أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد السهلي - المشهد الحزبي الصهيوني قبيل «الطوفان».. وبعده















المزيد.....



المشهد الحزبي الصهيوني قبيل «الطوفان».. وبعده


محمد السهلي

الحوار المتمدن-العدد: 8535 - 2025 / 11 / 23 - 14:12
المحور: القضية الفلسطينية
    


المركز الفلسطيني
للتوثيق والمعلومات - «ملف»

المشهد الحزبي الصهيوني قبيل
«الطوفان».. وبعده

محمد السهلي
مدير المركز الفلسطيني للتوثيق
والمعلومات - «ملف»
■ مقدمة
1- المشهد الحزبي عقب إنتخابات 2022
2- الحكومة السادسة: صفقات وتداعيات
3- أجندة نتنياهو «الدولانية»
4- «ماراثون» تشريع في الكنيست
5- جدل في الكنيست .. مواجهات في الشارع
6- هستيريا «الوحدة» في وجه «الطوفان»
7- صراعات وطموحات في «غرفة العمليات»
8- «الديمقراطيون» وسؤال عودة «اليسار الصهيوني»
9- في الطريق إلى الكنيست الـ26
■ ثبت بالمراجع





























مقدمة
■ تتابع هذه الدراسة تطورات المشهد الحزبي والسياسي الصهيوني في إسرائيل منذ تنصيب حكومة نتنياهو السادسة- 29/12/2022، حتى توقيع إتفاق وقف إطلاق النار في غزة- 10/10/2025، مبتدئة باستعادة المشهد الذي أفرزته إنتخابات الكنيست الـ25 - 1/11/2022.
■ يتأكد في سياق رصد تطورات المشهد الحزبي الإسرائيلي، فشل المحاولات التي بذلتها إدارة المشروع الصهيوني على امتداد العقود الماضية، في صهر المهاجرين اليهود القادمين إلى فلسطين من شتى أصقاع الأرض في بوتقة «الخصوصية اليهودية» و«وحدة التاريخ والمستقبل»، في معرض السعي لإنتاج دولة الحداثة والرفاه والديمقراطية، كــ«واحة في صحراء التخلف والقمع والديكتاتورية»، كما دأب الخطاب الصهيوني على ترداده في سياق تسويق الدولة العبرية وتطبيع وجودها في المنطقة العربية. وقد جاء تأكيد هذا الفشل على لسان قادة سياسيين ومراكز بحث ومنظمات حقوقية في إسرائيل ذاتها، في ظل إحتدام الصراع في الشارع الإسرائيلي حول «الخطة الإصلاحية» التي طرحها الائتلاف الحاكم.
■ أحدث هجوم «طوفان الأقصى» إنقلاباً في أجندة نتنياهو وحكومته، التي كانت قد أكملت شهرها التاسع قبل أسبوع من وقوع الهجوم، فاضطر إلى تجميد خطته الإصلاحية تحت وطأة المباغته غير المتوقعة، التي عجزت المؤسسة الأمنية عن إيجاد تفسير لها، مع نجاح المقاومة الفلسطينية في اختراق التحصينات المتطورة، وتمكنها من تنفيذ عمليات عسكرية ناجحة في عشرات المواقع العسكرية الإسرائيلية. كما وضع «الطوفان» الإسرائيليين أمام أسئلة كبرى تشكك بقدرة الجيش الأقوى في المنطقة على حمايتهم.
■ وإذا كانت ردَّات الفعل على «طوفان الأقصى»- 7/10/2023، قد كشفت أكثر من أي وقت مضى موقع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة كشريك فعلي في جرائم الإحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، فإنها كشفت أيضاً أن العلاقات ما بين الأحزاب الصهيونية باتت قائمة - أكثر من أي وقت مضى - على ثنائية «الوحدة» في وجه الطموحات الوطنية الفلسطينية، وعلى الصراع في سياق تنازع الفرص للتموضع على منصة القيادة في حالة الحرب، كما في حالة «السلم» على حد سواء.
■ وتكشف متابعة تطورات المشهد الحزبي والسياسي الصهيوني في إسرائيل أيضاً، أن الانزياح المضطرد نحو اليمين في صفوف الأحزاب والمجتمع الإسرائيليين قد وصل ذروة غير مسبوقة بوصول الأحزاب والتيارات الدينية المتطرفة إلى سدة الحكم بخطابها العنصري القائم على التطهير العرقي، فيما يرى نتنياهو في عودته إلى الحكم ومعه عتاولة اليمين والعنصرية فرصة ثمينة لتحقيق «الإنتصار المطلق»(!) على المشروع الوطني الفلسطيني■
(1)
الخريطة الحزبية عقب إنتخابات 2022
• رأس حربة التطرف والعنصرية
■ حصلت أحزاب معسكر نتنياهو بنتيجة إنتخابات الكنيست الـ25- 1/11/2022، على 64 مقعداً، بزيادة 12 مقعداً، عما كان لها في الكنيست السابق - 52 مقعداً. وقد صَبَّت هذه الزيادة في صالح 3 قوائم: «الصهيونية الدينية»: + 8، من 6 إلى 14؛ «الليكود»: + 2، من 30 إلى 32؛ «شاس»: + 2، من 9 إلى 11؛ فيما حافظ «يهودوت هتوراة» على مقاعده السبعة.
• بعد الإنتخابات وتنفيذاً لاتفاق بينها، إنفرط عقد تحالف «الصهيونية الدينية» إلى مكوناتها الأساسية الثلاثة:
1- حزب «الصهيونية الدينية»: وهو الأسم الذي تبناه حزب «تكوما/الإتحاد القومي»، الذي تأسس عام 1999، وترأسه أوري أريئيل على مدى عقدين/ 1999-2019، قبل أن يتنحى ويحل مكانه بتسلئيل سموتريتش. تشكل الحزب من تيارات يمينية متطرفة جداً، مثل حزب «موليدت» ترأسه الوزير السابق رحبعام زئيفي، وحزب «حيروت»، منشق عن الليكود، وشكلوا معاً «الإتحاد القومي»، الذي يعبر عن «التيار الحردلي»، وهو تيار ديني متزمت جداً، يستند إلى التوراة كمصدر تشريع شبه وحيد، وهو معادٍ لقيم الحداثة والمساواة واحترام الآخر ويرفض الإختلاط بين الجنسين.
يطالب الحزب بإلغاء إتفاق أوسلو، ويرفض قيام دولة فلسطينية ويعارض تجميد بناء المستوطنات، ويدعو إلى طرد الفلسطينيين من «أرض إسرائيل»، وإلى فرض السيادة والحكم الإسرائيلي على كامل أرض فلسطين. له 7 مقاعد في الكنيست.
2- حزب «عوتسما يهوديت»/«قوة، أو عظمة يهودية»: تأسس في العام 2004 على يد باروخ مرزل، وهو إرهابي إسرائيلي من أتباع حركة «كاخ»، وكان مرزل رئيس كتلتها في الكنيست، ثم ترأس الحركة بعد إغتيال مئير كهانا، زعيمها الأول- 5/11/1990. وبعد حظر الحركة، ثم تلاشيها، تأسس حزب «قوة يهودية» كإعادة إنتاج لـ «كاخ»، ويترأسه اليوم العنصري إيتمار بن غڤير.
يعتقد الحزب أنه «بحكم وعد الله لشعب إسرائيل، فإن أرض إسرائيل وجميع مناطقها المحددة في التوراة، هي ملك لشعب إسرائيل لجميع أجيالها.. ولا يحق لأي زعيم أو جيل التنازل عن الوطن». ويدعو إلى إعدام المقاومين الفلسطينيين، ويرفض إطلاق سراح أسرى حتى ضمن صفقات تبادل، وينادي بفرض السيادة اليهودية على المسجد الأقصى. له 6 مقاعد في الكنيست.
3- حزب «نوعام»: حزب ديني صهيوني متزمت جداً، تأسس في العام 2019، برئاسة آڤي ماعوز. ينظر قادة الحزب إلى التيارات اليهودية غير الأرثوذكسية، التي ينتمي إليها الغالبية العظمى من يهود الولايات المتحدة، على أنها عدو اليهودية وإسرائيل، ويعتبر أن «مكافحة تأثيرات التيار الإصلاحي» في الوسط اليهودي إحدى المهمات المركزية الملحة على جدول أعمال الحزب. ويعارض إلتحاق النساء اليهوديات بالجيش، على أساس أن المساهمة الأكبر للنساء في إسرائيل هي أن «يتزوجن بمشيئة الله ويقمن عائلة». له مقعد واحد في الكنيست.
• «حكومة العام الواحد» .. إلى المعارضة
■ إنعكس سوء أداء الحكومة الـ 36، أي حكومة بينيت - لبيد، وتناقض مواقف أطرافها على حصيلة نتائج مكوناتها في إنتخابات الكنيست الـ25. فعلى الرغم من حصول حزب «يوجد مستقبل» بزعامة يئير لبيد على 7 مقاعد إضافية عما كان له في الكنيست السابق، إرتفعت مقاعده من 17 إلى 24؛ إلا أن «ميرتس» خسر مقاعده الـ6 لعدم تجاوزه نسبة الحسم، وتراجع «العمل» بـ 3 مقاعد، من 7 إلى 4؛ كما تراجع مكونا «المعسكر الوطني»/«كاحول لاڤان» و«أمل جديد»، بمقعدين، من 14 إلى 12؛ و«إسرائيل بيتنا» بمقعد واحد، من 7 إلى 6، فيما تلاشت مقاعد« يمينا» الـ 7 باختفائه. أي أن مقاعد «كتلة التغيير»، التي شكلت الحكومة السابقة، حكومة بينيت – لبيد، وحكمت لعام واحد فقط، زادت 7 مقاعد لصالح حزب لبيد، لكنها خسرت في الوقت نفسه 19 مقعداً، بصافي خسارة مقدارها 12 مقعداً، فتراجعت من 58 إلى 46 مقعداً.
• الأحزاب العربية .. من التعاون إلى التنافس
■ قبيل إنتخابات الكنيست الـ25، إتفقت المكونات الثلاثة لـ «القائمة المشتركة»: «الجبهة» + «العربية للتغيير» + «التجمع»، على إعادة تشكيل القائمة- 14/9/2022. لكن خلافات تتعلق بتقاطع التصويت في الكنيست مع الكتل البرلمانية الصهيونية، أدت إلى عدم إكتمال هذه الخطوة. وخاضت «الجبهة» و«حركة التغيير» الإنتخابات في قائمة، بينما خاضها «التجمع» لوحده في قائمة أخرى، وكذا الأمر بالنسبة لـ «العربية الموحدة»، ما يعني إنتقال هذه القوائم من التعاون في استقطاب الصوت العربي وعدم تسربه إلى الأحزاب الصهيونية، أو حتى إنكفائه، إلى حالة معاكسة من التنافس فيما بينها على هذا الصوت.
بالنتيجة: حصل تحالف «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» و«الحركة العربية للتغيير» على 5 مقاعد، و«القائمة العربية الموحدة» على 5 مقاعد، بزيادة مقعد واحد. يشار إلى أن عدد مقاعد القوائم العربية في جولتي الإنتخابات الـ24 والـ25 بقي كما هو 10 مقاعد، مع فارق مهم ومؤثر هو خروج «التجمع» من عضوية الكنيست لعدم تجاوزه نسبة الحسم في الإنتخابات المذكورة■

