أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - الطبيعة والدين















المزيد.....



الطبيعة والدين


علي محمد اليوسف
كاتب وباحث في الفلسفة الغربية المعاصرة لي اكثر من 22 مؤلفا فلسفيا

(Ali M.alyousif)


الحوار المتمدن-العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 10:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فويرباخ والطبيعة
فويرباخ كما معلوم أبرز فيلسوف أنشّق مع آخرين من تلامذة هيجل واطلقوا على أنفسهم الشبان اليساريين الهيجليين,منهم ماركس وانجلز وباور وشتيرنر وشتراوس وغيرهم.وربما يكون أهم انجاز فلسفي تركه فويرباخ هو كتبه الثلاث(اصل الدين)و(جوهر المسيحية) و(جوهر الايمان) في محاولته تثبيت نزعته الدينية الالحادية وشرح فلسفته في نشأة الدين عن الطبيعة واغتراب الانسان .
إلا أن هناك من يذهب الى أن فيورباخ لم يكن ملحدا كما اشار برديائيف وجون لويس إذ يقول هذا الاخير عنه:أن فيورباخ كان رجلا متديّنا الى أبعد الحدود, ومن ثم فإن ماديته مختلفة تماما عن أية مادية سابقة عليه, فهو لا يحقّر الدين وإنما يرى الله إسقاطا لحالة الانسان البائسة بالحياة.
عمد فويرباخ أن يجعل من الطبيعة منشأ الدين,وينصّب الانسان (إلها) بها ومن خلالها وعليها,فهو جعل الانسان يقدّس ويؤله الطبيعة بتأملاته الخيالية والميتافيزيقية المحدودة أدراكاعقليا,وأن يعتبر (الانسان ) دون وعي منه, الطبيعة بكل ماتمتلكه من ظواهروهيئات وتنوعات جغرافية وبيئية وتضاريس وانهار وجبال وحيوانات ما هي إلا (الاله) الذي إخترعه الانسان لحاجته الماسّة له روحيا وماديا ايضا في تعليل اسباب وجوده في الطبيعة أو المساعدة في ايجاد حلول جميع المشكلات التي تعترضه والظواهر والموجودات الاخرى في الطبيعة التي تجاوره وتحيط به ويتعايش معها من حيوان ونبات وجماد.
جعل فيورباخ من الطبيعة والانسان والله, إلها واحدا هو الانسان,ليس على وفق مشابهات فلاسفة وحدة الوجود الصوفية , الها متسيّدا الطبيعة من جهة, وشبحا إلهيا لإله متعال في ما وراء الطبيعة لا يدركه الانسان لا بالصفات ولا بالجوهر لكنه يحتاجه, يقوده الى الاذعان الروحي الطوعي بما يخلع الانسان من ذاته عليه, صفات يتمناها الانسان أن يمتلكها في سد إحتياجاته وتسهيل صعاب حياته, إله يقوم بالرضوخ له وتقديسه وعبادته والخوف من غضبه, ذلكم هو الاله المتخيّل إنسانيا وجوديا في الطبيعة وليس خارجها, يرتبط الانسان بآلهته بعلاقة روحية غيرواعية ومدركة يجسّدها إرتباطه الروحي بالطبيعة وليس إرتباطه الروحي بما وراء الطبيعة, فهذه العلاقة الميتافيزيقة التعبدية لم يكن يبلغها الانسان آنذاك إلا بعد مراحل تاريخية طويلة ,انبثقت لاحقا في الطقوس السحرية الدينية والتعاويذ والطوطمية والميثولوجيا والاسطورة ومن ثم في مراحل لاحقة الأديان الوثنية التي قادت البشرية الى الأديان التوحيدية في مراحل متقدمة انثروبولوجيا.
