باسم الماز عيسى
الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 13:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجزء الاول:
أثناء وبعد احداث ايلول عام 1970 وعند وقوع المصادمات العنيفة بين التنظيمات الفلسطينية من جهة والقوات الامنية والعسكرية في الاردن من جهة اخرى, تسربت للأوساط الحزبية وأقصد هنا تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق معلومات عن انقسام حدث بين قادة البعث بخصوص الموقف من تلك الاحداث, برز اتجاهان رئيسيان الاول يمثله الرئيسان البكر وصدام ويتميز بالواقعية والاعتدال وضرورة تجنب اقحام السلطة وهي ضعيفة نسبيا في الدعم الفعلي للتنظيمات الفلسطينية بالسلاح أو ادخال القطعات العسكرية العراقية المتواجدة في الاردن انذاك في مواجهة القوات الاردنية لصالح الفلسطينيين والتي ستفسر بالضرورة على انها عداء مباشر وفعلي ضد نظام الحكم في الاردن مما قد ينتج عنه ايضا موقف امريكي وأسرائيلي سلبي تجاه نظام الحكم الجديد في العراق.
في ذلك العام قرر والدي أستأجار منزل في منطقة شعبية في جانب الكرخ من بغداد تدعى المنصورية / محلة الدوريين جوار المحطة العالمية للسكك الحديدية , كان هذا البيت يعود لرجل دين من اصول ايرانية يدعى سيد علي داي والمعروف بأبو مراد وقد تم تسفيره الى ايران في شهر نيسان من عام1980, من سخريات القدر ان جارنا كان الشقي المعروف طالب ماهية.
في أحد الايام رن تلفون المنزل الارضي أو السلكي في الدار وكان المتصل صديق الوالد المرحوم فليح حسن الجاسم التميمي مسؤول شعبة الحزب في قضاء المقدادية,شهربان, (ارتقى سلم المسؤوليات وترقى الى منصب عضو قيادة قطرية ووزير للصناعة في النصف الثاني من السبعينات),تم لاحقا اعفاءه من مسؤولياته ومناصبه لأختلافه مع الرئيس صدام في كيفية التعامل مع تداعيات الحادثة المعروفةب(خان النص) ورفضه التوقيع على اعدام المشاركين ألأ بعد أطلاعه على حيثيات الحكم, بعد اعفاءه تمت اعادته لوظيفته السابقة كمعلم وابعاده عن منطقة سكناه اي محافظة ديالى وتحديدا شهربان الى محافظة صلاح الدين(محافظة الرئيسان البكر وصدام) .انتهت حياة فليح حسن الجاسم بعملية اغتيال نفذت من قبل فردان من عناصر المخابرات العراقية يستقلان سيارة تويوتا صالون بيضاء اللون قرب دائرة تجنيد المقدادية (دائرة عسكرية) ومقابل محطة تعبئة الوقود الحكومية في شهربان, حيث أعترضوا سيارته الفيات من ماركة(نصر) واوقفوها في منتصف الشارع واطلقوا عليه الرصاص اوائل شهر اَب عام 1982.
بعد التحية والاستفسار عن الاحوال سأل فليح والدي عن موعد نزوله في اجازته ليلتقيه في مدينتا, فأعلمه والدي ان موعد اجازته الشهرية قريبة جدا(كل شهر تكون فترة الاجازة ثلاثة أيام).
عند وصول والدي لدار جدي وبعد ساعة من ذلك جاء صديقا والدي فليح وزميله رشيد طعان كاظم,اصبح عضو قيادة قطرية للحزب في اخر كابينة قبل الاحتلال الامريكي للعراق عام2003.
