أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جودة أحمد - فن القصة القصيرة والمقاومة .. السير على حد السكين














المزيد.....

فن القصة القصيرة والمقاومة .. السير على حد السكين


خالد جودة أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


في قصة (رائحة البارود) للقاص الليبي (حسين بن قرين درمشاكي) نجد الشروع الفوري بثريا القصة وأيقونتها الأثيرة منذ أول مفردات بالقصة: (كان عبق البارود يتغلغل في الهواء).
أيضا كان تمجيد هذه الأيقونة من خلال لغة القصة، من خلال ضخ جملة من المفردات عانقت النسيج القصصي، تميزت هذه المفردات بالتضاد مع حالة الحرب وما تفرزه من مآسي، كأنها ما يطلق عليه في النقد الأدبي (الرومانسية الثورية)، فنجد مفردات قد لا نتصور حضورها في هكذا نص يتناول الحروب وآلامها، مثل: "عبق"، "عبير الياسمين". حتى نزعة الحنين إلى الماضي و شغف التاريخ الإنساني للمقاومة ساهم في تأصيل وتجذير تلك الحالة الرومانسية الوطنية. أنموذجًا: جاءت نزعة الحنين للتاريخ في مفردات أطلال حرب استردت بها الذات القصصية كرامتها، فهي حالة طللية لم يمحها الزمن.
هذا من ناحية لكن من ناحية أخرى لم تكن تلك الذكريات بنفس سطوعها القديم، بل جاءت صورا باهتة، وتعبيرات تتحسر على العهد القديم. فالشمس غاربة، وعبير الياسمين ذابلا.
تلك المزاوجة بين الآني المفزع منحور الكرامة، والماضي الشامخ التليد حققها القاص بوسيلة التضاد والمفارقة في اللغة المستخدمة، تخبر أن الكتابة عن المقاومة تشبه حالة السير على حد السكين، بين قدرة التعبير بالملكة الإبداعية والفن القصصي عن موضوعات لها طبيعة الجهارة في التعبير، والحماسة التي تدفع الأسلوب للانهيار في هوة المباشرة. هنا كانت وسيلة مدافعة هذا الانجراف للمباشرة في الموضوع بغزل المفردات بين نزعتين الأولى الحنين للتاريخ والثانية نزعة مفارقة الحالة الرومانسية الأثيرة للمقاوم لواقعه الكئيب كما وضحنا سابقا.
طالع معي هذه الفقرة الموفقة: (جلس نصر –لاحظ انتخاب الاسم- العجوز على كرسيه المتهالك –دال واقعه الجامد وكأن أشياء المقاوم العجوز تشاركه نفس مصيرة وموصوفة بذات أوصافه- يده ترتجف كغصن منهك في عصف ريح قديم) والمجاز موفق يمزج بين اليد المرتجفة والطبيعة في وجه مقبول للمشابهة الحسية. أما الواقع فقدمه عبر شاهده النصي: (.. ونافذة موحلة تطل على شارع يعتريه الصمت)
تميز النص أيضا بمراكمة الفعل القصصي، مما جعل الحبكة حيوية، فالنص يشير ولا يصرح، فيه حركة ودقة في التعبير عن الحركة، أنموذجًا: "وهو يرفع فنجان قهوته (كى يحتسيها كما هو مفهوم) ... بعد قليل: "وضع الفنجان على الطاولة (يفهم أنه ما زال مستمرا في رشفها) .. بعد قليل وضع إطار الصورة القديمة على الطاولة بجوار فنجان القهوة الفارغ (أتم شرب قهوته)
ورغم هذه الميزة لكن الحبكة اعتراها غموض وتحتاج جهدا من القارئ لتفسيرها ليؤلف بين هذه الخيوط تأويلا يرضية لقصة المقاوم القديم، هذه الخيوط:
فجأة انبعث من الغرفة المجاورة نحيب خافت لطفل
وأمسك باطار صورة باهتة لولد يافع
ثم خرج إلى الشارع تتبعه عيون النساء في صمت
هل القصة اقدم حالة الحرب القائمة مع استعادة ذكري قديمة واستنشاق أريج المقاومة؟ أعتقد هذا صحيحا سواء كان الإطار للذات القصصية في شبابها أو كانت ذكرى ابنه الشهيد، وقد تداخلت الأزمنة بين الماضي المجيد والحاضر المترع بالأسف والضعف.
يبقي أنه لم تسلم فنية القصة القصيرة التي تتناول موضوع المقاومة من عبارة مكلفة أخيرة لأنها قالت ما سبق أن قالته القصة فنا، وأنها أكدت المؤكد وشرحت المشروح: (... تاركًا خلفه عبق البارود والياسمين وذكري لا تموت)!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التأطير القصصي المكثف لمأساة المرأة الوحيدة
- توريق الصورة القصصية ومدافعة اليأس
- -كانوبوس-: سردية التاريخ الفنتازي المثير
- ملكة القلوب وجائحة الطلاق العاطفي
- حرائق الروح الإنسانية


المزيد.....




- سينمائيون إسبان يوقعون بيانًا لدعم فلسطين ويتظاهرون تنديدا ب ...
- وفاة الفنانة التركية غُللو بعد سقوطها من شرفة منزلها
- ديمة قندلفت تتألق بالقفطان الجزائري في مهرجان عنابة السينمائ ...
- خطيب جمعة طهران: مستوى التمثيل الإيراني العالمي يتحسن
- أعداء الظاهر وشركاء الخفاء.. حكاية تحالفات الشركات العالمية ...
- طريق الحرير.. القصة الكاملة لأروع فصل في تاريخ الثقافة العال ...
- جواد غلوم: ابنة أوروك
- مظاهرة بإقليم الباسك شمالي إسبانيا تزامنا مع عرض فيلم -صوت ه ...
- ابتكار غير مسبوق في عالم الفن.. قناع يرمّم اللوحات المتضررة ...
- طبيبة تمنح مسنة لحظة حنين بنغمةٍ عربية، فهل تُكمل الموسيقى م ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جودة أحمد - فن القصة القصيرة والمقاومة .. السير على حد السكين