أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله الفكي البشير - تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام (2-11)















المزيد.....

تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام (2-11)


عبدالله الفكي البشير
كاتب وباحث سوداني

(Abdalla Elfakki Elbashir)


الحوار المتمدن-العدد: 8532 - 2025 / 11 / 20 - 10:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مجتزأ من كتاب: الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، 2020

بقلم الدكتور عبد الله الفكي البشير
[email protected]

ختمت البروفيسور آمال قرامي تقديمها للطبعة الثانية التي ستصدر قريباً من كتاب: الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، قائلة:
"يصدر المُؤلَف في فترة حرجة من تاريخ السودان استشرى فيها العنف وتفتت فيه النسيج الاجتماعي، وكثرت فيها الخيبات والمآسي وبرزت فيها علامات التراجع عن أهداف الثورة السودانية. فهل يكون هذا المُؤلَف ملاذ الحائرين/ات والباحثين عن فهم أسباب ما يجري؟"
البروفيسور آمال قرامي
أستاذة الفكر الإسلامي والدراسات الجندرية بالجامعة التونسية، تونس


صحيفة الرأي العام وسوء الفهم وسوء النية

"محكمة الردة لم تكن إلا بداية المواجهة بيننا وبين الفقهاء. وطويلة المسألة وكان فيها مواجهة في محاضرات ومواجهة في الصحف ".
محمود محمد طه

قادت صحيفة الرأي العام السودانية على صفحاتها وضمن باب "الرأي العام: من يوم إلى يوم" حملة مستمرة على المحاضرة، وتابعت حملتها حتى بعد صدور حكم محكمة الردة. ففي إطار حملتها على المحاضرة قبل انعقاد محكمة الردة، نشرت العديد من الأخبار والمقالات، منها، على سبيل المثال، مقال جاء بعنوان: "حول عنوان محاضرة محمود محمد طه: عندما تهدد الحرية بالفتنة والاضطرابات". وكتبت، قائلة: استفزنا عنوان محاضرة الأستاذ محمود محمد طه التي ألقاها بمعهد المعلمين العالي. وأضافت الصحيفة، قائلة: إننا لا نقر أن تصل حرية الأستاذ محمود حدود استفزاز الآخرين وتعريض الأمن للخطر، وتهديد البلاد بفتنة يلعن الله من يوقظها.
رد ذو النون جبارة الطيب، عضو الحزب الجمهوري، على صحيفة الرأي العام، بمقال وأرسله للنشر إلا أن الصحيفة رفضت أن تنشره. أعاب ذو النون في مقاله، إطلاق الصحيفة حكمها على المحاضرة من مجرد العنوان، وأوضح بأن عدم توخي الدقة هو الذي أوقع الصحيفة في سوء الفهم وفي الخطأ. وقال: من ذا الذي قال بأن الاسلام لا يصلح لكل زمان ومكان؟ وأوضح بأن حتى العنوان الذي قالت الصحيفة فيه ما قالت لا يعطي ما ذهبت إليه، لأن الإسلام إن كان برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين، فالإسلام برسالته الثانية يصلح لإنسانية القرن العشرين، والقرون التي تليه، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. وأضاف ذو النون، قائلاً: لقد أصدر الحزب الجمهوري، قبل ثلاثة أعوام كتاباً بعنوان: الرسالة الثانية من الاسلام، ولقد دار حوله نقاش مستفيض على صفحات صحيفة الرأي العام الغراء بيننا وبين الشيخ محمد محمود شاهين (مصر)، كنا نحسب أن فيه الغناء.
ترتب على حملة صحيفة الرأي العام أن سعى رجال الدين، وبعض المسؤولين في الدولة لمنع المحاضرة، واستعداء السلطات، بينما كانت السلطات جزءاً من المؤامرة، كما سيأتي لاحقاً.

