أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيفين عمر - حين يفقد القلب بوصلته














المزيد.....

حين يفقد القلب بوصلته


هيفين عمر

الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 21:52
المحور: الادب والفن
    


يحدث أحيانًا أن نستيقظ ولا نعرف من نحن بعد الآن.
كلّ ما كنّا نؤمن به يبدو كظلٍ بعيدٍ في ذاكرةٍ غائمة، وكلّ ما كان يهبنا الطمأنينة صار مجرّد سؤال معلّق في الهواء.
تبدأ الحكاية بصمتٍ صغير، بشعورٍ خفيّ لا يمكن تسميته، كأن شيئًا في الداخل بدأ يتغيّر دون إذنٍ منّا… ثم يتسع هذا الشعور حتى يصبح كونًا كاملًا من التساؤلات.

نكتشف أن الإيمان — أيًّا كان شكله — ليس قالبًا جاهزًا نرتديه، بل رحلة داخل العتمة بحثًا عن بصيصٍ من ضوء.
وأن الخوف من الضياع ليس دليل ضعف، بل دليل أن هناك شيئًا فينا لا يزال حيًّا، يرفض الاستسلام للسطحيات، يبحث عن الحقيقة، عن معنى يليق بكل ما نحمله من أسئلة.

الذين لم يعرفوا الشكّ، لم يعرفوا الإيمان حقًا.
فالطمأنينة التي لا تُختبر بالقلق، تشبه سلامًا بلا جذور.
كل فكرة لم تُمسّ بالشكّ تبقى هشّة، وكل يقين لم يُختبر بالأسئلة يبقى ناقصًا.
ربما لهذا السبب، كان الشكّ عند الفلاسفة الأوائل بداية الوعي لا نهايته — لأن الإنسان لا يولد مؤمنًا، بل باحثًا.

أحيانًا لا نبتعد عن الإيمان، بل نبتعد عن الصورة التي رُسمت له في أذهاننا.
نبتعد عن الأصوات التي فرضت علينا كيف نرى العالم، وكيف نفهم الله، وكيف نعيش الروح.
نبتعد لأننا نريد أن نسمع الصوت الأصدق — صوتنا نحن — حين نحاور المجهول في داخلنا بلا خوفٍ ولا وساطة.
وفي هذا الحوار الصامت، نكتشف أننا لا نبحث عن دينٍ جديد بقدر ما نبحث عن اتصالٍ صادق بيننا وبين معنى أكبر منّا.

تلك المرحلة مؤلمة…
يشبهها البعض بالتيه في صحراء بلا علامات.
لكن من سار فيها بصدق، عاد مختلفًا: أكثر وعيًا، أكثر تواضعًا أمام الحياة، وأكثر صدقًا مع نفسه.
إنها لحظة يتحوّل فيها السؤال من خصمٍ إلى صديق، ومن خوفٍ إلى بوصلة.

يقول كافكا:

> "من يملك القدرة على رؤية الجحيم في نفسه، لا يمكن أن يُهزم من جحيم العالم."



وربما هذا هو المعنى الأعمق: أن كلّ من يجرؤ على مواجهة فراغه الداخلي، يقترب خطوة من امتلائه الحقيقي.
فقدان البوصلة ليس نهاية الرحلة، بل بدايتها.
إنه الطريق الذي يعبره كلّ من يبحث عن معنى لا يُورث، بل يُكتشف وحده، في صمتٍ طويلٍ، وفي صدقٍ مؤلمٍ، لكنه يُعيد تشكيل الروح كما لم تفعل أي يقينٍ من قبل.



#هيفين_عمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قناع الفضيلة ووجه الشهوة: وحش في عباءة الإنسانية-
- أنين الأطفال: صرخات في صمت البيوت-
- -زهرة الصمود في صحراء القيود: المرأة في زمن الجراح-
- قوة المرأة في مواجهة العزلة والخذلان: من الضعف إلى القوة
- إمرأة ثائرة ..
- الرجولية الذكورية صناعة دينية
- الزواج القسري ..
- المرأة وجسدها : قوة الاستقلال والتقبل الذاتي
- تاريخ وتقسيم كوردستان: فهم العوامل التاريخية والسياسية وراء ...
- تحاكم الدين و السياسة
- العبودية الذكورية للمرأة
- مطلَّقة
- الإنسان عدو نفسه.
- طفولة مغتصبة ( زواج القاصرات)
- النرجسية...
- المرأة . الطلاق . الشرق .


المزيد.....




- العربية في اختبار الذكاء الاصطناعي.. من الترجمة العلمية إلى ...
- هل أصبح كريستيانو رونالدو نجم أفلام Fast & Furious؟
- سينتيا صاموئيل.. فنانة لبنانية تعلن خسارتها لدورتها الشهرية ...
- لماذا أثار فيلم -الست- عن حياة أم كلثوم كل هذا الجدل؟
- ما وراء الغلاف.. كيف تصنع دور النشر الغربية نجوم الكتابة؟
- مصر تعيد بث مسلسل -أم كلثوم- وسط عاصفة جدل حول فيلم -الست-
- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيفين عمر - حين يفقد القلب بوصلته