|
|
مكة في التوراة
يهوذا الأسخريوطي
عميد اللادينيين العرب
(Judas Ascariot)
الحوار المتمدن-العدد: 8546 - 2025 / 12 / 4 - 14:52
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
"مكّة" أو "بكّة" أو "بيت الله" أو "بيت إيل"
في هذا البحث اعتمدنَا فرضيّةَ أنَّ أحداثَ التوراة قد حصلتْ في الجزيرة العربيّة (بين مكّة واليمن) التي طرحها الباحث كمال الصليبي وساهم بتطويرها عدد من الباحثين؛ وأسهمنا -أيضًا- في إثبات هذه الفرضيّة في بعض فصول هذا البحث (البحث/الكتاب): صراع الكهنة.. من آخر عصر جليدي حتى محمد: https://docs.google.com/document/d/1oRE5BDFrLYyt1gt27bldDR1N6tyARxP5HxCu1f3CDgk/edit?usp=sharing
وقد وجبَ أنْ نطرح سؤالًا عن علاقة "مكّة" بأحداثِ التوراة كلِّها. وهو السؤالُ ذو الـ "ولكن!" الكُبرى: "ولكن، ما علاقةُ "مكّة" بأحداث التوراة كلّها؟". وهنا، سنجيبُ: سنطرحُ فرضيّةً عن "مكّة" مع بعضِ المصادرِ التَّاريخيّة المُتاحَة، لتظلَّ للبحوث التي سيجريها غيرُنا من الباحثين المهتمين الكلمةُ الفصل.
سنبدأ بالتراث الإسلامي وقبلَه الجاهليّ الذي يعزو بناءَ الـ "بيت" (الكعبة) إلى إبراهيم. ولنبحثْ في التوراة عن المواقع التي بنى بها إبراهيمُ (أبرام) بيوتًا أو مذابحَ لله، وسنجدُ أوّلَها في سفر التكوين (12) بعدَ خروجهِ من "حاران" (التي استقرَّ فيها مع أبيه الخارجِ من "أور" الرافديّةِ) ووصولِه إلى أرض "كنعان". ولكنَّ "كنعان" هنا مشكوكٌ فيها لكونها من تحريفات "عزرا" الكاتبِ للربطِ بأرضِ فلسطين (وسنعلق على تحريفاتِ "عزرا" الكاتب بتوضيح بين قوسين [التوضيح] أو أحياناً توضيح من طرفنا يتعلق بمضمون ما ورد في التوراة حتى ولو لم يكن من تحريفات "عزرا" الكاتب).. يُنصح لفهم أدلة تحريفات "عزرا" الكاتب قراءة كتابنا: صراع الكهنة.. من آخر عصر جليدي حتى محمد: https://docs.google.com/document/d/1oRE5BDFrLYyt1gt27bldDR1N6tyARxP5HxCu1f3CDgk/edit?usp=sharing
إذًا، فلنقلْ إنَّ إبراهيم وصلَ إلى غربِ الجزيرة العربيّة (نُرجّحُ إلى أرضٍ غيرِ مأهولةٍ؛ وذلك بسبب السيول. وهو بوصفهِ راعيًا غريبًا عن المنطقة لم يعرفْ أنَّها أرضٌ لا تصلح للإقامة فيها)، ولنقرأ في تكوين (12): "6 واجتازَ أبرامُ في الأرض إلى شكيم إلى بلوطة مورة. وكانَ الكنعانيّون حينئذٍ في الأرض. 7 وظهرَ الربُّ لأبرام وقالَ لنسلكَ أُعطي هذه الأرض[الوعودُ بالأرض وذكرُ الكنعانيين هو من تحريف "عزرا" الكاتبِ]. فبنى هناك مذبحًا للرب [هذا هو المذبحُ الأوّلُ] الذي ظهرَ له [هذه "الذي ظهر له" من إضافاتِ "عزرا" للربط بتحريفه السابق]. 8 ثمَّ نقلَ من هناك [لا ذكرَ لسبب الانتقال. نرجّحُ أنَّ السببَ هو السيولُ التي تحدثُ في موضعِ المذبح الأول؛ ما استدعى الانتقال: ..] إلى الجبلِ شرقيّ بيتِ إيل ونصبَ خيمتَه، ولهُ بيتُ إيل من الغربِ وعاي من الشرقِ [إذًا، فمن أين ارتحلَ حتّى أقام في موقعِه الجديد؟ لندقق.. لقد انتقلَ إلى شرق "بيت إيل"، وأقامَ بين "بيت إيل" التي أصبحتْ غربَهُ و"عاي" التي باتتْ شرقَه. وبعدَ التدقيقِ يتضحُ أنَّه ارتحلَ من "بيت إيل" نفسِها! أيّ أنَّ أوّلَ مذبحٍ بناه أبرامُ (إبراهيمُ) كان في "بيت إيل"؛ "بيتِ الله". ويبدو أنَّ "بيت إيل" ليستْ مدينةً أو قريةً أو مكانًا مأهولًا ما؛ بل هي المذبحُ الأوّلُ الذي بناه إبراهيمُ ليكون بيتًا لإيل: "بيت إيل" أو "بيت الله"]. فبنى هناك مذبحًا للرب ودعا باسم الرب [هذا هو المذبحُ الثاني في مكانِ إقامتِه الجديدِ؛ إلى الشرق من "بيت إيل". لقد بات لدينا مذبحان اثنان: الأوّلُ هو "بيت إيل"، والثاني شرق "بيت إيل"؛ حيث دعا باسم الرب]. 9 ثمَّ ارتحلَ أبرامُ ارتحالًا متواليًا نحو الجنوب [ارتحالُه بين "مكّة" واليمن]..."
نتابعُ في تكوين (13): "3 وسارَ في رحلاتِه من الجنوب إلى بيت إيل [عادَ إلى الشَّمال إلى "بيت إيل" حيثُ المذبحُ الأوّل]، إلى المكانِ الذي كانت خيمتُه فيه في البداءة بين بيت إيل وعاي [واستقرَّ قربَ المذبحِ الثاني حيثُ دعا باسم الرب]، 4 إلى مكانِ المذبح الذي عملَه هناك أولًا [لا بل ثانيًا.. وسنفهمُ لاحقًا سببَ هذا التمويهِ والخلطِ بين المذبحَين. وهو خلطٌ وتمويهٌ قام بهما "عزرا" الكاتبُ]. ودعا هناك أبرامُ باسم الرب [هذا هو المذبحُ الثاني حيثُ دعا باسم الربّ]..".
