أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد يونس موحان الحلفي - (الصورة الذهنية في التسويق ... الدعاية الانتخابية العراقية نموذجا)‏ ‏(الصورة لا ترمم بالكاميرا بل بالصدق)














المزيد.....

(الصورة الذهنية في التسويق ... الدعاية الانتخابية العراقية نموذجا)‏ ‏(الصورة لا ترمم بالكاميرا بل بالصدق)


احمد يونس موحان الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 14:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(الصورة الذهنية في التسويق ... الدعاية الانتخابية العراقية نموذجا)‏
‏(الصورة لا ترمم بالكاميرا بل بالصدق)‏
في علم التسويق، تُعد الصورة الذهنية‎ (Brand Image) ‎من أهم مفاتيح التأثير في الجمهور. فهي ليست مجرد مظهر ‏أو شعار، بل تمثل الانطباع المتكوّن في ذهن الناس عن كيان ما ‏‎— ‎سواء كان منتجًا أو شركة أو حزبًا أو حتى شخصًا‎.
إنها “الملف النفسي” الذي يخزّنه العقل عن هذا الكيان، عبر تراكم الصور والشعارات والخطابات والتجارب السابقة ‏التي يمرّ بها المتلقي‎.‎
فالعقل الإنساني لا يتعامل مع الصورة على أنها شكل فحسب بل كرمز مشحون بالعاطفة كل لون، وكل وجه وكل شعار ‏يُصبح بمرور الوقت منبّهًا نفسيًا يحفّز استجابات شعورية معينة: ارتياح، ثقة، نفور، أو حتى غضب‎.‎

هذه الظاهرة تُعرف في علم النفس التسويقي باسم ‏‎"‎الارتباط الشرطي‎"‎‏ أي أن تكرار الصورة في سياق معين يجعل ‏الدماغ يربطها تلقائيًا بتجربة أو شعور محدد، حتى دون وعي منّا وهنا يأتي الوجه المعكوس للمفهوم في الحالة العراقية‎
ففي العالم الطبيعي للتسويق تُستخدم الصورة لبناء الثقة وتحفيز الانتماء وغرس الأمل في المستقبل لكن في المشهد ‏الانتخابي العراقي، تحوّلت الصورة إلى أداة نفور جمعي أكثر منها وسيلة إقناع لقد فَقَدَت الصورة السياسية معناها ‏الإيجابي بعدما ارتبطت في الذاكرة الشعبية بمفردات الخداع والخذلان بدل الصدق والتغيير‎.‎‏ ‏
منذ عام 2003 وحتى اليوم، تعاقبت الوجوه ذاتها تقريبًا على اللافتات الانتخابية، بنفس الابتسامات، وبنفس الشعارات ‏المتكررة التي لم تُترجم يومًا إلى واقع ملموس لذلك، حين يمرّ المواطن اليوم أمام تلك اللافتات فأنه لا يرى “مرشحًا ‏واعدًا” بل تذكيرًا بصورٍ قديمة ارتبطت في ذهنه بخيبة أمل طويلة الأمد فاللافتة التي أُريد لها أن تبثّ الأمل صارت تبثّ ‏السخرية أو الغضب والمواطن بدل أن يتفاعل مع الرسالة الدعائية أصبح يتعامل معها كـ إعلانٍ مستفزّ يذكّره بما لم ‏يتحقق هذا التحول النفسي ليس عابرًا إنه نتيجة تراكم طويل من التجارب السياسية الفاشلة‎
فالناخب العراقي خصوصًا الكبير في السن، بات يملك "حصانة شعورية" ضد هذه الصور حين يرى وجهًا مألوفًا على ‏الجدار، لا يستقبل الرسالة الجديدة، بل يستدعي أرشيفًا كاملاً من الوعود المكسورة بمعنى آخر، لم تعد الصور تُقنعه بل ‏تُذكّره بما خسر‎.‎
وهنا تكمن المفارقة التسويقية والسياسية‎:
في البلدان التي تُدار حملاتها بذكاء تسويقي تُبنى الصورة الذهنية على الثقة المتبادلة وعلى وعود يُمكن التحقق منها ‏أما في العراق فالحملات الانتخابية ما زالت تُدار بعقلية “الظهور لا الإقناع” فترى آلاف الصور تُغطي الجدران ‏والشوارع لكنها لا تُضيف شيئًا للقيمة الرمزية للمرشح لأن الجمهور ببساطة فقد الإيمان بالرمز نفسه لقد أصبح المشهد ‏الانتخابي نوعًا من التكرار البصري المرهق حيث تتنافس الصور لا الأفكار وتُعاد نفس الوجوه بأزياء جديدة وشعارات ‏منسوخة‎.
وكل هذا يجعل الصورة الذهنية في الخيال الشعبي تتآكل بدل أن تنمو‎.‎
إنّ الدعاية الانتخابية في العراق اليوم تحتاج إلى إعادة تعريف جذري فالمواطن لم يعد بحاجة إلى وجه مبتسم على لافتة ‏ضخمة، بل إلى تجربة سياسية صادقة تُعيد بناء الثقة ذلك لأن الصورة، في جوهرها، ليست لوحة تُعلّق على جدار، بل ‏عقد نفسي بين المرسل والمتلقي وحين يُخلف المرسل وعده، ينهار العقد، وتتحول الصورة إلى رمز سلبي، مهما كانت ‏فنيًّا جميلة أو تسويقيًا متقنة‎.‎
لذلك، يمكن القول إن العراق قدّم نموذجًا عكسيًا نادرًا في علم التسويق السياسي‎:
فبدل أن تكون الصورة وسيلةً لتحسين الانطباع أصبحت أداةً لفضح التناقض بين القول والفعل ولعل هذا يفسّر سبب ‏النفور الشعبي الواسع من الدعاية الانتخابية خصوصًا بين كبار السن الذين يرون في تلك الصور وجوهًا تُذكّرهم ‏بالخذلان لا بالأمل‎



