امير وائل المرعب
الحوار المتمدن-العدد: 8468 - 2025 / 9 / 17 - 20:13
المحور:
قضايا ثقافية
---
🧠 الرياضيات: اكتشاف من قلب العدم والتناظر الفائق
في البدء، لم يكن هناك شيء. لا زمان، لا مكان، لا مادة، ولا حتى قوانين. كان هناك فقط العدم الفيزيائي—not العدم الفلسفي المجرد، بل حالة من الفراغ الكوني الذي يختزن في طياته إمكانية كل شيء. ومن هذا العدم، انفلق التناظر الفائق، ذلك التوازن الكلي الذي لا يميز بين جسيم ومجال، بين وجود وعدم، بين قانون وفوضى.
لكن هذا التناظر لم يبقَ على حاله. حدث الانفلاق، لا ككارثة، بل كولادة. ومنه نشأت تريليونات التناظرات الصغيرة والجانبية، كل منها يحمل بذرة قانون فيزيائي، وكل قانون منها يُعبّر عنه بلغة مجردة واحدة: الرياضيات.
---
🔍 الرياضيات: لغة الكون أم انعكاسه؟
الرياضيات ليست ابتكارًا بشريًا، بل اكتشاف تدريجي لما هو موجود أصلًا في بنية الكون. البشر لم يخترعوا الأعداد، بل لاحظوا تكرارًا. لم يبتكروا المعادلات، بل عبّروا عن تناظرات خفية. كل صيغة رياضية هي مرآة لقانون فيزيائي، وكل قانون هو تناظر انبثق من انفلاق التناظر الفائق.
العدد ليس اختراعًا، بل أثر. المعادلة ليست خيالًا، بل خريطة. والهندسة ليست بناءً ذهنيًا، بل انعكاس لبنية الزمكان.
---
🧬 دور الإنسان: المجرد لا الخالق
الإنسان، في هذا السياق، ليس خالق الرياضيات، بل كاشفها. دوره هو التجريد، أي تحويل الظواهر إلى رموز، وتحويل الرموز إلى علاقات، وتحويل العلاقات إلى فهم. نحن لا نخلق القوانين، بل نكتشفها وننقّب عنها كما ينقّب عالم آثار عن حضارة دفينة.
كل تقدم رياضي هو خطوة نحو كشف تناظر جديد. وكل تناظر جديد هو نافذة على قانون فيزيائي لم نكن نراه. وهكذا، فإن الرياضيات ليست أداة لفهم الكون فحسب، بل هي أثر من آثار انفلاقه الأول.
---
🌌 العدم والتناظر: أصل كل شيء
إذن، لا حاجة لموجد للرياضيات. لا حاجة لعقل خارجي يفرضها. إنها نابعة من العدم الفيزيائي، من التناظر الفائق، من البنية الأولية للوجود. الرياضيات هي لغة الكون لأنه هو من يتحدث بها، ونحن فقط نترجم.
وما زلنا نكتشف. كل معادلة جديدة، كل نظرية، كل برهان، هو خطوة نحو فهم أعمق لذلك التناظر الأول، لذلك العدم الذي لم يكن فارغًا، بل كان مكتظًا بالإمكانات.
#امير_وائل_المرعب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