أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ازدهار عبد الحليم الكيلاني - الاقط الهوائي














المزيد.....

الاقط الهوائي


ازدهار عبد الحليم الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 19:15
المحور: الادب والفن
    


اللاّقط الهوائي (الأنتين) ذاكرة عُرِف في البيوت القديمة، وكان يُثبَّت أعلى سطح المنزل، أو كما يُقال فوق البيوت، ليقف شامخاً على عصر السبعينات والثمانينات.
لم يكن مجرد أداة لاستقبال الإشارة، بل كان جزءاً من تفاصيل الحياة اليومية، يُحكى عنه كما تُروى الحكايات، في ذلك الزمن.
كان تحريك" الأنتين" مهمة تتطلب التنسيق بين أفراد الأسرة،
الناس كانت تعيش وقتها بأبسط الأشياء، تلفاز بالأبيض والأسود، أيام كانت الحياة فيها بطيئة لكن مليئة بمعاني قريبة، وكل شيء كان له طعم، حتى الانتظار.
كنا ننتظر الساعة السادسة مساءاً بفارغ الصبر، حين تبدأ برامج الأطفال والمسلسلات، وكل العائلة مجتمعة حول التلفاز، ننتظر نهاية النشرة المسائية، التي تتضمن أحداثاً بسيطة، وأخبار وحروب بعيدة لا تمسنا مباشرة، مثل الشيشان وأفغانستان، أما أخبار الأردن فغالباً ما كانت تبدأ ب " استقبل الملك " وتنتهي " ب ودّع الملك"’ أخبار أقل دموية، وربما أقل ضجيجاً، لأن قناة الأردن كانت المحطة الوحيدة، المتاحة تلك اللحظات، حين يحين وقت المسلسل، يكون الجميع جالساً بترقب، بينما يتسلق الأخ الأكبر، أو الأطول سطح البيت، ليُعدِّل وضع الأنتين
وسط صيحات النافذة: هيك...هيك أحسن! لاااا رجّع.... حرّك يمين ... شمال...لتتضّح الصورة، وعلى طرف السطح، يجلس الأبن الأكبر بصمت، يراقب الغروب، يستمتع بنسمات المساء، وقد خبأ بجيبه قطع الشوكولاتة، ويتذوق بهدوء، كأنها سر المهنة، ويظل يحرّك ولا يمل من التحريك، ليظهر بث القنوات السورية أو اللبنانية والأهم من ذلك: مباريات المصارعة الحرة وتحديداً الى متابعة الأبطال كيري وكيفن.
كيفن فون إريك كان يُعرف بأسلوبه الرياضي والقتالي القوي، وكان هو الناجي الوحيد من أبناء فون إيرك الأصل.
كيري فون إريك ولد عام 1960، وتوفي عام 1993
كان "الأنتين" بصمة من بصمات الماضي الجميل، طوى بين ثناياها الكثير من الذكريات، تحمل براءة الطفولة، وهدوء المساء، وحنين الشيوخ الكبار الطييبين" الذين قضوا أوقاتهم، ببساطة وصبر، يتابعون المسلسلات البدوية، مثل مسلسل "وضحة وبن عجلان"، ومسلسل راس غليص". والجميل، بل والأجمل، أن أغلب الناس كانوا يتباهون بطول الأنتين، وكأنها معلَم من معالم الفخر الاجتماعي. فمن كان يملك أنتين أطول، كان يمتلك فرصة لللإتقاط محطات أجنبية نادرة، فيصبح محل إعجاب الجيران، ومقصداً لمن يتابع ويهوى الأفلام البوليسية.
كل ذلك عكست أحوال، وظروف المجتمع الذي عاش في هذا العصر، ترابطاً أُسرياً،، وتواصل اجتماعي مع الجيران والأقارب، سادت بينهم روح الترابط.
على عكس ما كان في الماضي، أدّت الوسائل الحديثة في أيامنا، هذه الى تفكك أُسري كبير، حتى داخل البيت، وأحدثت شرخاً واضحاً في التواصل،
حتى أفراد الأسرة، باتوا يعيشون منعزلين عن بعضهم البعض، كلّ في عالمه الخاص، منشغلاً بشاشته الصغيرة، لا حوار، ولا نقاش، ولا تبادل للآراء، وكأن الحياة المشتركة داخل البيت أصبحت فارغة من العواطف، يعيشون نحت سقف واحد، دون روح أو ود.
طغت على عقول الأطفال، فأصبح شيخاً كبيراً بعقل فارغ، لأنه عاش أغلب لحظاته منذ الصغر وحتى البلوغ، والمراهقة، عبر الشاشة الصغيرة. هذه الوسائل محت من ذاكرته لذة الحياة الحقيقية، وأفقدته بهجة الشباب، وأصالة التجارب الأسرية.
نحن الكبار لا نرغب أن نقول: ليت الزمان يعود يوماً، لأن الحياة دائرية ومستمرة.
لكن يمكننا أن نكون أكثر وعياً، حين نرافق أطفالنا في تجاربهم، نثق بهم، نصغي لما يشعرون، وندرك ما يرونه عبر الشاشات الصغيرة، حتى نحميهم ونرشدهم دون أن نطفئ فيهم نور الاكتشاف.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. وفاة الأديب صنع الله إبراهيم عن عمر يناهز 88 عاما
- -وداعًا مؤرخ اللحظة الإنسانية-.. وفاة الأديب المصري صنع الله ...
- الحنين والهوية.. لماذا يعود الفيلم السعودي إلى الماضي؟
- -المتمرد- يطوي آخر صفحاته.. رحيل الكاتب صنع الله إبراهيم
- وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما
- وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن عمر 88 عاما
- وزارة الثقافة المصرية تعلن وفاة -أحد أعمدة السرد العربي المع ...
- وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما
- من السجن إلى رفض جائزة الدولة… سيرة الأديب المتمرّد صنع الله ...
- العراق يدرج موقعين في بغداد ضمن لائحة التراث العربي


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ازدهار عبد الحليم الكيلاني - الاقط الهوائي