وفي معرض دفاع فيورباخ انه لم يكن يدعو الى أن الانسان هو (إله) من غير أسبقية الطبيعة عليه يقول بذلك:(ولكن الرأي عندي أن الكائن الذي هو شرط مسبّق للانسان إنما هو الطبيعة, وأن كينونة الطبيعة بالنسبة لي, الكينونة الازلية التي لااول لها, إنها الكائن الاول في الزمان وليس في المرتبة, فهي الكائن الفيزيقي وليس الاخلاقي)1
ويؤكد فويرباخ(أن الطبيعة هي الموضوع الاصلي للدين, كما يبرهن على ذلك تاريخ كل الديانات والامم, فالتاكيد بأن الدين فطري بالنسبة للانسان زائف اذا تطابق مع الثيولوجي, ويكون صحيحا تماما اذا كان الدين هو الشعور – شعور الانسان – بالتبعية الذي يدرك فيه أنه لا يستطيع الوجود بدون كائن آخر مختلف عنه في كيفياته وصفاته, واذا فهمنا الدين هكذا, فان الطبيعة ضرورية للانسان ضرورة النور للعين والهواء للرئتين , والطعام للمعدة, بإختصار الانسان كائن يعتمد على الطبيعة).2
إن تعلق فيورباخ بالطبيعة والانسان يكاد يكون عصابا مرضيا عنده , إن لم يكن هو أعلى إفصاحات التدّين التصوفي العميق,وصفات النقاء الروحي التي لا يمكن أن يتصّف بها فيلسوف عرف عنه الحاده, ففي رسالة ارسلها الى والده عام 1824 بعد هجره دراسة اللاهوت كتب فيها(لقد هجرت اللاهوت ليس عبثا,أو إستهتارا, أو كرها, ولكن لانه لا يشبعني ولا يعطيني ما أحتاج اليه ولا أستطيع الاستغناء عنه, أود أن أضم الطبيعة الى قلبي, تلك التي يرتد عن أعماقها رجال اللاهوت الجبناء).3
الطبيعة الارضية الحسّية الحيّة التي وجد الانسان نفسه مقذوفا بها كوجود من غير ارادته مع باقي المخلوقات والمكونات الطبيعية والحياتية النباتية والحيوانية والجمادية,وسط اشكال وظاهرات متنوعة ,اشجار ونباتات وجبال عملاقة وصخوروانهار وبيئة متنوعة وغير ذلك.وكان محتّما ومحكوما على الانسان أن يتكيّف ويتعايش مع هذه الطبيعة شاء أم أبى, ويتماشى مع مراحل تطورها التاريخي,محاولا فهم صفاتها وقوانينها وكيفية التعامل والتكيّف والتعايش معها.
كتب فويرباخ في كتابه جوهر الدين:( الاعتماد الحيواني على الطبيعة – يقصد اعتماد الحيوان على الطبيعة – هو إعتماد غير واع – يقصد سطحي عفوي – لكن بإرتفاعه الى الوعي التخييلي – يقصد عند الانسان فقط - وعند التفكير فيه والاعتراف به يصبح دينا ).5
وبالعودة لمناقشة وتوضيح عبارة فيورباخ حول النزعة الاعتمادية الحيوانية على الطبيعة من قبل الانسان والحيوان,إن علاقة الرضوخ والاذعان الانساني للطبيعة وإن التقت مع النزعة الاذعانية الانقيادية في صفتها (الحيوانية) كما هي عند الحيوان بالتكيّف النوعي المختلف, في التكيف الانسان مع الطبيعة عنه عند الحيوان أي في نوعيتها على مستوين نناقشهما أشار فيورباخ لاحدهما تلميحا فلسفيا ضمنيا , مامعناه أن كلا الاذعانين التكيفين الطبيعيين عند الانسان والحيوان مع الطبيعة غير ادراكي غير معقلن,لكن حين يتحوّل الى وعي ذاتي مفارق عند الانسان المتحرر من هيمنة الطبيعة, فإن ذلك الوعي الخيالي العابرللتكيّف مع الطبيعة يصبح(دينا) إنسانيا لايعيه ولا يفتقد أهميته الحيوان في حياته. لكنه كان ما يبحث الانسان عنه بحياته.