وقد بنى إبراهيمُ مذبحًا ثالثًا على جبلٍ عندما كان سيقدّمُ ابنَه ذبيحةً لله (تكوين 22) ولكونِ هذا المذبح مبنيًّإ على جبل فهو لا يُطابق "مكّة".
الخلاصةُ: "بيتُ إيل" ("بيتُ الله")، هو أوّلُ مذبحٍ بناهُ إبراهيمُ (أبرامُ) ليكون بيتًا لإلهه "إيل"؛ "إيل" إلهُ الرعاة، إلهُ إبراهيمَ وأبيه الخارجَين من بلاد الرافدين بعدَ أن انتصرتْ عبادةُ "بعل" (مردوخ) ليصبحَ ملكَ الآلهة في بيته الجديد: "بابل/بيت بعل". ولكنَّ "بيتَ إيل" ليسَ أوّلَ "بيتٍ" لله (إيل)؛ فلدينا قبلَه "شاليم" (وفيها الملكُ وكبيرُ الكهنة "ملكي صادق"؛ وهي في الجزيرة العربيّة)، وأيضًا "نيبور" (مقرُّ كهانة "أنليل" في بلاد الرافدين). ولكن، يُمكننا القول إنَّ "بيتَ إيل" هي أوّلُ "بيتٍ" لله (إيل) يبنيه إبراهيمُ وليس أوّلَ "بيتٍ" لله (إيل) البتتة.
والآن، سنتابعُ في التَّوراة لمعرفة كيف تطوّرَ مذبحُ إبراهيمَ في "بيتِ إيل" ليصبحَ قبلةً للصلاة. نقرأ في سفر التكوين (28) بعدَ هروبِ "يعقوب" من وجهِ أخيه "عيسو": "28: 10 فخرجَ يعقوبُ من بئر سبعٍ وذهبَ نحو حاران. 28: 11 وصادفَ مكانًا وباتَ هناك لأنَّ الشمسَ كانت قد غابتْ، وأخذَ من حجارةِ المكانِ ووضعَهُ تحتَ رأسِه فاضطجعَ في ذلك المكان12: 28 ورأى حلمًا وإذا سلمٌ منصوبةٌ على الأرضِ ورأسُها يمسُّ السماءَ، وهوذا ملائكةُ اللهِ صاعدةٌ ونازلةٌ عليها 13: 28وهوذا الربُّ واقفٌ عليها فقالَ أنا الربُّ إلهُ إبراهيمَ أبيكَ وإلهُ إسحقَ، الأرضُ التي أنتَ مضطجعٌ عليها أُعطِيها لكَ ولنسلِكَ [بدأتْ تحريفاتُ "عزرا" الكاتبِ والوعودُ بالأراضي ]14: 28 ويكونُ نسلُك كترابِ الأرضِ وتمتدُّ غربًا وشرقًا وشمالًا وجنوبًا، ويتباركُ فيك وفي نسلِك جميعُ قبائلِ الأرض. 15: 28وها أنا معك وأحفظُك حيثما تذهب وأردُّك إلى هذه الأرض، لأنّي لا أتركُكَ حتى أفعلَ ما كلمتُكَ بهِ [هنا تنتهي وعودُ "عزرا" وتحريفاتُه]16: 28 فاستيقظَ يعقوبُ من نومِه وقالَ حقًا إنَّ الربَّ في هذا المكانِ وأنا لم أعلمْ [يبدو أنَّ يعقوبَ قد قدِم إلى هنا (مذبحِ بيتِ إيل الذي بناه إبراهيمُ) بنصيحةٍ من إسحاق الذي قال له إنَّ الربَّ "إيل" يسكنُ هنا. ونتيجةَ الوهمِ المُتوارَثِ تخيّلَ يعقوبُ ما تخيّلَ، وآمنَ بأنَّ "إيل" يسكنُ في هذا المكان]. 17: 28وخافَ وقالَ ما أرهبَ هذا المكانَ، ما هذا إلا بيتُ الله [بيتُ إيل] وهذا بابُ السَّماءِ. 18: 28وبكّرَ يعقوبُ في الصَّباحِ وأخذَ الحجرَ الذي وضعَهُ تحتَ رأسِه وأقامَه عمودًا وصبَّ زيتًا على رأسِه [لم تخبرنا يا يعقوب، هل كان لونُ الحجر أسودَ؟]. 19: 28ودعا اسمَ ذلك المكانِ بيتَ إيل [إنَّ إبراهيمَ هو سمّاهُ بهذا الاسم وليس يعقوب؛ لكنَّ تحريفاتِ "عزرا" الكاتبِ خلطتِ الأمورَ. وها هو الدليلُ على التحريفات: ..] ولكنَّ اسمَ المدينةِ أولًا كان لوز [في الحقيقة، "لوز" هي في أرضِ فلسطين، وسيظهرُ ذلك لاحقًا]. 28: 20 ونذرَ يعقوبُ نذرًا قائلًا إنْ كانَ اللهُ معي وحفظَني في هذا الطريقِ الذي أنا سائرٌ فيه وأعطاني خبزًا لآكلَ وثيابًا لألبسَ 28: 21 ورجعتُ بسلامٍ إلى بيتِ أبي يكونُ الربُّ لي إلهًا، 28: 22 وهذا الحجرُ [هل لونه أسودُ!] الذي أقمتُه عمودًا يكون بيتَ الله [بيتَ إيل] وكلّ ما تعطيني فإنّي أعشرُه لكَ [العشرُ الذي أعطاه إبراهيمُ لملكي صادق كاهنِ "شاليم" وملكِها]"
نتابعُ مع "يعقوب" وتحريفاتِ "عزرا" الكاتبِ عن "بيت إيل" في سفر التكوين:
"35: 1 ثمَّ قالَ اللهُ ليعقوبَ قمْ اصعدْ إلى بيتِ إيل وأقمْ هناك واصنعْ هناك مذبحًا لله الذي ظهرَ لكَ حين هربتَ من وجهِ عيسو أخيك [في الحقيقة، المذبحُ قد أقامَه "إبراهيمُ" كما مر سابقًا؛ ولكن "عزرا" كان يجهدُ في تحريفاتِه لإخفاء كونِ أبرام (إبراهيم) هو الذي بناه]. 35: 2 فقالَ يعقوبُ لبيتِه ولكلّ مَن كان معهُ اعزلُوا الآلهةَ الغريبةَ التي بينَكم وتطهَّرُوا وأبدلوا ثيابَكم. 35: 3 ولنقمْ ونصعدْ إلى بيتِ إيل، فأصنعَ هناك مذبحًا للهِ الذي استجابَ لي في يوم ضيقتِي وكان معي في الطريقِ الذي ذهبتُ فيه. 35: 4 فأعطوا يعقوبَ كلَّ الآلهةِ الغريبةِ التي في أيديهم والأقراطِ التي في آذانهم، فطمرَها يعقوبُ تحتَ البطمةِ التي عند شكيم 35: 5 ثمَّ رحلُوا، وكان خوفُ اللهِ على المدن التي حولَهم فلم يسعُوا وراءَ بني يعقوبَ. 35: 6 فأتى يعقوبُ إلى لوزٍ التي في أرضِ كنعانَ وهي بيتُ إيل [هذا تحريفُ "عزرا" الكاتبِ؛ بهدف الربط بأرض فلسطين]، هو وجميعُ القوم الذين معَهُ. 35: 7 وبنى هناك مذبحًا ودعَا المكانَ إيل بيتَ إيل [ألم يدعُو المكانَ سابقًا بهذا الاسم؟! ما بالك يا "عزرا"! هل نسيت؟! (راجع: تكوين 28: 19 في الأعلى)]، لأنَّه هناك ظهرَ له اللهُ حين هربَ من وجهِ أخيه [ها أنت تذكرُ يا "عزرا".. حادثة تكوين (28: 19)]. 35: 8 وماتتْ دبورة مرضعةُ رفقة ودُفنتْ تحتَ بيتِ إيل تحتَ البلوطةِ، فدعا اسمَها ألون باكوت [باكوت! بكّة! لا.. لا.. هذه مبالغةٌ في التأويل.. أو.. "ألون باكوت/إيلون باكوت" بمعنى "مبكى إيل".. "مبكة"! الأمرُ يحتاجُ إلى خبير في اللغةِ العبريّةِ.. كفانا تأويلًا] ٣٥: ٩ وظهرَ اللهُ ليعقوب أيضًا حين جاءَ من فدان آرام وباركَه. 35: 10 وقالَ له اللهُ اسمُك يعقوبُ لا يدعى اسمُك فيما بعد يعقوبَ بل يكون اسمُك إسرائيلَ، فدعا اسمَه إسرائيلَ. 35: 11 وقال له اللهُ أنا اللهُ القديرُ، أثمِرُ وأُكثِرُ، أمةٌ وجماعةُ أممٍ تكون منك، وملوكٌ سيخرجون من صلبِك. 35: 12 والأرضُ التي أعطيتُ إبراهيمَ واسحقَ لك أعطيها، ولنسلِكَ من بعدكَ أعطي الأرضَ. 35: 13 ثمَّ صعدَ اللهُ عنه في المكان الذي فيه تكلّمَ معه [تبًا.. ماذا جرى لعقلك يا "عزرا"! أفتخلطُ الأحداثَ بتكوين (32: من 22 حتى 32) والممهورة أيضًا بتوقيعك في آخرها!] 14: 35فنصبَ يعقوبُ عمودًا في المكانِ الذي فيه تكلمَ معه عمودًا من حجرٍ، وسكبَ عليه سكيبًا وصبَّ عليه زيتًا. 35: 15 ودعا يعقوبُ اسمَ المكانِ الذي فيه تكلمَ اللهُ معهُ بيتَ إيل [سحقًا! ألم يسمي المكان مرتين سابقًا بهذا الاسم؟! ما بالك يا "عزرا"! هل نسيت؟ (راجع تكوين 28: 19 وتكوين 35: 7 في الأعلى). الأمورُ تختلط على "عزرا" من نتاجِ تحريفاتِه التي تداخلتْ وباتتْ شائكةً] 35: 16 ثمَّ رحلُوا من بيت إيل، ولمَّا كان مسافة من الأرضِ بعد حتَّى يأتوا إلى افراتة ولدتْ راحيلُ وتعسَّرتْ ولادتُها. 35: 17 وحدثَ حين تعسرتْ ولادتُها أنَّ القابلةَ قالتْ لها لا تخافي لأن هذا أيضًا ابنٌ لكِ. 35: 18 وكانَ عند خروجِ نفْسِها لأنَّها ماتتْ أنَّها دعتْ اسمَه بن أوني، وأمّا أبوه فدعاه بنيامين. 35: 19 فماتتْ راحيلُ ودُفنتْ في طريقِ افراتة التي هي بيتُ لحمٍ. 35: 20 فنصبَ يعقوبُ عمودًا على قبرِها، وهو عمودُ قبرِ راحيل إلى اليومِ [تحريفاتٌ ممهورةٌ بتوقيعِ "عزرا" الكاتب، ويبدو أنَّ التحريفَ كان جسيمًا في كامل الإصحاح (35)؛ ما يُفسّرُ عدمَ ترابط أحداثِه. انظر الانقطاعَ في سفر التكوين (35: 22 وما بعد)] ".
إنَّ مجملَ ما يُمكن أن نستخلصَه مما سبقَ بخصوصِ "بيت إيل"، بعد تحييدِ تحريفاتِ "عزرا" الكاتبِ، هو التالي:
إبراهيمُ (أبرامُ) بنى مذبحًا لإلههِ "إيل" ودعاه "بيتَ إيل"، وهو أوّلُ مذبحٍ يبنيه لـ "إيل"، ثمَّ انتقلَ للإقامةِ في مكانٍ آخرَ (ربَّما بسببِ السيول التي تتجمّعُ في موقعِ "بيتِ إيل"). هربَ "يعقوبُ" من وجهِ أخيهِ ("عيسو")، ونزلَ في "بيتِ إيل" (عملًا بنصيحةِ أبيه "إسحاقَ" على ما يبدو)، فحلمَ بأنَّ هذه الأرضَ هي بابُ السَّماءِ وبيتُ اللهِ فأقامَ عمودًا من الحجارةِ أساسُه الحجرُ الذي نامَ عليه (نُرجّحُ أن يكونَ الحجرُ أسودَ اللونِ)، وسكبَ عليه زيتًا. وربَّما عادَ "يعقوبُ" لاحقًا وبنى المذبحَ الذي أقامَهُ "إبراهيمُ" أو جدَّدَ بناءَهُ.
