أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - صبحي حديدي - البريق الأفرو أمريكي














المزيد.....

البريق الأفرو أمريكي


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1832 - 2007 / 2 / 20 - 13:27
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


السناتور الأمريكي جو بايدن (الأبيض، المرشح للرئاسة، عن الحزب الديمقراطي) قال التالي في مديح زميله باراك أوباما (الأسود، المرشح للمنصب ذاته، عن الحزب ذاته): "أوّل أفرو ـ أمريكي من التيّار السائد، جيّد النطق وبرّاق ونظيف وحسن المحيّا". ولأنه لم يكن يتحدّث سرّاً في مجلس خاصّ، بل علانية مع مراسل صحيفة الـ "نيويورك أوبزرفر"، الذي سجّل الكلام بالصوت أيضاً، فقد اضطرّ بايدن إلى إبداء "الندم" على كلام لا يمكن أن يُفهم إلا في مدلولات عنصرية صرفة.
الطريف أنّ أحد كبار الجمهوريين، الرئيس الأمريكي جورج بوش دون سواه، لم ترهبه الاحتجاجات الواسعة على تصريح بايدن، فسارع إلى تبنّي احد أسوأ النعوت فيه، أي الـ "جيد النطق"، وقال على شاشة "فوكس نيوز" إنّ أوباما "رجل جذاب. إنه جيّد النطق. لقد ترك عندي انطباعاً حسناً حين التقيت به شخصياً". لكنّ بوش كان أكثر فطنة من السناتور بايدن، فلم يصف أوباما بـ "أوّل" جيّدي النطق في أوساط الأفرو ـ أمريكيين، لأنه في الواقع كان سيغضب وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس... كبيرة الناطقات والناطقين المجيدين في البيت الأبيض!
وإذا كانت هذه الصفة قد أثارت حفيظة السود، خصوصاً كبار بلغائهم أو مرّشحيهم للرئاسة من أمثال جيسي جاكسون وشيرلي كيشلوم وكارول موزلي براون وآل شاربتون (وهذا الأخير أبلغ بايدن أنه يستحمّ كلّ يوم!)، فإنّ نعت أوباما بالـ "برّاق" اثارت الكثير من التكهنات. فما الذي قصده السناتور بايدن بالصفة تلك، خصوصاً وأنه استخدم مفردة Bright وليس Brilliant التي كانت ستُفهم بمعناها الشائع والإيجابي والمألوف، أي الـ "لامع"؟ هل كان المقصود الإيحاء بأنّ أوباما برّاق البشرة؟ أم برّاق اللسان؟ أم برّاق الهندام؟ ثمّ هل نفهم صفة الـ "نظيف" بالمعنى الحرفي للكلمة، أي كما قصد شاربتون حين أقسم أنه يستحمّ كلّ يوم؟
في كلّ حال، هذا موقف عنصري (حتى إذا كان شطحة لسان، كما حاول بايدن الإيحاء) يصدر عن فرد، في سياق منافسة داخلية حول بطاقة الحزب الديمقراطي للرئاسة القادمة. ولكن ماذا عن المواقف، أو بالأحرى القول: السياسات، العنصرية التي تتجلى بين حين وآخر في سلوك المؤسسات الرسمية والحكومية الأمريكية، سواء على مستوى محلّي يخصّ هذه الولاية او تلك، أو على مستوى فدرالي يشمل الولايات المتحدة بأسرها؟ من الخير أن يبدأ المرء من مؤسستين كبيرتين، هما وزارة الخارجية ثمّ كالة الاستخبارات المركزية، بصدد عَلَم كبير في التراث الأفرو ـ أمريكي، هو الفنّان الكبير الأسود بول روبسون (1898 ـ 1976).