ومن جهة ثانية من جانبنا نؤكد أن (حيوانية) الإذعان في علاقة إعتماد الانسان والحيوان على الطبيعة في تأمين احتياجاتهما للغذاء والبقاء والحياة, وإن إختلفت الوسائل بين الانسان والحيوان, فهي علاقة انسانية مفارقة عن مثيلتها في اذعان الانسان للطبيعة, مقارنة بالاذعان السلبي عند الحيوان , ففي الوقت الذي يكون الحيوان في إعتماده الطبيعة تأمين احتياجاته, نجده يرتبط في علاقة تكيّف سلبي بالطبيعة أنه يعيش ليأكل فقط,ويهادن الظواهر الطبيعية ولا يرغب من الطبيعة بأكثر من تأمين الطعام له وادامة حياته في البقاء. بينما نجد تكيّف الانسان مع الطبيعة, ومؤانسته بها انها توّفر له احتياجات العيش والحياة كما هي توفرها للحيوان, لكن بفارق وإختلاف جوهري كبير جدا,فرغبة الانسان تفارق الحيوان بما نطلق عليه التكيّف الايجابي غير المنقاد للطبيعة, بمعنى ان الانسان لا يكتفي من الطبيعة تأمين حاجاته الاساسية لأدامة حياته وتامين الغذاء له وحسب, وإنما يرغب السيطرة على الطبيعة وقيادته لها لا كما تقود هي الحيوان من دون وعي مدرك لكليهما إذ أن الوعي المتبادل بين الطبيعة والحيوان لا وجود له.,فالطبيعة والحيوان لا يدركان عقليا ميزة يمتلكها الانسان وحده أنه يعي ذاته ويعي الحيوان ويعي الطبيعة وجميع المخلوقات بوعي ذكي ومعقلن......عند هذا التمفصّل الجوهري المفارق الذي تجاوزه فيورباخ ضمنا أم عمدا, وعلاقته الارتباطية الوثيقة بنشأة الدين نأتي لتوضيحه أكثرلاحقا أهمله فيورباخ.
في التمفصّل الذي ذكرناه ينتهي دور الطبيعة أن تكون كما اشار وإعتمده فيورباخ, هي الملهمة للانسان روحيا, ومصدر وحيد لنشأة الدين عند الانسان. وفي توضيح مقارن بسيط نجد الانسان يشترك مع الحيوان في امتلاك (العقل) في وعي ذاتيته الإنسانية كجنس بإختلاف جوهري ونوعي كبير, هو أن عقل الحيوان يفتقد خاصيتين يحتازهما ويتمايز بهما عقل الانسان من دون الحيوان, هما خاصيتي (الذكاء والخيال) مضافا لهما في مراحل متقدمة من وجوده قدرته على اختراع الانسان لغة التخاطب مع غيره من البشر كنوع مفارق لحياة الحيوان وكذلك خاصيّة شعوره بالزمن كتحقيب طبيعي بيئي.
وطبعا نحن لا نقصد بالعقل هنا امتلاك الانسان ملكة الادراك و التفكيرالعقلاني التي ايضا لا يمتلكها الحيوان, وإنما قصدنا العقل المحسوس العجينة الرمادية المتكوّنة من المخ والمخيخ والنخاع المستطيل, هذه الكتلة العجينية موجودة في جمجمة كل من الانسان والحيوان لكن باختلافات جعلت من الانسان نوعا متفردا بخصائص لا يمتلكها أي كائن على الارض.وبهذه الخاصية الانسانية كان الانسان (دينيا) دون سائر المخلوقات كما هو إجتماعيا في العيش المشترك في إستخدامه اللغة بأشكالها البسيطة.
معلوم بما لا يحتاج منا التوكيد أن عقل وتفكير الحيوان في تكيّفه السلبي مع الطبيعة التي يدركها(حسّيا) فقط, في وقت نجد وجود الانسان في الطبيعة على وفق علاقة اصطراعية إحتدامية في سعي الانسان والى وقتنا الحاضر هاجسه الكبير هو كيفية تطويع الطبيعة والسيطرة عليها تنقاد له ولا ينقاد لها, ومؤخرا في عصور العلم والحضارة, أخذ الانسان يسعى لاكتشاف القوانين الطبيعية من أجل رفاهيته وراحته وسعادته. وبقي تكيّف الحيوان الطوعي مع الطبيعة, في بقائه حيوانا غير مفكّر ولا عقلانيّ ولا خيالّيّ ولا متأمل ولا ديني ولا ناطق.
أما كون الانسان متأملا عقلانيا ذكيا خياليا فهذا جعله كائنا دينيا متفرّدا, يمتلك الصفات التي تؤهله التفكير الخيالي خارج أبعاد الطبيعة, وهذا الوعي الخيالي يرتفع به مرتبة أعلى عن الطبيعة, فهو غير متكيّف معها بما تمليه عليه , بل هو في علاقة إحتدامية غير منقادة معها, في بحثه الدؤوب عن خالق يمتلك صفات الطبيعة جميعها, كائن يمتلك قدرات إعجازية غير منظورة تملي عليه وجوب الانقياد له, وليس للطبيعة ذات القدرات المحدودة العاجزة في منع الحوادث والاخطار والبراكين والزلازل والموت وغيرها,صفات يتمناها أن تكون غيره يمتلكها لتجعل منه كائنا يتوّسله في حياته التي يرغبها اكثر أمانا واكثر طمأنيية بعيدة عن الخوف الذي يتهدد وجوده, حياة في أسمى معانيها وصفاتها.
