أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى القرة داغي - روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة















المزيد.....

روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 02:49
المحور: الادب والفن
    


نَعَت السينما العالمية قبل أيام أسطورتها روبرت ريدفورد، بوَصفِهِ مُمَثلاً ومُخرجاً وصانعاً لها، فقد ساهَم برَسم مَلامِحَها لعُقود. خلال مَسيرته الطويلة فاز بالأوسكار كمُخرج، وعام 2002 كرّمَته أكاديمية السينما بجائزة الإنجاز مَدى الحياة. بَرَع في أداء جَميع الأدوار، الخفيفة أو المُرّكّبة، لعب دَور الشِرّير والمُجرم والطيب والعاشِق وهامِس الخيول والصَحَفي، وهذا ما جَعَله نَجماً مَحبوباً، ليسَ لجيل فقط بل لأجيال، وليسَ لوَسامته فقط بل ولجاذبيته وتواضُعِه وذكاءِه وغُموضِه في آن. كان ريدفورد، المَولود في سانتا مونيكا عام 1936، أحَد أبرز نجوم هوليوود وخير نموذَج لها على مَر العُصور.

روحه الشَغوفة بالفن مُنذ الصِغر، دفَعه للسَفر الى أوروبا مُبَكراً لدراسة الفن، حيث قَضى أوائل العشرينيات مِن عُمره في باريس، مُبدعاً أولى لوحاته، التي لم تظهر للعَلَن حَتى عام2011 ضِمن مَعرض في موناكو، بتَشجيع مِن زوجته الثانية، الفنانة سيبيل زاغارز، التي أقنَعَته بعَرضها للجَمهور. بَعد عَودته الى الولايات المتحدة عَمل في مَسارح برودواي، وبَعد نَجاحه فيها بَدَأ مَسيرته السينمائية، فكان أول ظهور له عام 1967 في فيلم "حافي القَدَمين في الحديقة" مَع جين فوندا. أما إنطِلاقته الحَقيقية فكانت في فيلم "بوتش كاسيدي وطفل ساندانس"، جَسّد فيه مع بول نيومان دَور سارق قطارات وبنوك مُحتال ساحِر أسَر قلوب المَلايين، ليُصبح بَعده نَجماً سينمائياً عالمياً. بَعدَها حَصَل على أول تَرشيح أوسكار عَن فيلمه الكوميدي "المارق" عام 1973، أيضاً إلى جانب نيومان، جَسّد قِصّة مُحتالين يَنتقِمان مِن زَعيم مافيا قام بقتل صَديقهم. بَعدها إتّجَه الى الأعمال الكلاسيكية كرواية "جاتسبي العظيم" لسكوت فتزجيرالد عام 1974، الذي رسّخ مَكانته كأحَد عُظماء هوليوود. تلاه فيلم الإثارة "كل رجال الرئيس" عام 1976، عَن فَضيحة ووترغيت، بمُشاركه داستن هوفمان، جَسّد فيه دَور الصَحفي بوب ودوارد الذي قام بِكَشفِها، ما أدّى في النهاية الى إستِقالة الرئيس الأمريكي نيكسون.