وروبسون، باختصار شديد، كان الشطر الأسود الذي لا غنى عنه في كلّ حديث صادق ـ كما في كلّ تشدّق كاذب ـ عن «الحلم الأمريكي» الشهير. لقد ولد لأبٍ أفريقي الجذور، تمرّد على استعباد السود في ولاية كارولاينا الشمالية، وقاتل ضد الجنوبيين أثناء الحرب الأهلية، وجسّد الدم الذي أراقه السود من أجل تطهير روح أمريكا من آثام تمييز عنصري بغيض بشع. وكان روبسون أوّل فتى أسود يتخرّج من مدرسة الحقوق في جامعة كولومبيا، وأوّل ممثّل أسود يؤدّي دور عطيل في مسرحية شكسبير (إذْ كان البيض يقومون بالدور، بعد طلاء وجوههم بصباغ أسود!)، وأوّل مغنٍّ أسود يتجرأ على رفض الغناء في صالة يحظّر على السود دخولها، وأوّل فنّان أمريكي أسود يأسر قلوب البريطانيين، وأوّل قدوة نضالية أمريكية يستلهمها زعماء أفارقة شباب من أمثال جومو كينياتا وكوامي نكروما...
كلّ صفات الـ "أوّل" هذه، والتي نسيها تماماً أو تناساها عامداً السناتور بايدن، جعلت روبسون أحد كبار الأفرو ـ الأمريكيين، ولكن ليس في ناظر الملايين من مواطنيه الأمريكيين البيض، وليس في تقدير المؤسسة الرسمية التي وقفت ضده، وحاربته مباشرة وبلا هوادة: وزارة الخارجية سحبت جواز سفره لأنها اتهمته بالتدخّل في شؤون السياسة الخارجية الأمريكية (دافع روبسون عن حقّ الدول الأفريقية في تقرير مصيرها!)، والطغمة المكارثية أحالته إلى المحاكمة أمام لجنة النشاطات المعادية لأمريكا، وأخيراً سهرت أجهزة الـ CIA على ضمان التعتيم الإعلامي التامّ حول نشاطاته الفنية.
والمؤرخ الأمريكي المعروف بول كنيدي كتب التالي حول هذه الحرب الشعواء: «في عام 1948 قررت وكالة المخابرات المركزية تدمير بول روبسون. لقد كان مستقبله الفني يعد بالكثير من التألّق والتأثير، ولكنهم عملوا جاهدين لتجميد الزمن، ولتجميد بول روبسون في ما نعيشه نحن من زمن، تمهيداً لاستبعاده من الوجود وفق مفهوم جورج أورويل للكائن الموجود في حالة التغييب وحدها». لماذا؟ لقد مثّل أكثر مما يمكن احتماله من «تعددية» الحلم الأمريكي، وكان شيوعياً ربما أكثر بكثير مما ينبغي أو يمكن للأخلاق الليبرالية أن تحتمل، ولم يكن عبقرية سوداء فحسب (وهذه بليّة في حدّ ذاتها عند عنصريي أمريكا) بل كان أيضاً عبقرية حمراء... وتلك طامة كبرى!
باراك أوباما أبعد ما يكون عن استئناف تلك السيرة، وثمة شرائح واسعة من الأفرو ـ أمريكيين ترفض أن يكون هو ممثّلها أساساً، ومع ذلك لم يسلم من الشخصنة العنصرية... عن طريق المديح، هذه المرّة!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوتين في هجاء أمريكا: النافخ في قربة مثقوبة
- ترانيم الاستيطان
- القيادات الفلسطينية في مكة المكرمة: وماذا عن القدس الشريف؟
- يونيسكو العمّ سام
- أمريكا الراهنة: إمبراطورية ردّ الصاع، أم الجمهورية الإمبريال ...
- فيلم أمريكي سوري... قصير
- عباس بين قبلة أولمرت وتقطيبة الأسد: العبرة في طهران
- أمازون ضدّ جيمي كارتر
- المشاورات السورية الإسرائيلية: السرّ في الاقتصاد السياسي... ...
- ممدوح عدوان... الناقد
- ستراتيجية بوش الجديدة: الحَجْر على العراقيين واستيفاء دَين ا ...
- حين قاتل الشعراء
- المشهد العراقي بعد إعدام صدّام: الفارق بين الرجل والسلحفاة
- سورية في العام 2006: المسألة اللبنانية في جذر الاستبداد
- غرفة أورهان باموك
- سورية في توصيات بيكر هاملتون: فاقد الشيء كيف يعطيه؟
- مَن يتذكّر ال -برافدا-؟
- لقاء بوش المالكي: البون شاسع بين النوايا والجثث
- قراصنة الكاريبي وذئاب المتوسط
- النظام السوري واغتيال الجميّل: شارع نقمة، وآخر نعمة


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - صبحي حديدي - البريق الأفرو أمريكي