(2)
الحكومة السادسة .. صفقات وتداعيات
[■ 46 يوماً فَصلت ما بين تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة الإسرائيلية السابعة والثلاثين- 13/11/2022، وما بين أدائها اليمين الدستورية في الكنيست- 29/12/2022 تدشيناً لولاية حكومة نتنياهو السادسة. وهو وقت طويل وفقاً لتقديرات نتنياهو الذي توقع تشكيلها خلال 15 يوماً على الأكثر، على اعتبار أنها ائتلاف مع أحزاب معسكره فقط، وهي المرة الأولى التي تنحصر بهم عضوية حكومة برئاسته:]
• برنامج الضم والتطهير العرقي والتزمت الديني
■ وجد نتنياهو نفسه في أتون معركة تفاوضية مع حلفاء متطلبين، أصروا على تضمين الإتفاقات الائتلافية تفاصيل خطابهم السياسي والديني والإجتماعي واعتمادها في البرنامج الحكومي. ومن الطبيعي أن تعمل أطراف «الصهيونية الدينية» على ذلك من موقع تمسكها ببرنامجها من جهة، ومن موقع تعزيز الصلة مع جمهورها الذي وضعها بأصواته الإنتخابية في الترتيب الثالث على الخريطة الحزبية الإسرائيلية، من جهة أخرى.
وقد لاحظ محللون أن حجم نصوص إتفاقيات الائتلاف غير مسبوق في الحكومات الإسرائيلية وبشكل خاص في إتفاقيتي الليكود مع كتلتي «الصهيونية الدينية» و«عوتسما يهوديت»، « حيث التفاصيل كثيرة ودقيقة، وتدل على أن هذا عمل مراكز أبحاث وليس مجرد إتفاق أحزاب وحركات سياسية». ويتضح من تدقيق هذه النصوص أنها تسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف مركزية:
1- ضم الضفة الغربية بشكل عملي، مع ترك إعلان توقيت إعلان الضم الرسمي لرئيس الحكومة، مع الأخذ بعين الإعتبار المصالح العليا لإسرائيل، والأوضاع الإقليمية والدولية، وهذا ورد في البند 118 من الإتفاقية مع «الصهيونية الدينية»، لكن كل البنود التالية ذات الصلة، هي ضم فعلي على الأرض.
2- تكثيف وتسريع تهويد منطقتي النقب والجليل حيث نسبة فلسطينيي الـ 48 عالية جداً، مع تقديم محفزات لليهود للسكن في تلك المنطقتين، وإقامة 14 مستوطنة في صحراء النقب ومعها مدينة كبيرة، وإقامة مستوطنة جديدة في الجليل، وتوسيع القانون الذي تم سنّه في العام 2007، والذي يمنع العرب من السكن في البلدات اليهودية الصغيرة، التي تضم 400 عائلة.
3- فرض أنظمة وقيود دينية يهودية على الحياة العامة في إسرائيل، وخاصة على الجهاز التعليمي والبرامج الثقافية، ورفض ضمني لعمليات التهويد التي يجريها التيار الديني الإصلاحي، وتعديل قانون الهجرة، بحيث يُمنع أحفاد اليهود، الذين هم ليسوا يهوداً، من الهجرة إلى إسرائيل. وتتضمن الإتفاقات الائتلافية العديد من النصوص التي يؤدي تطبيقها إلى تقليص الحَيِّز الديمقراطي وحرية التعبير وتستهدف فلسطينيي الـ48 على نحو خاص، بالإضافة إلى منظمات مراكز حقوقية وحركات ذات طابع يساري.[«حكومة نتنياهو الجديدة ستكون تحت سطوة قادة المستوطنين في الضفة واليمين المتطرف »، برهوم جرايسي،«مدار»ـــ 5/1/2023].
• الملفات الأخطر بيد العنصريين
■ في المفاوضات الائتلافية، فشل بتسلئيل سموتريتش بالحصول على حقيبة الدفاع، لأسباب كثيرة منها ما هو خارجي، لكنه – إلى جانب توليه مسئولية وزارة المالية - نجح في إنتزاع صلاحيات من وزارة الدفاع جعلته مسؤولاً عن تنسيق عمليات الحكومة في الضفة، ومسؤولا عن الإدارة المدنية، بما في ذلك التعيينات في هذين الجهازين، إضافة إلى مسؤوليته عن قسم الاستيطان وإصدار تراخيص البناء بشكل عام في مناطق (ج) في الضفة، للمستوطنين والفلسطينيين، وتولى المسؤولية المباشرة عن جهاز الإستشارة القضائية في هذا القسم، وبات يمتلك صلاحية تعيين مستشارين قضائيين، والإطلاع والمصادقة على ردود حكومته على الإلتماسات التي تقدم للمحكمة ضد بؤر ومستوطنات. كما سيكون سموتريتش مسؤولاً عما تسمى «الخدمة الوطنية»، البديلة عن الخدمة العسكرية وعن مراكز التهيئة للخدمة العسكرية الإلزامية.
واشترط سموتريتش، مدعوما من الكتل الدينية الأخرى في الائتلاف، بأن يكون الحاخام الرئيسي للجيش تابعاً لتعليمات الحاخامية الرئيسية الإسرائيلية، بحيث يكون تعيينه بمصادقة الحاخام الرئيسي للطوائف الشرقية (السفارديم(، رغم أن حاخام الجيش الرئيسي يكون عسكرياً برتبة عميد، ويتم إختياره من قسم الحاخامية العسكرية، ويتم تعيينه من رئيس الأركان مباشرة، وهذا ما أثار حفيظة وإعتراضات قادة الجيش. وتقلدت أوريت ستروك، عضو الكنيست من «الصهيونية الدينية» حقيبة وزارة الاستيطان، التي أصبح اسمها وزارة «المهمات القومية».
■ أما رئيس «عوتسما يهوديت»، إيتمار بن غڤير، فقد أصر وحصل على توسيع صلاحيات وزير الشرطة، وسيكون إسم وزارته «وزارة الأمن القومي»، بدلا من «الأمن الداخلي». وبموجب الصلاحيات الجديدة، فإن التعيينات بما فيها رؤساء الأقسام في الشرطة، مشروطة بموافقته، وسيكون بإمكان الوزير فرض توجهاته في مسألة التحقيقات البوليسية، وأية قضايا تقدم فيها الشرطة لوائح إتهام، والقصد من هذا هو تقديم غطاء سياسي رسمي لجرائم المستوطنين، وفي المقابل، تصعيد مسألة تقديم لوائح الإتهام ضد الفلسطينيين بكل صغيرة قبل الكبيرة.
وانتزع بن غڤير مسؤولية الجيش عن قوات «حرس الحدود» خلال نشاطها في الضفة الغربية المحتلة، لتكون تحت مسؤوليته المباشرة، وحسب القانون القائم قبل التعديل، فإن «حرس الحدود» في الضفة يكون تحت مسؤولية الجيش، وفي مناطق 1948 تحت مسؤولية جهاز الشرطة. ومن شروط بن غڤير التي وافق عليها الليكود، إلغاء بند «التحريض العنصري»، من قانون الإنتخابات كأحد أسباب رفض ترشيح شخص أو حزب لانتخابات الكنيست .
■ وبموجب إتفاق بين «الليكود» وحزب «نوعام» يمسك رئيس الحزب، آفي ماعوز، بملف البرامج اللامنهجية من وزارة التربية والتعليم، بصفته نائب وزير في ديوان رئيس الحكومة، وسيكون مسؤولاً عما يسمى بـ«تعميق الهوية اليهودية».
• تشريعات على مقاس الحكومة
■ بقيت الخطوة الأخيرة أمام ترسيم الائتلاف الحكومي ونيله الثقة البرلمانية، وهي تعديل عدد من قوانين الأساس التي تمنع بوضعها القائم تطبيق ما تم الاتفاق عليه ما بين الليكود وحلفائه. وعلى ذلك، تقدمت كتلة الائتلاف البرلمانية بثلاثة مشاريع قرارات لإحداث التعديلات المطلوبة. وعلى أساسها سن الكنيست ثلاثة قوانين:
1- «قانون درعي»، يمكّن القانون من يُدان بقضايا جنائية لا تصل عقوبتها إلى السجن الفعلي من إشغال منصب وزير، والهدف من هذا التعديل إعادة توزير أرييه درعي رئيس حزب «شاس»، الذي أدين بقضية جنائية في بداية عام 2022.
