باسم الماز عيسى
الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 11:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشائعة الثانية---كما هو معروف فأن السلطة في عام 1970 لم تكن قوية بما يكفي لمواجهة اعدائها الاقوياء, فهي محاطة بأعداء كثيرين من الداخل والخارج. كان للشيوعيين العراقيين نفوذ كبير في الشارع العراقي وبدرجة أقل في وحدات الجيش, حيث تم تقليص عددهم واستبعادهم كليةً من الجيش في عهد العارفين عبدالسلام- عبدالرحمن, فيما كان لحركة القوميين العرب الثقل الاكبر في وحدات الجيش من خلال تواجد القادة وكبار الضباط من ذوي التوجه القومي والذين ازداد عددهم اثناء حكم الأخوين عارف,وبالمقارنة بعدد الضباط البعثيين فقد كان أي البعثيين عددهم قليل جدا ,فعدا الرئيس البكر وصالح مهدي عماش وحردان التكريتي وحماد شهاب فأعلى رتبة لضابط بعثي في الجيش انذاك كانت رتبة(رائد) وهي رتبة متوسطة لاتسمح لحاملها ألا بقيادة وحدة عسكرية بمستوى فوج مشاة أو كتيبة دبابات أذا سمح له بذلك, سعدون غيدان امر كتيبة دبابات القصر الجمهوري لم يكن بعثيا بل منح درجة(نصير ) في الحزب بعد 17 تموز 1968, أي ليس عضوا عاملا وهي الصفة التي تطلق رسميا على البعثي بعد انتقاله من درجة(المؤيد) ثم (النصير) وتليها(النصير المتقدم) وبعد الدخول في دورات تأهيلية ثقافية أو أمنية مع انجاز بعض الواجبات ككتابة التقارير عن الوضع في الداخل وجمع المعلومات عن أعداء السلطة أو المشكوك بأمرهم وولائهم حيث ترفع التقارير الى المسؤول الحزبي في المنطقة او الوحدة العسكرية اوالدائرة الحكومية ثم يتم قبول النصير المتقدم كعضو عامل في الحزب بعد انهائه دورة ثقافية ويختمها بترديد قسم الولاء للحزب يمنح درجة العضوية , ولايخفى انه تم تأسيس مكاتب ثقافية ومدرسة الاعداد الحزبي لتأهيل الاعضاء والكوادر تلك
.انتبهت قيادة السلطة للخطر الكامن من سيطرة الضباط القوميين على كل مفاصل الجيش وقطعاته الفعالة ,فوجدوا حلا سريعا وفعالا لمعالجة الأمر بأن أعلنوا عن دورات سريعة لاتتجاوز 6-9 أشهر لمن يحمل شهادة المتوسطة من شباب العوائل البعثية أو الذين تتم تزكيتهم من منظمات الحزب للأنخراط في تلك الدورات حيث وبعد أكمالهم الدورة يمنحون رتبة نائب ضابط حربي والتي تعرف في العراق بمصطلح(الموس) ويتم توزيعهم على الاماكن الحساسة مثل القصر الجمهوري او المكتب العسكري و الجهاز الامني المعروف بأسم (مكتب العلاقات العامة )والذي تحول لاحقا الى جهاز المخابرات. برزان ابراهيم الحسن ألأخ الغير شقيق للرئيس صدام تم ترشيحه من مجموعة الحماية الشخصية حيث كان مسؤولا عنها ولم يكن عددافراد الحماية يتجاوز العشرة افراد وبموكب ومرافقة من 3 سيارات مارسيدس بيضاء اللون, صباح مرزا محمود والذي سيبرز اسمه لاحقا كمرافق أول للرئيس حيث التحق للحماية الشخصية للرئيس السابق اواخر شهر أيلول 1969 ايضا دخل الى الدورة الثانية لنواب الضباط الحربيين والتي جرت في مدرسة المظليين / جناح الصاعقة في معسكر الرشيد في بغداد واَمر الدورة كان العقيد المظلي محي الدين الطيار, تم ترشيح صباح من مكتب العلاقات العامة ومقره قصر النهاية حيث عمل بصفة محقق. في 14 تموز تم تخريج الدورة الثانية وجرى استعراض مهيب للمتخرجين في كلية الاحتياط وتم توزيعهم على الاماكن الحساسة , فعاد برزان الى الحماية الشخصية لأخية وأعيد صباح الى مكتب العلاقات العامة وحمل الأسم الحركي ملازم(يوسف) .
جديربالذكر أن قيادة السلطة ولغرض موازنة عدد الضباط البعثيين في الجيش مع عدد الضباط القوميين, فعدا أطلاق الدورات أعلاه , عملت على تقييد قبول الطلبة من العوائل ذات التوجه القومي من القبول في الكليات العسكرية وكذلك كلية الشرطة مع تحييد دور الضباط القوميين ونقلهم من الوحدات الفعالة الى وحدات أدارية او احالتهم الى التقاعد وحتى اقحام اسمائهم في مؤامرات حصلت ضد السلطة, وتاليا مثالين كان والدي شهادا عليهما حصلتا عن حالة النقل الى مناصب أدارية أو الأشراك في المؤامرات منها ماحصل مع ابن مدينتنا العقيد عبد المجيد الفدعم اَمر الانضباط العسكري وهي قوة لايستهان بها ومؤلفة من مئات او الاف الرجال المسلحين بأسلحة بسيطة كمسدس أو بندقية, وحالة الرائدالركن عبدالستار العبودي.