اغتراب الذات
لقّب فويرباخ بأنه صاحب منهج فلسفي مادي تصوفي أو تأملي ذاتي, البعض ينعت فويرباخ فيلسوف الذات فهو عالج موضوعة اغتراب الذات فلسفيا في سبق فلسفي يحسب له قبل علم النفس . ومن الماركسيين المحدثين الذين ينكرون التأثير المادي لفويرباخ على ماركس, بنفس معيار إنكارهم الجدل الهيجلي على إعتباره هو الآخر مثاليا تجريديا تأمليا,واقفا على رأسه بدلا من قدميه, علما أن جميع دارسي وباحثي الماركسية يذهبون الى أن المادية الفويرباخية والجدل أو الديالكتيك الهيجلي كانتا دعامتا الديالكتيكية المادية الماركسية , والجدل المادي التاريخي اللذين إعتمدهما ماركس في صياغته قوانين تطور المادة والتاريخ, بعد تخليصه مادية فويرباخ من تصوّفها التأملي الديني, وتخليص الجدل الهيجلي من مثاليته المقلوبة على مستوى الفكر لا الواقع المادي كما يرغب وفعله ماركس.
المهم أن هذا ليس موضوعنا,لكن لا يمكن لأحد نكران أن المعارف والفلسفات وحتى العلوم الانسانية,هي تراكم معرفي وحضاري تاريخي محكوم بالكم والكيف, في تقادم زمني لا يلغي تماما جهد السابقين على اللاحقين تاريخيا, مهما إعتور وشاب تلك المسيرة من النقد والمراجعة والحذف والتفسير والتفنيد ..الخ كما يتعذر ولادة معارف علمية أو فلسفية من فراغ سابق عليهما.
واذا سمحنا لانفسنا اسقاط الفهم الحداثي وما بعد الحداثي على أي نص مكتوب ,فهو بحسب رولان بارت في مقولته الشهيرة موت المؤلف , في ردّه كل نص الى تناصه المتعالق مع سابقاته من النصوص من جهة ,ومن جهة اخرى فأن النص بعد كتابته و نشره يصبح ملكا صرفا للقاريء المتلقي, او بالاحرى المتلقين الآخرين في تعدد وتنوع قراءآتهم للنص.وهو ما ينطبق على كل نص تداولي مكتوب سواء في الثقافة أو المعارف أو الفلسفة أو السرديات الكبرى كالايديولوجيا والتاريخ الخ.
ويؤكد البرتو إيكو هذا المعنى لدى بارت قائلا(ان بارت يقوم بتفريق هام بين نص القراءة, الذي يستهلكه القاريء, والذي يمنح نفسه للقاريء بلا مشّقة,ومن ثم يقوم بترسيخ العادة وألمالوف, وبين نص الكتابة الذي يقوم القاريء بكتابته مرة أخرى, ومرات عديدة في كل قراءة أخرى جديدة).
يقول ماركس في عبارته المتعالقة مع فويرباخ:(ان الدين باق معنا ,في بقاء الاسباب التي أدّت الى نشوئه) 4.لا نجانب الصواب حين نرد وننسب التقاء ماركس وفويرباخ في نشأة الطبيعة الدينية لديهما في اشتراكهما ليس في طبيعية (الحادهما) وحسب , وانما في طبيعة نسبة مصدر الدين ومنبع وسبب نشوئه في ردّه الى مرجعية الطبيعة ذاتها والانسان ذاته ايضا. معتبرين الدين من صنع الانسان في إستلهامه الطبيعة وذاته معا إذ يقول فيورباخ بهذا المعنى (إن عبادة الله تعتمد على عبادة الانسان لنفسه).