2- «قانون سموتريتش»، لتشريع تعيين وزير إضافي في وزارة الأمن بصلاحيات خاصة.
3- تعديل «قانون الشرطة» وفقاً لطلب إيتمار بن غڤير، ويمنح التعديل وزير الشرطة صلاحيات التدخل في بلورة سياساتها وفي التحقيقات التي تجريها.
■ بعد ذلك، نالت الحكومة الثقة بالكنيست بأغلبية أصوات كتلتها البرلمانية البالغة 64 صوتاً. وهي من 29 وزيراً و10 نواب وزير: حصل «الليكود» منهم على 17 وزيراً ونائبي وزير، و«شاس» على 5 وزراء ونائبي وزير، و«يهودوت هتوراة» على وزير ونائبي وزير، و3 وزراء ونائب وزير لـ«الصهيونية الدينية»، فيما حصل «القوة اليهودية» على 3 وزراء ونائبي وزير، و«نوعام» على نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة■
(3)
أجندة نتنياهو «الدولانية»
■ في العام 1996، رأى نتنياهو أن إنتخابه المباشر رئيساً للوزراء يمنحه صلاحيات إضافية تمكنه من إعادة تشكيل نظام الحكم بما ينزع عنه الطابع المؤسساتي الذي يعتبره قيداً يعيق إشباع نزعته في التفرد بالقرار الحكومي، وخاصة أن لديه مشروعاً سياسياً - إقتصادياً يود تطبيقه بلا معيقات. ضمن هذه الرؤية، شكل هيئتين تعملان بإشرافه، الأولى، «مجلس الأمن القومي»، والثانية، «المجلس الأعلى للتخطيط الإقتصادي». ولم يخفِ عزمه على نقل عملية الإشراف على خصخصة الإقتصاد وعلى سلطتي الإعلام والتلڤزة إلى ديوان رئيس الوزراء، أي سحب هذه المهام من صلاحيات الوزارات المعنية، وفي المقدمة وزارتا الدفاع والمالية.
لقد وجد المحللون في هذه الإجراءات ما يتجاوز تلبية نزعات نتنياهو الجامحة في التفرد بالحكم، ورأوا فيها مَسَّاً مباشراً بأسس «الدولانية» في النظام السياسي والقانوني الإسرائيلي، وإضعافاً متعمداً لدور السلطات التشريعية والقضائية والإعلامية، ووضعها تحت سقف طموحاته السلطوية وضمن محددات مشروعه السياسي والإقتصادي - الإجتماعي، في الوقت الذي لقيت فيه هذه السياسات (الإقتصادية خصوصاً) إنتقادات واحتجاجات جماهيرية واسعة ــــ 7/2011، خلال ولاية حكومته الثانية/ 2009-2013.
■ وخلال ولاية حكومته الخامسة/ 2019-2020، صعَّد نتنياهو على رأس معسكر اليمين حربه ضد القضاء، في ظل قرار المحكمة تكثيف جلسات محاكمته، على خلفية إتهامه في ثلاث قضايا فساد وخيانة الأمانة- 2/2019. وسعى لاستصدار قرار بفصل منصب المدعي العام الجنائي عن منصب المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، كي يستطيع التأثير على قراراته. ومع أنه إدعى طوال الوقت أن التهم الموجهة إليه تنطلق من «كيدية سياسية»، إلا أنه كان يدرك حرج موقفه وضعفه حيال مسار التحقيقات وجلسات الإستماع إلى الشهود. ولذلك، كان يعد لتشريع «القانون الفرنسي»، الذي يحصنه من الخضوع للمحاكمة طالما هو رئيساً للحكومة.
وسعى نتنياهو لتشكيل قوة سياسية برلمانية ضاغطة من أجل إحداث تغيير في طابع هيئة قضاة المحكمة العليا، من خلال إجراء تغيير جوهري في تركيبة لجنة تعيين قضاة المحكمة العليا التي تضم ممثلين عن الحكومة والكنيست وجهاز القضاء ونقابة المحامين، بحيث يكون التأثير الأكبر فيها للمستوى السياسي. ولو نجح نتنياهو في مسعاه لباتت - عملياً - صلاحيات السلطات المفترض تعددها في إسرائيل، مختزلة بيد الجهاز التنفيذي ممثلاً بالحكومة، التي بيدها أساساً قرار السلطة التشريعية، كونها تتمتع بأغلبية في الكنيست.
■ أسباب كثيرة أعاقت نتنياهو عن تنفيذ خطته تجاه مؤسسة القضاء، من أبرزها إفتقاد هذه الخطة للإجماع داخل حكوماته المتعاقبة التي ضمت أحزاباً تتمسك بصلاحيات المحكمة العليا وتعمل على تعزيز سلطة القضاء (أحزاب الوسط على سبيل المثال). وعندما شكل نتنياهو معسكره الخاص خلال فترة الإستقطاب الحاد الذي عاشه المشهد الحزبي الإسرائيلي، لم يتمكن أي من الأحزاب من تشكيل الحكومة عقب ثلاث دورات مبكرة من إنتخابات الكنيست. ولما نجح هو في تشكيل حكومته الخامسة، كان شريكة فيها حزب الوسط «كاحول لاڤان»، برئاسة بيني غانتس، الذي لا يتفق معه في رؤيته تجاه القضاء.
• تحجيم صلاحيات القضاء
■ لكن الأمر بات مختلفاً بعدما نجح نتنياهو في تشكيل حكومة من أحزاب يمينية متطرفة لها موقف يتطابق مع موقف نتنياهو من مؤسسة القضاء. فبعد أقل من أسبوعين على ترسيم الحكومة، أعلن وزير القضاء، ياريڤ ليڤين- 11/1/2023، برنامجاً جديداً لما أسماه بـ«إصلاح الجهاز القضائي» شمل عدة مراحل:
1- المرحلة الأولى
• تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة والذي يُفترض أن يؤثر على هوية القضاة الذين سيتم تعيينهم لكرسي القضاء في المحكمة العليا وباقي المحاكم، بمن فيهم رئيس/ة المحكمة العليا؛
• إلغاء الرقابة القضائية التي تمارسها المحكمة العليا على «القوانين الأساس»؛ تقليص الرقابة القضائية التي تمارسها المحكمة العليا على التشريعات (القوانين) العادية؛
• تشريع «فقرة التغلّب» التي تتيح للكنيست إعادة تشريع قوانين قررت المحكمة العليا إلغاءَها.
2- المرحلة الثانية
• تغيير في مكانة وطريقة تعيين المستشار/ة القضائي/ة للحكومة؛
• تغيير في مكانة وطريقة تعيين المستشارين القضائيين للوزارات الحكومية؛
• تغيير في طريقة إنتخاب رئيس لجنة الإنتخابات المركزية للكنيست؛
3- المرحلة الثالثة: إلغاء «حجة المعقولية».
4- المرحلة الرابعة: إلغاء«قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته».
■ بطرح هذه الخطة، رأى مراقبون أن نتنياهو قرر خوض معركة «كسر عظم»، مع المعارضة لأن تشريع بنود هذه الخطة سيطلق يده في استكمال مشروعه السياسي والإقتصادي - الإجتماعي بعد أن أزاح عن طريقه أية عقبات قانونية تعترض تنفيذ هذا المشروع حتى نهاياته.
وعلى هذا الأساس، قدَّر المراقبون أن المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي سيشهد - في حال المضي قدماً في الخطة الإصلاحية - صراعاً مفتوحاً من موقع إدراك أحزاب المعارضة أن تغيير طابع نظام الحكم في إسرائيل والمس بصلاحيات القضاء سيضيق عليها الخناق، في ظل تغول نتنياهو في سياساته السلطوية.
وعلى هذا الأساس، قدًّر المراقبون أن صراعاً مفتوحا مثل الذي يتوقعونه في إسرائيل لن يكون بعيداً عن ملاحظة وتدخل أطراف دولية ترى أنها معنية بكبح وتيرة الصراع من جهة، ورفض المس بالجهاز القضائي لاعتبارات تتعلق بتشديدها على «القيم الديمقراطية». وفي مقدمة هذه الأطراف، الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي■