في مساء 16/12/1969 وصل مؤسس حزب البعث العربي الاشتراكي ميشيل عفلق الى مطار المثنى في بغداد لغرض الاستقرار في بغداد وألاشراف على تجربة الحزب الثانية في السلطة في العراق, كانت لحظة حاسمة وسعيدة لقيادات وأعضاء الحزب, بدت ملامح الفرح والسعادة على وجوه مستقبليه من الكادر المتقدم في الدولة والحزب.
أن وجود ميشيل عفلق في بغداد منح المشروعية للسلطة الجديدة, الغريب في ألأمر أن الرئيس البكر وحردان التكريتي لم يكونا من الذين شاركوا في استقبال ميشيل عفلق!! . بعد وصول الرئيس صدام مع افراد حمايته ومنهم والدي الى المطار و جد أن معظم مسؤولي السلطة بأنتظار وصول ميشيل عفلق ومنهم العقيد عبد المجيد الفدعم اَمر الانضباط العسكري وانتبه الرئيس لحصول سلام وكلمات ودية من الفدعم مع والدي و فسأل الرئيس صدام عبدالمجيد الفدعم هل تعرفه؟ أي هل الفدعم يعرف والدي (الرئيس صدام ذوو حس أمني عالي وسبب سؤاله انه قد تكون هناك علاقة سياسية او تنظيمية بينهما قد تستغل ضده؟ )ووالدي بحكم عمله كان قريب جدا( مكانيا )من الرئيس حيث الدوام الصباحي والمسائي في مدى12- 14 ساعة يوميا ويدخل عادة ولعدة مرات الى غرفة الرئيس مسلحا بمسدس ومن حق الرئيس الأطمئنان من علاقات افراد حمايته مع الاخرين وخاصة الضباط وهم عادة أداة التغيير لأي سلطة في العراق, أطمئن الرئيس صدام لأجابة الفدعم أن( والدي أبن ولايته ) اي يسكنون نفس المدينة ,المقدادية والمعروفة شعبيا وتاريخيا بأسم(شهربان) ودار الفدعم لايقصلها عن دار جدي عيسى سوى حديقة تعرف بالمشتل ولسنوات قليلة خلت كان شقيقه عقيد الشرطة المتقاعد عبدالحميد وابنائه يسكنون تلك الدار.
الرئيس صدام أستخدم أسلوبا لكسب الناس يشابه اسلوب الزعيم عبدالكريم قاسم والزعيم جمال عبدالناصرومؤكد انه( معجب بهما حيث سمعه والدي ولعدة مرات يمتدحهما) وذلك لزيادة قاعدته الشعبية بين افراد الشعب وأيضا مسؤولي الدولة ,حيث وبعد انتخابه نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة في 9/11/1969, بعد تأهيله بمبلغ يقارب الاربعة الاف دينار, فتح الرئيس صدام ابواب مكتبه لكل الناس ونشر رقم هاتف الاستعلامات والهاتف المباشر له في دليل هواتف بغداد وكان يساعد جل زائريه عدا حالة واحدة وهي لأمرأة أدعت أنها من اقاربه وعرفها فعلا وطردها, لموقف سلبي منها تجاهه قبل الوصول للسلطة (لست بصدد ذكرالتفاصيل الان).
مكتبه كان يدعى المجلس الوطني,تم افتتاحه في عهد عبدالكريم قاسم في 14 تموزعام1961, شعر والدي ان الرئيس صدام بدا مرتاحا من الانتقال للعمل من غرفة قرب غرفة الرئيس البكر في مبنى القصر الجمهوري الى مبنى مستقل وواسع وكبير حتى أن قرحة المعدة بدأت تخف وانتهى العلاج منها بعد بضعة اشهر من يوم الانتقال فظهرت ملامح التعافي واضحة على وجهه وبدأ الاصفرار من لون بشرته يتضاءل .
كانت منطقتا بسماية والرضوانية هما المكانان المفضلان للرئيس لممارسة هوايته المحببة الى نفسه وهي هواية صيد الطيور وغالبا يختار يوم الجمعة لممارسة تلك الهواية, في احدى رحلات الصيد طلب من عبدالمجيد الفدعم مرافقته الى تلك الرحلة مستثمرا أياها للتعرف على شخصية الفدعم وتوجهاته الفكرية ولكي يقرر ويحدد أمكانية تعزيز العلاقة بينهما ؟ لكن, نتائج تلك الرحلة جاءت عكس ماكان يريده أو يخطط له الرئيس صدام, حيث جعلت الطرفين يخرجان بأنطباع سلبي لكليهما عن الطرف الاخر!!!-----يتبع
#باسم_الماز_عيسى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