أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - صوفيا روزليك - ثورة في التكنولوجيا: البديل اليساري للذكاء الاصطناعي














المزيد.....

ثورة في التكنولوجيا: البديل اليساري للذكاء الاصطناعي


صوفيا روزليك

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 22:12
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إن التطور السريع والاندماج المتزايد للذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات الحياة قد أثارا نقاشات واسعة حول انعكاساته على المجتمع والاقتصاد والعلاقات الإنسانية. ويزداد القلق من أن المسار الحالي لتطوّر الذكاء الاصطناعي، الذي تقوده إلى حد كبير المصالح الشركاتية، قد يفاقم من عدم المساواة الاجتماعية القائمة ويقوّض القيم الديمقراطية.
ردًا على ذلك، بدأ يتبلور بديل يساري للذكاء الاصطناعي، يقوم على ضرورة أن تخدم التكنولوجيا مصالح المجتمع الأوسع، لا أن تكون وسيلة لتكديس الثروة في أيدي قلّة. هذا التوجه يدعو إلى تطوير أكثر شمولًا وعدالة وشفافية للذكاء الاصطناعي، يضمن أن تكون منافعه متاحة للجميع وأن يتم التخفيف من مخاطره.
جوهر هذا البديل يتمثل في فحص نقدي لبنى القوة والأنظمة الاقتصادية التي يقوم عليها المشهد الراهن للذكاء الاصطناعي. فهو يتحدى النموذج النيوليبرالي السائد الذي يعطي الأولوية للكفاءة والإنتاجية والربح على حساب الرفاه الإنساني والعدالة الاجتماعية. ويؤكد المدافعون عن البديل اليساري أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُطوَّر ويُستخدم بطرق تعزز الملكية الجماعية، والسيطرة الديمقراطية، والصالح العام. وقد يشمل ذلك مبادرات مجتمعية للذكاء الاصطناعي، ونماذج للملكية التعاونية، واستثمارات عامة في البحث والتطوير تضع الأهداف الاجتماعية والبيئية في المقدمة.
كما يتم التشديد على ضمان أن تكون أنظمة الذكاء الاصطناعي شفافة وخاضعة للمساءلة وخالية من التحيزات التي تعيد إنتاج التمييز واللامساواة. ويتطلب ذلك مقاربة متعددة الاختصاصات، لا تقتصر على خبراء التقنية، بل تشمل علماء الاجتماع والأخلاقيات وممثلي المجتمعات المحلية في تصميم وحوكمة هذه التقنيات.
يسلط البديل اليساري للذكاء الاصطناعي الضوء أيضًا على أهمية حماية حقوق العمال وتعزيزها في عصر الأتمتة. فمع إحلال الذكاء الاصطناعي والأتمتة محل بعض الوظائف، تبرز الحاجة إلى شبكة أمان اجتماعي قوية، وبرامج مستمرة للتعليم وإعادة التأهيل المهني، إضافة إلى ضمان الدخل الأساسي الشامل بما يكفل مستوى معيشيًا لائقًا للجميع.
ويتجاوز هذا المنظور النطاق المحلي ليطالب باستجابة عالمية لتحديات الذكاء الاصطناعي، إدراكًا بأن تأثيراته لا تقف عند حدود الدول. لذلك يصبح التعاون والاتفاقات الدولية أمرًا ضروريًا لوضع معايير وقواعد مشتركة لاستخدام وتطوير الذكاء الاصطناعي، لمنع سباق تنافسي مدمر وضمان أن يخدم الذكاء الاصطناعي البشرية جمعاء.
قد يرى منتقدو هذا البديل أن مثل هذا النهج قد يعرقل الابتكار أو يقلل من الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي. لكن أنصار البديل يؤكدون أن بناء منظومة أكثر عدالة وديمقراطية يمكن أن يقود في المدى الطويل إلى تطورات تكنولوجية أكثر استدامة ونفعًا. فمن خلال إعطاء الأولوية للاحتياجات الإنسانية والعدالة الاجتماعية، يسعى البديل اليساري إلى خلق مستقبل تكون فيه التكنولوجيا أداة لتحسين جودة حياة الجميع، وليس امتيازًا محصورًا في قلة.
هذه الرؤية ليست خالية من التحديات، إذ تتطلب تحولات عميقة في طريقة تفكيرنا بالتكنولوجيا والاقتصاد والمجتمع. ومع ذلك، وأمام التداعيات العميقة للذكاء الاصطناعي، يقدم البديل اليساري منظورًا نقديًا وأملاً حقيقيًا في آن واحد، يفتح المجال لتصور مستقبل تُسخّر فيه التكنولوجيا للصالح العام.
إن تطوير هذا البديل عملية مستمرة تتطلب الحوار والتجريب والعمل الجماعي، ومشاركة طيف واسع من الأطراف الفاعلة: من صناع السياسات إلى التقنيين والناشطين وممثلي المجتمعات. ومن خلال هذا الجهد التشاركي، يمكن صياغة ذكاء اصطناعي يخدم البشرية بحق، ويعزز العدالة والمساواة والسلام.
ورغم أن الطريق نحو هذا الهدف سيكون معقدًا وشاقًا، إلا أن المكاسب المحتملة هائلة. فنحن اليوم نقف عند مفترق طرق بين التقدم التكنولوجي والتحولات الاجتماعية، حيث يشكل البديل اليساري للذكاء الاصطناعي منارة أمل لمستقبل أفضل. وهو يذكّرنا بأن الذكاء الاصطناعي ليس مسألة تقنية فحسب، بل قضية سياسية واجتماعية عميقة تتطلب فهمًا نقديًا لمفاهيم السلطة واللامساواة والعدالة. ومن خلال تبنّي هذا المنظور، يمكننا المضي نحو ذكاء اصطناعي يعزز الكرامة الإنسانية، ويدعم التضامن الاجتماعي، ويسهم في بناء عالم أكثر استدامة وعدالة.
في جوهره، يتمحور البديل اليساري للذكاء الاصطناعي حول إعادة تصور العلاقة بين التكنولوجيا والمجتمع والإنسانية، بهدف بناء مستقبل أكثر عدلًا وإنسانية وكرامة للجميع.