قاضي القضاة يخاطب رئيس وأعضاء مجلس السيادة بشأن إقامة المحاضرة

كان الشيخ عبد الماجد أبو قصيصة (1910- 1993) قاضي قضاة السودان (1965- 1969)، قد يسعي سعياً حثيثاً، وهو على رأس مجموعة من العلماء ورجال الدين، لمنع المحاضرة ولإثارة السلطات ضد الحزب الجمهوري، وكان يتوكأ على نقطة الأمن، ويظهر الحرص على الأمن. فقد بعث بخطاب إلى السادة رئيس وأعضاء مجلس السيادة، بصورة لوزارة التربية وسلطات الأمن، ينصح فيها بعدم تقديم المحاضرة المزمع تنظيمها في معهد المعلمين العالي يوم 11 نوفمبر 1968 خشية أن يكون فيها ما يثير المسلمين. لم يكن سعى قاضي القضاة لمنع المحاضرة منفصلاً عن التحركات لتدبير محكمة الردة، فقد كان هو جزءاً منها، إذ اتصل به المدعي الأول في القضية الأمين داؤد، قبل اسبوعين من انعقاد المحكمة.
على الرغم من تدخلات قاضي القضاة ومراسلاته مع مجلس السيادة ووزارة التربية والتعليم وسلطات الأمن، وتحركات العلماء لمنع إقامة المحاضرة، فإن المحاضرة تحت اصرار الطلاب واستعداد المحاضر قد قامت في موعدها بمعهد المعلمين العالي. أدى قيام المحاضرة إلى تصعيد المواجهة بين الحزب الجمهوري وقاضي القضاة والعلماء ورجال القضاء الشرعي، فانتقلت المواجهة، والتي هي مواجهة فكرية، بسبب عجز العلماء الفكري، من ساحة الحوار إلى ساحة المحكمة الشرعية.

المحكمة الشرعية وديوان النائب العام

في ظل الاصرار والاستمرار في تقديم المحاضرة بنفس العنوان: "الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين"، زادت تحركات العلماء ورجال القضاء الشرعي، الذين ظلوا يطرقون مختلف الأبواب من أجل إيقاف المحاضرة، ولمَّا فشلت تحركاتهم، قاموا من خلال المحكمة الشرعية بالاتصال بديوان النائب العام بحثاً عن سند قانوني يتم بموجبه إيقاف المحاضرة. فقد أوردت صحيفة السودان الجديد في 16 نوفمبر 1968، قائلة: "علمت السودان الجديد أن المحكمة الشرعية قد اتصلت بديوان النائب العام تستفسره عن نص قانوني يمكن الاعتماد عليه لإيقاف محاضرة الأستاذ محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري (الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين) التي قدمها بمعهد المعلمين العالي". وأضافت الصحيفة أن ديوان النائب العام "أبلغ المحكمة الشرعية أن هذا غير ممكن لأن الندوة تقام في مكان خاص".
مع فشل كل هذه التحركات من قبل قاضي القضاة والعلماء ورجال القضاء الشرعي، كشفت صحيفة السودان الجديد ضمن تحرياتها، بأن هناك اتجاه "في المحكمة الشرعية بمقاضاة السيد محمود محمد حول الأفكار التي يدعو لها".

نسخ المؤامرة في ساحة مجلس السيادة السوداني

من المؤسف حقاً أن يكون رأس الدولة أعلى سلطة سيادية ممثلاً في مجلس السيادة، وفي ظل نظام ديمقراطي، طرفاً في مؤامرة لعقد محكمة لتحكم بردة مفكر إسلامي. كان المجلس برئاسة السيد إسماعيل الأزهري، وعضوية كل من: السيد/ خضر حمد، والسيد/ داود الخليفة، والسيد/ الفاضل البشرى المهدي، والسيد/ جيرفس ياك. فقد أبرزت الوثائق أن رئيس المجلس وبعض أعضاء المجلس، اشتركوا على نحو ما في مؤامرة محكمة الردة.