الطبيعة ونزعة التدّين
يذكر أحد الفلاسفة في معرض حديثه عن تعالق الدين واللغة عند الفيلسوف بروديكوس, أن الانسان البدائي والذي بدا له أن كثيرا من الظواهر الطبيعية معادية له, ومع ذلك كان معجبا جدا بالهبات التي تزوده بها الطبيعة لتسهيل حياته ورفاهيته.هذه الطبيعة المادية في مجموع تكويناتها وتنوعاتها الارضية, لم تكن طبيعة جامدة (روحيا) بمعنى الثبات والسكون الفيزيقي والبايولوجي الذي يعدم تساؤلات ما وراءها , تساؤلات الانسان الكائن النوعي في ذكائه المتفرد به عن باقي المخلوقات والكائنات (عقليا - روحيا) خياليا تأمليا ميتافيزيقيا الى ماوراء ظواهر الطبيعة.
في هذا التأمل الروحاني البسيط ,حسب فويرباخ أخذ الانسان يخلع على الطبيعة, بعضا من خصائصه الذاتية ,ليصل بعدها خطوة او مرحلة متقدمة في(تأليه) اغترابه عن الطبيعة,متصوّرا أن قدراتها وما تمتلكه الطبيعة من صفات لا يمتلكها هو تجعله بالضرورة يجعل منها كائنا يفوقه بالقدرة والمكانة, ويستوجب عليه تقديسه واعتباره(إلها) له يعبده ويعمل بجميع الوسائل كسب مرضاته ووقايته من الحاق ضرره(العفوي) المقصود به في كل خوارق العواصف والزلازل والفياضانات وبقية الظواهر وهكذا في كل ما يهدد حياته ووجوده.هنا بدأ الانسان يفهم ان الطبيعة التي يعلوها الأله, تمتلك وتستطيع فعل كل ما يعجز عنه تفكيره أن يفعله ويعمله, في وجوده المادي الحسّي والروحي على السواء.
ان تفسير فويرباخ (الوهية) الطبيعة المتخيّلة والمصنّعة انسانيا ذاتيا, هو ان(الانسان وضع اسمى خصائصه الانسانية, ماهيته,او جوهره في الطبيعة فقدسّها, ثم خلع عليها صفات وقدرات الالوهية في تجريدها من عينيتها أي من واقعيتها المادية, ومن ثم رفعها الى السماء, وسماها(الله) بلغات مختلفة وكيفيات مختلفة ورموز مختلفة وخصائص مختلفة وهيئات مختلفة.)6
واضح أن منشأ الدين لدى فويرباخ هو الطبيعة, ويعتبر الانسان الديني هنا, إنما يتعامل مع (الطبيعة – الدين) من خلال ذاته, كذات عقلانية مدركة للطبيعة والمحيط وتعي إغترابها عنهما معا(اغتراب ذاتي واغتراب عن الطبيعة). وبالتالي فإن (إله) الانسان لا يعكس سوى حالته فقط , ذاتيته, وجوهره المتفرد الخاص به وحده دون غيره من الكائنات. تأسيسا على ما ذكرناه يعتبر فويرباخ الطبيعة المبتدأ الاول والمنتهى الاخير لفهم نشوء الدين, لذا تكون تبعية الانسان لحاجة التديّن , هي لاشعوره الدفين بتبعيته للطبيعة التي لا يستطيع تصوّر الحياة من دونها وما توفره له من اسباب العيش والبقاء.
من المعلوم جيدا أن جدل الانسان مع الطبيعة يقوم على جوهر ومرتكز(أنسنة) الانسان لها,ومحاولته السيطرة على بعض تجليّاتها وتسخيرها لمنفعته, أو محاولة اكتشاف بعض قوانينها الطبيعية التي تعمل بمعزل عن رغباته ووجوده ومحاولته الاستفادة منها في تمشية حياته والتكيّف مع الطبيعة.
فالانسان الذي يصطدم بالقدرة الكلية للطبيعة, والاحتدام معها, يسقط على الطبيعة رغبة الانتصار عليها وتحقيق رغباته واحتياجاته منها, والانسان لا يتكيّف مع الطبيعة تكّيفا سلبيا معها كما يفعل الحيوان, بل يكون تكيّفه مع الطبيعة بمقدار إستجابتها تحقيق ما يرغبه منها وتمنحه له وتديم بقاؤه في الحياة.
بالمقابل الجدلي المناقض للانسان نجده في سعي الطبيعة, تطبيع الانسان على التكيّف معها في مقابل محاولته هو أنسنتها, في افتراض واقعي علمي أن جدل التناقض في قطبيه الانسان والطبيعة لا يعيان إدراكيا تضادهما الجدلي ولا حتى النتائج المتولدة منه والمفصحة عنه.الجدل والتضاد بينهما في قانون المادية الماركسية وحدة وصراع الاضداد الذي يحكم المادة والتاريخ والوجود عامة.