والآن، سنتابعُ ما جرى في "بيت إيل"؛ لكن بعد انقطاعٍ عن المكان دامَ طوالَ قصةِ يوسفَ بنِ يعقوبَ ومدَّةِ الاستقرارِ في مصر (مصرايم.. التي في الجزيرة العربيّة)، ثمَّ الخروجِ مع "يهوه" و"موسى" وحربِ بني إسرائيل مع " العماليق ".. حتّى مدةِ "يشوع بن نون" وتقاسمِ الأراضي بالقرعة؛ لتضيعَ "بيتُ إيل" في القسمة بين سبطي بنيامين وأبناءِ يوسفَ (يشوع 16: 1 – 2 ويشوع 18: 11 – 13 و22). وهي قسمةٌ وهميّةٌ خلطَ فيها "عزرا" الكاتبُ مدنَ "العربيّةِ" بمدنِ "أرضِ فلسطين"، وأظهرَ في تحريفِه هذا أنَّ "بيتَ إيل" ليستْ "لوز" كما نلاحظ في سفر يشوع: "16: 1 وخرجتِ القرعةُ لبني يوسفَ من أردنِ أريحا إلى ماءِ أريحا نحوَ الشروقِ إلى البريةِ الصَّاعدةِ من أريحا في جبلِ بيتِ إيل. 16: 2 وخرجتْ من بيت إيل إلى لوز [من "بيتِ إيل" إلى "لوز"؛ أي موقعين مختلفين.. من.. إلى.. والحقيقةُ هي أنَّ "بيتَ إيل" في الجزيرةِ العربيّةِ، في حين أنَّ "لوز" في أرضِ فلسطين] وعبرتْ إلى تخم الأركيين إلى عطاروت...".
وبعد هذا التقاسمِ الوهميّ في عقل "عزرا" الكاتبِ كانتْ "بيتُ إيل" من حصّةِ سبط بنيامين! بحسب سفر يشوع: "18: 21 وكانت مدنُ سبطِ بني بنيامين حسبَ عشائرِهم اريحا وبيتَ حجلةٍ ووادي قصيص 18: 22 وبيتَ العربة وصمارايم وبيتَ إيل".
ولكنْ، ما أن نصلَ إلى سفرِ القضاة (1) حتّى تنتقلَ "بيتُ إيل" إلى بيتِ يوسفَ! نقرأ في سفر القضاة: "1: 21 وبنو بنيامين لم يطردُوا اليبوسيين سكانَ أورشليم فسكنَ اليبوسيُّون مع بني بنيامين في أورشليم إلى هذا اليوم [بدأنا بتوقيع "عزرا" الكاتب؛ فاستبشِروا تحريفًا..] 1: 22 وصعدَ بيتُ يوسف أيضًا إلى بيتِ إيل والربُّ معهم [بيتُ يوسف من دون تحديدِ الأسباط (منسى أم أفرايم)! بدأنا نشتمُّ رائحةَ التَّحريف..]. 1: 23 واستكشفَ بيتُ يوسفَ عن بيتِ إيل، وكان اسمُ المدينةِ قبلًا لوز [عدنا إلى لعبة لوز! وهل نسينا "مِن بيت إيل إلى لوز"؟ راجع: يشوع (16: 2) في الأعلى. أمَا مللتَ من التَّحريف يا "عزرا"؟!]. 1: 24 فرأى المراقبون رجلًا خارجًا من المدينةِ فقالوا لهُ أرِنا مدخلَ المدينةِ فنعمل معك معروفًا [وهل أنتم عميان حتى لا ترون مدخلَ المدينة؟!]. 1: 25 فأراهم مدخلَ المدينةِ [مشكورًا] فضربُوا المدينةَ بحدِّ السيفِ وأمّا الرجلُ وكلُّ عشيرتِه فأطلقُوهم [شاكرين]. 1: 26 فانطلقَ الرجلُ إلى أرضِ الحثيين [في فلسطين] وبنى مدينةً ودعا اسمَها لوز ["لوز" تاني! وهكذا وبتحريفٍ عجيبٍ من نوعه حلّتْ "بيتُ إيل" مكانَ "لوز" التي بُنيتْ من جديدٍ في مكانٍ آخرَ! دهاءٌ منقطعُ النَّظيرِ من طرف "عزرا" لتسويغِ تحريفاتِه المُتشابكةِ] وهو اسمُها إلى هذا اليومِ [وها قد انتهينا إلى توقيعِ "عزرا" الكاتبِ، فهل اكتفيتُم تحريفًا؟]".
نفهمُ ممَّا سبق، بعدَ تحييد تحريفاتِ "عزرا" الكاتبِ عن "بيتِ إيل" في الجزيرة العربيّة أنَّه -على الأغلب- قد أقامَ بها بنو يوسفَ بعدَ الخروجِ من مصرَ (مصرايم)؛ أو لنقلْ أقامَ "بيتُ يوسفَ" (بمعنى اليهودُ كلُّهم الخارجون من مصرايم) في "بيت إيل" أو قربَها؛ لكنَّها غدت قبلتَهم.
نقرأُ في سفر القضاة: "20: 18 فقامُوا وصعدُوا إلى بيتِ إيل وسألُوا اللهَ وقالَ بنو إسرائيل مَن يصعدُ منَّا أولًا لمحاربةِ بني بنيامين، فقالَ الربُّ يهوذا أولًا..... 20: 26 فصعدَ جميعُ بني إسرائيل وكلُّ الشعبِ وجاؤوا إلى بيتِ إيل وبكُوا وجلسُوا هناكَ أمامَ الربِّ وصامُوا ذلك اليومَ إلى المساءِ وأصعدُوا محرقاتٍ وذبائحَ سلامةً أمامَ الربِّ. 20: 27 وسألَ بنو إسرائيل الربَّ، وهناكَ تابوتُ عهدِ اللهِ في تلك الأيَّام، 28: 20 وفينحاس بن العازار بن هرون واقفٌ أمامَه في تلك الأيَّام، قائلين أأعودُ أيضًا للخروجِ لمحاربةِ بني بنيامين أخي أم أكفُّ، فقالَ الربُّ اصعدُوا لأنِّي غدًا أدفعُهم ليدك". وأيضًا قضاة: "21: 2 وجاءَ الشَّعبُ إلى بيتِ إيل وأقامُوا هناك إلى المساءِ أمامَ اللهِ ورفعُوا صوتَهم وبكُوا بكاءً عظيمًا". وأيضًا في سفر صموئيل الأول: "10: 3 وتعدُو من هناك ذاهبًا حتى تأتي إلى بلوطةِ تابور فيصادفك هناك ثلاثةُ رجالٍ صاعدُون إلى اللهِ إلى بيتِ إيل واحدٌ حاملٌ ثلاثةَ جداءٍ وواحدٌ حاملٌ ثلاثةَ أرغفةِ خبزٍ وواحدٌ حاملٌ زقَّ خمرٍ".
