أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - ترامب يواجه الإخوان… ولكن هل يمكن إصلاح ما أفسدوه














المزيد.....

ترامب يواجه الإخوان… ولكن هل يمكن إصلاح ما أفسدوه


حميد زناز

الحوار المتمدن-العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 04:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طالما قدّمت جماعة الإخوان المسلمين نفسها في صورة الضحية، متظاهرة بأنها بعيدة عن الحركات الجهادية، وملقية باللوم على الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية باعتبارها “صانعة الإرهاب” في العالم العربي–الإسلامي. غير أنّ هذه الرواية انهارت مع تراكم الأدلة، وجاء الرد الأميركي بعد سنوات من التغاضي عبر تقارير موثّقة تكشف حقيقة الجماعة وطبيعتها العنيفة، وتصنّفها ضمن أخطر التنظيمات العابرة للحدود.

يصبح من الملحّ طرح الأسئلة الحاسمة: هل يشكّل الإخوان تهديدًا عالميًا؟ ما مدى نجاحهم في اختراق المجتمعات؟ وما الذي يمكن فعله لإصلاح الخراب الفكري الذي تركوه؟

أمضت الجماعة عقودًا في تقديم وجهين متناقضين: وجه عصري مطمئن موجّه للسلطات والرأي العام، ووجه راديكالي صدامي موجّه للداخل التنظيمي. هذا الازدواج سمح لهم بخداع كثير من المراقبين في الغرب، واكتساب ثقة مؤسسات سياسية لم تكن تدرك أنّ الجماعة تعمل، في الخفاء، على تقويض أسس الدولة المدنية وقيم المواطنة. لم تعد الجماعة اليوم بحاجة إلى تصدير الجهاديين من الشرق الأوسط؛ فقد أصبح التطرف ظاهرة محلية في أوروبا نفسها. تقدّر الاستخبارات الفرنسية مثلًا وجود أكثر من 8000 شخص مصنّفين كمتطرفين، وفي النمسا أكثر من 1000، معظمهم من أبناء البيئة الأوروبية، تأثروا بشكل مباشر أو غير مباشر بخطاب الإخوان وشبكاتهم الدعوية.

على مدى العقدين الماضيين، استثمرت الجماعة في تكوين نشطاء معادين للعلمانية في الغرب. ففي مؤتمر بون سنة 2002 — الذي شارك فيه رموز الأصولية مثل طارق رمضان وإبراهيم الزيات — كان الهدف الظاهر هو “تعليم المسلمين في أوروبا”، أما الهدف الحقيقي فكان إعداد قاعدة اجتماعية مغلقة قادرة على مقاومة المناهج الحديثة، واستبدال قيم الدولة المدنية بمنطق ديني شمولي، تمهيدًا لإعادة تشكيل المجتمع من الداخل.

حقن الإخوان الوعي العربي–الإسلامي المعاصر بفكرة الخلافة باعتبارها مشروعًا مقدسًا ضائعًا يجب استعادته. ملايين الشباب دفعوا ثمن هذا الوهم، إذ تحوّلت فكرة الخلافة إلى عقدة نقص حضاري جعلت المسلم يشعر بأنه شخصيًا مسؤول عن «انهيار الأمة» و«سقوط الإسلام»، وأن هناك «آخرَ» — دولًا أو حكومات — يتآمر على الإسلام لمنعه من قيادة العالم. هذا الخطاب أنتج حالة من الهشاشة النفسية، وسهّل استقطاب الآلاف نحو العنف.

ومن رحم هذا المشروع الأيديولوجي تفرّعت معظم الحركات الجهادية المعاصرة، من القاعدة إلى النصرة وصولًا إلى داعش، التي ليست سوى التطرف وقد بلغ ذروته بعد عقود من التحضير الفكري الذي أنجزته الجماعة الأصلية.



في هذا السياق، تبدو رغبة الرئيس الأميركي في تصنيف الإخوان منظمة إرهابية خطوة في الاتجاه الصحيح، بل خطوة ضرورية، لأنها تعترف أخيرًا بأنّ الخطر ليس في “أعمال العنف المباشرة” فقط، بل في البنية الفكرية التي تنتج العنف وتعيد إنتاجه. الاعتراف الدولي بخطورة الجماعة يمثّل بداية مهمة لكبح قدرتها على التمدد تحت غطاء الجمعيات الثقافية والخيرية والدينية.

