أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جودة أحمد - ملكة القلوب وجائحة الطلاق العاطفي















المزيد.....

ملكة القلوب وجائحة الطلاق العاطفي


خالد جودة أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 7540 - 2023 / 3 / 4 - 21:41
المحور: الادب والفن
    


المرأة مؤسسة السلام في رحاب الأسرة، ونبعها العاطفي الرقراق، وشمس حنانها في برودة الحياة القاس.
يقول القاص "محمد القصبي” في إحدى قصصه حول معني ما تؤسسه المرأة من سلام في إسرتها "كوني خيمة لزوجك"، فهى حاضنة الأجيال وخيمة الأمان النفسي في البيت، وريحانة أركانه، وتسهم أعظم المساهمة في مسيرة نجاح الحياة وازدهار الحضارات برعايتها لأسرتها، فهي القائمة بتربية أطفالها، وكفالة الراحة والهناءة لأفراد أسرتها، فتحيا مكرمة يمدها أحبابها من الزوج والأولاد بالحب والعطاء، فتمدهم بالحنان الدافق، والعاطفة الجياشة والرعاية السابغة، وتؤسس لديهم قيمة السلام في أجلي وأروع معانيها.
وحول هذا المعنى تحدث الناس، فقالوا “بتصرف كبير“ البيت مملكة صغيرة، والعاقلة من تسوس هذه المملكة بحكمة وحسن إدارة، وتعطي كل فرد من أفرادها حقه، فتحسن معاملة زوجها، وتربية أولادها، ومعاملة الخدم، لتكون محبوبة من زوجها، محترمة من أولادها، مطاعه ممن يعاونها، مقبولة عند الله والناس، فترفع مملكتها إلي ذروة السعادة، وترقي بأسرتها إلي قمة الراحة والمجد، أما المرأة التي لا تحسن القيام بإدارة منزلها، ولا تقوي علي سياسة مملكتها فإنها تسقط من نظر زوجها وأولادها، وتهوي بأسرتها إلي وهدة البؤس والشقاء"
فإذا كانت المرأة كذلك فكيف لا ينبع الامن والآمان منها، وإذا تأسست الأجيال في تلك الظلال الوارفة من المحبة والود لأقامت ألوية السكن والسكينة في آفاق المجتمعات ولتأسست الحضارة علي ركائز من الإنسانية بدلا من السعار الوحشي والمادية القاسية التي نشاهدها ونحيا أجوائها المسمومة ليل نهار، ولعل هذا ما فطن إليه شاعرنا الفذ حافظ إبراهيم فسرت مسري الأمثال حين قال في قصيدته الشهيرة التى أنشدها بحفل بورسعيد لإعانة مدرسة للبنات عام 1910: (كم ذا يكابد عاشق ويلاقي / في حب مصر كثيرة العشاق / إني لأحمل في هواك صبابة / يا مصر قد خرجت عن الأطواق / لهفي عليك متى أراك طليقة / يحمي كريم حماك شعب راقي / من لي بتربية النساء فإنها / في الشرق علة ذلك الإخفاق / الأم مدرسة إذا أعددتها / أعددت شعبًا طيب الأعراق / الأم روض إن تعهده الحيا / بالري أورق أيما إيراق / الأم أستاذ الأساتذة الألى / شغلت مآثرهم مدى الآفاق)
وفي تعبير جميل للمخرجة المجرية "مارتا ميساروش" تعليقا علي اهتمامها بموضوع الأمومة في أفلامها: "لم لا .. إن الرجال عندما يصنعون أفلامهم يعزفون علي وتر الموت .. فلماذا لا تصنع النساء أفلاما عن الحياة .. إن الأمومة وميلاد طفل .. هو أنشودة للحياة .. إن الأمومة ما زالت هي المشكلة الأساسية بالنسبة إلي أي إمرأة .. فالأمومة شيء مدهش ..إن بقاء العالم ينهض عليها .. ولست أتصور إمرأة تدعي التحرر وترفض الأمومة حتي تصبح أكثر حرية .. إن الأمومة أجمل ما في حياة المرأة" فالمرأة صانعة الرجال، والتاريخ شاهدا علي ذلك في كافة مراحله.
وطبيعة الأمومة طبيعة لصيقة بالمرأة ومنها تنبع ينابيع العطاء فيضًا كريمًا لأسرتها خاصة ومجتمعها عامة، تقول السيدة “صفية المهندس” مديرة البرنامج العام بالإذاعة وصاحبة برنامج “إلى ربات البيوت” الشهير: “لم يتح لي ما أتيح للآخريات والآخرين أن استمتع بظل أمي ولا أن أستدفئ بدفء جناحيها فترة طويلة من عمري ... لكن رحيلها المبكر عني منحني القوة الخلاقة والعاطفة الجياشة، وإرادة صادقة أن أكون أما للآخرين أحاول أن أعطيهم ما حرمت أنا منه من حنان الأم، ودفء مشاعرها وصادق رعايتها، ولعل هذا هو ما يكمن في أعماقي وراء استمرار الرسالة التي ألتقي من خلالها بالأمهات وربات البيوت من خلال برنامج إلى ربات البيوت، لمسة حنان حانية، كلمة توجيه صادقة، وقفة متوهجة بالحب والمودة"
