|
حين تصبح الحزبية ودرجتها معيارا للكفاءة!!
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 1831 - 2007 / 2 / 19 - 05:44
المحور:
القضية الفلسطينية
تطورت لدينا – وبحمد الله – المعايير الحاكمة والناظمة للكفاءة ، فبعد أن كانت العائلية والانتماء القبلي ، أصبحت معايير الكفاءة لدينا حزبية وفئوية بامتياز ، فإذا أردت أن تعرف مثلا الدرجة الوظيفية لفلان أو علان والماهية الشهرية " الراتب " الذي يتقاضاه هذا الشخص أو ذاك ، فما عليك إلا أن تسال أو تستفسر عن الفئة أو الدرجة التي ينتمي إليها المقصود حزبيا ، فحسب التقسيمات الجارية لدينا حزبيا ، هناك من ينتمي إلى فئة أو ب أو ج أو د ، وهكذا أعزك الله ، وهناك أيضا العضو والمناصر أو المحسوب ، وغيرها من التقسيمات ، التي ثبت لي أنها ليست عبثا ، فبمقدار درجتك التنظيمية والحزبية ، يتحدد مستقبلك الوظيفي ودرجة استقرارك المعيشي .
أنا شخصيا كاتب هذه السطور ، كنت من الأوائل في الثانوية العامة وأيضا في الجامعة ، حيث في الأخيرة حصلت على درجة متقدمة في مجموعي التراكمي في قسم الحقوق ، ولكن تبين لي أن هذا التفوق لاقيمة له في عرفنا الحزبي والتنظيمي ، المهم في البيئة السياسية الفلسطينية هو اتجاهك الحزبي والدرجة الحزبية التي تتمتع بها . ففي عهد حركة فتح التي كانت تسيطر على السلطة ، كان يمنع أي شخص ينتمي إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي بشكل عام أن ينخرط في مؤسسات السلطة وأجهزتها الأمنية ، وان كان يحدث عكس ذلك ، فإنما كان يحدث الاستثناء ، وكما هو معروف في كل قوانين الدنيا وأعرافها أن الاستثناء أمر طارئ لايقاس عليه أبدا ، أذكر في عام 2002 ، اضطرتني الحاجة والظرف الأسري أن أقدم طلبا ثم آخر ثم ثالث ، والاتجاه إلى كل "المحاسيب " والوسطاء الأشاوس ، لكي ألتحق بإحدى تلك الأجهزة ، بعدما استنفدت كل الوسائل المتاحة ، لكي انخرط في وظيفة مدنية تناسب التخصص الذي درسته وتخرجت فيه ، إلا أن طلباتي تلك ذهبت إلى عالم النسيان ، رغم أن كل الشروط الأكاديمية والصحية كانت متوفرة والحمد لله ، إلا أنني كنت في عرف الفاحصين والمستقصين عني كما يبدو فاشلا حزبيا ، كوني لا احسب على الحركة أو الحزب الذي يسيطر على السلطة في ذلك الوقت .
أنا لست متقصدا حركة فتح على وجه الخصوص ، وأنها هي فقط التي تحكمها الجوانب الحزبية والتنظيمية في تحديد أهلية الشخص العلمية وبالتالي كفائتة ومناسبته لهذه الوظيفة أو تلك ، بل إن الأمر ينسحب على مجمل الواقع الحزبي في الأراضي المحتلة بشكل عام ، وان كانت هذه الممارسات الحزبية بارزة بدرجة كبيرة جدا في عهد حركة فتح ، حماس هي الأخرى وللأسف تحكمها المعايير الحزبية والدرجة التنظيمية لكن بدرجة اقل، لكنها في كل الأحوال تقترب من الظاهرة التي ينبغي التحذير منها والتنويه إلى خطورتها ، هناك أصحاب علم ومعرفة يتفوقون على كثير من أقرانهم الذين يتبوءون مواقع ومناصب في نفس التخصص، في حين أن الأولين يتم حرمانهم منها ، أو يكون وضعهم الوظيفي درجة وراتبا اقل من هؤلاء الذين يتدنون عنهم في المعرفة والاختصاص، والسبب بكل وضوح، فتش عنه في المعايير الحزبية الناظمة لمعايير الكفاءة والتوظيف ، ستجده عندها بكل سهولة !!.