ولقد كانَ العماليق مقيمين بعد في تلك المنطقةِ في الجزيرة العربيّة حتّى أيّامِ "داود". سفر صموئيل الأول: "30: 17 فضربَهم داودُ من العتمةِ إلى مساءِ غدِهم ولم ينجُ منهم رجلٌ إلا أربعُ مئةِ غلامٍ الذين ركبُوا جمالًا وهربُوا. 30: 18 واستخلصَ داودُ كلَّ ما أخذَه عماليق وأنقذَ داودُ امرأتَيه. 30: 19 ولم يُفقَدْ لهُم شيءٌ لا صغيرٌ ولا كبيرٌ ولا بنون ولا بناتٌ ولا غنيمةٌ ولا شيءٌ من جميع ما أخذوا لهم بل ردَّ داودُ الجميعَ. 30: 20 وأخذَ داودُ الغنمَ والبقرَ. ساقوها أمامَ تلك الماشية وقالوا هذه غنيمةُ داودَ..... 30: 26 ولمَّا جاءَ داودُ إلى صقلغ أرسلَ من الغنيمةِ إلى شيوخ يهوذا إلى أصحابِه قائلًا هذه لكم بركةٌ من غنيمةِ أعداءِ الربِّ، 30: 27 إلى الذين في بيتِ إيل والذين في راموت الجنوب والذين في يتير.....".
ولكن، حين قررَ الملكُ "داودُ" دخولَ "شاليم" (أورشليم) والسيطرةَ عليها وبناءَ هيكلٍ فيها (هو بنى المذبح)، ثمَّ بنى الملكُ "سليمانُ" الهيكلَ -على ما يبدو- بضغطٍ من الكاهن "صادوق" ومشورتِهِ (الصادوقيون ينسبون إليه)، فقدتْ "بيتُ إيل" أهميتَها بوصفِها قبلةً، ونُقلَ تابوتُ العهدِ إلى هيكلِ سليمان، وكان ذلك أمرًا مُسهِمًا في انشقاقِ المملكةِ؛ فكلُّ جماعةٍ اختارتْ قبلتَها، وبات لبني إسرائيل ملكان: "رحبعام بن سليمان" ملكٌ على يهوذا، و"يربعام بن نباط" ملكٌ على إسرائيل.
سفر الملوك الأول: "12: 17 وأمّا بنو إسرائيل الساكنون في مدنِ يهوذا فملكٌ عليهم رحبعام. 12: 18 ثمَّ أرسلَ الملكُ رحبعام أدورام الذي على التسخيرِ فرجمَه جميعُ إسرائيلَ بالحجارةِ فماتَ، فبادرَ الملكُ رحبعام وصعدَ إلى المركبةِ ليهربَ إلى أورشليم. 12: 19 فعصى إسرائيلُ على بيتِ داودَ إلى هذا اليوم [هذا هو توقيع "عزرا" الكاتبِ. ونحن لا نعلم مدى فداحة تحريفه في هذا الإصحاح؛ لكننا قد نستطيعُ أن نكتشفَه. ولكنْ، يكفي أن نعلمَ بأنّ المدوَّنَ هنا هو من وجهةِ نظرِ الكهنوتِ الصادوقيِّ]... 12: 25 وبنى يربعام شكيم في جبلِ أفرايم وسكنَ بها، ثمَّ خرجَ من هناكَ وبنى فنوئيل. 12: 26 وقال يربعام في قلبِه الآنَ ترجعُ المملكةُ إلى بيتِ داودَ. 12: 27 إنْ صعدَ هذا الشعبُ ليقربُوا ذبائحَ في بيتِ الربِّ في أورشليم [وجهةُ نظرٍ صادوقيّةٌ] يرجعُ قلبُ هذا الشعبِ إلى سيِّدِهم إلى رحبعام ملكِ يهوذا ويقتلونِي ويرجعُوا إلى رحبعام ملكِ يهوذا. 12: 28 فاستشارَ الملك وعملَ عجلَي ذهبٍ [رمزُ "إيل" الثورُ] وقالَ لهم، كثيرٌ عليكم أن تصعدُوا إلى أورشليم، هوذا آلهتُك يا إسرائيل الذين أصعدُوك من أرضِ مصرَ [راجعْ قصّةَ "موسى" وهارون" والعجلِ الذهبيِّ وغضَبِ "يهوه"]. 12: 29 ووضعَ واحدًا في بيتِ إيل ["بيت إيل" = "بيت الله"] وجعلَ الآخرَ في دان. 12: 30 وكانَ هذا الأمرُ خطيةً [وجهةُ نظرٍ صادوقيّةٌ]، وكانَ الشَّعبُ يذهبون إلى أمامِ أحدِهما حتى إلى دان [هل "دان" هي "الطائفُ"؟]. 12: 31 وبنى بيتَ المرتفعاتِ [نظنُّ وجودَ خطأ في الترجمةِ هنا. والصحيحُ: "وبنى بيتَ المرتفعةِ " أو "وبنى البيتَ المرتفعةَ"؛ أي بنى "الكعبةَ". راجعْ معنى كلمةِ "الكعبةِ" وعلاقتِها بالمرتفعِ والمُرتفِعَة. وسنرمز إلى هذه الملاحظةِ عن خطأ الترجمةِ بالرمزِ (□)] وصيّرَ كهنةً من أطرافِ الشَّعبِ لم يكونُوا من بني لاوي [وهذا محرّمٌ من وجهةِ النَّظرِ الصادوقيّةِ]. 12: 32 وعملَ يربعام عيدًا في الشهر الثَّامن في اليوم الخامسِ عشَر من الشهرِ كالعيدِ الذي في يهوذا وأصعدَ على المذبح، هكذا فعلَ في بيتِ إيل ["بيت إيل" = "بيتَ الله" الذي أسسَهُ "إبراهيمُ" كما مرَّ معنا سابقًا] بذبحِه للعجلين اللذين عملَهما [رمزُ "إيل" الثورُ]، وأوقفَ في بيتِ إيل كهنةَ المرتفعاتِ [نصححُ: " المرتَفِعَة ".. "الكعبةَ".. عودةٌ إلى الرمز (□)] التي عملَها [وهكذا بات للكعبة كهنتُها وسدنتُها]. 12: 33 وأصعدَ على المذبحِ الذي عملَ في بيتِ إيل في اليوم الخامسِ عشَرَ من الشَّهرِ الثَّامن في الشَّهر الذي ابتدَعَهُ من قلبِه [من دون موافقةِ الكهنةِ الصادوقيّين] فعملَ عيدًا لبني إسرائيل وصعدَ على المذبح ليوقدَ".