(4)
«ماراثون» تشريع في الكنيست
■ كان واضحاً للجميع أن معسكر نتنياهو الحاكم سيستثمر أغلبيته البرلمانية بأقصى ما يستطيع، وخصوصاً في مجال التشريع بما يمكنه من إجراء تغييرات جوهرية في نظام الحكم بالشكل والمضمون الذي يساعده على فرض رؤيته في السياسة والإقتصاد وحتى في قضايا علاقة الدين بالدولة، والسلوك الإجتماعي.
على ذلك، عكفت اللجنة الوزارية للتشريع على مناقشة مشاريع قرارات قدمها ممثلو الائتلاف الحكومي، وتتضمن رزمة من التعديلات المقترحة على عدد من القوانين الأساس، تم ذكرها في الخطة الإصلاحية التي أعلنها وزير العدل ليڤين، إضافة إلى مشاريع قوانين تقطع الطريق على المستشار القضائي في حال وجد أن ملف نتنياهو الجنائي يمنع بقاءه في منصبه.
وفي هذا السياق يلاحظ أن مشاريع القوانين لم تتجاوز القراءة الأولى باستثناء قرار تقليص «حجة المعقولية»، الذي اعتمده الكنيست بعد التصويت عليه في القراءات الثلاث. ويعود سبب عدم إتمام القراءات الثلاث بالسرعة التي يريدها نتنياهو إلى الإحتجاجات الواسعة في الشارع الإسرائيلي على «خطة الإصلاح القضائي» وما إستدعته هذه الإحتجاجات من تدخلات أميركية وأوروبية ضغطت على حكومة نتنياهو لحملها على التراجع عن هذه الخطة، أو تأجيلها، إلى حين التوصل بشأنها إلى تسويات ترضي جميع الأطراف.
• تحصين نتنياهو
■ صادق الكنيست - 13/3/2023، في قراءة أولى على مشروع «قانون أساس: الحكومة»، يمنع عزل رئيس حكومة من منصبه، والإعلان عن تعذّره عن القيام بمهامه. أيد مشروع القانون 61 عضو كنيست، فيما عارضه 51.
وبحسب مشروع القانون، يتعين على رئيس الحكومة الإعلان عن تعذره بنفسه، أو من خلال تصويت في الحكومة، وتأييد 75% من الوزراء للتعذر. وفي حال عارض رئيس الحكومة التصويت حول ذلك في الحكومة، يُنقل الحسم إلى الهيئة العامة في الكنيست، حيث يجب أن يؤيد التعذر 90 عضو كنيست!.
• إلغاء «قانون الإنفصال»
■ وصادق الكنيست - 13/3/2023، بالقراءة الأولى على مشروع قانون يلغي «قانون الإنفصال» في الضفة الغربية وقطاع غزة، بأغلبية 40 عضواً في الكنيست مقابل 17 معارضاً. ويهدف المشروع إلى إلغاء بنود في القانون كانت تحظر على المستوطنين دخول نطاق 4 مستوطنات أخليت في الضفة الغربية المحتلة وتم تفكيكها عام 2005، وهي: «غانيم» و«كاديم» و«حوميش» و«سانور»، على نحو يفتح المجال أمام إعادة توطينها من جديد. وكان إلغاء بنود هذا القانون جزءاً من الشروط التي وضعتها أحزاب تحالف «الصهيونية الدينية» لقاء الإنضمام إلى حكومة نتنياهو السادسة.
•«فقرة التغلب»
■ وصادقت الكنيست - 14/3/2023، بالقراءة الأولى على قانون تقويض المحكمة العليا وسحب صلاحياتها والمعروف بـ«فقرة التغلب»، الذي يسمح للكنيست بالإلتفاف على القرارات الصادرة عن المحكمة العليا في حالة توفرت أغلبيه 61 نائباً. وصوت إلى جانب القانون 61 نائباً بينما عارضه 52. وينص مشروع القانون أيضاً على أنه يحق للمحكمة العليا إلغاء قانون شرعه الكنيست، لكن شريطة ألا يتنافى ذلك بشكل واضح مع قانون أساس، وأن يتم ذلك بأغلبية 12 قاضياً من أصل 15.
ويهدف مشروع القانون، منع المحكمة العليا من إلغاء تعديلات على «قانون أساس: الحكومة» الذي غايته إعادة تعيين رئيس حزب شاس، أرييه درعي، والإلتفاف على قرار سابق للمحكمة العليا بإقالته.
يذكر أن المحكمة العليا قضت في يناير/كانون الثاني 2023، بأنه«من غير المعقول إلى أبعد الحدود» تعيين أرييه درعي، رئيس حزب شاس، وزيراً في الحكومة بسبب أحكام الإدانة الجنائية الصادرة ضده في الماضي، ولجوئه إلى صفقة تسوية قضائية مع هيئة الإدعاء عام 2022».
■ وفي هذا السياق، نشر«المعهد الإسرائيلي للديمقراطية» - 13/5/2023، توضيحات قال إنها ضرورية عن «فقرة التغلب»، أكد فيها أن المحكمة العليا الإسرائيلية لم تُلغِ، منذ تأسيسها وحتى اليوم، سوى 18 قانوناً فقط، ولم تُلغِ خلال دورة الكنيست الحالي سوى 4 قوانين فقط، وذلك خلافاً لادعاءات اليمين الحاكم بأن «المحكمة تلغي قوانين بالجملة».
وأشار المعهد إلى أنه بالمقارنة مع المحاكم العليا (أو الدستورية) في دول أخرى، منذ 1992 حتى اليوم، فإن المحكمة العليا في ألمانيا ألغت 206 قوانين، وفي كندا 46 قانوناً، وفي إيرلندا 36 قانوناً، وفي الولايات المتحدة 50 قانوناً فيدرالياً.
وأضاف المعهد أن «المحاكم العليا في غالبية الدول الديمقراطية مخولة صلاحية إلغاء أي قانون يتعارض مع نصوص الدستور، وهو ما تفعله المحكمة العليا الإسرائيلية في حال تعارض نص قانوني مع أحد قوانين الأساس، التي تشكل معاً، نصوصاً دستورية في غياب دستور مكتوب لدولة إسرائيل».
• تقليص «حجة المعقولية»
■ أقرّ الكنيست - 24/7/2023، بالقراءات الثلاث وبأغلبية 64 صوتاً مشروع قرار تعديل «قانون أساس: القضاء»، بما يلغي صلاحية المحكمة العليا في النظر في معقولية أي قرار يصدر عن الحكومة، بغض النظر إن كان هذا القرار صادر عن رئيس الحكومة أو أي وزير من وزرائها بما في ذلك التعيينات في المناصب الحكومية. وتقول فقرة التعديل: «بغض النظر عما هو منصوص عليه في «قانون أساس: القضاء»، لن تكون هناك أي صلاحية لأي شخص لديه سلطة قضائية وفقاً للقانون، بما في ذلك المحكمة العليا، بمناقشة حجة المعقولية لإلغاء القرارات الصادرة عن رئيس الوزراء، وعن الحكومة، وعن الوزراء».
ويحد هذا التعديل من صلاحيات المحكمة العليا، بحيث لن يتمكن القضاة من إصدار أي أمر، أو قرار في المسائل المتعلقة بقرارات الحكومة والائتلاف، ويشمل ذلك التعيينات الحكومية أو الطرد والفصل من المنصب. واللافت أن التعديل الذي حجب الرقابة القضائية على قرارات الحكومة رئيساً ووزراء أبقاها قائمة تجاه قرارات جهات أخرى مثل رؤساء البلديات والمجالس المحلية.
«العليا» ترد وتلغي التعديل
■ نظرت المحكمة العليا في إلتماسات قدمتها أحزاب المعارضة من أجل التدخل وشطب قرار الكنيست الأخير بشأن«حجة المعقولية». وبناء على ذلك، عقدت المحكمة جلسة بحضور قضاتها الـ15- 12/9/2023، للنظر في التعديل، الذي أجراه الكنيست ويمس صلاحياتها في الصميم. وقد قررت «العليا» إلغاء قرار الكنيست بشأن «حجة المعقولية» بأغلبية 8 أصوات مقابل 7. وفي الجلسة ذاتها، أكد 12 قاضياً من أصل 15، بأن المحكمة العليا لديها صلاحية لشطب قانون أساس، وأن الكنيست تجاوز صلاحياته.
تم إعلان قرار المحكمة في بداية العام 2024. وقبل صدور قرار المحكمة، جرت تدخلات ووساطات شارك بها رئيس الدولة العبرية إسحق هرتسوغ، في محاولة لثني المحكمة عن إتخاذ قرارها أو تأجيل نشره كي لا يتفاقم التوتر القائم بين الحكومة والمعارضة. لكن مراقبين، أشاروا إلى أنه تم تسريب القرار قبل صدوره رسمياً. وأن هذا التسريب تم على يد أشخاص أو جهات خوفاً من عدم نشره على الإطلاق في حال تزايدت الضغوط على هيئة المحكمة. وقد هاجمت أحزاب الائتلاف قرار المحكمة العليا، في حين قال وزير القضاء ياريڤ ليڤين إن قرار المحكمة العليا «يهدد الوحدة في فترة الحرب»■
(5)
جدل في الكنيست .. مواجهات في الشارع
■ منذ إجراء تعديلات على قوانين أساس تمهيداً لتنصيب الحكومة الجديدة، أدركت أحزاب المعارضة أن الكنيست ستشهد الكثير من التعديلات التي تحدث عنها مسؤولو «الليكود» وأطراف معسكره منذ سنوات. وقد تأكد للمعارضة حتمية وقوع ذلك منذ أن أعلن وزير القضاء عن خطة الحكومة في «إصلاح القضاء» ذات المراحل الأربع.
لذلك، نقلت أحزاب المعارضة معركتها مع الحكومة في هذا الشأن إلى الشارع وصعدتها منذ بداية «ماراثون التشريع»، الذي دشنه الائتلاف الحكومي- 3/2023، مع المصادقة بالقراءات الأولى على رزمة من مشاريع القوانين التي تهدف إلى تمكين نتنياهو على رأس المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي، إلى جانب إضعاف مؤسسة القضاء وتحجيم صلاحياتها في الرقابة على الجهاز التنفيذي ممثلاً بالحكومة ورئيسها.
■ إتسعت الإحتجاجات في الشارع الإسرائيلي مع كل خطوة يتخذها الائتلاف الحكومي في خطته «الإصلاحية»، وشهدت هذه الإحتجاجات مواجهات بين المحتجين وعناصر الأمن والشرطة، الذين قاموا باعتقال العشرات من المتظاهرين. وقد دخل على خط الإحتجاجات الآلاف من جنود الإحتياط، بضمنهم طيارون في سلاح الجو، معلنين تأييدهم لمطالب المحتجين في رفض الخطة الإصلاحية، ومتعهدين بعدم الإستجابة لطلبات الإلتحاق بالخدمة العسكرية، إذا لم تستجب الحكومة لمطالب المتظاهرين. كما عَبَّر رؤساء سابقون للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وقضاة كبار، وشخصيات قانونية وإقتصادية بارزة، عن رفضهم الشديد لإصلاحات الحكومة.
ودفعت حركة الإحتجاجات والمواجهات وحملات إعتقال المتظاهرين «منظمة العفو الدولية» للتدخل وقالت في بيان لها: يجب على الحكومة الإسرائيلية التراجع عن خططها بشأن إصلاح القضاء؛ ويتعين عليها تعزيز الحق في حرية التعبير والحق في التجمع السلمي لجميع المتظاهرين إحتجاجاً على التعديلات المقترحة.
وقد أجرى مسؤولون أوروبيون كبار إتصالات ولقاءات مع حكومة نتنياهو لحملها على وقف إجراءاتها تجاه نظام الحكم في إسرائيل معتبرين محاولات تقليص صلاحيات القضاء أمر منافٍ للأعراف الديمقراطية. وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، إنتقد إجراءات الحكومة ودعا مراراً إلى تأجيل طرح مشروع قانون إلغاء «حجة المعقولية» باعتباره «مثيراً للإنقسام».