ولكن حظر الجماعة وحده لا يكفي. الخطر الحقيقي يكمن في الإرث الفكري والثقافي الذي تركته. وإصلاحه يتطلب خطة طويلة النفس تبدأ بإصلاح جذري للمناهج التعليمية، وتكوين المعلمين تكوينًا حداثيًا يمنع إعادة إنتاج خطاب الضحية والمؤامرة والخلافة، إضافة إلى تنقية الإعلام من القاموس الإخواني المليء بالشحنات الأيديولوجية، وإعادة بناء الوعي المدني على قيم المواطنة والعقلانية وحرية الإنسان.

إن مواجهة الإخوان ليست مجرد معركة أمنية، بل هي معركة وعي. ولن يكون ممكنًا تنظيف المحيط الثقافي والحياتي من آثار خطاب الجماعة إلا بإعادة تكوين العقل العربي–الإسلامي من جديد، وكسر الحلقة النفسية التي تربط القداسة بالدولة، والانتماء بالطاعة، والدين بالمشروع السياسي.

وفي نهاية المطاف، يبقى السؤال المحوري: كيف يمكن للرئيس الأميركي أن يصنّف جماعة الإخوان حركة إرهابية، بينما هو صديق من يمولون هذه الحركة ويضمنون استمرار نفوذها؟

الإجابة، كما تقول أغنية بوب ديلان الشهيرة: “تتطاير في الهواء”، ضائعة بين المصالح والتحالفات والمواقف المتناقضة.



#حميد_زناز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رهاب الحرية أصل الأصولية
- ميشال فوكو في طهران: حين يعانق الفكر جلاده
- إلى متى نتجاهل الفيلسوف السعودي عبدالله القصيمي
- أنا أو الطوفان.. وجه أردوغان الحقيقي
- في استحالة النصر العسكري اليوم
- ماذا تبقى من جان ماري لوبان
- هل خوفًا من -ما بعد الأسد- تريدون سوريا ما قبل الأسد.. إلى ا ...
- لماذا سيفوز دونالد ترامب على كامالا هاريس
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
- لا حل في حل البرلمان.. فرنسا نحو المجهول
- لهذه الأسباب سيحكم حزب مارين لوبان فرنسا
- مؤسسة تكوين/ الازهر ذراع داعش الايديولويجية
- الأمم المتحدة: لماذا تعادي العلمانية
- سقوط الغرب.. ذلك الوهم المزمن
- كيف يتفلسف اليابانيون
- الغرب.. المرض العضال للشرق الإسلامي
- الفريق الوطني الجزائري، ذلك الفشل المبرمج
- لماذا نحن شعوب انتحارية تمجّد الموت ؟
- ما يؤخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة .. تلك الاكذوبة الكبرى
- رسالة من المثقفين العرب إلى مثقفي الغرب.. سطحية و أصولية مست ...


المزيد.....




- بابا الفاتيكان يدعو اللبنانيين إلى السير في -طريق المصالحة ا ...
- تركيا أولا.. ما سر زيارة بابا الفاتيكان الجديد إلى أنقرة؟
- الرئيس بزشكيان يدعو لتعزيز العلاقات والتكامل الاستراتيجي بين ...
- الأنبا إبراهيم إسحق يشارك في اللقاء الرسمي لبابا الفاتيكان ب ...
- بابا الفاتيكان للبنانيين: أنتم شعب لا يستسلم ويصمد أمام الصع ...
- بعد تكهنات بتقديم نسخة من القرآن.. بري يهدي كتابا عن وجود ال ...
- بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر يبدأ زيارة تاريخة إلى لبنان
- الرئيس اللبناني خلال استقباله لبابا الفاتيكان: أبلغوا العالم ...
- قوات الاحتلال تحتجز مواطنة غرب سلفيت
- بابا الفاتيكان يصل إلى لبنان في زيارة تستمر 48 ساعة


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - ترامب يواجه الإخوان… ولكن هل يمكن إصلاح ما أفسدوه