لم يَحصُل ريدفورد على جائزة الأوسكار حَتى عام1981، ليس كمُمَثل، بل كمُخرج لفيلم "أناس عاديون"، الذي حاز على أربع جوائز أوسكار رَغم كونه أول تجربة إخراجية له، والمُقتبس عَن رواية بنَفس الاسم للكاتبة يوديث جيست عَن عائلة ثرية بإحدى ضَواحي شيكاغو تعيش فاجعة. بمُشاركة ميريل ستريب وأخراج سيدني بولاك، غزا ريدفورد قلوب الملايين في فيلم "خارج أفريقيا" عام1985، أدّت فيه ستريب دور الكاتبة الدنماركية كارين بليكسن التي تهاجر الى كينيا لبدء حياة جديدة، وأدّى هو دور دينس هاتون صَياد وطَيار بريطاني يَصعُب ترويضه كالأسود، إلا أنه يُسَلِّم لها في النهاية، فلا يزال مَشهد قِيامه بغَسل شَعر ستريب حاضِراً في ذاكرة الملايين. تعاوَن مراراً مع سيدني بولاك، الذي مَنَحَه بَعضاً مِن أشهر أدواره، مِثل "كما كنا" عام1973، و"ثلاثة أيام من الكوندور" عام1975. كان الوَضع مُختلفاً عام 1998 مع فيلم"هامس الخيول"، الذي لم يكتفِ فيه بدور البطولة، بل وأخرَجَه وكان من أجمل أعماله تمثيلاً وإخراجاً. في نهايات مَسيرته الفنية قدّم ريدفورد ما يُمكن إعتباره أكثر أدواره إثارة وأفضلها أداءً، في فيلم "كل شَيء ضائع" عام 2013 عَن عُمر ناهَزَ 77 عاماً، جسّد فيه دَور بَحّار تائه في المُحيط مَع قاربه المَثقوب، وكانت المفاجأة أن ترشيحَه الذي كان مُتوقعاً للأوسكار لم يَتَحَقّق! عام 2014، ظَهَر في عالم مارفل بدَور عَدو كابتن أمريكا في فيلم "كابتن أمريكا:عَودة المُنتقم الأول". وعام 2018 أعلن إعتِزال التمثيل بفيلم "رَجُل نبيل ومُحتال"، الذي ظَهَر فيه مُجَدداً بدَور لص بنوك عَجوز، ولم تَغِب إبتسامته الساحِرة رَغم تقدّمِه في العُمر. أما آخر ظهور له، فكان قصيراً في فيلم "المُنتقمون:نهاية اللعبة" عام 2019.

كان مُلتزِماً في الواقع، كما كان في السينما، فقد حافَظَ على خُصوصية حَياته الشَخصيّة. تزَوّج في الثانية والعشرين مِن عُمره مِن لولا فان واجنين وهي مؤرخة وناشِطة، وأنجَبا أربعة أطفال، إنتهى الزواج بالطلاق ليَتَزوج بَعدها مِن الرَسّامة الألمانية سيبيل زاغارز في هامبورغ عام 2009. عاش ريدفورد، الذي كان شَغوفاً بالتزَلج وركوب الخيل والمَشي، بَعيداً عَن صَخَب الحياة في منزل ريفي بولاية يوتا الأمريكية، وأسّس فيها مَعهد ساندانس، وهو في الثالثة والثلاثين مِن عُمره، الذي يَستضيف سَنوياً أهَم وأنجَح مهرجان سينما مُستقل في أمريكا، قدم العَديد مِن النِتاجات المُستقلة للجمهور، آخرها فيلم وثائقي عام 2022 عن زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني، وفيلم "20 يوماً في ماريوبول" لعام 2023، الذي وثّق وَحشية الغزو الروسي لأوكرانيا. كان مِن حُماة البيئة لا سيّما في مَوطنه يوتا، ودَعى للحِفاظ على الحياة البرية. كما كان يُعَبِّر عَن مَواقفه السياسية بقوة، كإعلان مُعارضَتِه للرئيس الأمريكي ترامب خِلال ولايته الأولى.

هو ورفاقه الذين رَحَل أغلبهم قبله، جَعلوا السينما الأمريكية عالماً مُثيراً مَليئاً بالإبداع والإبتِكار والنَقد مِن الستينيات حَتى الثمانينيات، فهوليوود تعرف ما تدين به لريدفورد، لذا رثاه مَن بقي مِن عَمالقتها بما يَستحِق. بَدئاً بميريل ستريب، التي وَدّعَته بالقول: "لقد رَحَل أحَد الأسود. أرقد بسَلام يا صَديقي العزيز". أما جين فوندا، التي شَكّلت مَعَه ثنائياً إستِثنائياً في خَمسة أفلام هي "قصة طويلة" 1960، "المُطاردة" 1966، "حافي القدَمين في الحَديقة" 1967،"الفارس الكهربائي" 1979 وأخيراً "أرواحُنا في الليل" 2017، فكتبَت على إنستغرام: "أحدَث بوب فرقاً هائلاً بكل شَيء. جَسّد أمريكا التي يَجب أن نناضِل لحِمايَتها. أحدَث ثورة في صِناعة الأفلام المُستقلة. أنا حَزينة جداً اليوم. بَكيت طوال الصَباح، لكن لحُسن الحَظ أتذَكّر اللحظات السَعيدة عِندما كانت مَقالِبه تُضحِكني". أما باربارا سترايسند التي شارَكته فيلم "كما كنّا" عَن قِصة نادِلة ماركسية تقع في حُب إبن ثَري، فرَثَته بالقول:"كان كل يوم في مَوقع التصوير مُثيراً مُفعَماً بالحَيوية. كنا مُتناقضَين، هو مِن عالم الخيول، وأنا لدي حَسّاسية منها! مَع ذلك بقينا نُحاول مَعرفة بَعضنا، تماماً كشَخصِيّات الفيلم. كان بوب يتمَتّع بكارزما وذكاء وعاطِفة، ومن أفضَل المُمَثلين على مَر العُصور. آخر مَرّة رَأيته فيها جاء لتناول الغَداء، تحدثنا عَن الفن وقرّرنا أن نَبعَث رسومَنا لبَعضِنا. كان فريداً وأنا مُمتنّة للعَمل مَعه". قال عَنه مورغن فريمان:"هناك أشخاص تعرف أنك سَتنسَجِم مَعهم. بعد العَمل مَعه في فيلم "بروباكر" أصبَحنا أصدِقاء. وتكرار العَمَل مَعَه في "حَياة غَير مُكتمِلة" كان بمَثابة حُلم تَحَقّق. أرقُد بسَلام يا صَديقي". أخيراً قال بنديراس:"رَحَل روبرت ريدفورد الرَمز السينمائي بكل مَعنى الكلمة. مُمَثلاً ومُخرِجاً ومُنتِجاً ومُؤسِّس مهرجان ساندانس. سَتظل مَوهبته خالِدة بَينَنا للأبَد، مُشرِقة في صُوَر أفلامه وفي ذاكرتنا".