ويتضح دور الأمومة المهم إذا اتضح أهمية ما تقوم به من خدمات وأنشطة: “ويمكن للمرأة أن تقدم العديد من الخدمات والأنشطة الداعمة للسلم العام فدور الأم في ترسيخ قيم المحبة والتسامح، والصفح بين الأبناء، وفي تعليم الأطفال حل المشاكل فيما بينهم على أساس من تلك القيم، إضافة إلى تعريفهم حقوقهم وواجباتهم، ودور المدرسة (المعلم والمعلمة)، في صقل حس المحبة والتسامح لدى هؤلاء الأطفال، ثم المجتمع المحلي وتشعب العلاقات، وكبر الدائرة لتشمل البلد بطوائفه وفئاته، ومن ثم الدول الأخرى المجاورة وصولاً إلى العالم الكبير”
وللشاعر “فاروق شوشة” في قصيدة له بعنوان “الزيارة” ويرمي بها إلي زيارته لبيت العائلة في القرية لأول مرة بعد وفاة والدته يقول: (الصوت صوتها .. ورف طائر علي قلوبنا .. / وغامت العيون بالسلام ..واهتز شوق عاصف طويل .. / يذيبنا كقطرة الشموع .. ياأيها القادم من ديارنا .. / كأنما تجئ بعد ألف عام .. / لا صمت في عيوننا .. ولا دموع .. / فلتسترح علي جفوننا / ياوجه طيفها النبيل”.
وهنا نري المعني الجميل فطيف الأم الراحلة يرتبط به رفيف طائر في القلوب يرمز به إلي السلام والحب الذي غامت به العيون.
ولعل أخطر من الجائحة التى مرت بها الإنسانية مؤخرا جائحة أخرى تفوقها شراسة وتدميرا، بسبب تسارع التطوير التكنولوجي، وشيوع وسائط الاتصال الإلكتروني وأجهزتها الذكية، فجعل أعضاء الأسرة الواحدة جزرا منعزلة، حيث يسود الصمت الذى وصفته الكاتبة “أميمة عز الدين”: الصمت مثل الثقب الأسود يبتلع أى بصيص ضوء من الذكريات والحوارات المشتركة، ولا يترك مجالا لتبادل وجهات النظر أو إنتاج أشكال مختلفة من التواصل”. وأطلقت على تلك الظاهرة الخطيرة بين قطبي الأسرة تعبير “الطلاق العاطفي” وأنه رغم الصمت يفور تحت السطح هناك بركان وفوران خبيث.
ولا شك أن بيت مبتلى بهذا المرض الخطير يصاب بالجفاف العاطفي المميت، ويصاب أولاده الصغار بعدم المبالاة والشحوب الوجداني، والعقم الشعوري، وقد تصل للتنافر الأسري المستدام وقد يفضي للصراع الرهيب الملطخ بدماء الحقد، وسواد الضمائر.
ورغم أن المسئولية مشتركة بين جميع أعضاء الأسرة، لكن أرى أن المصل بيد ملكة القلوب وأنها الأكثر قدرة على تجاوز تلك الحالة المؤسفة، رغم ما تجده من عناء ومتاعب منوعة عاطفية واقتصادية، فقلبها الكبير قادر على الاحتواء والتجاوز والتقدير، خاصة عندما تعبر تلك المتلازمة المدمرة للمناعة ضد التصحر العاطفي، دون شعور، عندما تضع زوجها في المرتبة الثالثة (بعد الأولاد والبيت)، هذا إذا احتل مركزا في الأساس. وضاعف من أثر الجائحة العاطفية هذا الاغتراب الأسري الداخلي بفقد التواصل الكريم، وسحر الحياة الافتراضية الذى لا يغني ولا سمن من جوع عاطفي. ولا نملك إلا أن نقول تبصري ملكتنا برعاياكم من القلوب الظامئة وابسطي من خزائن قلبك مظلة وبيتا وسلامًا.
مراجع:
* سينما المرأة – رءوف توفيق – مكتبة الأسرة - سلسلة الأعمال الخاصة – الهيئة المصرية العامة للكتاب.
* الأم “حكايات وقصص” - فتحي الإبياري - كتاب اليوم
* كاتبات “العربي” - الجزء الثانى - كتاب العربي (104) - 2022
* موقع مجلة أفكار الإليكتروني



#خالد_جودة_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرائق الروح الإنسانية


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جودة أحمد - ملكة القلوب وجائحة الطلاق العاطفي