|
|
استدعاء لمديرية الاستخبارات العسكرية :
حامد كعيد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 8520 - 2025 / 11 / 8 - 20:58
المحور:
سيرة ذاتية
ملاحظة : 1:( موقف حقيقي وليس قصة مختلقة واغلب المذكور اسمائهم أحياء). 2 : اعتذر جدا لأني دونت التفاصيل دون مراعاة طول الموضوعة عام ١٩٧٣ اعلن عن تشكيل ما يسمى بالجبهة الوطنية التقدمية، ترأس الجبهة حينها حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي العراقي وحزب الثورة الكردستاني وأحزاب أخرى، الكثير من متابعي السياسة وجدوا بتلك الجبهة خلاص المواطن العراقي من هيمنة الحزب الواحد، واعتقد ان هكذا قناعات لم تصمد أمام الحقيقة المرة، والكثير من الشيوعيين وجدوا ان تلك الجبهة مصيدة وكشف لتنظيمات الحزب الشيوعي العراقي. انهارت الجبهة الوطنية فعلا عام ١٩٧٨، قبل انهيار الجبهة وبعد المضايقات المتكررة، وتصفيات الكثير من كوادر الحزب الشيوعي بدأ الشيوعيون مغادرة العراق لمنافي الدنيا. عام ١٩٧٢ اسست في بابل جمعية للشعراء الشعبين، وجرت انتخابات داخل الجمعية وافرزت هيئة إدارية أغلبها من المنتمين لحزب البعث آنذاك، كنت حينها برتبة ملازم ثاني، ومن المؤكد ان كل ضابط يجب أن يرتبط بتنظيمات الحزب، وأي ضابط يقول خلاف ذلك فقد جانب الحقيقة، وكنت احب الشعر الشعبي وعندي بدايات جادة بكتابة الشعر الشعبي، ومن شروط انتماء العسكري للجمعيات هو استحصال موافقة مديرية الاستخبارات العسكرية على الإنتماء ، وفعلا رفع احد زملائي في المهنة والجمعية كتابا لمديرية الاستخبارات العسكرية عن سلسلة مراجع وحدته وحصلت الموافقة على الانتماء لجمعية الشعراء الشعبين، أنا وزميلي في المهنة والشعر . عام ١٩٧٤ أقامت جمعية الشعر الشعبي مهرجانا للقصيدة الشعبية على قاعة مديرية تربية بابل، وبحضور الكثير من أعضاء قيادة الفرع، وحضور مدير عام دور الثقافة الجماهيرية عبد الكريم مكي، ومدير دار الثقافة في بابل خالد منسي العميدي، وجمهور غفير من محبي الشعر الشعبي ضاقت بهم قاعة تربية محافظة بابل، شارك في المهرجان اغلب شعراء بابل الشعبين، وشارك حينها الراحل الشاعر علي بيعي، والراحل عبد الستار شعابث، والراحل رياض ابو شبع. نادى عريف الحفل معلنا عن مشاركة الشاعر حامد كعيد الجبوري، اعتليت المنصة وقلت ان قصيدتي مهداة للجبهة الوطنية والقومية التقدمية، وقلت فيها تضمين مستل من قصيدة مناجل للشاعر الراحل الكبير كاظم الركابي، وبدأت بقراءة القصيدة وقلت في احد مقاطعها ( يمه چلماتچ عزيزه / يل التمشي الدرب دربين / درب اللي تريده الروح / ودرب اللي تريده الناس / ويا يمه الشمع شمعين / شمع اللي بچه الروحه / وشمع اللي يظل نبراس / ويا يمه الجرح جرحين / جرح اللي يورثك ذل / وجرح اللي يشيل الراس)، ضجت القاعة بالتصفيق وطلبوا إعادة المقطع وفعلا أعدته، واكملت قائلا ( بيا درب أمشي ييمه / بيا شمع أضوي ييمه / بيا جرح أنزف ييمه / حبيبين صارولي حبيبين / واحد بهل العين أضمه / واحد ابهل العين)، صعق عبد الكريم مكي للتصفيق وتفاعل الجمهور مع القصيدة، وسأل الذي يجلس بجانبه من هذا الشاعر؟ ، فقال له انه الملازم الأول حامد كعيد الجبوري، وكنت حينها قد ترقيت لرتبة ملازم أول، فقال له عبد الكريم مكي ضابط ويكتب للجبهة الوطنية؟