أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء كاظم ربع الموسوي - سياسة القطيع والعقل الجمعي وأثاره على المجتمع















المزيد.....

سياسة القطيع والعقل الجمعي وأثاره على المجتمع


علاء كاظم ربع الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 8438 - 2025 / 8 / 18 - 22:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماذا يعني العقل الجمعي؟
يُقصد بالعقل الجمعي أن الفرد يذوب داخل الجماعة فيتبنّى قراراتها ومواقفها من دون تفكير نقدي مستقل.
أصل التسمية جاءت من سلوك الاغنام التي تسير خلف الراعي وتسمى (سياسة القطيع)
تستعمل هذه المفردة في السياسة والإعلام، يظهر هذا في اتباع الناس لرأي الأكثرية، أو الانسياق وراء شخصية شعبية، او سياسية، حتى وإن لم يكن الموقف عقلانيًا.
مصطلح العقل الجمعي:
مفهوم عرفه عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم، ويشير إلى منظومة القيم والمعتقدات والمشاعر المشتركة التي توحّد الجماعة.
العقل الجمعي يفرض على الأفراد ما يجب أن يفكروا فيه أو يؤمنوا به، إذ يصبح الخروج عنه نوعًا من التمرّد أو العصيان.
وهذا الاتجاه يحدد الهوية المشتركة ويوجّه السلوك الجماعي، ولكنه قد يعيق التفكير الفردي الحر.
ما دور الإعلام في توجيه الرأي العام
الإعلام: الأداة الاكثر تأثيرا لتوجيه العقل الجمعي عبر آليات متعددة، منها:
التكرار: تكرار الرسائل والأفكار يجعلها مألوفة ومقبولة حتى لو كانت ضعيفة أو غير دقيقة.
التأثير العاطفي: يعتمد الإعلام على العاطفة أكثر من العقل (الخوف، الغضب، الأمل، الفخر الوطني)،فعندما تُثار العاطفة، يتراجع التفكير النقدي، ويصبح الناس أكثر قابلية للانسياق.
صناعة الرأي العام: يعمل الإعلام عبر استطلاعات أو تقارير توحي بأن الأغلبية مع هذا التوجه، فيضطر البقية للسير مع هذا الاتجاه بدعوى إن الجميع معه.
والإنسان بطبيعته ميال إلى الانضمام إلى الجماعة الاكثر عددًاـ او الصوت الاعلى.
انتقاء المعلومات : الإعلام لا ينقل الحقيقة كاملة، بل يصوغها في إطار معين مثال ذلك:
حدث سياسي قد يُعرض كـخيانة في وسيلة اعلامية، وانتصار تاريخي في وسيلة أخرى، وهذا يحدث بين جهتين متصارعتين، وليس ببعيد عنا حرب إيران والصهاينة، كيف انقسم الإعلام بحسب توجهه ودعمه لكل طرف، فالعقل الجمعي يتأثر بالإعلام الذي يجيد تزويق الاحداث.
صناعة النجوم والرموز: كلنا نشاهد كيف استطاع الإعلام تضخيم شخصيات قد تكون تافهة، أو يصنع رموزا مزيفة، حتى تتحول إلى قدوة، فيتبعها الجمهور بلا تمحيص، وهذا ما يحدث في مواقع التواصل للأسف، نلحظ المشاهدات للمواقع التافهة ولا نشاهد أي متابع للمحتوى الهادف.
الخوف من العزلة : بحسب نظرية (بيث نويل-نيومان) الناس يخشون أن يكونوا معزولين عن الرأي السائد، احيانا بسبب الصوت العالي، والاكثر يضطر للسير مع القطيع، ليس عن قناعة لكن خوفا من الهجوم وردة فعل الاكثرية.
فالإعلام يصنع انطباعًا بأن هناك رأيًا سائدًا، فيتجنّب الأفراد التعبير عن رأي مخالف.
بالنتيجة: يتخذ الإعلام من العقل الجمعي بيئة خصبة لتطبيق سياسة القطيع، فالفرد لا يسأل هل هذا صحيح؟ بل ينساق مع يقوله الآخرون، حتى لا يشذ عن الجميع.
هل للسياسة دور في صناعة العقل الجمعي؟:
السياسة تدرك أن الفرد يتأثر بالبيئة المحيطة أكثر من تفكيره الفردي، بمعنى إن الرأي الجمعي يؤثر فلهذا ركزت السياسة على توجّيه الخطاب إلى الجماعة وليس إلى الأفراد.
تستعمل السياسة الشعارات والرموز (العلم، النشيد، الزعيم) لتصنع هوية مشتركة تجعل الأفراد ينصاعون تلقائيًا، خلف هذا التوجه او ذاك.
لذلك يعمل الساسة على اظهار أن لهم تأييدًا واسعًا، عبر تحشيد جماهير منظمة.
وتستعمل في الاستعراضات الانتخابية.
وتعمل السياسة على انشاء استطلاعات رأي موجهة، لجعل الفرد يشعر أن “الجميع مع هذا الاتجاه”، فينضم تلقائيًا.
تتحكم السياسة بالعقل الجمعي عبر آليات محددة:
اولا: الإعلام:
فعن طريق السيطرة على الصحف، التلفاز، مواقع التواصل.
تضخيم الإنجازات لهذه الجهة او تلك، والتقليل من شأن المعارضين، خلق صورة نمطية لبعض الانجازات كالشوارع والجسور، وتوجيه خطاب يوحي بأن الذي قبله كان فاشلًا، وإنه الشخص الذي عمل ويقلل من انجازات غيره ويرفع من انجازاته
