أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جودة أحمد - التأطير القصصي المكثف لمأساة المرأة الوحيدة














المزيد.....

التأطير القصصي المكثف لمأساة المرأة الوحيدة


خالد جودة أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 12:58
المحور: الادب والفن
    


يحمل عنوان قصة (بين مرآة وبحر) للقاصة السودانية (أريج محمد) فكرة الذات وقدرتها على التحرر من المكان، حيث تستغرق الذات أفكارها وشئونها، فتنظر وتتأمل دواخلها، وتنغلق على نفسها، وتعصف بها خواطرها، وتعاني حالة صمت مريرة، بينما مفردة (بين) ظرف المكان تؤكد المراوحة بين الاستغراق في الذات (المرآة) وتشكيل المكان الأزرق المفتوح (البحر)
هذا العنوان وتلك الثريا للقصة موفقة في غاية التأطير القصصي المكثف، بين قوسين، مع رعاية كاملة للتقطير القصصي الناجز نحو القصدية القصصية التى تشكل فى تقديري: العمق الاجتماعي والدائر حول مأساة "المرأة الوحيدة" في مجتمعنا العربي، حيث هى مطالبة بالعطاء وتربية الابناء ورعاية البيت ... إلى آخره، بينما تعانى هى نفسها من تصحر الوداد وشحوب التغذية العاطفية.
وتذكرني هذه الكتابة بمنجز عريض من الكتابات المماثلة حول الخطاب الأدبي المدون بواسطة الأديبات حول قضايا تخص المرأة، أنموذجًا السيرة الروائية في منجز رائدة أدب المدن الجديدة "نعمات البحيري" التى دونت في روايتها (يوميات إمرأة مشعة) كيف قال لها الأخ الشقيق (أنت تأخذين الناس لحما وترميهم قصصا)، فالظل الاجتماعي لصيق بهذا اللون من الكتابة بالتأكيد على وجه ما من الوجوه.
حبكة قصة (بين مرآة وبحر) في تقديري من النوع المحكم، والمفردات موظفة بفطنة فائقة، والاخلاص للأحدوثة باعتبارها عنصر السرد الرئيس، حيث تتواصل ذات أنثوية مثقفة مع أحد الكتاب في لقاء عابر: (.. أنا مجرد غريبة عنه لا تفاصيل بيننا)، لكنها رغم ذلك تؤكد حضوره الباهي في متاهة الضجر والعصف النفسي والاجتماعي الذي يحتويها، وجاء ذلك عبر أكثر من شاهد نصي: ( .. لكنه بطريقة ما كان يحدث ضجيجا هائلا في عقلها ذلك الغائب كان لحوحا في الحضور) وتسطع مفردة (الغائب) في خاتمة القصة الموفقة والملخصة لمغزاها القوى، بما يؤكد عمق مأساة المرأة الوحيدة المثقفة عاشقة القهوة: (رأت بوضوح كم كانت وحيدة لدرجة أنها وقعت في غياب رجل خرج في لحظة غموض من متاهات اللغة)
وهنا هامش حول قضية أدبية حول عذوبة اللغة السردية ودورها في تغذية عواطف القراء، حيث الأديب مرآة الذات الحساسة القارئة، يقول أديب المهجر "ميخائيل نعيمة" في وصف قدر ما يقدمه الأدب والأدباء من أثر في العقول والقلوب: (بين كل المسارح التي تتقلب عليها مشاهد الحياة ليس كالأدب مسرحا يظهر عليه الإنسان بكل مظاهره الروحية والجسدية ففي الأدب يرى نفسه ممثلا وشاهدا في وقت واحد ... هنالك يسمع نبضات قلبه في نبضات قلب سواه، ويلمس أشواق روحه في أشواق روح سواه، ويشعر بأوجاع جسمه في أوجاع جسم سواه، هنالك تتخذ عواطفه الصماء لسانا من عواطف الأديب وتلبس أفكاره رداء من نسيج أفكار الكاتب فيرى من نفسه ما كان خافيا عنه وينطق بما كان لسانه عييا عن النطق به فيقترب من نفسه ومن العالم)
أيضا إيضاح المفارقة بين الآخر الروائي صاحب القلم، والطالب غير المحبوب (البائس وابتسامته البلهاء). أما المشهد الأيقوني الرئيس للقصة والرامز والذى يكتنز بالتأويلات أراها من ذائقة شخصية رحلة التحرر والانعتاق من أسر الضجر والتنمر وفظاعة الغياب حين التصقت بالمرآة بالمرآة (معادل الذات) ليغيب الجسد هذا القيد الذي لا ُترى المرأة إلا من خلاله لدى المتربصين بالمرأة الوحيدة، وتحضر الروح حيث كسر ضيق المكان وتجاوز الذات لمرآة الداخل لمشهد البحر زاخر الموج. ثم يأتى ختاما براعة تصوير اليومي المضجر، لتقدم نصا قصصيا جيدا في موضوعه وبنائه القصصي الشيق.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توريق الصورة القصصية ومدافعة اليأس
- -كانوبوس-: سردية التاريخ الفنتازي المثير
- ملكة القلوب وجائحة الطلاق العاطفي
- حرائق الروح الإنسانية


المزيد.....




- تحقيق يكشف: مليارديرات يسعون لتشكيل الرواية الأمريكية لصالح ...
- زيارة الألف مؤثر.. بين تسويق الرواية والهروب من الحقيقة
- إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة
- -سماء بلا أرض- للتونسية اريج السحيري يتوج بالنجمة الذهبية لم ...
- جدة تشهد افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان البحر الاحمر السينمائ ...
- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة
- زيد ديراني: رحلة فنان بين الفن والشهرة والذات


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جودة أحمد - التأطير القصصي المكثف لمأساة المرأة الوحيدة