أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور جواد الدليمي - جريمة السحر والشعوذة في المقابر:سرد أدبي لوقائع حقيقية














المزيد.....

جريمة السحر والشعوذة في المقابر:سرد أدبي لوقائع حقيقية


نور جواد الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 8555 - 2025 / 12 / 13 - 17:43
المحور: الادب والفن
    


بدأ الأمر من ملاحظة صغيرة لم ينتبه لها أحد في البداية، قبر تغيّر شكله قليلاً، تراب غير متماسك، شاهد مائل بدرجة لا يفسرها المطر ولا الزمن، ثم تكررت الملاحظة في قبر آخر، ثم ثالث، حتى صار السؤال يُطرح همساً في المجالس الضيقة قبل أن يقال علناً: هل هناك من يفتح القبور ليلاً؟ لم يكن السؤال يحمل رعباً بقدر ما حمل إنكاراً، فالناس لا تريد تصديق أن أحداً قد يجرؤ على ذلك، لكن الوقائع لم تترك مجالاً للشك، فالحفر كان واضحاً، والعبث ظاهراً، والقرية دخلت في حالة قلق لم تعرف لها اسماً، خوف بلا صوت، وغضب بلا جهة، وأحاديث عن سحر وشعوذة وابتزاز، عن أموال تُدفع لتفادي أذى لا يُرى، وعن أناس استُغل ضعفهم باسم الغيب.

التحقيق لم يبدأ كقضية كبيرة، بل كمخالفة ثقيلة الظل، لكن كل خطوة فيه كشفت أن ما جرى لم يكن فعلاً عابراً ولا شطحة مجنون، بل أفعال متكررة مقصودة، نبش قبور، انتهاك حرمتها، استخدام ما يُستخرج منها في أعمال شعوذة تُمارَس على الضحايا مقابل المال، ومع كل شاهد جديد كانت الصورة تكتمل أكثر، ومع كل إفادة كان الفعل يبدو أبشع، إلى أن وصل التحقيق إلى لحظة فاصلة، لحظة الاعتراف، حين لم يعد المتهم قادراً على الإنكار، فأقر بما فعل، ليس مرة ولا مرتين، بل باعتراف صريح مدعوم بشهادات شهود ومحاضر ضبط وقرص مدمج احتوى تفاصيل لا تقبل التأويل، وهنا بلغت القصة ذروتها الصادمة، ليس لأن الجريمة كُشفت، بل لأن حجمها الحقيقي ظهر فجأة، كفعل يهدد أمن المجتمع، ويزرع الخوف، ويكسر أقدس الخطوط، خط حرمة الموتى.

عندما وصلت القضية إلى محكمة جنح كربلاء لم تُنظر بوصفها حادثة غريبة، بل كجريمة لها آثار عميقة، آثار نفسية واجتماعية ودينية، رأت المحكمة أن هذه الأفعال ليست مجرد مخالفات، بل سلوك إجرامي خطير، يعاكس قيم المجتمع، ويستغل البسطاء، ويحول الخرافة إلى وسيلة ابتزاز، ولهذا جاء الحكم واضحاً وحازماً، إدانة مستندة إلى اعتراف صحيح وأدلة كافية، وعقوبة بالحبس لمدة (6) ستة اشهر رأت المحكمة أنها متناسبة مع ما ارتُكب، وعندما طُعن في الحكم لم تجد محكمة استئناف كربلاء بصفتها التمييزية سبباً واحداً لنقضه، فصادقت عليه وحسم الامر كلياً.

بعد الحكم، لم تعد القبور حديث الناس، ولم يعد الخوف مادة للتداول، عاد الصمت لكن هذه المرة كان صمتاً مختلفاً، صمت يعرف أن العدالة لم تتأخر، وأن الجريمة مهما لبست قناع الغيب ستسقط حين تواجه الوقائع، وأن من ظن أن الظلام يحميه اكتشف متأخراً أن العدالة لا تحتاج إلى ضوء كثير، يكفيها دليل واحد صحيح لتصل.



#نور_جواد_الدليمي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فحص المخدرات عند التعيين… حلٌّ ناقص لظاهرة خطيرة: لماذا نحتا ...
- أخطر ثغرات دعوى منع المعارضة في القانون العراقي… وكيف تتجنب ...
- الصك بين الحقيقة القانونية والواقع: هل هو أداة وفاء أم أداة ...
- أسرار اختيار أفضل محامي في العراق: الدليل الذي يبحث عنه الجم ...
- لا تملك دليلاً مكتوباً؟ إليك الطريق السري لاسترجاع دينك
- كارثة الكوت: عندما يتحول الإهمال إلى مقصلة جماعية – قراءة قا ...


المزيد.....




- أول عيد ميلاد بدون ديان كيتون.. صنّاع فيلم -The Family Stone ...
- احتفالية في عمان بمناسبة اليوم العالمي لعائلة اللغة التركية ...
- فنان هولندي يفوز بجائزة الكاريكاتير الأوروبي عن رسم يعبر عن ...
- هولندي يتوّج بجائزة الكاريكاتير الأوروبي عن رسم يفضح الإبادة ...
- وفاة الممثل الأميركي بيتر غرين.. العثور على نجم أدوار الشر م ...
- -إحدى أعظم ألغاز الأدب-.. دراسة تستكشف سر وفاة جين أوستن عام ...
- مدير الإدارة الفنية لمجلس وزراء الإعلام العرب: ضرورة الحفاظ ...
- متحف -غريفان- بباريس.. 250 تمثالا شمعيا لإضاءة صفحات التاريخ ...
- الممثل الأمريكي ديك فان دايك يكمل عامه الـ100 ويأمل في حياة ...
- 2025 بين الخوف والإثارة.. أبرز أفلام الرعب لهذا العام


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور جواد الدليمي - جريمة السحر والشعوذة في المقابر:سرد أدبي لوقائع حقيقية