***************************
هذه المقالة كُتبت في الأصل كتعليق على أحد فصول كتاب رزكار عقراوي «الذكاء الاصطناعي الرأسمالي: تحديات اليسار والبدائل الممكنة» الذي نُشر في الموقع اليساري العالمي:
https://newpol.org/issue_post/the-leftist-alternative-to-artificial-intelligence/
وقد تضمّنت النسخة الإنكليزية رابطًا مباشرًا إلى أحد فصول الكتاب في نهاية النص. وتتناول المقالة بشكل مختصر القضايا التي طرحها الكتاب، وتشكل مساهمة قيمة في الحوار المستمر حول الرؤية اليسارية للذكاء الاصطناعي.
كما نُشرت أيضًا بشكل مستقل في موقع يهتم بأهم الأخبار والأحداث والإصدارات في العالم:
https://e2e4.news/2025/08/07/revolutionizing-tech-the-leftist-alternative-to-artificial-intelligence/



#صوفيا_روزليك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة في التكنولوجيا: البديل اليساري للذكاء الاصطناعي


المزيد.....




- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تتضامن مع الجامعة العامة للفل ...
- الغضب الشعبي ينفجر في مدينة تيسة، إقليم تاونات
- الذكرى ال 79 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني
- الملكية الفكرية كأداة للهيمنة: عن عبد الرحمن خالد والمتحف ال ...
- تركيا: إحراق سيارة أمام البرلمان قبيل اجتماع بحث نزع سلاح حز ...
- نتنياهو بين مطرقة اليمين المتطرف وسندان صفقة وقف النار!
- الليبراليون والاستبداد
- إزالة نصب تذكاري في بولندا بموجب قانون الرموز الشيوعية
- أستراليا تلغي تأشيرة نائب إسرائيلي من اليمين المتطرف
- الفصائل الفلسطينية عقب اجتماع القاهرة: نتجاوب مع مقترحات الح ...


المزيد.....

- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - صوفيا روزليك - ثورة في التكنولوجيا: البديل اليساري للذكاء الاصطناعي