أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد رشيد مسَلّم - فخ القطيع والأرض المغلقة-: من سرقة الأرض إلى هندسة المجاعة.. كيف تُدمَّر سبل العيش لتجريد الفلسطينيين من أرضهم؟














المزيد.....

فخ القطيع والأرض المغلقة-: من سرقة الأرض إلى هندسة المجاعة.. كيف تُدمَّر سبل العيش لتجريد الفلسطينيين من أرضهم؟


أحمد رشيد مسَلّم

الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 00:35
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


فخ القطيع والأرض المغلقة": من سرقة الأرض إلى هندسة المجاعة.. كيف تُدمَّر سبل العيش لتجريد الفلسطينيين من أرضهم؟
​استكمالا لمقالنا السابق الذي تناول الاستيطان الرعوي بوصفه الآلية الميدانية لسرقة الأرض عبر البؤر الاستيطانية، نسلط الضوء اليوم على المرحلة التالية في المخطط: تحويل الاقتصاد نفسه إلى سلاح لتفكيك المجتمع الفلسطيني. لقد تجاوزت الآلة الاستعمارية مرحلة السيطرة على الجغرافيا إلى مرحلة أكثر خطورة: "هندسة التبعية" و"صناعة الهشاشة". لم يعد الهدف مجرد إحلال مستوطنين مكان السكان، بل تحويل الفلسطيني من مُنتِجٍ حرّ إلى مستهلكٍ مقيد الإرادة، تُحاصر خياراته اليومية بين الحاجز العسكري وبطاقة العمل الهشة. إن سياسة "الخنق الاقتصادي" التي نعيشها اليوم ليست إجراءات طارئة، بل هي نظام متكامل يهدف إلى تحقيق معادلة وحشية واحدة: جعل بقاء الفلسطيني الاقتصادي رهناً بصمته السياسي.
الفصل الجغرافي: تحويل الحواجز إلى قيود سوقية .. تقطع شرايين الحياة
​إذا نظرنا إلى خريطة الضفة الغربية، نرى شبكة معقدة من "الجزر المتناثرة" – تجمعات سكانية محاصرة بمتاهة من الحواجز والبوابات الحديدية والطرق الالتفافية التي تخدم المستوطنات حصراً. هذه العوائق لم تعد مجرد نقاط تفتيش أمنية، بل تحولت إلى أدوات تحكم اقتصادي فيدرالية، تعطّل سلاسل الإمداد الداخلية وتُضاعف تكلفة النقل والإنتاج بشكل مصطنع. الأرقام تُنطق بالحقيقة: وفق تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (PCBS) في مارس 2024، خسر القطاع الصناعي الفلسطيني 3.2 مليار دولار أمريكي في الإنتاج خلال الأشهر الأربعة الأولى من العدوان على غزة، نتيجة شلل حركة البضائع والمواد الخام في الضفة والقطاع.
​ويتعمق هذا الخنق في استهداف القطاع الزراعي، خط الدفاع الأول عن الأرض. إن استهداف الزراعة ليس أثراً جانبياً بل هدفاً استراتيجياً مباشراً. لكن المخطط يتجاوز اليوم سرقة الأرض إلى تدمير أدوات الإنتاج ذاتها. فسرقة المواشي وإعدام القطعان – الممارسة المكملة للاستيطان الرعوي – تحولت إلى أداة عقاب اقتصادي ممنهج تهدف إلى تدمير سُبل عيش العائلات الرعوية. وقد بلغت هذه الحرب ذروتها في موسم الزيتون الأخير، حيث سُجّل أكثر من 150 اعتداءً للمستوطنين وجيش الاحتلال على المزارعين، في محاولة واضحة لتحويل الزراعة من مصدر كرامة إلى مهنة مستحيلة.
​صناعة التبعية.. تحويل لقمة العيش إلى أداة ابتزاز
​بعد أن أدت القيود الجغرافية إلى شلّ قدرة الاقتصاد الفلسطيني على خلق فرص عمل كافية، تحولت تصاريح العمل في إسرائيل من خيار اقتصادي إلى أداة ضبط سياسي. تُخلق هنا معادلة مشوهة: استقرار الأسرة الاقتصادي مقابل صمت الفرد السياسي. الأرقام تكشف حجم الكارثة: في الضفة الغربية وحدها، قفزت نسبة البطالة من 18% عام 2023 إلى 31% عام 2024، فيما انخفض عدد العاملين في إسرائيل بمقدار 85 ألف عامل، وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. هذا ليس تراجعاً اقتصادياً عادياً، بل هو تفعيل متعمد لورقة الضغط التي تجعل أي حراك أو مقاومة مهددة بقطع مصدر الرزق.
​في موازاة ذلك، تخلق هذه السياسات تياراً بشرياً جارفاً من الأرياف والمناطق المصنفة "ج" (التي تشكل أكثر من 60% من الضفة) نحو مراكز المدن المكتظة. هذه ليست هجرة طوعية، بل هي "تهجير اقتصادي ممنهج" يهدف إلى إفراغ الريف الفلسطيني وتسهيل التمدد الاستيطاني، بينما تتحول المدن إلى "كانتونات" مزدحمة يسهل التحكم بها والسيطرة عليها.
​اقتصاد الصمود.. من الدفاع إلى الهجوم
​في مواجهة هذا الخنق الشامل، يتحول دعم المنتج الوطني من خيار أخلاقي إلى خط دفاع وجودي. المطلوب اليوم هو تحويله إلى سياسة اقتصادية كبرى تشمل: أولا، استراتيجية اكتفاء ذاتي في سلاسل القيمة الأساسية كالألبان والبيض والخضار، وتشبيك المنتج الريفي مع المستهلك الحضري عبر منصات تجارية محمية من تعقيدات الحواجز. ثانياً، تمويل المشاريع الصغيرة في المناطق المهددة ليس كمساعدات إنسانية، بل كاستثمار في "الجغرافيا الصامدة" القادرة على استيعاب الأيدي العاملة وتقليل الاعتماد على الابتزاز الإسرائيلي. ثالثاً، استعادة الحق في الحركة؛ فالمطالبة بفتح الطرق المغلقة وإلغاء الطرق الالتفافية ليست مطلباً خدمياً، بل هي إعادة وصل للشرايين الجغرافية المقطوعة وجزء من معركة إثبات السيادة على الحركة.