انه من المفهوم جيدا أن جدل الانسان في محاولته انسنة الطبيعة يقوم على خاصيتين يمتلكهما الانسان وتفتقدهما الطبيعة وهما عاملي (الذكاء واللغة), لذا بالامكان ترجيح جدل التضاد بين الانسان والطبيعة في صالح الانسان وليس الطبيعة وهو ما ثبت انثروبولوجيا وعلميا في التطور التاريخي والحضاري للانسان. ثم اضيفت للانسان قدرات إضافية لا تجاريه فيها الطبيعة مثل إنتصاب القامة وإستعمال اليد بمساعدة إصبع الابهام الذي لا تمتلكه سائر الحيوانات العليا القردة, وفي مرحلة متقدمة جدا إخترع الانسان اللغة مع دخوله عصر الزراعة , عصر صنع الحضارة الانسانية.(عصر الزراعة سبعة الاف سنة قبل الميلاد, وعصر إختراع الكتابة بحدود (2200 – 2300) ق. م.*
نعود لنكمل مع فيورباخ(اذا كان الانسان يؤمن بكائن مختلف مستقل عنه, والذي ليست له طبيعة بشرية, وليست له صفات بشرية, فإن ذلك الكائن ليس شيئا سوى الطبيعة في الحقيقة, وأن كل الاسماء التي يمنحها هذا الانسان لكائن متخيّل ما هي في الاصل الا سمات الطبيعة ذاتها).7ويمضي قائلا في تأليهه الطبيعة( إنه اذا كان الله بنظر اللاهوتيين عبارة عن كائن خالد لا يفنى, فانه لا يوجد في الحقيقة كائن خالد سوى الطبيعة, حيث يموت جيل ويعقبه جيل آخر, في حين نجد أن الارض, الشمس, الماء خالدين الى الابد) 8 . كما يرى فويرباخ أن جوهر الدين هو جوهر الانسان,وماهية الدين هي ماهية الانسان نفسه, وبهذا المعنى فان فويرباخ بحسب الاستاذ الباحث جاد الكريم الجباعي (لا يؤسس للالحاد, بل يؤسس الدين برده الى اصله (الانسان) وعلة وسبب نشوء الدين هو إغتراب الانسان الذاتي واغترابه عن الطبيعة معا).9
وبهذا الفهم الاغترابي الادماجي المركّب حسب فويرباخ يصبح كلا من الانسان والطبيعة والاله المصنّع خياليا ميتافيزيقيا(الها واحدا) متمثلا في محورية ومركزية الانسان وليس الطبيعة ولا وجود إله ما وراء الطبيعة. من الواضح ان فويرباخ جعل قدم وأسبقية الوهية الطبيعة متقدمة على الوهية الانسان لئلا يقع في التفسير المثالي الذي تحاشاه وهو أن الطبيعةالالهية والاله الميتافيزيقي كلاهما من صنع الانسان,وبهذا المنطق المثالي الذي تحاشاه فويرباخ يكون أبقى الطبيعة وجودا ماديا بمعزل عن كل وجميع رغائب الانسان وذهب الى أن الطبيعة منشأ الدين وليس الدين من صنع وخلق الانسان المحض.متجاهلا أن حقيقة التفسير العقلي المنطقي بغض النظر عن ماديته أو مثاليته يذهب الى أن الطبيعة وحدها لا تستطيع صنع دينها بنفسها لولا توّسل الانسان بها وقيادته هو للطبيعة وليس العكس.
عندها يصبح التفسير المثالي أو المادي أن الدين لم تصنعه الطبيعة بقواها الذاتية لولا توّسل الانسان بها وإعتماده لها مقبولا صحيحا, وبالتالي يبطل قول فويرباخ ان الطبيعة مصدر ومنشأ الدين. وفي تحاشي فويرباخ عدم الانزلاق بهذا الفخ لجأ الى القول أن الانسان خلق تدينه من الطبيعة ولم تفرض الطبيعة دينها عليه إن صح التعبير .أي أن فويرباخ وقع في مأزق المراوحة بين التفكير المادي الذي يتبناه ويحمله من جانب,وبين الفهم المثالي الذي لا يقر فويرباخ الأخذ به من جانب اخر.