■ وفي تحليله لما يجري من صراع بين النخب السياسية في إسرائيل وانعكاسه على الشارع، قال معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، في معرض مبادرته لـ«رأب الصدع»: «إن إسرائيل دولة غير متجانسة ومنقسمة، وتتميز بمجموعة متنوعة من الإنقسامات العميقة التي تغذّي تركيبة سكانها المتنوعة. وتشكل هذه التركيبة مجتمعاً متعدّد الثقافات، بحيث تفشل القواسم المشتركة القائمة في إدراك المحاولة التي بدأت في خمسينيات القرن العشرين، والتي تبدو الآن قسرية، لتشكيل مجتمع يهودي فريد وموحّد هنا من خلال «بوتقة الصهر الإجتماعي».
وكان الرئيس الإسرائيلي السابق رؤوڤين ريڤلين قال ـــــ 6/2015، بأن «العمليات الديمغرافية والثقافية أعادت تشكيل وجه المجتمع الإسرائيلي في العقود الأخيرة من مجتمع يتألف من أغلبية وأقلية محورها «صهيونية الدولة»، إلى مجتمع يتألف من أربعة قطاعات مركزية، أو «قبائل/ أسباط »، تقترب من بعضها البعض في الحجم: العلمانيون، المتدينون القوميون، الأرثوذكس المتطرّفون، والعرب».
وخلص محللون إلى أن الصراع في إسرائيل حول ما يسمى الإصلاح القضائي إنما هو «صراع بين النخبة الأشكنازية النازعة للعلمانية، المسيطرة حتى الآن على «الدولة العميقة»، بما في ذلك القضاء، وعلى الإقتصاد، وبين النخبة الصاعدة من اليهود الشرقيين والحريديم (الأصوليين الأرثوذكس). ولذلك فهو ليس صراعاً أيديولوجياً فحسب: ليبرالية ضد فاشية، وعلمانية ضد أصولية تلمودية؛ بل هو أيضاً، إنعكاس لانقسام إجتماعي أعمق ذي طابع طائفي»■
(6)
هيستيريا «الوحدة» في وجه «الطوفان»
■ على وقع هجوم «طوفان الأقصى»- 7/10/2023، إنهارت، دفعة واحدة، منظومة متكاملة من «المسلمات» التي زرعها، على امتداد عقود، الخطاب السياسي - الأمني الصهيوني الرسمي في صفوف الإسرائيليين، بحيث بات تعبير «الدولة المنيعة» حاضراً في أذهانهم كمرادف لاسم دولتهم.
فللمرة الأولى، أصبحت عشرات المواقع العسكرية والاستيطانية الإسرائيلية موطئاً لأقدام المقاومين الفلسطينيين، وهم يمشطون هذه التجمعات بحثاً عن جنود «الجيش الذي لايقهر»، ممن فروا أمام زخم «الطوفان»، واقتادوا من وقع في أيديهم أسيراً إلى داخل القطاع.
الركن الوحيد من تلك «المسلمات»، الذي تصاعد مع «الطوفان»، هو إحساس الإسرائيليين الدائم بالـ«الخطر الوجودي»، الذي دأب بنيامين نتنياهو على قرع جرسه عند كل محطة سياسية أو إنتخابيه. فمع حدوث «الطوفان»، تفاقم إحساسهم بالخطر وتحول إلى ذعر وجودي وهم يتابعون حالة العجز والإرتباك التي أصابت المؤسسة الأمنية وأجهزتها أمام «الطوفان».
■ وفيما تغيرت مع «الطوفان» قواعد وحيثيات كثيرة في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، واتسعت مع الوقت جبهة المواجهة العسكرية مع دولة الإحتلال على الصعيد الإقليمي، تغيرت أيضاً أولويات المشهد الحزبي والسياسي الصهيوني، الذي كان منقسماً على جبهتي معركة شعواء ما بين الحكومة والمعارضة الصهيونية على خلفية مساعي الائتلاف الحكومي للحد من صلاحيات القضاء.
وعلى إعتبار أن نتنياهو خبير في استثمار الأزمات الطارئة، كما فعل عند انتشار جائحة «كورونا» ـــــ 2020، دعا في هذه المرة أيضاً أحزاب المعارضة الصهيونية للإنضمام إلى «حكومة طواريء» في مواجهة تداعيات «الطوفان»، وقد جاءت دعوة «الوحدة» هذه وسط أجواء من الرعب الإسرائيلي الهستيري، الذي أججته ماكنة نتنياهو الإعلامية بضخها أشرطة فيديو مزيفة تظهر منفذي «الطوفان» كمجموعات منفلتة من القتلة، وتحمِّلهم مسؤولية قتل مئات المدنيين الإسرائيليين، الذين ثُبت لاحقاً أنهم قُتلوا بـ «نيران صديقة» عن طريق الخطأ، أو سوى ذلك في ظل حالة الإرتباك التي أصابت المستويين السياسي والأمني.
■ إعتُبِرت الحكومة القائمة بمثابة «حكومة طواريء» وانضم لها 5 أعضاء كنيست من «المعسكر الرسمي»: بيني غانتس، رئيس الحزب ووزير الدفاع الأسبق، غادي آيزنكوت، رئيس الأركان الأسبق، جدعون ساعر، رئيس حزب «أمل جديد»، حيلي تروبر وييفعات شاشا بيتون، كوزراء من غير حقيبة. وقد نالت حكومة الطواريء هذه ثقة الكنيست في جلسة خاصة - 11/10/2023، ألقى فيها نتنياهو «بيان إعلان الحرب». ثم إنضم لهذه الحكومة أڤيغدور ليبرمان، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» - 14/10/2023. وتم تشكيل «مجلس إدارة الحرب» من رئيس الوزراء، ووزير الدفاع يوآف غالانت وبيني غانتس، ومعهم غادي آيزنكوت ورون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية كمراقبين■
(7)
صراعات وطموحات في «غرفة العمليات»!
[■ أكدت تجربة نتنياهو المديدة بالحكم أنه لا يعترف بوجود شريك، بمن فيهم قيادات حزب الليكود. وتعريفه للحليف الجيد هو من يعمل تحت إمرته دونما إعتراض. ومن يتابع تجربته كرئيس للوزراء يلحظ بسهولة إنقلاب علاقات تحالفه الوطيد مع كثير من قادة الأحزاب إلى خصومة وصل بعضها إلى حد العداء:]
■ ينسحب الإستخلاص السابق على علاقات نتنياهو داخل «مجلس إدارة الحرب» وخاصة مع وزير الدفاع غالانت، القيادي الليكودي السابق الذي يتوجس منه نتنياهو كمنافس ذي خبرة عسكرية على رئاسة الحزب. فعلى الرغم من أن الإمتيازات «العسكرية» «الصلاحيات الأمنية» التي حصل عليها كل من سموتريتش، وبن غڤير في الإتفاق الائتلافي كان بناء على إصرارهما، إلا أن نتنياهو وجد في ذلك فرصة لتقليص صلاحيات الوزير غالانت، وهو ما أدركه الأخير ولم يغفره.
وخلال الحرب، حصلت مشادات عنيفة بين الرجلين بسبب إختلاف التقديرات حول مسار الحرب وأفقها السياسي، لدرجة أن وزير الدفاع بات يرفض مرافقة رئيس الوزراء والتجوال معه خلال زيارات الأخير للمواقع العسكرية.
في نهاية الأمر، أقال نتنياهو غالانت من منصبه - 3/2023، متذرعاً بموقفه السابق الداعم للإحتجاجات المناهضة للتعديلات على صلاحيات الجهاز القضائي، وتحذيره من تداعيات هذه التعديلات في أوساط الجيش وقوات الإحتياط.
■ كان من المفترض أن تكون تجربة بيني غانتس مع نتنياهو كفيلة بأن يتعظ منها ولا يكررها. لكن بما أن الكل بمن فيهم غانتس يمتطي صهوة «الدفاع عن الوطن» - حسب الخطاب الصهيوني - فقد شارك بدوره في «حكومة الطوارئ» وفي مجلس إدارة الحرب، باعتباره صاحب خبرة عسكرية كوزير دفاع سابق قاد العدوان على قطاع غزة - 2014.
وكما هو متوقع، نشبت خلافات بين الاثنين حول أسلوب إدارة الحرب وتوجيه نتائجها. وقال غانتس إن نتنياهو يدفع دائماً باتجاه إدامة الحرب دون أفق سياسي واضح. لكن الذي أحدث الفجوة الكبرى بينهما هو الزيارة التي قام بها غانتس إلى كل من واشنطن ولندن في أوائل آذار/مارس 2024، في ظل امتعاض إدارة بايدن من أسلوب نتنياهو في إدارة الحرب على قطاع غزة، وهو ما فسره نتنياهو على أنها أنها رسالة أميركية تغمز بأن له بديلاً. ومع تفاقم الأزمة بين الطرفين، انتهى الأمر باستقالة كل من غانتس وآيزنكوت من حكومة الطوارئ ومن مجلس إدارة الحرب - 9/6/2024.
■ يمكن إعتبار جدعون ساعر نموذجاً إسرائيلياً فذاً لانقلاب المواقف بحسب ما تؤشر بوصلة مصالحه الشخصية، بعدما أتم دورة «تطور» كاملة بدأها بالإنشقاق عن حزب الليكود- 2020/12، لأن نتنياهو رئيسه، وقام بتشكيل حزب «تيكڤا حداشا»/«أمل جديد» وفاز في إنتخابات الكنيست الـ24 - 23/3/2020، بستة مقاعد وشارك في حكومة بينيت - لبيد، ثم ختم الدائرة في أيلول /سبتمبر/2024، بـ«عودة الإبن الضال» إلى صفوف الليكود في كنف نتنياهو نفسه، ومعه مقاعد حزبه البرلمانية الأربعة التي حصل عليها ضمن تحالفه مع حزب غانتس في إنتخابات الكنيست الـ25.
دخل ساعر إلى حكومة الطواريء كرئيس حزب شريك في «المعسكر الرسمي» الذي يقوده غانتس، دون أن يصبح عضواً في مجلس إدارة الحرب. وعندما نشأ الخلاف بين غانتس ونتنياهو بسبب زيارة الأول لواشنطن، فض ساعر شراكته مع غانتس في إطار «المعسكر الرسمي»، وانتظر المكافأة. وعندما تأخرت، أعلن إستقالته من «حكومة الطواريء»، دون أن يخفي تطلعه إلى عضوية مجلس الحرب. وكرر في الوقت نفسه موقف نتنياهو بوجوب تشديد الضغط العسكري على قطاع غزة.
في 29/9/2024، عينه نتنياهو وزيراً دون حقيبة، وعبر عن ثقته به قائلاً «سيساهم في مساعدتي في إدارة الحرب». وأخيراً .. جاء الحصاد الذي إنتظره ساعر عندما عينه نتنياهو وزيراً للخارجية - 5/11/2024.
■ بالنتيجة: شكلت تجربة «حكومة الطوارىء» باعتبارها «حكومة وحدة»، نموذجاً مكرراً عما يدور عادة من صراعات وصفقات بين الأحزاب الصهيونية. وإذا كان إتفاق وقف إطلاق النار في غزة سيوقف وقائع حرب الإبادة بحق الفلسطينيين أو يحد من وتيرتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإنه في الوقت نفسه سيعيد تلقيم أسلحة المتصارعين في المشهد الحزبي والسياسي الصهيوني، دون أن يعني ذلك أن جولات الصراع قد خمدت بينهم تماماً خلال الحرب، لا بل تحولت وقائعها - كما لاحظنا - إلى أشكال أخرى عَبَّرت عن نفسها فيما انتهى إليه مسار تشكيل حكومة الطواريء و«مجلس الحرب»، الذي إنشغل عملياً في إدارة الصراع مابين الجنرالات والسياسيين أكثر مما أدار من عمليات عسكرية كانت تتولاها هيئة الأركان في الجيش■