​كما كشف الاستيطان الرعوي عن الوجه الحاد للإبرة، يكشف الخنق الاقتصادي اليوم عن الخيط الطويل الذي يخيط جيوب التبعية. المواجهة لم تعد تقتصر على الدفاع عن التلة الأخيرة، بل انتقلت إلى معركة بناء "مناعة اقتصادية" قادرة على تحطيم أدوات الابتزاز. المطلوب اليوم هو أن يتحول كل مواطن إلى خندق دفاع اقتصادي؛ يدعم المنتج الوطني، ويحتضن مشاريع الصمود الريفية، ويُفضح أدوات الابتزاز عبر كل منصة متاحة. الصمود لم يعد مجرد بقاء في المكان، بل أصبح القدرة على الإنتاج والتواصل والعيش بكرامة داخل هذا المكان. الأرض تبقى لمن يزرعها، ويبني عليها، وينتج منها، ويدافع عنها باقتصاده كما يدافع عنها بدمه.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستيطان الرعوي في الضفة الغربية: الوجه الأخطر للاحتلال وسي ...


المزيد.....




- النظام المخزني: الديمقراطية الشكلية وسبل التغيير الديمقراطي ...
- م.م.ن.ص// ذلك الشتاء من عام 1977
- The Next Wars Were Always Here — How Post 9/11 Law and the M ...
- بيان حزب النهج الديمقراطي العمالي بجهة أوروبا الغربية
- حزب التقدم والاشتراكية يُحذِّر من التراجعات الحقوقية في عهد ...
- كلمة الأستاذة نهلة موهاج كريمة الشهيد موهاج علال، باسم أبناء ...
- إستراتيجية أمريكية جديدة تثير قلق أوروبا وتغازل اليمين المتط ...
- Converging Crises: Capitalism, Poverty, and the Failure of G ...
- We Need to Know How Corporate Democrats Made President Trump ...
- Iraq’s Sovereignty Cannot Grow While U.S. Power Only Changes ...


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد رشيد مسَلّم - فخ القطيع والأرض المغلقة-: من سرقة الأرض إلى هندسة المجاعة.. كيف تُدمَّر سبل العيش لتجريد الفلسطينيين من أرضهم؟