقص لظاهرة خطيرة: لماذا نحتا ...
- أخطر ثغرات دعوى منع المعارضة في القانون العراقي… وكيف تتجنب ...
- الصك بين الحقيقة القانونية والواقع: هل هو أداة وفاء أم أداة ...
- أسرار اختيار أفضل محامي في العراق: الدليل الذي يبحث عنه الجم ...
- لا تملك دليلاً مكتوباً؟ إليك الطريق السري لاسترجاع دينك
- كارثة الكوت: عندما يتحول الإهمال إلى مقصلة جماعية – قراءة قا ...


المزيد.....




- هجوم بطائرة مسيرة يستهدف بعثة الأمم المتحدة في كادوقلي ويوقع ...
- السودان: 6 قتلى في قصف استهدف مبنى للأمم المتحدة بكادوقلي
- اعتقالات واعتداءات في الضفة الغربية خلال اقتحامات الجيش الإس ...
- بعد 22 عاما... غوتيريس يعلن من بغداد انتهاء مهمة بعثة الأمم ...
- فلسطين: إسرائيل تواصل التطهير العرقي والتصعيد بأراضينا
- -أنت وضيع يا نتنياهو-.. ضحيت بالأسرى من أجل الكرسي!
- -السيد ترامب يراقبكم بالمطار-.. تفاصيل عن مكتب جديد يتعقّب ا ...
- تظاهرات تونسية ضد الاعتقالات السياسية وتضييق الحريات
- من هو برهم صالح الذي تولى منصب مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللا ...
- تقييم لاستراتيجية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين .. ما الجدي ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - نور جواد الدليمي - حين يتحول الخلاف الأسري الى شروع في القتل: قراءة قانونية في واقعة إحراق طبيب لزوجته الطبيبه في الموصل