(8)
«الديمقراطيون» .. سؤال عودة «اليسار الصهيوني»
■ تأسس حزب «الديمقراطيون» في 30 حزيران/يونيو 2024، بفعل إندماج حزبي «ميرتس» و«العمل» في خطوة يهدف أصحابها إلى «إعادة توحيد اليسار ويسار الوسط الليبرالي في إسرائيل، وتقديم بديل ديمقراطي تقدمي في مواجهة سياسات الحكومة اليمينية بقيادة بنيامين نتنياهو»، بحسب ما جاء في بيان الحزب التأسيسي.
يقود الحزب يائير غولان، النائب السابق لرئيس أركان الجيش والعضو السابق في الكنيست عن حزب «ميرتس». وبحسب بيان التاسيس «نشأ الحزب في خضم الإحتجاجات الجماهيرية ضد حكومة نتنياهو، مستفيداً من الغضب الجماهيري تجاه سياسات الحكومة ضد القضاء والإنقسامات العميقة التي خلفتها حرب الإبادة الجماعية في غزة. وحاول الحزب توظيف هذا الزخم الشعبي لبناء تحالف معارض واسع يجمع بين القوى الليبرالية والعلمانية ومختلف التعبيرات الإجتماعية الرافضة للنهج السياسي لنتنياهو الذي صدرت بحقه مذكرة إعتقال من المحكمة الجنائية الدولية».
وقد وجه غولان إنتقادات شديدة اللهجة لسياسات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وقال في مقابلة مع هيئة البث العامة الإسرائيلية - 20/5/2025، إن«الدولة الطبيعية لا تتخذ من قتل الأطفال هواية، ولا تخوض حرباً ضد المدنيين، ولا تضع تهجير السكان هدفاً»، مما أثار موجة من الإستهجان داخل الأوساط الرسمية في دولة الإحتلال.
■ عملياً، يعتبر بيان الحزب الجديد إعلانا عن نهاية حزبي «العمل» و«ميرتس»، وجاء تأسيسه في سياق تراجع كبير لنفوذ اليسار، الذي بدا جلياً في نتائج إنتخابات الكنيست لعام 2022، إذ حصل «العمل» على 4 مقاعد فقط، بينما لم يتمكن «ميرتس» من تجاوز نسبة الحسم.
وبحسب بيان التأسيس، يتبنى الحزب «خطاباً ليبرالياً ديمقراطياً، يعتمد على «القيم الصهيونية التقدمية» في مزج بين الإرث التاريخي لحزب العمل، الذي إرتبط تاريخيا بـ«الإشتراكية الديمقراطية». كما يتبنى أفكار حزب ميرتس، التي تبدو واضحة في مواقفه من قضايا عدة، مثل حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين والفصل بين الدين والدولة.
■ يدعو الحزب في برنامجه إلى:
• تعزيز «الديمقراطية الإسرائيلية» عبر مواجهة سياسات حكومة اليمين التي تهدد المؤسسات القضائية والمدنية.
• تبني سياسات إجتماعية تقدمية تدعم العدالة الإجتماعية وتقلص الفجوات الإقتصادية، مع التركيز على فئة الشباب والمهمشين.
• تبني خطاب أمني نقدي يرفض التطرف القومي لكنه لا يتخلى عن المرجعية الصهيونية التقليدية، كما يظهر في تصريحات غولان. فهو من جهة ينتقد سياسة الإحتلال، ومن جهة أخرى يصف نفسه بـ«الصهيوني الديمقراطي». ويعارض الحزب خطة «الإصلاحات القضائية»، التي أقرتها الحكومة عام 2023، ويؤكد على ضرورة حماية إستقلال القضاء، وضمان حقوق الأفراد والأقليات، واحترام مبدأ فصل السلطات. وبخصوص موقفه من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يدعم الحزب – مع إستدراكات عدة، منها الموافقة على ضم القدس الشرقية - «حل الدولتين» ويعارض السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، كما يطالب بإلغاء «قانون الدولة القومية»/«يهودية الدولة»، ويعتبره «تمييزياً ضد غير اليهود».
• إقتصادياً: يدعو الحزب إلى تبني سياسات إقتصادية ذات طابع إجتماعي، تتمحور أساسا حول توفير السكن اللائق وتعزيز دولة الرفاه، وتقوية النقابات العمالية، ويعارض بشدة خصخصة القطاعات العامة، لا سيما الصحة والتعليم، يضع الحزب على رأس مهامه توحيد القوى الليبرالية والتقدمية تحت مظلته بعد سنوات من التشتت والتيه، واستقطاب شرائح واسعة من النشطاء والحركات الإحتجاجية ضد سياسات الحكومة.
• أظهرت نتائج إستطلاع للرأي أنجزه «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية» مطلع عام 2025، إرتفاعاً واضحاً في نسبة التأييد للتيار اليساري، إذ إرتفعت من 7% قبل إندماج الحزبين إلى 13,4% بعده. وتوقع الإستطلاع أن يحصد «الديمقراطيون» ما بين 10 و12 مقعداً في الكنيست، وهذا يمثل قفزة نوعية مقارنة بنتائج الحزبين فترة ما قبل الإندماج. كما أكد مثل هذه النتيجة إستطلاع رأي حديث - 13/11/2025، وتوقع له 10 مقاعد■
(9)
في الطريق إلى الكنيست 26
[■ بافتتاح الدورة الشتوية الأخيرة للكنيست - 10/2025، تكون حكومة نتنياهو شارفت على إتمام العام الثالث من ولايتها، وعلى هذا الأساس سيكون عام 2026، حكماً، عام إنتخاب الكنيست الـ26، بغض النظر عما إذا كانت الإنتخابات مبكرة أم في موعدها القانوني:]
• بين خيارين
■ تلقى نتنياهو نصائح من بعض مستشاريه باللجوء إلى إنتخابات مبكرة تجري في شهر شباط/ فبراير 2026، بدلاً من موعدها القانوني في تشرين الأول/ أكتوبر 2026. ويرى هؤلاء ضرورة إستغلال ما أسموه بالأزمة المتصاعدة داخل «الدولة العميقة»، بعد اعتقال المدعية العامة العسكرية يفعات تومر يروشالمي (برتبة لواء)، ونائبها وستة من كبار المسؤولين في الجهاز القضائي على خلفية تسريب شريط فيديو يظهر عمليات تعذيب واغتصاب قام بها جنود إسرائيليين بحق أسرى فلسطينيين. وبحسب المستشارين، فإن الربط ما بين قضية المدعية العسكرية، وبين المعركة ضد القضاء، قد يمنح حزب «الليكود» أفضل نتيجة إنتخابية ممكنة، في ظل الشحن العنصري الذي يختزنه جمهور الناخبين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين.
ويرى المستشارون أن منافسي نتنياهو يعيشون اليوم أسوأ أوضاعهم؛ حيث «فقد الجمهور ثقته بالجيش وبالنيابة العسكرية وكل ما تمثّله في سلك القضاء». كما نصح المستشارون نتنياهو باستغلال قضية الفساد التي وقعت في «الهستدروت»/ «اتحاد النقابات العمالية»، والمحسوب على حزب العمل، وغيره من أحزاب المعارضة، وقد أدّت هذه القضية إلى اعتقال نحو 70 شخصية نقابية وسياسية.
■ لكن مستشارين آخرين عارضوا فكرة الإنتخابات المبكرة، ورأوا أنها تهدر سنة كاملة في السلطة ينبغي إستثمارها في تثبيت حكم نتنياهو، وتمرير مشاريع قوانين تعزز وضعه، مثل مشروع قانون يقصر فترة حضوره في المحكمة التي تحاكمه بتهم الفساد، وإيجاد مخرج قانوني يوقف محاكمته قبل نهاية ولاية الحكومة الحالية، وتمرير تشريع خاص بذلك يدخل حيز التنفيذ بعد الإنتخابات المقبلة، وهو ما قد يتعذر تحقيقه في حال جرت إنتخابات مبكرة.
كما يعارض حلفاء نتنياهو في اليمين العنصري المتطرف، بقيادة بتسلئيل سموتريتش، الإنتخابات المبكرة، وشبهوا اللجوء إليها «كمن يطلق النار على قدميه»، ورأوا أن «كل يوم تستمر فيه حكومة اليمين في الحكم هو مكسب سياسي وعسكري»؛ إذ أن الحرب في غزة ــــ بنظرهم ـــــ لم تنتهِ بعد، ولم تحقق أهدافها.
• تراجع «ركني» المعارضة
■ لا تبدو أحزاب المعارضة بأحسن أحوالها. وإذا كان حزبا «ميرتس» و«العمل» قد قفزا خطوة إلى الأمام بتشكيل حزب «الديمقراطيون» لاستقطاب القوى والشخصيات والأطر «اليسارية»، إلا أن الكتلتين الأكبر في المعارضة «المعسكر الرسمي/أزرق أبيض» و«يوجد مستقبل» تشهدان تراجعاً ملحوظاً كما عبرت عنه إستطلاعات الرأي. ويلفت الانتباه إشارات بعض المراقبين إلى أن «أزرق أبيض» ربما لا ينجح في تخطي نسبة الحسم في الإنتخابات القادمة، مع إحتمال أن يتلاشى الحزب إذا حصل ذلك.
•«المعسكر الرسمي»: حصلت قائمته بانتخابات الكنيست الماضية على 12 مقعداً: 8 لـ«أزرق أبيض»، و4 لـ«أمل جديد». تعرض التحالف إلى إنشقاقات واستقالات أضعفت موقعه على الخريطة الحزبية. فبالإضافة إلى مغادرة جدعون ساعر وتوقيعه إتفاق إندماج ما بين حزبه والليكود، إستقال كل من رئيس الأركان الأسبق غادي أيزنكوت وشكل حزباً جديداً، واستقال النائب متان كهانا، المحسوب أكثر على التيار اليميني الاستيطاني. وعلى الرغم من أن كتلة غانتس حصلت في إستطلاعات الرأي، عند انضمامه إلى حكومة الحرب، على 40 مقعداً، إلا أنها بدأت بالتراجع التدريجي، حتى باتت تحصل على 7 إلى 9 مقاعد. ويعزو المراقبون السبب إلى فشل غانتس في تقديم البديل المقنع عما تطرحه الحكومة القائمة. يذكر أن الحزب عاد إلى اسمه القديم؛ «كاحول لاڤان»/«أزرق أبيض».
• «يوجد مستقبل»: يعزو المراقبون تراجعه في الإستطلاعات إلى تشكيل تحالف بين حزبي العمل وميرتس، تحت إسم «الديمقراطيون»، على اعتبار أن الحزب يحوز عادة على الكثير من أصوات قواعد حزب العمل الإنتخابية كلما تراجع موقع الأخير في الخارطة الحزبية. وحصل الحزب على 9 مقاعد في أحدث إستطلاع للرأي نشرت نتائجه في 13/11/2025، وهو الذي حصل على 24 مقعداً في الإنتخابات الأخيرة.
• «إسرائيل بيتنا»: حزب يميني إستيطاني متطرف، يُختصر وجوده في خانة المعارضة بكونه يعارض وجود نتنياهو على رأس الحكومة بسبب خلافات شخصية لا أكثر مع رئيس الحزب أڤيغدور ليبرمان. وقد أعلن الأخير مراراً أنه حليف طبيعي لليكود، بعد تنحي نتنياهو. حصل الحزب في أحدث استطلاع للرأي- 13/11/2025، على 9 مقاعد.
• «ياشار»- حزب آيزنكوت الجديد: أعلن الرئيس الأسبق لأركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، تأسيس حزب سياسي جديد يحمل إسم «ياشار»- 16/9/2025، وقال آيزنكوت إن الحزب الجديد «سيعمل على إصلاح المجتمع الإسرائيلي، وشفائه، وبث الأمل فيه»، مضيفًا أنه «سيضع أمن دولة إسرائيل ومصالحها الوطنية فوق كل إعتبار آخر». وأضاف أنه سيسعى لـ«إنشاء بديل حكومي واسع النطاق، إنطلاقا من الرغبة في ضمان وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وقوية»، مشيراً إلى أن «مواطني إسرائيل يستحقون قيادة تخدم الجمهور بنزاهة». يشار إلى أن الحزب الجديد حصل على 8 مقاعد في استطلاع للرأي نشرت نتائجه في 13/11/2025. ويتوقع المراقبون أن يشكل الحزب الجديد مفاجأة الإنتخابات القادمة، من زاوية أنه قد يستحوذ على أصوات قواعد ومؤيدي عدد من الأحزاب في المعارضة، خصوصاً «أزرق أبيض» الذي كان رئيس الحزب الجديد شريكاً فيه.
• «بينيت 2026»: أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت- 2/4/2025، إطلاق حزب جديد بتسمية مؤقتة «بينيت 2026»، وقال إن حزبه سيكون منافساً قوياً لكتلة بنيامين نتنياهو في الكنيست. يذكر أن بينيت قد أسس سابقاً حزب «يمينا»، الذي لم يخض إنتخابات 2022، بل ترشحت باسمه وزيرة العدل السابقة أييليت شاكيد، إلا أن الحزب فشل في تجاوز عتبة الحسم في الإنتخابات■
15/11/2025

