أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد رشيد مسَلّم - الاستيطان الرعوي في الضفة الغربية: الوجه الأخطر للاحتلال وسيناريو التهجير المنظّم














المزيد.....

الاستيطان الرعوي في الضفة الغربية: الوجه الأخطر للاحتلال وسيناريو التهجير المنظّم


أحمد رشيد مسَلّم

الحوار المتمدن-العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 19:12
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بينما تتركّز الأضواء على المستوطنات الكبرى، يتقدّم على الأرض مشروع استيطاني أكثر دهاءً وأقل كلفة سياسية هو الاستيطان الرعوي. إنه الوجه الأكثر شراسة في منظومة الاستعمار الاستيطاني المعاصر، لا يستهدف إسكان مستوطنين فحسب، بل خنق الحيّز الجغرافي الفلسطيني وتحويل الأرض إلى شبكة من مناطق عزل، وتهجير المجتمعات الزراعية والرعوية بصمت، تحت ستار ما يُسمّى "النشاط الزراعي".
تشهد الضفة الغربية موجة استيطانية هي الأوسع منذ عقود، يقودها الانتشار المتسارع لهذه البؤر الرعوية. حيث بلغ العدد الإجمالي للبؤر الاستيطانية نحو 289 بؤرة، منها أكثر من 100 بؤرة رعوية تنتشر كشبكة شوكية في الأغوار والقدس والخليل ورام الله ونابلس وسلفيت. هذا الانتشار ليس عشوائياً؛ فقد تم توثيق إنشاء 61 بؤرة جديدة عام 2024، إضافة إلى 9 بؤر في الربع الأول من عام 2025، مما يؤكد أن هذا الإيقاع المتسارع للتمدد مخطط وممنهج.
لا تنشأ هذه البؤر في فراغ، بل تحظى بدعم مباشر من المؤسسة الإسرائيلية الرسمية، مُحوِّلة الوزارات والمؤسسات التمويلية إلى أدوات لمصادرة الأرض وتمويل الجريمة. فقد ضخت وزارة الزراعة الإسرائيلية ما يقارب 3 ملايين شيكل بين عامي 2017 و2024 تحت غطاء “منح المراعي”. وبالموازاة، استثمر الصندوق القومي اليهودي (كيرن كاييمت) نحو 4.7 ملايين شيكل في البؤر الرعوية، مثبتًا نفسه كأحد أعمدة دعم هذا. الاستيطان والتهجير.
على الرغم من أن الهدف المعلن هو "زراعي"، فإن المعنى الحقيقي لهذا التوسع سياسي وجيوسياسي بامتياز. الاستيطان الرعوي هو الأداة الأسرع والأقل كلفة لضمان السيطرة الأفقية الكاملة على المساحات المفتوحة، خصوصاً المناطق المصنفة "ج" التي تشكل نحو 60% من مساحة الضفة. ونتيجة لذلك، تسيطر المستوطنات اليوم على أكثر من 42% من مساحة الضفة الغربية، وتتصاعد هذه النسبة بحدة لتصل إلى نحو 80% في منطقة الأغوار الاستراتيجية وحدها، التي تشكل المخزون الغذائي والمائي الفلسطيني. هذا التوسع يُترجم إلى مصادرة فعلية؛ إذ ارتفعت مساحة الأراضي المزروعة من قِبل المستوطنين من 121 ألف دونم عام 2023 إلى 144 ألف دونم عام 2024، في عملية منظمة لاقتلاع الفلسطيني من أرضه وقطع التواصل الجغرافي بين مناطقه.
ويُستخدم العنف الممنهج، بدعم وتغطية من الجيش، كوسيلة مركزية لتحقيق التهجير اليومي. حيث ارتفعت اعتداءات المستوطنين من 2,410 هجومًا عام 2023 إلى 2,971 عام 2024، ووثّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في عام 2025 أكثر من 1000 هجوم استهدف 230 تجمعًا فلسطينياً. هذه الاعتداءات تتخذ شكل حرب على الأرض والرزق، حيث دُمّرت واقتُلعت 14,212 شجرة فلسطينية عام 2024، بينها حوالي 1,200 شجرة زيتون في هجمات موثقة حديثاً أواخر عام 2025، في محاولة لقطع شريان الذاكرة والاقتصاد الفلسطيني. النتيجة النهائية لهذه السياسة العدوانية كارثية: فقد تراجع عدد سكان 24 تجمعًا رعويًا بنسبة 39%، بينما هدمت السلطات الإسرائيلية أكثر من 1,300 منشأة فلسطينية منذ بداية 2025، لتحقيق هدف واحد وواضح: أرض بلا شعب.
الاستيطان الرعوي هو الجبهة الأخطر والأكثر حسمًا في حرب الاحتلال على الوجود الفلسطيني. إنه يعمل على تقطيع أوصال الجغرافيا وتجفيف مصادر الرزق وطمس الهوية، لخلق واقع ديموغرافي لا رجعة فيه. وفي مواجهة هذه الآلة المدعومة مؤسسيًا، يصبح كل دونم يُزرع، وكل خيمة تُنصب، وكل شتلة تُغرس فعلًا من أفعال المقاومة اليومية. صمود الفلسطيني على أرضه ليس مجرد دفاع عن الماضي، بل تشييد لجغرافيا المستقبل. فالأرض، في نهاية المطاف، تحتفظ بروايتها، وتنحاز لمن يروونها بعرقهم ويحمونها بوجودهم.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تيسير خالد : ما احوجنا الى انتفاضة شعبية جديدة وعصيان وطني ف ...
- ينبغي ألا تكون كأس العالم لعبة في يد ترامب
- كتاب: عندما كان لسان يسمى فرناندو (حلقة 4)
- حراك جيل زد 212: سياق النشوء والخصائص والأثار الممكنة
- -الأغنياء الفاسدون فروا-..ترامب الابن يهاجم أوكرانيا بعنف وي ...
- الوقفة الاحتجاجية لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الا ...
- سلام بلا فلسطينيين، حول خطة ترامب للشرق الأوسط
- فنزويلا: بين الأزمة والاجتياح
- كلمة الرفيق جمال براجع الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي ال ...
- م.م.ن.ص// ندوة -عائلات شهداء ومعتقلي ومصابي القليعة- تواصل ...


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد رشيد مسَلّم - الاستيطان الرعوي في الضفة الغربية: الوجه الأخطر للاحتلال وسيناريو التهجير المنظّم