محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8446 - 2025 / 8 / 26 - 08:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعتذر للأصدقاء و الزملاء الذين يتابعون هذه الصفحة أملين أن يجدوا بها المسكوت عنه في اجهزة البث و الدعاية متعددة الأشكال التي تطلقها الدولة تصبغ العقول بعشوائيات وجهة النظر الرسمية .
فكما سبق ..و إعترفت .. هذه البيئة و هذا المجتمع لا ينتج عنه .. فكر منطقي علمي .. قادر علي فحص المشكلة .. و محاولة إيجاد الحلول .. بما في ذلك هذا المسن الذى اضاع عمرة في دراسة و مزاولة أنشطة متخلفة عن العصر بنصف قرن علي الاقل فلم ينتج إلا غثاء أحوى .
و مع ذلك دعني اشارك حضراتكم .. في هذا الركام من الافكارغير المرتبة منطقيا ..و التي لا تعتمد علي دراسات و بحوث تشبه في الشكل أو المضمون ..ما نقرأه لمتخصصين أجانب عندما يشرحون ما يحدث في مجتمعاتهم .
كي تقدروا حيرتي .. هل يستطيع أى مسئول .. أن يقول لنا ماهي سياستة أو يحكي عن أهدافة القريبة أو البعيدة غير تلك الشوشرة التي يزعجنا بها عم كامل و أحلام يقظة .. صاحب المقام الرفيع رئيس الوزراء ..و تطمينات طال عمرة و إمتد عزة ..و طاقم البث و الدعاية المحيط به
بداية النعكشة .. أنني أرى هذا المكان .. منذ هزيمة أكتيوما و سقوط البطالسة و إحتلال الرومان .. قد إنزلق تدريجيا في اسر التخلف .. و فقد الهوية .. و البعد عن العلوم و الفلسفة التي سادت أرجاء العالم مع إزدهار الإمبراطوريتين الرومانية و الفارسية .
قاع الإنحدار تزامن مع السيطرة البدوية ..( للعرب و المماليك و العثمانيين ).. و الإنبطاح الكامل لسكان البلاد .. بعد .. ضرب ثورة البشموريين و كسر قدرة الشعب علي مقاومة الإستلاب الفكرى و الديني ..و الخضوع لظلم ولاة بني عثمان الأجلاف الدمويين القساة .
.
محمد علي في بداية القرن التاسع عشر لم يكن يختلف كثيرا عن الولاة الأتراك إلا بالإنفتاح علي أساليب الغرب في القتال .. و ما يصاحبه من تحويل البلاد إلي عزبة إنتاج قطن .. يطلبه السوق الدولي و يدر أموالا كثيفة .. تستخدم في تجهيز قوات مسلحة محلية بقيادة أجنبية .
.
إصلاح طرق الرى .. و إنشاء المصانع ..و فتح المدارس ..و إرسال البعثات للخارج .. كلها أمور تم تدبيرها لتخدم تكوين جيش قادر علي مواجهة قوات الإمبراطورية العثمانية الذي أحبطت انتصاره في الشام محاولات أوروبا لمنع سقوط الخليفة وعرشه بيد محمد علي .
النهضة الحقيقية لتكوين دولة معاصرة .. أشرقت مع بدايات القرن العشرين .. و إنشاء جامعة أهلية علي النمط الأوروبي .. ثم مدرسة للفنون الجميلة .. تربط الإبداع بما يحدث في الغرب .. و تحويل السلطان فؤاد إلي ملك عام 1923 .. يحكم بدستور متقدم .. و إنتخابات نيابية .. و حكومة.. لها صلاحيات واسعة ..و جيش من المصرين بقيادة إنجليزية .
التطور شمل الحركة النسائية ..و تبدل أزياء الرجال و النساء .. و إنتشار التعليم المدني الطابع بين الشباب و الفتيات . و بزوغ أضواء الفكر المعاصر في الفلسفة و العلوم و الفنون ..و الليبرالية الإقتصادية .. و إنتشار افكار عن الماركسية .. والفاشيستية .. و النازية .. و تطوير الخطاب الديني . لتخرج نظم الحياة في المدن الكبرى بمساعدة الأجانب المتمصرين و اليهود و طلائع المثقفين خارج عباءة قهر الملك الإله .. الذى حكم بلادنا لالفين .. سنة .
بكلمات أخرى .. لقد كانت الفترة .. ما بين بداية القرن الماضي و منتصفه.. مؤشرا .. للخروج من الجب ..و تنفس هواء المعاصرة . .
و كان من المأمول . أنه مع إستمرار هذا النمط الحياتي .. أن تلحق بلدنا بركب الدولة المتوسطة مثل اليونان و أسبانيا و اليابان .. أو علي الاقل قبرص و مالطا و إمارة موناكو .
