أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - خرق السيادة واستهداف القيادة















المزيد.....

خرق السيادة واستهداف القيادة


أحمد سليمان العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 15:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بسم الله ا لرحمن الرحيم


دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري

في التاسع من سبتمبر 2025، شنّت إسرائيل هجوماً جويا على العاصمة القطرية الدوحة، مستهدفة اجتماعاً لقادة حركة حماس، في خطوة تُعد خرقاً غير مسبوق لسيادة دولة عربية ذات وزن دبلوماسي وإقليمي كبير. لم يكن هذا الهجوم عملية عسكرية تقليدية، بل رسالة سياسية متعمّدة تهدف إلى تعطيل أي مسار تفاوضي محتمل لإنهاء الحرب على غزّة أو إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وتأتي في سياق استراتيجية أوسع لحكومة نتنياهو المتطرّفة الرامية إلى إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة.

من الجانب الفلسطيني، يمثّل القصف تهديداً مباشراً للإطار القيادي السياسي والأمني، إلّا أن حماس أكّدت أن قادتها نجوا وأن هذا التصعيد لن يثنيها عن متابعة نضالها ومقاومة الاحتلال.

صمود القيادة الفلسطينية يعكس تصميم الحركة على حماية قوتها السياسية والميدانية، ورفض محاولات شل المفاوضات، مؤكّدة التمسّك بحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه ومواجهة التدمير والتهجير الممنهج الذي يتعرّض له سكان غزّة، ومحاولات الضم والتهجير في الضفة الغربية.

غطرسة نتنياهو وأجندة التهجير الشامل

يجب فهم هذا الهجوم على أنه حلقة في سلسلة طويلة من سياسات البلطجة والإفلات من العقاب التي تمارسها حكومة نتنياهو المتطرّفة.

إن الهدف الاستراتيجي المعلن وغير المعلن يتجاوز بكثير «استئصال حماس»؛ إنه يسعى إلى تحقيق سيطرة كاملة على فلسطين التاريخية، وهو مشروع استعماري يمارس على مرأى من العالم.

لم تعد الغطرسة الإسرائيلية حبيسة الخطاب السياسي، بل تجسّدت على الأرض عبر مجازر يومية يصعب على الضمير الإنساني استيعابها. فالجيش الإسرائيلي لا يكتفي بقصف الأحياء السكنية، بل يحول حياة المدنيين إلى جحيم، حيث يقتل ما بين 100 إلى 150 فلسطينياً يومياً، غالبيتهم من النساء والأطفال؛ يرتقون جرّاء التجويع وأثناء انتظارهم للحصول على قطعة خبز أو علبة حليب، أو يسقطون تحت القصف وهم مجتمعون في مناطق اعتقدوا أنها آمنة، بعد أن حرموا من أبسط مقومات الحياة، من ماء وطعام ودواء.

هذه الوحشية هي جزء من استراتيجية ممنهجة لتحطيم إرادة الشعب ودفعه نحو الهروب أو الموت.

من التنديد الرمزي إلى الضغط الاستراتيجي

يمثّل القصف الإسرائيلي على العاصمة القطرية فرصة نادرة واختباراً مصيرياً لدول الخليج، وخصوصا قطر والسعودية، ومع الخليج كل الدول العربية لإعادة صياغة استراتيجياتها الإقليمية وترجمة خطاباتها السياسية إلى أفعال ملموسة، فبدلاً من الاكتفاء بتنديد رسمي محدود، يمكن توظيف هذا الانتهاك الخطير للسيادة كأداة ضغط سياسية ودبلوماسية واقتصادية فاعلة لإجبار إسرائيل على وقف حرب الإبادة في غزّة ووقف الزحف الاستيطاني المتسارع في الضفة الغربية.

موقف خليجي عربي موحّد؛ مشروط بتجميد كل أشكال التطبيع، ومدعوم بحشد الدول الإسلامية، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، ودوره الآخذ بالتفاقم لفرض عقوبات على إسرائيل، قادر على تشكيل منعطف تاريخي لإعادة رسم موازين القوى الإقليمية، بما يعزز قدرة العرب على الردع وحماية مصالحهم وسيادتهم الوطنية، وإنهاء الحرب الإسرائيلية والمأساة الفلسطينية للأبد، كما ويفرض على الاحتلال التزامات قانونية وسياسية.

ما دون ذلك، سيبقى النظر إلى الهجوم الإسرائيلي على الدوحة ضمن استراتيجية أوسع؛ تهدف إلى تقويض تأثير الوساطات القطرية في جهود التهدئة، وإشعار الدول العربية بأن أمنها مشروط بإملاءات تل أبيب.

هشاشة الدفاعات العربية والتحديات الأمنية المتصاعدة

كشف قصف الدوحة عن نقاط ضعف كبيرة وخطيرة في منظومات الدفاع الجوي، على الرغم من امتلاك الدولة لأقوى الأنظمة الدفاعية المتطورة في المنطقة، بما في ذلك بطاريات «باتريوت» وأنظمة «NASAMS».

نجاح إسرائيل في تنفيذ الضربة بـ 12 صاروخا بطائرات حربية؛ ترافقها مسيّرات وطائرات استطلاع وصهاريج مزوّدة بالوقود يعكس عدم كفاءة التنسيق الدفاعي الخليجي واستغلال الثغرات الأمنية والاستخباراتية، ويضع الدول العربية أمام تحديات استراتيجية وجودية.