ممَّا سبقَ نفهمُ أنَّ "يربعام بن نباط" (ملكُ "مملكةِ إسرائيل" بعد انقسامِ المملكةِ الموحَّدَةِ) هو من بنَى "الكعبةَ" (المرتفعةَ)، بوصفها هيكلَ المذبحِ الذي كان قد بناهُ إبراهيمُ في "بيتِ إيل"، ووضعَ فيها تمثالَ عجلٍ من ذهبٍ (رمزُ "إيل" الثورُ) وجعلَ لها كهنتَها وسدنتَها؛ لتكون "الكعبةُ" هيكلًا منافسًا هيكلَ "سليمان" في "أورشليم" التي في "مملكة يهوذا". إضافةً إلى كعبةِ الطَّائفِ (دان) وعجلِها الذهبيِّ، وهنا نظنُّ أنَّ "السَّامريَّ" (والعجلَ الذهبيَّ) المذكورَ في القرآن (سورة طه من 85 حتى 98) يُقصَدُ به "يربعام" (السامريُّ لأنَّه من السَّامرة "مملكةِ إسرائيل")، وقد خلطَتْ شخصيّتُه بشخصيّةِ "هارونَ" أخي "موسى" (إذ صنعَ "هارونُ" قبلًا عجلًا من ذهبٍ أيّامَ "يهوه". انظرِ: التوراة - سفر الخروج (32)، والقرآن - سورة البقرة من 51 حتى 54 و92 و93، وسورة طه من 88 حتى 98، وسورة الأعراف من 148 حتى 155).
وللمزيد عن وجهةِ النَّظر الصادوقيّةِ تجاه "بيتِ إيل" بوصفها قبلةً، انظرْ: سفرَ الملوك الأول (13) (مع ملاحظةِ وجوبِ تصحيحِ التَّرجمةِ من "المرتفعاتِ" إلى " المُرتفِعَة" في هذا الإصحاح، أيضًا عودة إلى الرمز (□)). والقصّةُ المُضحكةُ التي لا أسماء لأشخاصِها (رجلُ الله.. ونبيٌّ شيخٌ!) سوى "يربعام" و"يوشيا" الذي سيحققُ نبوءةَ "رجلِ الله" هذا بعدَ أجيالٍ وأجيالٍ (في سفر الملوك الثاني 23). والظاهرُ أنَّ كاتبَ سفرِ الملوك الأوّلِ (13) هو مَن حرّفَ سفرَ الملوكِ الثَّاني (23) ليتوافَقَ الإصحاحان. وربَّما كانت اليدُ الفاعلةُ هي يدُ "عزرا" الكاتبُ.
نتابعُ أحوالَ "بيتِ إيل" في أزمنةٍ لاحقةٍ بعدَ "إيليّا" (النبيّ "ألتشبّي")، والانقلابَ الذي قادَهُ "أليشع" (الغلامُ) بتحريضٍ من "مملكةِ يهوذا"؛ وعلى الأغلب بتوجيهٍ من الكهنةِ الصادوقيين. نقرأ في سفر الملوك الثَّاني: "10: 26 وأخرجُوا تماثيلَ بيتِ البعل وأحرقُوها 10: 27 وكسرُوا تمثالَ البعل ["هـ بعل": "هبل"] وهدمُوا بيتَ البعلِ وجعلُوه مزبلةً إلى هذا اليوم [التوقيعُ المعهودُ لكي لا ننسى أنَّنا نقرأُ وجهةَ النَّظر الصادوقيّةَ بإشرافِ "عزرا" الكاتبِ]، 10: 28 واستأصلَ ياهو البعلَ من إسرائيلَ. 10: 29 ولكنَّ خطايا يربعام بن نباط الذي جعلَ إسرائيلَ يخطِئ [وجهةُ نظرٍ صادوقيّةٌ] لم يحدْ ياهو عنها أي عجولِ الذهبِ [رمزُ "إيل" الثَّورُ] التي في بيتِ إيل والتي في دان."
أمّا عند سقوطِ "مملكةِ إسرائيل" (عاصمتُها "السامرة") بيد "سرجون الثاني" عام (721) ق. م في السَّبي الآشوري، فنقرأُ ما حلّ بـ "بيت إيل"؛ ولكن من وجهةِ نظرٍ صادوقيّةٍ:
سفر الملوك الثاني: "17: 22 وسلكَ بنو إسرائيلَ في جميعِ خطايا يربعام التي عملَ، لم يحيدُوا عنها 17: 23 حتى نحّى الربُّ إسرائيلَ من أمامِه كما تكلَّمَ عن يدِ جميعِ عبيدِه الأنبياءِ [وجهةُ نظرٍ صادوقيّةٌ]. فسُبِي إسرائيلُ من أرضِه إلى آشور إلى هذا اليوم [توقيعُ "عزرا" الكاتبِ] 17: 24 وأتى ملكُ آشور [من دون ذكرِ اسمِه بعد أنْ حذفَه "عزرا" الكاتبُ كما بيّنا سابقًا.. وهو "سرجون الثاني"] بقومٍ من بابل وكوث وعوّا وحماة وسفروايم [تحريفاتٌ بأسماءِ الأقوامِ من طرف "عزرا" الكاتبِ كما بيّنا سابقًا] وأسكنَهم في مدنِ السَّامرةِ عوضًا عن بني إسرائيل فامتلكُوا السامرةَ وسكنُوا في مدنِها. 17: 25 وكان في ابتداءِ سكنِهم هناك أنَّهم لم يتَّقُوا الربَّ فأرسلَ الرَّبُّ عليهم السباعَ فكانت تقتلُ منهم. 17: 26 فكلَّمُوا ملكَ آشور قائلين، إنَّ الأممَ الذين سبيتَهم وأسكنتَهم في مدن السَّامرة لا يعرفون قضاءَ إلهِ الأرضِ فأرسلَ عليهم السباعَ فهي تقتلُهم لأنَّهم لا يعرفون قضاءَ إلهِ الأرض. 17: 27 فأمرَ ملكُ آشور قائلًا ابعثُوا إلى هناك واحدًا من الكهنةِ الذين سبيتُمُوهم من هناك فيذهبُ ويسكنُ هناك ويعلّمُهم قضاءَ إلهِ الأرضِ. 17: 28 فأتى واحدٌ من الكهنة [من دون ذكرِ اسمِه] الذين سبوهم مِنَ السَّامرة وسكنَ في بيتِ إيل وعلَّمَهم كيف يتّقون الربَّ. 17: 29 فكانتْ كلُّ أمّةٍ تعملُ آلهتَها ووضعُوها في بيوتِ المرتفعاتِ التي عملَها السامريون كلّ أمّة في مدنِها التي سكنتْ فيها".