هذا موضوع خطير جدا ، ينبغي معالجته والتخلص من آفته بأسرع وقت ممكن ، لأنه باختصار يتلف العصب الباعث بالنبض والحيوية باتجاه تحفيز الإنسان الفلسطيني نحو التفوق والإبداع ، فحين يجد الطالب الفلسطيني أن المعيار في الوظيفة والمنصب انتماؤه الحزبي لهذا الفريق أو ذاك وكذلك درجة هذا الانتماء وفئته ، فحتما سيتولد لديه شعور داخلي كامن باتجاه تحقير وتتفيه المعايير العلمية والمهنية ، وبالتالي سيحرص على دقة اختياره التنظيمي وعلى تفريغ جهده واستنفاده لترقيه وترفيع مستواه التنظيمي .
الأحزاب الثورية التي تناضل من اجل الحرية والاستقلال ، تحرص دوما على جعل صفوف حزبها عامرة بالكفاءات العلمية والمهنية وكذلك الأخلاقية ، وبالتالي لاتجعل للمعايير الجهوية والفئوية والحزبية القبلية نصيبا في معايير الحكم والتقييم على أهلية الآخرين وقدراتهم .
كتبت مقالي هذا من شدة ما ينتابني من الم وإحباط ، حينما أرى أن الذين كانوا زملاء لنا في الجامعة ، ومستواهم الأكاديمي والعلمي يرثى له ، تبوؤوا وظائف ومناصب ومراكز لايستحقونها أبدا ، وهم عبء على الجميع وعلى مشروعنا التحرري بشكل عام . لذلك قبل الحديث عن تحرير الوطن وإقامة الدولة وإعادة اللاجئين ، علينا أن نسأل أنفسنا عن ضرورة القيام بثورة أخلاقية تضع الأمور في نصابها الصحيح ، ليكون بعدها الإنسان الفلسطيني مؤهلا – وبحق- لتحمل عبء ومسؤولية تحقيق إقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة ، وتحقيق حق العودة ولم الشتات للاجئين الفلسطينيين من ديار الغربة والشتات.
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفرق بين الالتزام والاحترام في خطاب التكليف الرئاسي؟؟
-
تفسير الذي يجري للفلسطينيين في العراق؟؟
-
ما أخشاه من لقاء مكة!!
-
هل من حل لمشكلة الفلسطينيين في العراق؟؟
-
المعالجات الجذرية للخلافات الداخلية الفلسطينية
-
اللجان الفلسطينية الحاضرة الغائبة عن العمل
-
الحالة الراهنة للقارىء والكتاب في الاراضي الفلسطينية
-
جوهر الصراع يكمن في قضية اللاجئين الفلسطينيين
-
المناورة الاخيرة
-
فيم الاختلاف مع حماس؟
-
سيناريو المشهد الاخير في مواجهة حماس
-
تبكير الانتخابات بالدم الفلسطيني!!
-
التآمر على حق العودة يبدأ
-
هل تعلم جماهير فتح بالحل الذي يقبله الرئيس عباس ؟؟
-
الحل الامثل للتوصل الى حكومة الوحدة الفلسطينية
-
هل دعوة الرئيس عباس للانتخابات المبكرة قانونية؟؟
-
في المنطقة مشهدان فقط!!
-
حقوق الانسان لاتشمل الفلسطينيين والعرب!!
-
قراءة في رهاني قطبي الساحة الفلسطينية
-
حماس والمسار المطلوب
المزيد.....
-
نتنياهو يعلق على قبول حماس وقف إطلاق النار والسيطرة على الجا
...
-
لوكاشينكو: العالم أقرب إلى حرب نووية من أي وقت مضى
-
غالانت: عملية رفح ستستمر حتى يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح
...
-
الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا
...
-
معبر رفح.. الدبابات تسيطر على المعبر من الجانب الفلسطيني مع
...
-
حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة
...
-
اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج
...
-
كاميرا مثبتة على رأس الحكم لأول مرة في مباراة الدوري الإنكلي
...
-
بين الأمل والخوف... كيف مرّت الـ24 ساعة الماضية على سكان قطا
...
-
وفود إسرائيل وحماس والوسطاء إلى القاهرة بهدف هدنة شاملة بغزة
...
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|