، والظاهر انه كان ايعازا لكتابة ما يسمى التقرير . اليوم 6 / 11 / 2025 وبعد مضي 51 سنة على الحادث أيقنت من الذي رفع عني التقرير لمديرية الاستخبارات العسكرية، كنت ولحد يوم أمس أشك في اثنين. استدعيت على خلفية القصيدة لمديرية الاستخبارات العسكرية ، بعد ورود كتاب سري وشخصي من شعبة استخبارات الفرقة الأولى، يترأس الشعبة آنذاك المقدم الركن معيوف جاسم، الكتاب معنون لكتيبة المدفعية المتوسطة 26، وامر الكتيبة حينها العقيد الركن خسرو عبد الرحمن المفتي، كنت اشغل منصب مساعد الوحدة، ومسئولي الحزبي المباشر هو ضابط استخبارات الفرقة - ذكرت اسمه -، فض غلاف الكتاب امر وحدتي وعرف مضمونه الذي يقضي استدعائي لمديرية الاستخبارات العسكرية، الرجل رحمه الله ارتبك ولم يشأ اخباري واتصل بضابط استخبارات الفرقة مستعلما منه عن الأمر، قال له ضابط الاستخبارات ان الامر عادي ولو ان ملازم أول حامد مطلوب أمنيا لصدر لنا امر القاء القبض عليه وإرساله مخفورا للمديرية، اطمئن امر وحدتي للأمر وبعث ورائي وقال لي، غدا صباحا س 8 صباحا مطلوب حضورك لمديرية الاستخبارات العامة، وأردف الأمر لا يتعدى عن الاستفسار لا أكثر، ولا ترتبك ولا تخاف، وسلمني كتاب الإرسال لمديرية الاستخبارات. قبل الساعة الثامنة صباح اليوم التالي كنت بباب وزارة الدفاع العراقية، وزارة الدفاع لها بابان رئيسان، الأول يطل على بداية شارع الرشيد من جهة الميدان - قبالة لبن أربيل كما تتحدث الطرف - ، الباب الثاني على نهر دجلة قبالة صوب الكرخ، وجدت اسمي مدون لدى استعلامات المديرية، مدير مكتب الاستعلامات بعث معي احد المراتب يوصلني لقلب المديرية، بعد أن استفسر قال لي استرح هنا في بهو الضباط سيدي، وسيأتي لك أحدهم يوصلك للمكان الذي طلبك، وجدت في البهو أحد ضباط دورتي العسكرية الملازم الأول فكرت التكريتي، سألني عن سبب استدعائي فقلت له لا أعلم اي شيء، قال قم نتناول طعام الإفطار، فطرنا سوية في بهو ضباط مديرية الاستخبارات العسكرية، ونحن نحتسي الشاي حضر جندي وقال تفضل معي سيدي، صعدنا للطابق الثاني ووقف أمام باب موصد، وطرق الباب ودخل وثم خرج فقال لي تفضل سيدي، كان الوقت صيفا وبشهر تموز، كنت ارتدي قميص نصف كم اشتريته من الحوانيت العسكرية بسعر دينار و٦٠٠ فلس، اديت التحية لرئيس اللجنة التحقيقة الذي أجهل اسمه وهو برتبة عقيد ركن، يجلس لجنبه اليمين صديق لي ضابط ركن برتبة رائد اسمه طه محمد احمد المشهداني، سبق وكان بنفس وحدتي قُبل في كلية الأركان العراقية، الرجل بادرني مستفسرا عن صحتي وعن ضباط وحدتي، وجنبه اليسار شخص ثالث يرتدي ملابس مدنية أجهل اسمه ، قبل أن يقول لي اجلس سألني رئيس اللجنة من أين حصلت على هذا القميص؟، قلت له من حوانيت الجيش، قال لي هذا اللون - يميل لون القميص الخاكي للخضار - غير مسموح به؟ قلت له كما قلت لك سيدي اشتريته من الوانيت العسكرية ، قال قميص جميل، قلت له انزعه واهديه لك سيدي ، ضحك الرجل وقال له صديقي طه ان حامد حلاوي يا سيدي، قال رئيس اللجنه تفضل اجلس، جلست وامامي منضدة عليها جهاز تسجيل ، قال لي اكبس على الزر الأحمر والزر الاسود سوية، فعلا كبست وبدأ المسجل بالعمل، قال لي هل خفت من الاستدعاء؟، طبعا خفت اي عاقل يطلب للمديرية يخاف، قال، إذن انت عملت شيء تخاف منه؟، قلت لم أفعل اي شيء يمس الوطن او المؤسسة العسكرية، قال لماذا خفت إذن؟ قلت له الآن عندكم نقيب من كتيبتي اسمه محسن موقوف لديكم من ٣ أشهر،قال طبعا يوقف بعد أن اشتكته منال الالوسي رئيسة اتحاد نساء العراق عند السيد رئيس الجمهورية لانه أزال بكارة إحدى الفتيات، ويرفض الزواج بها، قلت له معلومة نحن في كتيبتنا لا نعرف بها، قال لي تعرف أهله؟ ، قلت نعم اعرف والده، قال لي قل لوالده ان يزوره ويقنعه بالزواج من الفتاة المغتصبة، ومن ثم يطلقها لو شاء وينتهي الأمر، قلت له اوصل لوالده الخبر بإذن الله تعالى، قال لي هل شاركت بمهرجان وقرأت قصيدة للجبهة الوطنية؟ نعم فعلت، قال انت شاعر؟ قلت له نعم، قال اقرأ القصيدة، وفعلا قرأتها أمامهم الثلاثة، والثلاثة استحسنوها،قال لي لماذا اخترت الكتابة والمشاركة بقصيدة للجبهة الوطنية وعندك مواضيع أخرى يمكنك الكتابة فيها؟ قلت له سيدي الجبهة اسسها ويقودها حزب البعث العربي الاشتراكي، من يقف ضدها هو ضد الحزب وقيادته، ومن هو معها لا تثريب عليه، التفت صديقي طه لرئيس اللجنة قائلا انه حلاوي يا سيدي، قال لي سؤال اخير، قلت تفضل سيدي، قال لا يحق لك الانتساب لجمعية دون موافقة الاستخبارات؟ كيف انتميت لهم دون أخذ موافقتنا على الانتماء؟ ، قلت له نعم سيدي استحصلت موافقة المديرية، قال تعرف رقم الكتاب؟ قلت لا والله لا أعرفه ولكني انتميت للجمعية عام ١٩٧٢ بعد ورود الموافقة منكم، كبس زر الجرس ودخل الجندي وقال فتشو بموافقات الانتماء للجمعيات لعام ١٩٧٢ عن اسم حامد كعيد الجبوري، خمسة دقائق وربما أكثر بقليل عاد الجندي وبيده ورقة ناولها لرئيس اللجنة، قال الرجل نعم حصلت الموافقة، وانا اعتز بك وبموقفك وحسن وصدق اجاباتك، قلت له شكرا سيدي، قال يمكنك الانصراف، وامرني ان اكبس ثانية على الزر الأحمر فقط فتوقف حهاز التسجيل عن الدوران ، نهضت واديت له التحية وانا اهم بفتح الباب قال لي ملازم أول حامد من تتوقع الذي وشى بك وكتب عنك؟ قلت اعتقد انه الاسم الذي يسبق اسمي، ضحك الرجل وقال فعلا حلاوي لا يُخاف عليك. عدت لبيتي بعد ظهيرة يوم الاستدعاء، وحينها قالت لي امي رحمها الله ان امرك العقيد الركن خسرو أتى للبيت سائلا عنك قبل ساعة تقريبا، دخلت بيتي ورفعت سماعة الهاتف الأرضي واتصلت بآمري وطمنته عن عودتي وان الأمر طبيعي جدا. اقسم بالله لم يكن بودي ان ادون ذلك ولكن كما قلت كنت احدس ان فلان او فلان هو الذي وشى بي وكما قلت اليوم تحديدا اقسم لي من كنت اظنه الواشي الأول الذي اقسم لي ان فلان هو الذي كتب عن ذلك، لا أقول إلا يسامحه الله.
#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بابل ومهرجان المهرجانات :
-
من الذكريات العسكرية : 1 :العاشقة السورية :
-
عرض كتاب حرب ( 6 تشرين 1973 ) ومشاركة الجيش العراقي :
-
( الأمثال ومديات تداولها ) القسم الثاني / الاخير
-
( الأمثال ومديات تداولها ) القسم الأول
-
من ذكريات حرب تشرين 1973 :
-
اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين والعمل النقابي :
-
العريف علي تركي وزواج القاصرات :
-
عبد الرزاق عبد الواحد وسلوكه المشين :
-
أرى أم صخر لا تمل عيادتي :
-
الشاعر الشعبي ساسون اليهودي :
-
عرض كتاب / السيد ضايع كريم شهيد انتفاضة آذار الخالدة :
-
الشاعر الحاج زاير الدويج رحمه الله وبعضا من نوادره وسرعة بدي
...
-
يوم الكَسْلَه :
-
الوفاء والغدر : قصة وفاء نادر وزوج غادر أنا شاهدها :
-
مهرجان بابل للثقافات والفنون العالمية بنسخته العاشرة 2023 وش
...
-
مهرجان بابل ومغنية الحي تطرب
-
عروة بن الورد والعراقيين :
-
( عبد العمص) شخصية غرائبية :
-
ما قاله الشعراء الشعبين في العيد :
المزيد.....
-
ترامب: نجني ترليونات الدولارات ومن يعارضون الرسوم الجمركية -
...
-
تعرّف على -طائرة الخيال العلمي- التي قد تسافر على متنها يوما
...
-
مصير مقاتلي حماس في أنفاق رفح.. هل تفتح إعادة رفات هدار غولد
...
-
لافروف مستعد للقاء روبيو… وروسيا تتمسك بشروطها لإنهاء حرب أو
...
-
فرنسا: فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات
...
-
بوليفيا تفتح صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة
-
حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد
...
-
العراق: أكثر من 1,3 مليون ناخب عسكري يدلون بأصواتهم في الانت
...
-
اعتداءات المستوطنين تشعل الضفة الغربية وسط صمت دولي
-
تراهما بعينيك.. كوكب المشتري والقمر يزينان سماء العالم العرب
...
المزيد.....
-
أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة
/ تاج السر عثمان
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
المزيد.....
|