أمَّا أسماءُ الأقوامِ الموطَّنةِ في السامرةِ الصَّحيحةُ (و"بيتُ إيل" تقعُ في "السامرة" أو "مملكة إسرائيل") فنأخذُها من سجلاتِ الآشوريين. نقرأُ في نصٍّ لصارغون الثاني (سرجون 2): "بناءً على نبوءةٍ صادقةٍ من إلهي آشور، سرتُ وقهرتُ قبائلَ ثمود وأبادي ومارسيمانو وحاييبا؛ العربَ الذين يعيشون بعيدًا في الصَّحراءِ، الذين لا يعرفون البحارَ ولا الرؤساء، ولم يأتوا بجزيتِهم لأيّ ملك. لقد أبعدتُ من بقي منهم حيًا وأسكنتُهم في السامرة ".
بعدَ هذا حدثَ في "مملكةِ يهوذا"، وفي أيّامِ الملكِ "يوشيا"، أنْ زعمَ "حلقيا" كبيرُ الكهنةِ (الصادوقيُّ) أنَّهم وجدوا سفرَ الشَّريعةِ في بيتِ الرَّب في "أورشليم". وبحجّةِ هذا السَّفر وما كُتبَ فيه قامَ الملكُ "يوشيا" بحملةٍ في مواجهةِ العباداتِ جميعِها التي انتشرتْ في "مملكة يهوذا" و"السامرة".. حملةٍ طالتْ "بيتَ إيل".
سفر ملوك الثاني:"23: 1 وأرسلَ الملكُ فجمعُوا إليه كلَّ شيوخ يهوذا وأورشليم. 23: 2 وصعدَ الملكُ إلى بيتِ الربِّ وجميعُ رجالِ يهوذا وكلُّ سكانِ أورشليم معهُ والكهنةُ والأنبياءُ وكلُّ الشعبِ من الصَّغيرِ إلى الكبيرِ وقرأَ في آذانِهم كلَّ كلام سفر الشريعةِ الذي وُجِد في بيتِ الربِ. 23: 3 ووقفَ الملكُ على المنبرِ وقطعَ عهدًا أمامَ الربِّ للذهابِ وراءَ الرَّبّ ولحفظِ وصاياه وشهاداتِه وفرائضِه بكلّ القلبِ وكلِّ النفس لإقامةِ كلامِ هذا العهدِ المكتوبِ في هذا السفر، ووقفَ جميعُ الشَّعبِ عند العهدِ. 23: 4 وأمرَ الملكُ حلقيا الكاهنَ العظيمَ وكهنةَ الفرقةِ الثانيةِ وحرَّاسَ البابِ أنْ يخرِجُوا من هيكلِ الرَّبِّ جميعَ الآنيةِ المصنوعةِ للبعلِ وللسَّاريةِ ولكلِّ أجنادِ السَّماءِ وأحرقَها خارجَ أورشليم في حقولِ قدرون وحملَ رمادَها إلى بيتِ إيل. 23: 5 ولاشى كهنةَ الأصنامِ الذين جعلَهم ملوكَ يهوذا ليوقدُوا على المرتفعاتِ في مدنِ يهوذا وما يحيطُ بأورشليم والذين يوقدون للبعلِ للشمسِ والقمرِ والمنازلِ ولكلِّ أجنادِ السماء... 23: 13 والمرتفعاتُ التي قبالةَ أورشليم التي عن يمينِ جبلِ الهلاكِ التي بناها سليمانُ ملكُ إسرائيلَ لعشتورث رجاسةِ الصيدونيين ولكموش رجاسةِ الموآبيين ولملكوم كراهةِ بني عمون نجّسَها الملكُ [تحريفُ "عزرا" الكاتبِ باستبدال "العمونيِّين" أو "بني عمون" بـدل "المعونيّين". انظرْ: بحثَنا التالي: "فكُّ الطلسم الجغرافي.. ما بين الحقيقي والمحرّف والخرافي"]. 23: 14 وكسّرَ التَّماثيلَ وقطّعَ السواري وملأ مكانَها من عظام الناس. 23: 15 وكذلك المذبح الذي في بيتِ إيل في المرتفعة [عودة إلى الرمز (□) .. "المرتفعة" "المرتفعة" هذه هي الترجمةُ الصحيحةُ تُظهِرُ: "المرتفعة".. "الكعبة".. راجعْ معنى كلمةِ "الكعبة" وعلاقتِها بالمرتفع والمرتفعة] التي عملَها يربعام بن نباط الذي جعلَ إسرائيل يخطئ [وجهةُ نظرٍ صادوقيّةٌ] فذانك المذبحُ والمرتفعةُ هدمَها وأحرقَ المرتفعةَ وسحقَها حتى صارتْ غبارًا [هدمَ الكعبةَ! الملكُ "يوشيا" أوّلُ من هدم الكعبةَ؛ لكن سيُعادُ إعمارُها كما جرى في المرَّات التاليةِ لهدمِها أو انهدَامِها] وأحرقَ السارية. 23: 16 والتفتَ يوشيا فرأى القبورَ التي هناك في الجبلِ فأرسلَ وأخذَ العظامَ من القبورِ وأحرقَها على المذبحِ ونجَّسَه حسبَ كلام الربِّ الذي نادى بهِ رجلَ الله الذي نادى بهذا الكلام. 23: 17 وقالَ ما هذهِ الصوة التي أرى، فقال له رجالُ المدينةِ هي قبرُ رجلِ الله الذي جاءَ من يهوذا ونادى بهذه الأمورِ التي عُملتْ على مذبح بيتِ إيل. 23: 18 فقالَ دعوه، لا يحركنَّ أحدٌ عظامَه، فتركوا عظامَه وعظامَ النبيِّ الذي جاءَ من السَّامرة [تحريفٌ ليُطابِقَ سفرَ الملوك الأول (13). وهي وجهةُ نظرٍ صادوقيّةٌ]. 