لعُقود، كان الأبرَز والأكثر وَسامة، حَتى بَعد إعتزاله التمثيل تَدريجياً، ظَلّ الأكثر شَعبية، ومَثلاً أعلى لكُل مَن يَعتبر نفسَهُ مُستقل ومُلتزم وصاحب ضَمير في صِناعة السينما الأمريكية. كان ريدفورد مثالاً للرَجُل الأمريكي الصالح والمَسؤول، فقد وَظّفَ شُهرَته وإمكانياته لخِدمة القضايا التي يؤمن بها. لم تَشهَد حَياته فَضائح وَلم يُغضِب أحَداً قَط. يُقال بأنه لم يُصَب إلا بنوبة غَضَب واحِدة عام2013 أثناء عَمله كمُدير لمَهرجان ساندانس، حين حَضَرت باريس هيلتون برفقة حَشد كَبير مِن الحُضور، إذ قال:"لا عِلاقة لها بالأفلام. بماذا تُشارك؟ هي ورفاقها الصاخبون جَعَلوا المهرجان أقل مُتعة. هنالك الكثير من الناس الذين يأتون إلى المهرجان لمَصالحهم الشَخصية."



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليَتَذَكّر بوتين -حَرب النجوم- الذي أبهَرَ شَعبَه فنّياً وأط ...
- الهِلال الشيعي بَين الولادة والمُحاق
- بالون إختبار لِقاء السوداني بالشَرع في قَطَر
- إيران لو تِلعَب.. لو تخَرُّب المَلعَب!
- التغيير السوري وشبح السيناريو العراقي
- أراد ترامب أن يُهين زيلنسكي فأهان نفسَه وأهان أمريكا
- اليَسار الألماني والإنقِلاب على الديمُقراطية
- مِن قِلّة أحصِنة بوتين، شَد على كيم وجَيشه سروجاً!
- قضيّتان تؤرقان الألمان
- حكم البعثيين.. لا شفنا وحدة ولا ذقنا حرية ولا عشنا اشتراكية
- حَكَم البَعثِيّة، لا شِفنا وحدة ولا ذِقنا حُرية ولا عِشنا إش ...
- الفِتنة غافِية، تحتاج فَقَط لِمَن يُصَحصِحَها
- جاك واوي البَعَث و جاك ذيب يَزيد!
- ألمانيا في مُفترق طُرُق بَعد عَطَل إشارة المُرور
- إيران ومُرتزقتها يُخَرّبون والعَرب يُعَمِّرون
- إيران وستراتيجية البَدائل لإستعمار الدول العربية!
- ظاهرة اليَسار الإسلاموي والرهان على العمامة!
- جِئنا لنُخَلّصكُم مِن صَدام، فخَلّصناه مِنكم!
- طُرُق تحرير فلسطين التي تمُر بغَيرها ولا تؤدي إليها!
- محوَر الشَر وسياسة -ضَرَبني وبَكى، وسَبَقني وإشتكى-


المزيد.....




- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى القرة داغي - روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة