أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - القضاء المستقل..أداة الدولة لترسيخ سيادتها وتحقيق العدل والحريات العامة














المزيد.....

القضاء المستقل..أداة الدولة لترسيخ سيادتها وتحقيق العدل والحريات العامة


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 8476 - 2025 / 9 / 25 - 11:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القضاء المستقل هو الضامن للعدل والأمن معًا، وهو أداة الدولة لترسيخ سيادتها وتحقيق الحريات العامة على أسس دستورية وقانونية راسخة.


ويُعدّ القضاء أحد أهم الأعمدة الضامنة لسيادة الدولة وحماية الحقوق والحريات العامة. فهو ليس مجرد مؤسسة إجرائية لحل النزاعات، بل هو أساس العقد الاجتماعي الحديث وأداة ضبط السلطة وتوجيهها ضمن حدود الشرعية. وإذا كان العالم قد عرف عبر التاريخ تجارب متعددة في إرساء العدالة، فإن العراق يمتلك خصوصية تاريخية فريدة بوصفه أول دولة دوّنت القوانين من خلال شريعة حمورابي (القرن الثامن عشر قبل الميلاد)، والتي نصّت بوضوح على تحقيق العدالة وصون حقوق الإنسان والضعفاء.


لكن العراق المعاصر، على الرغم من إرثه التاريخي، يعيش اليوم أزمة مركبة؛ إذ تتداخل فيه التحديات السياسية والمجتمعية والأمنية، مما يجعل دور القضاء أكثر محورية من أي وقت مضى.


وفيما جسّدت أول محاولة مكتوبة لإرساء مبدأ “لا ظلم بلا عقاب” وحق الإنسان في محاكمة عادلة، بما في ذلك حماية الضعفاء من استبداد الأقوياء. قامت مؤسسة القضاء الشرعي في الحقبة الإسلامية، تأسيس سلطة مستقلة نسبيًا عن الولاة، خاصة عبر "قاضي القضاة" ومحاكم المظالم. مع قيام الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن العشرين، تأسست محاكم مدنية وجزائية وإدارية متأثرة بالنموذجين العثماني والأوروبي، ورسّخت تدريجيًا تقاليد قانونية مهنية. يعكس هذا الإرث التاريخي، أن العدالة والقانون متجذّران في الهوية العراقية، وأن القضاء كان وما يزال أساس شرعية السلطة ومرآة المجتمع.


التحديات السياسية والاجتماعية الراهنة في العراق
ـ تسييس القضاء: التدخلات الحزبية في التعيينات والتشكيلات القضائية تُضعف الثقة وتحدّ من حياد القضاة.
ـ انقسام المجتمع: التوترات الطائفية والإثنية تجعل من مهمة القضاء في إرساء العدالة الشاملة أكثر صعوبة.
ـ ضعف تنفيذ الأحكام: كثير من القرارات القضائية لا تُنفذ بسبب النفوذ السياسي أو غياب الأجهزة التنفيذية القوية.
ـ الفساد المستشري: الفساد الإداري والمالي يهدد شرعية القضاء نفسه إذا لم يُواجه بصرامة.
ـ أزمة الثقة الشعبية: غياب العدالة المتساوية يعمّق فقدان الثقة بالمؤسسات الرسمية ويفتح الباب أمام اللجوء إلى الأعراف أو الجماعات المسلحة.


خطورة المرحلة في العراق
إن التهاون في استقلالية القضاء في العراق لا يعني فقط تراجع العدالة، بل يهدد بشكل مباشر الأمن الوطني ووحدة الدولة. ففي غياب قضاء نزيه تسير الأمور بالتالي:
ـ تنتشر العدالة الانتقامية والجماعات الخارجة عن القانون.
ـ تتفكك الثقة بين المواطن والدولة، مما يضعف شرعية المؤسسات.
ـ تتحول الدولة إلى ساحة صراع نفوذ، بدل أن تكون إطارًا جامعًا للمجتمع.
ـ ومن هنا يصبح إصلاح القضاء واستقلاليته ليس مطلبًا حقوقيًا فحسب، بل شرطًا لبقاء الدولة العراقية ذاتها.


القضاء في العراق ليس مجرد مؤسسة إدارية بل هو ركيزة وجودية للدولة. وإذا كان العراق أول من كتب القوانين ورفع شعار العدالة، فإن استعادة هذا الدور التاريخي عبر إصلاح القضاء اليوم تمثل شرطًا لإنقاذ الدولة من أزماتها، وضمان أمن المجتمع وحرياته، وترسيخ سيادته في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.