ايضا عن طريق الإعلام تعمل السياسة لخلق عدو مشترك (خارجي أو داخلي) لتوحيد جماعة معينة ضدّه، وهذه تحدث ايام الانتخابات وصعود وتيرة الخطاب الطائفي والتهديد الخارجي لجعل العقل الجمعي يتبع المخلص من هذا العدو.
ثانيا: الخطاب السياسي:
تستعمل السياسة لغة عاطفية: مثلا: الخوف من الفوضى، الحلم بالمستقبل الأفضل، الدعوة للوحدة الوطنية.
ترديد الشعارات البسيطة حتى تتحول إلى قناعات جمعية.
ثالثا: عبر الطقوس الجماعية
المهرجانات، الاحتفالات الوطنية، المناسبات الرسمية، الطقوس الدينية كل هذه ممكن ان تكون آليات لبث الخطاب وتوجيه الناس لقبوله.
رابعا: عبر الترهيب والترغيب
الترغيب: التعيينات، الامتيازات، استثناءات، قروض، خدمات انية، لغرض تحشيد الجمهور خلف هذه الكتلة او تلك.
الترهيب: إقصاء من يعارض السلطة، اتهامه بالخيانة، اطلاق عبارات تزدري من الطرف الاخر، تضييق الخناق بالوظيفة، الجيوش الالكترونية، كل هذه الوسائل تحد من الصوت المعارض، حتى وإن لم يتجه مع العقل الجمعي.
إن العقل الجمعي يتحول إلى أداة بيد السلطة، فما تقوله يُصبح الحقيقة، وتتحول سياسة القطيع إلى وسيلة لحماية السلطة، لأن الأغلبية تنساق وراء “ما يفعله الآخرون، فلا تستطيع أن تنتقد، ولا تتكلم ضد السلطة لان العقل الجمعي يهجم عليك ويتهمك شتى الاتهامات، فتكون المعارضة في هذه الحالة امر خارج عن السياق او شاذ فتُعزل أو تُشوَّه إعلاميًا.
النهي عن سياسة العقل الجمعي في الإسلام
عند البحث في القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام نجد جملة من التحذيرات الصريحة من سياسة القطيع او (اتباع الأكثرية بلا وعي)
النهي في القرآن الكريم:
كثيرًا ما حذّرنا القرآن الكريم من تقليد الأكثرية من دون تفكير:
فلا يعني اتباع الأكثرية معيارًا للحق، قال تعالى: ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ (الأنعام: 116)
تشير الآية الكريمة الى ان الكثرة ليست دليلاً على الصواب، بل قد تكون الكثرة على ضلال.
ذمّ الاتباع الأعمى للآباء والمجتمع، قال تعالى : ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ (لقمان: 21)
رفض القرآن الكريم عقلية: هذا ما وجدنا عليه اباءنا، لأن هذا هو جوهر سياسة القطيع.
التحذير من الاندفاع مع الجماعة يوم القيامة، قال تعالى :﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ (الأعراف: 38)
تشير الآية الى أن الجماعات التي اتبعت بعضها بعضًا على الباطل ستتبرأ من بعضها يوم القيامة.
التحذير من سياسة القطيع في السنة النبوية:
لقد حذر النبي ﷺ من الذوبان في الآخرين أو التقليد الأعمى:
قال رسول الله ﷺ: "لا تَكونوا إمَّعة، تقولون: إن أحسنَ الناسُ أحسَنَّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسَكم: إن أحسنَ الناسُ أن تُحسنوا، وإن أساؤوا فلا تَظلموا"
وقال ﷺ "لا يكن أحدُكم دَعَّاءً، يقول: أنا مع الناس، إن اهتدَوا اهتديتُ، وإن ضلّوا ضللتُ، ولكن وطّنوا أنفسكم: إن كفر الناس أن لا تكفروا" وهذا تحذير مباشر من الانقياد للجماعة إذا انحرفت.
التحذير من سياسة القطيع في كلام الإمام عليّ عليه السلام
لقد كان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) من أكثر من حذّر من اتباع الهوى والجماعة بلا بصيرة:
قال عليه السلام "لا تَستوحِشوا في طريقِ الهُدى لِقِلَّةِ أهله"
(نهج البلاغة، الحكمة 201)
أي: لا تجعلوا قلة العدد سببًا لترك الحق، ولا تغتروا بكثرة الباطل.
وقال (ع): "إنما يُعرَفُ أهلُ الحقِّ باتِّباعِ الحق، لا أن يُعرَف الحقُّ بأهلِ"
(نهج البلاغة، خطبة 147)
وهو يحذر من جعل الجماعة أو الزعامات هي المعيار، بل الحق نفسه هو المعيار، ولا نتبع غيره
وقال أيضًا: "الناسُ ثلاثة: عالمٌ ربّاني، ومتعلمٌ على سبيل نجاة، وهمجٌ رَعاعٌ، أتباعُ كلِّ ناعقٍ، يميلون مع كلِّ ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركنٍ وثيق" (نهج البلاغة، الحكمة 147)
يقدم الإمام وصفًا دقيقًا لسياسة القطيع: (أتباع خلف كل ناعق) أي يسيرون وراء كل صائح بلا وعي.
لقد نهى القرآن الكريم عن اتباع الكثرة والآباء بلا وعي.
وكذلك نهى النبي ﷺ أن يكون المسلم إمّعة أو تابعًا للجماعة في ظلمها وضلالها.
الإمام علي (ع) حذّر من أن يكون الناس همجًا رعاعًا يسيرون وراء كل موجة.
فالإسلام أراد فردًا واعيًا مسؤولًا لا مجرد تابع في قطيع، لا يعي ما يقول، يسير خلف الناس، بل يختار بدقة وعناية ما يريد.



#علاء_كاظم_ربع_الموسوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اسقط المشروع الاسلامي في العراق ؟
- التخلف في الجنوب هل هو واقع ؟
- لعبة البوبجي واسباب العنف في العراق


المزيد.....




- شاهد.. دلالات إستنجاد جيش الإحتلال بيهود الشتات في الخارج!
- وزيرا الاقتصاد الوطني والصناعة يطلعان فعاليات محافظة سلفيت ع ...
- القوى الوطنية والإسلامية: جرائم الاحتلال بحق الأسرى وتدنيس ا ...
- الجيش الإسرائيلي يبحث عن يهود من الخارج للقتال في غزة
- الجيش الإسرائيلي يبحث عن يهود من الخارج للقتال في غزة
- الاحتلال يواصل إغلاق مدخل سلفيت ويعتقل شابين من قراوة بني حس ...
- جيش الاحتلال يبحث التواصل مع يهود العالم لتعويض نقص المجندين ...
- إسرائيل تبحث تجنيد يهود العالم لتعويض نقص جنودها
- إعلام عبري: جيش الاحتلال يدرس تجنيد يهود الخارج لسد نقص الجن ...
- فيديو.. إصابات في إطلاق نار في حي يهودي في نيويورك


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء كاظم ربع الموسوي - سياسة القطيع والعقل الجمعي وأثاره على المجتمع