فتصعيد الهجمات الإسرائيلية لم يعد يقتصر على دمشق وحلب وحمص وبيروت وصنعاء والمدن اليمنية الأخرى، وصولا إلى شمال إفريقيا، حيث استُهدفت مؤخّرا سفينة من «قافلة الصمود» في ميناء سيدي بوسعيد بتونس، لتطال اليوم الدوحة، حتى أصبح 9 سبتمبر/أيلول 2025 تاريخاً مفصلياً جديداً يُضاف إلى 7 أكتوبر 2023، والتي بدأ فيها العدوان الإسرائيلي على غزّة.

يمثّل هذا التاريخ اليوم نقطة تحوّل خطيرة في سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية، التي تعمل على استهداف الرمزية السياسية للعواصم العربية، وإيصال رسالة بأن أي دولة عربية، بغض النظر عن وزنها أو موقعها، قد تصبح هدفاً في أي لحظة، فهي ليست بمنأى عن البلطجة والعدوان الإسرائيلي السافر، لذلك، أن لم تتخذ قطر ومعها الدول الخليجية ومن حولهم الدول العربية قرارات رادعة؛ ممثّلة بمنح إسرائيل مهلة لإنهاء الحرب على غزّة، ستكون العواصم العربية الأخرى هي الهدف القادم.

من الشجب إلى الفعل

على المستوى الدولي، اقتصرت الردود غالباً على بيانات إدانة ضعيفة وجوفاء، بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي تدمير غزّة والإثخان بأهلها والعمل على تهجيرهم، دون أن يتعرّض لأي ضغط فعلي أو كُلفة حقيقية تحد من دمويته.

الهجوم على الدوحة يوضّح أن إسرائيل توسّع نطاق عدوانها ليطال جميع العواصم العربية، وتسعى لتفتيت اللحمة العربية والإقليمية في سعيها لإقامة «شرق أوسط جديد» تحت هيمنتها الكاملة. في المقابل، الموقف العربي الرسمي يكتفي بالتنديد ومناشدات المجتمع الدولي، وهو ما يضاعف الحاجة الملحّة لتوحيد الجهود العربية والخليجية وانتقالها من مرحلة القول إلى مرحلة الفعل، عبر فرض حزمة من الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية على إسرائيل.

إن اعتماد موقف عربي موحّد حازم، مدعوم بآليات ضغط واضحة مثل مراجعة الاتفاقيات السياسية والأمنية والإقتصادية، يشكّل السبيل الأكثر فعالية لوقف العدوان، وإجبار إسرائيل على احترام القانون الدولي وسيادة الدول العربية، مع إعادة ترتيب موازين القوى الإقليمية بشكل يردع أي طموحات توسّعية مستقبلية للعدو الإسرائيلي ويحمي الأمن القومي العربي برُمّته.

[email protected]



#أحمد_سليمان_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنس الشريف: من ارتقاء مُعلّق إلى شهيد مُحقق
- الضفة: من وهم ديني إلى تصويت الكنيست
- السويداء ضمن الخرائط الإسرائيلية الجديدة
- القرآن في الأدب الغربي ومشروع القرآن الأوروبي
- قُصف الخبز في غزة، فماتت الإنسانية في العالم
- النكبة ليست ذكرى بل واقع فلسطيني
- قمم عربية تحت عباءة ترامب
- ألمانيا تُبايع ميرتس والانتصار بطعم الهزيمة
- ترامب: أحبه ويُحبني وتُحب مصالحه تحالفي
- حقوق الحيوان أولا والموت لغزّة ثانيا
- التماسك السوري يفشل المخطاطات الإسرائيلية
- الديمقراطية الألمانية تُجهِض الديمقراطية
- ترامب يُهدد القضية الفلسطينية ويُوسّع الهيمنة الإسرائيلية
- ماغديبورغ: بين الصدمة والتساؤلات
- إسرائيل ودورها كمُستعمر في الشرق الأوسط
- حُرّيّة أحمد حسن الزُعبي ضرورة أردنية
- الحُرّيّة لأحمد حسن الزُعبي
- الأردن بين مشروع العطارات والإحتلالات
- أضرب الأردني فاتّهموه بالمؤامرة
- زيارة بايدن لتطويع التوسّع الإسرائيلي


المزيد.....




- -FBI- ينشر صورًا للمُشتبه به في حادثة إطلاق النار المميتة عل ...
- قبل وأثناء وبعد.. مصادر قطرية وإسرائيلية وأمريكية تكشف لـCNN ...
- أضرار في المتحف اليمني بعد غارات استهدفت صنعاء وأدت إلى مقتل ...
- ألمانيا وفرنسا تنشران مقاتلات إضافية لمراقبة وحماية أجواء بو ...
- ماكرون يقول إن فرنسا ستنشر ثلاث مقاتلات لحماية المجال الجوي ...
- بعد اختراق أجوائها... ماكرون يعلن أن فرنسا ستنشر ثلاث مقاتلا ...
- كيف تفاعل اليمنيون مع العدوان الإسرائيلي على بلادهم على مدى ...
- توجيه اتهامات بالخيانة وجرائم ضد الإنسانية لنائب رئيس جنوب ا ...
- القصف في الدوحة إثبات للفشل الإسرائيلي
- -أقوى من أي وقت مضى-.. قطر ترد على أنباء -إعادة تقييم- العلا ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - خرق السيادة واستهداف القيادة