ثبت بالمراجع
أولاً- سلسلة «الطريق إلى الاستقلال»
■ فيما يلي ثبت بمراجع الموضوعات المتصلة بقراءة المشهد الإسرائيلي بعد «الطوفان»، المنشورة في سلسلة «الطريق إلى الإستقلال»، التي يصدرها المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»، ويقوم بنشرها كل من: «دار التقدم العربي» - بيروت، و«دار الكتب الوطنية» - دمشق :
1- «إنه الضم يا ذكي» - فهد سليمان، ص13-35، من الكتاب الرقم 45 بعنوان «في مواجهة مخطط الحسم»، ط1: تشرين الثاني/ نوڤمبر 2023.
2- «ثلاثية الحرب» - فهد سليمان، ص 7-108 من الكتاب الرقم 46 بعنوان «فلسطين والإقليم»، ط1: نيسان/أبريل 2024.
3- «في قلب الطوفان»، فهد سليمان، ص من الكتاب الرقم 47 بعنوان «في الحرب والمقاومة»، ط1: كانون الثاني/ يناير 2025.
4- «النظام السياسي الإسرائيلي.. هيمنة السلطة التنفيذية وسؤال «الديمقراطية اليهودية»، محمد السهلي، ص 197-211، من الكتاب الرقم 40 ، بعنوان «بين الضم والتطبيع». ط1: نيسان/ إبريل 2021.
5- «إنتخابات الكنيست الـ25»، ص 23-48، إعداد «ملف»، من الكتاب الرقم 44 بعنوان «تحت المجهر»، ط1: حزيران/يونيو2023.
6- «حكومات نتنياهو .. سياسات يمينية متطرفة، تحالفات ملغومة ونهايات مبكرة»، محمد السهلي، ص 189-211، من الكتاب الرقم 41 بعنوان «الانتخابات العامة .. إلى أين؟» ط1: أيلول/ سبتمبر 2021.
7- «تطورات المشهد السياسي- الحزبي اليهودي والصهيوني في فلسطين.. 1897-1948»، محمد السهلي، ص 151-167 من المصدر السابق.
8- «إنتخابات الكنيست الـ 21»، إعداد «ملف»، ص 161-176 من الكتاب الرقم 35 من السلسلة بعنوان: «في مواجهة صفقة القرن..». ط1: أيلول/ سبتمبر 2019 .
9- «إنتخابات الكنيست الـ 19»، إعداد «ملف»، ص 145-157 من الكتاب الرقم 37 ، بعنوان: «ملفات فلسطينية (2/2) – صفقة القرن في الميزان». ط1: كانون الثاني/ يناير 2020■
ثانياً- مواقع الكترونية
■ وفيما يلي قائمة بمراكز البحث والصحف التي شكلت مواقعها الإلكترونية معيناً على إتمام هذه الدراسة:
1- موقع المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية /«مدار».
2- موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
3- موقع فضائية «الجزيرة».
4- موقع «عرب 48».
5- موقع وكالة أنباء «الأناضول»■



#محمد_السهلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسار الأمني في «إتفاقات أبراهام»
- إنتخابات الكنيست 25
- «أحزاب الوسط الصهيونية» جديد سلسلة «كراسات ملف»
- في تطورات المشهد السياسي الإسرائيلي
- في النظام السياسي الإسرائيلي.. هيمنة السلطة التنفيذية وخطاب ...
- مايسترو بلا جوقة!
- «لعنة» أوسلو
- لا لقانون يهودية الدوله العنصري /محمد السهلي
- نحن.. والتغيير
- سؤال المصلحة الوطنية
- مواقف شجاعة
- خيارات معطلة
- الصفقة والرد المطلوب
- ماذا يريد المفاوض الفلسطيني؟
- كبوة أوباما .. والتسوية
- امتحان الإرادة السياسية
- من يقنع الآخر؟
- فتح حماس: التفاهم الثنائي ومتطلبات استعادة الوحدة
- دائرة مغلقة.. ولكن
- فشل المفاوضات.. و«نجاحها»


المزيد.....




- إيليا أبو ماضي: شاعر التفاؤل وصاحب الطلاسم
- حكومة ميرتس في مأزق: تراجع قياسي في رضا الألمان عن أداء حكوم ...
- بيان الذكرى 35 لتأسيس حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني ...
- تجدد الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة رغم وقف إطلاق النار
- أوكرانيا: خلافات أمريكية أوروبية بشأن التنازلات المطلوبة لوق ...
- قمة كوب30 تتبنى اتفاقا مناخيا لا ينص على خطة للتخلص من الوقو ...
- رئيس الأركان الفرنسي يؤكد على أهمية -الاستعداد- لمواجهة خطر ...
- فرنسا: الجمعية الوطنية ترفض أجزاء من مشروع موازنة 2026
- ماكرون يرغب في -بناء علاقة هادئة- مع الجزائر
- احتجاج أمريكي على الإعلان الختامي لقمة مجموعة العشرين


المزيد.....

- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد السهلي - المشهد الحزبي الصهيوني قبيل «الطوفان».. وبعده