23: 19 وكذا جميعُ بيوتِ المرتفعات التي في مدنِ السَّامرة التي عملَها ملوكُ إسرائيل للإغاظةِ أزالَها يوشيا وعملَ بها حسبَ جميعِ الأعمالِ التي عملَها في بيتِ إيل. 23: 20 وذبحَ جميعَ كهنةِ المرتفعاتِ التي هناك على المذابحِ وأحرَقَ عظامَ النَّاسِ عليها ثمَّ رجعَ إلى أورشليم 23: 21 وأمرَ الملكُ جميعَ الشَّعب قائلًا اعملُوا فصحًا للربِّ إلهُكم كما هو مكتوبٌ في سفر العهد هذا. 23: 22 إنَّه لم يُعملْ مثل هذا الفصحِ منذُ أيامِ القضاةِ الذين حكمُوا على إسرائيل ولا في كلِّ أيامِ ملوكِ إسرائيل وملوك يهوذا، 23: 23 ولكنْ في السَّنة الثامنةِ عشْرة للملك يوشيا عُمِلَ هذا الفصحُ للربِّ في أورشليم، 23: 24 وكذلك السحرةُ والعرافون والترافيم والأصنامُ وجميعُ الرّجاسات التي رُئِيتْ في أرضِ يهوذا وفي أورشليم أبادَها يوشيا ليقيمَ كلامَ الشَّريعةِ المكتوبَ في السّفر الذي وجدَه حلقيا الكاهنُ [الصادوقيُّ] في بيتِ الرَّب. 23: 25 ولم يكن قبلَه ملكٌ مثله قد رجعَ إلى الرَّبِ بكل قلبِه وكلِّ نفسه وكلِّ قوتِه حسَبَ كلِّ شريعةِ موسى وبعدَه لم يقمْ مثله [وجهةُ نظرٍ صادوقيّةٌ]."
وهكذا، نظنُّ أنّه بعدَ ما فعل َ"يوشيا" (قرابةَ عام 621 ق. م) بالكعبة (المرتفعة) التي في "بيت إيل" قد باتتِ الأرضُ حولَها أشبهَ بأرضِ المبكى (نسبةً إلى حائط المبكى المعروفِ حاليًّا)؛ فكلُّ مَن كان يرى في "بيتِ إيل" قبلتَه كان لابد من أنْ يبكي تهدُّمَ "الكعبةِ" (المرتفعةِ). فباتتْ أرضُ "بيتِ إيل"، أو "بيتِ الله"، أو ما حولَ "الكعبة" (المرتفعة) أرضَ المبكى.. بكّة.. مكّة.
ونتركُ للقارئ الباحثِ موازنَةَ النتائجِ التي توصّلنا إليها حول "بيتِ إيل" (بيتِ الله) بما ذُكر عن تاريخ "بكّة" (مكّة) في المصادرِ القديمة عن النقاط التالية:
في الجزيرة العربيّة.. بناها "إبراهيمُ" وهي أوّلُ مذبحٍ بناه.. الحجرُ الأسودُ (حجر يعقوب).. العماليق.. "الكعبةُ" "المرتفعةُ".. قومُ ثمود..
وسننهي بحثَنا هذا بجملةٍ كتبناها في بداية هذا الفصل: "لتظلَّ للبحوث التي سيقوم بها غيرُنا من الباحثين المهتمين الكلمةُ الفصل".
هذا المقال هو الفصل الأخير (بتصرف) من كتابي: صراع الكهنة.. من آخر عصر جليدي حتى محمد:
https://docs.google.com/document/d/1oRE5BDFrLYyt1gt27bldDR1N6tyARxP5HxCu1f3CDgk/edit?usp=sharing
#يهوذا_الأسخريوطي (هاشتاغ)
Judas_Ascariot#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الله هو هو إيل الثور
-
القرآن هو ترجمة إنسان.
-
المتاهة الكبرى في ( اليهوديه - المسيحيه - المندائيه – الاسلا
...
المزيد.....
-
سلسلة بشرية في غزة لإخماد نيران اندلعت بخيام نازحين بعد قصف
...
-
تهديدات بوتين النووية -تكتيك متكرر- يهدف لردع الغرب وليس إعل
...
-
قوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن تسيطر على مواقع
...
-
-إس-400- في مقدّمة الملفات.. بوتين يزور نيودلهي لتعزيز الشرا
...
-
أوروبا تجيز بيع الأغذية المعدلة جينياً دون ملصقات خاصة
-
وفد من مجلس الأمن يزور سوريا لأول مرة بعد سقوط حكم الأسد
-
محادثات مباشرة بين مسؤولين إسرائيليين ولبنانيين مدنيين.. ونو
...
-
أستراليا تحجب المنصات: لا فيس بوك ولا إنستاغرام قبل السادسة
...
-
ميتا تبدأ بحذف حسابات الأطفال دون 16 عاما في أستراليا من على
...
-
صحافة عالمية: وزيرة إسرائيلية تطالب بقصف فلسطينيين بطائرات إ
...
المزيد.....
-
معجم الأحاديث والآثار في الكتب والنقدية – ثلاثة أجزاء - .( د
...
/ صباح علي السليمان
-
ترجمة كتاب Interpretation and social criticism/ Michael W
...
/ صباح علي السليمان
-
السياق الافرادي في القران الكريم ( دار نور للنشر 2020)
/ صباح علي السليمان
-
أريج القداح من أدب أبي وضاح ،تقديم وتنقيح ديوان أبي وضاح /
...
/ صباح علي السليمان
-
الادباء واللغويون النقاد ( مطبوع في دار النور للنشر 2017)
/ صباح علي السليمان
-
الإعراب التفصيلي في سورتي الإسراء والكهف (مطبوع في دار الغ
...
/ صباح علي السليمان
-
جهود الامام ابن رجب الحنبلي اللغوية في شرح صحيح البخاري ( مط
...
/ صباح علي السليمان
-
اللهجات العربية في كتب غريب الحديث حتى نهاية القرن الرابع ال
...
/ صباح علي السليمان
-
محاضرات في علم الصرف ( كتاب مخطوط ) . رقم التصنيف 485/252 ف
...
/ صباح علي السليمان
-
محاضرات في منهجية البحث والمكتبة وتحقيق المخطوطات ( كتاب مخط
...
/ صباح علي السليمان
المزيد.....
|