مجلس السيادة ونداء الأمين داود "إلى ولاة الأمر في السودان"، 1 أكتوبر 1968

كان المدعي الأول في قضية محكمة الردة الأمين داود، قد أتصل برئيس مجلس السيادة وأعضاء المجلس، قبل المحكمة، وكان قد وجه نداءً بعنوان: "إلى ولاة الأمر في السودان"، بشأن محمود محمد طه والجمهوريين، وذلك بتاريخ غرة أكتوبر 1968، قبل المحكمة بـ (48) يوماً. كما أرسل لهم نسخاً من كتاب كان ألفه بعنوان: نقض مفتريات محمود محمد طه.
بيَّن الأمين داود بأنه تقدم بهذا النداء إلى ولاة الأمر في السودان، بإسم زملائه علماء السودان بل بإسم المسلمين جميعاً. وطالب الحكومة وولاة الأمر أن يقوموا بواجبهم تجاه الضالين المضلين، "كي لا يعم ضررهم ولا ينشر باطلهم. فهم باسم الإسلام يهدمون الإسلام وباسم الدين يقوضون صرح الدين". تضمن نداء الأمين داود حكماً على محمود محمد طه والجمهوريين بالخروج عن الإسلام والردة. وطالب النداء بالآتي:
1. أن توصد نوادي الجمهوريين في الحال ولا يسمح بفتحها.
2. لا يسمح لأحد من هؤلاء الجهال أن يتحدث بإسم الدين أو أن يفسر آية من كتاب الله وذلك بعد أن بينا فهم رئيسهم السقيم لآيات القرآن وقلة درايته بالبراهين الواضحة وذلك لأن محمود محمد طه واتباعه خارجون عن الإسلام ومرتدون. وحكم المرتد شرعاً أن يستتاب ثلاثاً، فإن لم يتب قتل كفراً لا حداً، وذلك للأسباب الآتية: ... إلخ ثم عدد ستة أسباب لذلك.
ونحن في انتظار ما تقوم به الحكومة من عمل واجب عليها تحمد عليه عند هذا الشعب الذي اختارها، وإلا فهي تتحمل تبعة حصول مالا تحمد عقباه.
أرسل الأمين داود هذا النداء مع نسخة من كتابه نقض مفتريات محمود محمد طه، وقد أوضح بأنه تلقى ردوداً مكتوبة من السيد إسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة، ومن السيد الفاضل البشرى المهدي، عضو مجلس السيادة، كما سيرد في الحلقات القادمة.
نلتقي في الحلقة الثالثة.



#عبدالله_الفكي_البشير (هاشتاغ)       Abdalla_Elfakki_Elbashir#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي الذكرى 57 لمحكمة الردة ...
- ثورة أكتوبرالسودانية ومناخ الستينيات: الانجاز والكبوات (4-4)
- ثورة أكتوبرالسودانية ومناخ الستينيات: الانجاز والكبوات (3-4)
- ثورة أكتوبرالسودانية ومناخ الستينيات: الانجاز والكبوات (2-4)
- ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية
- المبادرات الخلاقة تسوق للشراكة في الهم والواجب الإنساني: عن ...
- الدكتور عبد الله الفكي البشير: زيارتي الأولى إلى كردستان الع ...
- تكريم يَعْسُوب المهاجرين في ألمانيا: الدكتور حامد فضل الله
- تعليق على ما ورد في صحيفتي التنوير والراكوبة بعنوان: تقرير ا ...
- ملحمة أحد ضحايا الاسترقاق، تأليف جيمس مكارثي، ترجمة ياسر عَب ...
- تقديم بقلم الدكتور عبد الله الفكي البشير لكتاب: سليم أغا: مل ...
- ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (6-6)
- ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (5-6)
- ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (4-6)
- ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (3-6)
- ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (2-6)
- قراءة في سلسلة مقالات الشاعر محمد المكي إبراهيم: المستقبل ال ...
- ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (1-6)
- قراءة في سلسلة مقالات الشاعر محمد المكي إبراهيم: المستقبل ال ...
- قراءة في سلسلة مقالات الشاعر محمد المكي إبراهيم: المستقبل ال ...


المزيد.....




- تكساس تصنّف الإخوان و-كير- إرهابيتين..خطوة لحظرهما فيدراليا؟ ...
- تكساس تصنف الإخوان و-كير- إرهابيتين.. فهل يتوسع -التصنيف-؟
- حملة تضليل تستهدف مسلمي تكساس وتروج لادعاءات -محاكم الشريعة- ...
- معنى فتوى خامنئي عن السلاح النووي وشروط طهران لاستئناف المحا ...
- تنامي نفوذ الإخوان في فرنسا.. تحذيرات وتحديات معقدة
- ماذا يعني تصنيف ولاية تكساس الإخوان المسلمين و-كير- منظمات إ ...
- وزير إسرائيلي: سأتخلى عن التطبيع مع دول عربية وإسلامية إذا ك ...
- كايروس فلسطين الثانية: صوت المسيحيين الفلسطينيين في لحظة الح ...
- حين تتحوّل الأرقام إلى عبء على الروح: دعوة إلى قراءة وطنية م ...
- الاحتلال يهدم منشأة في ديربلوط غرب سلفيت


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله الفكي البشير - تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام (2-11)