أهم عملية للإصلاح
ـ تعزيز الاستقلال المؤسسي: مجلس أعلى للقضاء مستقل إداريًا وماليًا.
ـ آليات شفافة للتعيين: اختيار القضاة على أساس الكفاءة والخبرة لا الولاء السياسي.
ـ رقمنة المحاكم: لتسريع الإجراءات وضمان الشفافية.
ـ حماية القضاة: أمنيًا ووظيفيًا من الضغوط والتهديدات.
ـ تفعيل الرقابة الشعبية: نشر الأحكام المهمة للرأي العام لتقوية الثقة.
ـ استعادة الإرث العراقي: استلهام فلسفة العدالة من شريعة حمورابي، بما يعزز شعور الانتماء ويمنح القضاء مشروعية تاريخية وطنية.


إذن، ما هي أهم الأبعاد العلمية والقانونية والسياسية للدور القضائي
ـ البعد العلمي: وجود قضاء فعّال يقلّل النزاعات ويمنح المجتمع قابلية للتنبؤ القانوني، مما يعزز الاستثمار والاستقرار المجتمعي والاقتصادي.
ـ البعد القانوني: القضاء هو الضامن لتطبيق مبدأ الشرعية الدستورية والفصل بين السلطات، مع ضمان حقوق المتقاضين وفق إجراءات عادلة.
ـ البعد السياسي: قضاء مستقل يشكل توازنًا مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويحدّ من النزعات الاستبدادية.


آفاق الإصلاح
استقلال مؤسسي للقضاء عبر مجلس أعلى مستقل. تعيينات شفافة للقضاة قائمة على الكفاءة بعيدًا عن المحاصصة. تعزيز الشفافية وحماية القضاة من الضغوط السياسية والتهديدات الأمنية. تعزيز الثقافة القضائية باستلهام فلسفة العدالة.



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان البندقية السينمائي.. يطلق صرخة: فلسطين ..العبء ثقيلٌ ...
- ثماني حكومات طائفية وست دورات انتخابية برلمانية لم تمض واحدة ...
- ثورة 14 تموز 1958 إحدى أهم المحطات الفارقة في التاريخ الحديث ...
- الحق القانوني للعراق في الدفاع عن وحدة أراضيه وسلامة أجوائه ...
- وداعا زياد رحباني... سلاما عليك في الموسيقى وفي القصيدة وفي ...
- ما بين المجاملات السياسية والمصالح الشخصية... العراق يواجه م ...
- مهرجان -جينت- السينمائي الدولي 2025 ... يحتفي بجوائز الموسيق ...
- أرض الرافدين.. بين نقص المياه واتساع رقعة الجفاف وفعل غياب ا ...
- الإنتخابات وسيلة فعالة لإحداث التغيير السياسي وتحقيق الاصلاح ...
- متى ستحسم الأحزاب وقوى المعارضة المختلفة موقفها من السلطة ال ...
- الترحيل الجماعي إلى العراق تعبير عن نقاش وحشي حول اللجوء في ...
- متى يغتنم العراق الفرصة لإعادة النظر في كيفية التموضع على رق ...
- متى تستطيع الدولة أداء الوظائف الأساسية التي تعتبر جوهرية لو ...
- التفاوض: عملية أساسية للتفاهم السياسي،، فهل بإمكان الأطراف ا ...
- محاذير من مخاطر عدم الأمان وفقدان الثقة بالنظام في العراق من ...
- هل سيعي الساسة العراقيون خطورة تغيّر توازن القوى في الشرق ال ...
- حلقات مفقودة تعرقل إيجاد مخرج لضبط إيقاع السياسة والمشهد الم ...
- ماكينة القمع تعود بذات الأساليب وذات الأدوات من جديد
- الصياغات المتشددة تجاه أفراد المجتمع ومخاطرها على الحياة الم ...
- نقابة المحامين العراقية... تقفز فوق قيّم مبادئها.. لمصلحة مَ ...


المزيد.....




- مسلسل -اللوتس الأبيض- يفتح الأبواب على أجمل منتجعات تايلاند ...
- القضاء الفرنسي يدين ساركوزي بتهمة التآمر الجنائي في قضية الت ...
- زيلينسكي يضع موسكو بين خيارين: إما وقف الحرب أو الاستعداد لل ...
- دراسة: هذه أوجه التشابه بين النحل والمصابين بالتوحد!
- ساركوزي يعلق على حكم السجن الصادر بحقه.. فماذا قال؟
- قرار قضائي غير مسبوق في فرنسا.. حكم بسجن الرئيس الأسبق ساركو ...
- نتنياهو يتجنب الأجواء الفرنسية في طريقه إلى نيويورك خشية اعت ...
- كاتب إسرائيلي: نتنياهو جعل من 7 أكتوبر عيد استقلال فلسطيني
- الاحتلال يرصد إطلاق صاروخ من غزة ويعلن إحباط اختطاف جندي داخ ...
- خبراء ومحللون يقترحون للجزيرة نت خطوات لمواجهة التهجير في غز ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - القضاء المستقل..أداة الدولة لترسيخ سيادتها وتحقيق العدل والحريات العامة