نكمل النعكشة الفكرية .. فالشعب الذى طال تهميشه و إهماله ..و تخديره .. و نهبه .. لم يكن قادرا علي إتمام عبور الهوة الواسعة إلي العصر الحديث و لم ينتج إلا أفراد قلائل من النابهين . أما الأغلبية .. فكانت تعيش حياة بائسة .. غير مشجعة .. لا يهتم بها الأغنياء من أبناء الأرستقراطية ..الامراء و الباشاوات و البكوات ..
عندما خرج من بين هؤلاء المساكين ..من يرتدون الزى العسكرى .. مثل عبد الناصر و السادات .. و مبارك .. كان الطبيعي .. أن تتغير السياسات في إتجاه .. إنعتاق فقراء مصر.. لتبدأ محاولات علوية (لا يشارك فيها الشعب ..) بطريقة التجربة و الخطا.. تنجح في بعض الظروف و تفشل في أحوال أخرى .
.
عبد الناصر و أصحابه لم تكن لديهم قبل (60 - 65 ) خطط لتنمية المجتمع .. إنها ليست مهنتهم .. أو دراستهم ..و لم يكن من بينهم من .. يفحص تجارب الأخرين .. و يتعرف علي حلولهم ..
فتحول المجتمع ذو الشكل المتماسك في زمن الملك إلي عشوائية فكرية .. إقتصادية ..علمية .. طبقية .. مش عارفين فيها راسنا من رجلينا .
زاد الطين بللا .. مغامرات القومية العربية في سوريا و اليمن .. ثم كسر الجيش في سيناء .. و تحول كل الجهود القومية بعد ذلك من أجل إصلاح ما جرى تدميره في نهاية ستينيات القرن .
السادات .. لا يختلف كثيرا عن باقي الضباط الأحرار .. فهو مسطح مشوش لا يمتلك خطة أو فكر أو تصور للخلاص و التنمية ..شعاره فلنجرب ..و نرى ما سيحدث
.. و دخل بمصر في دوامة الإنفتاح الإقتصادى .. متصورا أن كل سياسة عبد الناصر كانت سببا في البلوى التي نعيشها ..
السقوط لم يتوقف .. بعد الذهاب للقدس و الحديث في الكنيست .. لقد سلم البلاد لقوة الإحتلال المعاصرة في أمريكا ..و تفرغ لكبت الاصوات داخل الوطن حتي يقبل الناس عنوة ما إختاره لهم تحت تأثير المخدرات
في بداية الثمانينيات .. كانت بلدنا .. في حاله من التفكك و الفوضي .. و الصراعات .. و الصياح .مع محاولات .. فرض سياسات متعارضة .. إنتهت بإغتيال السادات ., وبتولي ضابط أخرمن أصول ريفية .. راى أن مهمته هو ..عدم التغيير .. و تسكين المشاكل و إزاحتها للأجيال القادمة .. و ترك عصابات البزنيس لمدة ثلاثين سنة .. تكون ثروات طائله ..خلقت طبقة مستجدة من المليارديرات و المليونيرات .
نكمل النعكشة .. عندما .. سلم مبارك الحكم للقوات المسلحة .. لم يسلمة لبكباشية الطبقة المتوسطة .. بقدر ما سلمه للواءات مليونيرات يشكلون أرستقراطية عسكرية مدربة في أمريكا و متأثرة بالنيوليبراليزم ..ومنفصلة عن الشعب ..
لتبدأ مرحلة جديدة من حكم الإغنياء تعيدنا إلي نقطة البداية وديكتاتورية ملوك الزمن القديم .. المطعمة .. بقدرات أمنية ساحقة .. و تأثير إعلامي .. غير مسبوق ..و إصلاح إقتصادى يشيع فقرا يطول أغلب الطبقة الوسطي ..
لنصبح .. جماعات متفرقة متنافرة .. بعضها .. يمسك بالبندقية و يفرض سياستة .. و الأخرين .. يستسلمون ..و هم يبرطمون بعدم الرضا
.
لا استطيع أن أجد أى خيط منطقي يحكي .. كيف سقطت أحلام أبناء هذا المكان .. إلا أن سيادة الخطاب السلفي الديني الذى بداه سيد قطب مع إنقلاب يوليو .. تم تطويره بصورة تنافسية مع السعودية في زمن عبد الناصر
و إنتهي الي الخضوع لإسلام البترودولار في زمن السادات و مبارك .. و عودة الكتاتيب ..و توسع ميزانية التعليم الديني .. .. و تحول الم الناس إلي أمل تيسره لهم سماء عادلة .. تنجيهم من طاغوت المليارديرات ..
و هكذا مع خفوت الفكر التنويرى و العلماني .. و إرهابه و تدمير اصحابه و إغتيالهم .. إرتفعت اصوات مشوشة مختلطة غير مفهومة .. تعبر عن نعكشة فكرية غير مسبوقة ..و مصير غامض .. لا يبشر بخير
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