فقد عمد الانسان تأليه الطبيعة التي يجهل من خلقها ومن أوجدها, لذا فقد إعتبرت الطبيعة منذ تلك الحقب التاريخية السحيقة والى يومنا هذا ميراثا للانسان تخدم وجوده الارضي لا ينازعها به أحد منذ انقراض الديناصورات والماموث وغيرها من الكائنات التي كانت تهدد وجوده بالانقراض.وسواء ورث الانسان الارض هبة من الخالق أم كنزا وجده مصادفة هيأته له إرادة اخرى مجهولة خفيّة في التطور البيولوجي والكوسمولوجي, فهو وجد نفسه حاكما متحّكما في الكثير من أمورها الغامضة أو الواضحة ليكون سيّد الطبيعة.
وحسب فويرباخ فإن الانسان خلع على الطبيعة من صفاته رغبة منه في حل الغاز وجوده, ونضيف تماشيا مع تصور فويرباخ أنه لمّا كانت الطبيعة عاجزة عن حمل رسالة الالوهية بما يلبي رغبات الانسان ويبعث الطمانينة بنفسه , فهي لا تجترح المعجزات ولا تجيب على اسئلة عقل الانسان المحيّرة ووجوده النوعي, فأن الانسان لم يمتلك سوى الارتداد الى ذاته في تصنيعه من الطبيعة (إلها) متعاليا عليه وعلى الطبيعة يعبده ويقدسه, الى مرحلة لم يكن يعيها جيدا أنه بأمكانه أن يكون الانسان هو( إلها ) للطبيعة والمخلوقات الأخرى معه.
وهو مانجده متحققا في مراحل تاريخية متطورة حضاريا من وجود البشرية في إعلان الانسان نفسه (إلها) وحتى ليس نبيا,في الاساطير والميثولوجيا لدى اقوام بدائية, وحتى الى عصور متقدمة معاصرة جدا في إعلان امبراطور الحبشة (اثيوبيا) هيلاسلاسي نفسه(إلها) مخلصّا يعبد بحسب المعتقد الديني في مذهب (الراستفارية) عند بعض القبائل الاثيوبية غير المسيحية. وقبائل جامايكيا تتبع الديانة الرستفارية.
بالحقيقة لم يكن يدرك الانسان أن من خصائص الاله إجتراح المعجزات عصر ذاك , لذا كانت الوهية الانسان لا ارادية ولا عقلانية, سواء اكانت الطبيعة الها أم لم تكن, أو كان الانسان مخلوقا عبدا أم إلها مرسلا أم غير مرسل.
ولأن الانسان بحسب فويرباخ( كائن غير ميتافيزيقي فان تفكيره الميتافيزيقي (نقض) بمعنى السلب النفي,لفن التفكير كأنه سلب مطلق, والطبيعة له ليست الا المقابل العقلي له) 9 (والكائن الذي يوجد في الفكر بالنسبة للمفكر, هو الجوهر الحقيقي, ومع هذا فانه يكون واضحا بذاته له, والكائن الذي لا يوجد في الفكر لا يمكن أن يكون جوهرا صحيحا ) 10
كما أن الذي لا يعطيه لنا الفكر بفعل التفكيركناتج تفكيري وفهم الذي هو الموضوع المادي المدرك لذاته,او الكائن المدرك وجوده خياليا (روحيا) عندها يكون المخيال الغاءا افتراضيا مطلوبا لادراك وجود الطبيعة ماديا.التي يرغب الانسان إعطاءها صفة المتعالي والمقدس والالوهية,على حساب إلغاء فاعلية العقل الحسي في تحقق وجود الاشياء.على وفق قصدية روحانية دائمة التصادم والتضاد, في عجز الانسان والطبيعة معا أي الخالق الطبيعة والمخلوق الانسان العبد كليهما وجدا عجزهما اثبات ان الطبيعة تمتلك سمات الالوهية والمقدس في اجتراح المعجزات وتحقيق اماني العبد الانسان في درء الاخطار المحدقة به وحمايته.هذه السمات لم تكن الطبيعة تمتلكها اولا , ولا هي(الطبيعة) أرغمت الانسان خلعها عليها, وتصنيع الانسان الهه منها وعبادته لها على وفق ما يطلبه ويتمناه لا وفق ماترغبه الطبيعة, فهي لم تكن ولن تكون مستقبلا بحاجة الى انسان روحي يستمد تدينه من الطبيعة.