بعد الترحيب بهم في بيت جدي عيسى سأل والدي المرحوم فليح -- يبدوا ان هناك أمرا مهما جعلك لاتحدثني به في التلفون—فأجاب فليح, نعم, لقد جاء ألينا ومتجنبا التكلم معنا تلفونيا,الرفيق مزبان(مزبان خضر هادي, عضو قيادة قطرية في اخر كابينة وتوفي في السجن قبل بضعة سنوات ) من مندلي وهي تبعد عن شهربان حوالي 50 كيلو متروأعلمنا ان هناك أشاعة انتشرت بين الحزبيين وابناء المدينة وأن مشاجرة حصلت بين صدام وحردان ( حردان من اشد الداعمين للتدخل العسكري الى جانب الفلسطينيين حيث وعدهم مسبقا بموقف حازم حال اندلاع المواجهة مع القوات الاردنية) وأن صدام اصيب بأطلاقة في قدمه من مسدس حردان؟ ومزبان جاء ليتأكد ومن خلالك عن صحة المعلومة --نفى والدي الشائعة جملة وتفصيلا وأنه قد غادر مبنى المجلس الوطني (مقر صدام, نائب رئيس مجلس قيادة الثورة) قبل ثلاثة ساعات من هذا اليوم.
بعد انتهاء الاجازة والتحاق والدي الى مقر عمله كمرافق للرئيس صدام في مبنى المجلس الوطني, لاحظ أن الهدوء يخيم داخل المكتب ولم يجد أحدا من زملائه في غرفة المرافقين, فذهب لتوه الى سكرتير الرئيس صدام(النقيب علي العبيدي) وسأله—سيدي وين الجماعة؟ أشو ماكو ولا واحد منهم؟ فأجاب علي العبيدي—جبنا حلاق وجاي يزينابو عدي بالحديقة, أي جئنا بمزين لقص شعر الرئيس صدام وهم الان في الحديقة.
خرج والدي بأتجاه حديقة مبنى المجلس الوطني(مؤكد انها ليست الجزء الامامي من الحديقة وهذا نوع من الحس الامني للرئيس صدام في عدم الجلوس هنا والانكشاف للاخرين) فوجد زملائه من الحماية يبتعدون حوالي 5 امتار عن الحلاق(المزين) وصدام –أقترب والدي منهم بهدوء وألقى السلام عليهم بصوت خفيض, انتبه الرئيس صدام للصوت ولم يميزه, فبادر الى سؤال المرافق الأول صباح مرزا محمود وبكلمة بغدادية محببة— دادا صباح منو من الولد التحق الان؟ فأجاب صباح – ألماز وصل الان--- فبادر الرئيس صدام وظهره لافراد الحماية ودون أن يلتفت أليهم ---شلونك ألماز—شكو ماكو—الناس ايش تحجي وايش تكول!!, ان عبارة شكو ماكو هي لازمة للرئيس صدام يستخدمها دائما مع افراد حمايته كمصدر للمعلومة يستقيها من خلالهم من الناس و مما يحصل في الشارع, ولكن عبارة الناس ايش تحجي وأيش تكول خمنها والدي وهو الخبير بالاهداف التي تقف خلف الكلمات أن الشائعة قد وصلت للرئيس صدام من مصدر اخر والافضل ان يخبره بها ليؤكدها, هنا قال والدي---عمي أخاف أحجي وتسجني؟ فرد صدام وباللهجة التكريتية ,أحجي واللي يسجنك بعدوا ماطالع من بطن أمو, أحجي أي( ان الذي يسجنك لم تلده أمه بعد,تكلم)—اكمل والدي حديثه وأردف قائلا, جائني رفاق من الحزب في شهربان (لم يذكر أسما فليح ورشيد) وأخبراني ان عركة (مشاجرة) بين صدام وحردان حصلت في احد ممرات القصر الجمهوري وان حردان أصاب صدام بأطلاقة مسدس في قدمه؟. هنا لم يرد صدام ,انقطع الحديث واطبق السكون على الجميع وأستمرالحلاق في أكمال مهمته فأنهاها وعدنا الى داخل المبنى.
#باسم_الماز_عيسى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