#احمد_يونس_موحان_الحلفي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( بيت بيوت .. لعبة اصبح يلعبها الكبار )
- جمال الغيطاني بين (حرّاس البوابة الشرقية) و (الزيني بركات ) ...
- بين مكنسة (جاسمية) وصخرة (عبعوب) ..ما هكذا تستغفل الشعوب؟؟
- الحصة التموينية .. بين المليون والنص و(آه ونص)
- عندما تتحول الفجوة إلى جفوة -خارطة طريق لإدارة الشارع العراق ...
- ضرورة تطبيق أساليب الجودة في المدارس العراقية ..الى وزارة ال ...
- دوائر النزاهة والمفتش العام..خط ساخن - خطوط باردة
- التخطيط الإستراتيجي ودوره في تنمية الاستثمار في محافظة البصر ...
- دوائر النزاهة والمفتش العام..
- قياس تكاليف الجودة في الشركة
- استراتيجية التطوير والإصلاح الإداري لدوائر الدولة


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يعلن عن تكريم نبيل شعيل وعبدالرب إدريس في موسم ...
- جاريد كوشنر: لن تخصص أموال لإعادة إعمار مناطق سيطرة حماس في ...
- حاكم إقليم دارفور لبي بي سي : -الأوضاع في الفاشر كارثية، وال ...
- استراتيجية روسيا الجديدة للهجوم على الطاقة تدفع أوكرانيا إلى ...
- فانس من إسرائيل: تفاؤل بوقف النار .. خطة ترامب تتقدم وسط دعو ...
- فانس يعلن من إسرائيل تفاؤله بهدنة غزة.. ماذا عن سلاح حماس؟
- البرهان يزور مطار الخرطوم بعد استهدافه بمسيّرات
- ويتكوف يتحدث عن شهر حاسم باتفاق غزة وفانس يبحث مرحلته الثاني ...
- تحقيق للغارديان: صينيون في خنادق أوكرانيا بحثا عن معنى للحيا ...
- نتنياهو يقيل رئيس مجلس الأمن القومي.. والأخير يتحدث عن الفشل ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد يونس موحان الحلفي - (الصورة الذهنية في التسويق ... الدعاية الانتخابية العراقية نموذجا)‏ ‏(الصورة لا ترمم بالكاميرا بل بالصدق)