وفي مقولة هيجل(الدين هو أعلى صورة من صور التعبير عن الوعي الذاتي) نستطيع فهم أن ذاتية الانسان هي التي جعلت من الطبيعة إلها افتراضيا هو من صنع خيال الذات الانسانية في ايجاد وسيلة تخلع عليها صفات الالوهية, ويعبدها الانسان فلا يجد غير الصفات التي تتفرد بها الطبيعة ,أو الصفات المشتركة بينهما, ويصنع من الطبيعة إلها ماهو إلا ذاته هو الانسان, التي خلعها على الطبيعة. تم هذا بواقع تفسير خيالي افتراضي أن الطبيعة قادرة إعطاء كل متطلبات معيشة الانسان ,وبالتالي فهي تستحق التأليه الذي يحتاجه الانسان روحيا في فزعه من الموت والفنا
الهوامش:
• اعتمدت في هذه المقالة المداخلة,اقتباسا او اكثركما موجود في الهوامش من مقالة الاستاذ الباحث جاد الكريم الجباعي/الالحاد لا يقي من المثالية والغيبيات/موقع مؤمنون بلا حدود ,نيسان 2018 في عرض اراء فويرباخ كتابه اصل الدين تعريب وترجمة الاستاذ احمد عبد الحليم.
1. نقلا عن كتاب اصل الدين لفويرباخ/ محاضرات في جوهر الدين ص2
2. المصدر اعلاه نفسه نفس الصفحة.
3. المصدر مقالة الاستاذ جاد الكريم الجباعي المشار لها اعلاه.
4. المصدر اعلاه نفسه
5. المصدر اعلاه نفسه
6. المصدر اعلاه نفسه
7. نقلا عن كتاب اصل الدين لفيورباخ ص31
8. نفس المصدر السابق 34
9. نفس المصدر السابق ص 36
10. نفس المصدر السابق ص37
• هذا الموضوع شائك وغير محسوم ايهما أسبق على الآخر الكتابة ام الكلام؟اذا اعتبرنا ان النقوشات والمحفورات البدائية الصورية المرسومة على جدران الكهوف هي أسبق على الكلام, قد يبدوكلامنا صحيحا, لكن تلك النقوش الصورية لا تعتبر لغة تخاطب تواصلي شفاهي,الكلام لا يشترط فيه التدوين والكتابة, اما شرط اللغة هو التواصل والتدوين معا اي الكتابة.



#علي_محمد_اليوسف (هاشتاغ)       Ali_M.alyousif#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات فلسفية تحليل نقدي 2
- شذرات فلسفية تحليل نقدي 1
- الوجود العقل وتعبير اللغة
- نظرية المعنى في اللغة
- الزمكان بين افلاطون وكانط
- الزمن القلق والاشياء
- اللغة الذات الجوهر
- الزمان والجوهر
- الجوهر والوعي
- مبحث الوعي الفلسفي
- نقصان الوجود / التمدد والاحتواء
- مغالطات فلسفية
- كلمات فلسفية
- موضوعات فلسفية
- منهج الابستمولوجيا
- الوعي : السجال الفلسفي
- فيورباخ الاغتراب والدين
- شوبنهاور/ بؤس الارادة وفهم العالم
- الوجود تعبير لغوي2
- الوجود تعبير لغوي1


المزيد.....




- شاهد لحظة غارة أمريكية قاتلة على سفينة يُزعم ارتباطها بعصابة ...
- بتحد صارخ لأمريكا.. تحليل -مشية الإوزة- بالعرض العسكري الصين ...
- حقائب النجمات في صيف 2025..عنصر أساسي لا يقل أهمية عن فساتين ...
- مع عرض الصين العسكري الضخم.. أرقام قد تصدمك عن ميزانية جيشها ...
- مساعد بوتين يرد على ترامب وادعاء -التآمر- على أمريكا بالعرض ...
- الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. خريطة توضح من يدعم ويعارض
- احتفال عيد النصر: عرض عسكري ضخم في بكين.. وترامب يتّهم شي وك ...
- القطار البطيء.. لماذا يفضّله زعيم كوريا الشمالية على الطائرا ...
- عرض عسكري ضخم في الصين بحضور روسي وكوري شمالي يشعل غضب ترامب ...
- محمود المشهداني أول رئيس للبرلمان العراقي بعد الغزو الأميركي ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - الطبيعة والدين