احلام محمد
الحوار المتمدن-العدد: 8428 - 2025 / 8 / 8 - 12:07
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في ذكرى اغتيال فريدون فرخزاد
6 أغسطس 2025
في أحد أيام أغسطس (آب) 1992، أصبح فريدون فرخزاد، الشاعر والمغني والناشط السياسي، ضحية جريمة قتل بشعة في شقته بمدينة بون بألمانيا. عُثر على جثته في مطبخ صغير مصابًا بـ37 طعنة، في جريمة أصبحت واحدة من أبرز الاغتيالات الخارجية المنسوبة إلى النظام الإيراني.
وُلد فريدون فرخزاد في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 1936 في طهران. نشأ في عائلة مثقفة، وكان شقيق الشاعرة الشهيرة فروغ فرخزاد. بعد دراسته للعلوم السياسية في ألمانيا عاد إلى إيران، واشتهر من خلال برامج إذاعية وتلفزيونية مثل "ميخك نقره اي" (القرنفل الفضي)، التي قدم من خلالها مطربين مثل إيبي وليلى فروهر، مما جعله يُعرف بـ"شومن إيران الأسطوري".
بعد ثورة 1979، اضطر فرخزاد إلى مغادرة إيران بسبب انتقاداته اللاذعة للنظام الإيراني. في المنفى، انضم إلى منظمة درفش كاوياني، وواصل انتقاداته عبر خطابات وحفلات موسيقية وبرامج إذاعية، متناولًا قضايا مثل تجنيد الأطفال في الحرب الإيرانية-العراقية.
تُوفي فرخزاد بين 31 يوليو (تموز) و6 أغسطس (آب) 1992 في شقته في بون. اكتشفت الشرطة الألمانية جثته في 7 أغسطس. وأشارت التقارير إلى إصابته بـ37 طعنة سكين، وانتشرت شائعة عن قطع لسانه، لكن لم يتم تأكيدها. شدة العنف في هذه الجريمة تشير إلى دافع قوي للقضاء عليه. ادّعى أبو القاسم مصباحي، جاسوس سابق للنظام الإيراني، في حديث مع "راديو فردا" أن القاتل شخص يُدعى "رضا"، كان مقربًا من فرخزاد في لوس أنجلوس، وقام بالجريمة مقابل استعادة ممتلكاته المصادرة في إيران.
كما ذكر أكبر كنجي في كتابه "عاليجناب سرخبوش، وعاليجنابان خاکستري" أن القاتل إيراني عاد إلى إيران بعد الجريمة.
في عام 2024، أقر محسن رفيق دوست، رئيس مؤسسة المستضعفين السابق ووزير الحرس آنذاك، في مقابلة مع "ديده بان إيران" بمسؤوليته عن اغتيال فرخزاد، وشابور بختيار، وغلام علي أويسي، وشهريار شفيق، مدعيًا أن هذه العمليات نُفذت بالتعاون مع مجموعة باسك الانفصالية الإسبانية.
ونسب بعض مسؤولي النظام الإيراني، مثل عباس سليمي، قتل فرخزاد إلى منظمة "مجاهدي خلق"، مدعين أنه كان ينوي العودة إلى إيران، لكن هذه الرواية لم تُؤكد من مصادر مستقلة.
القضاء على المعارضين في المنفى
كان فرخزاد يشكل تهديدًا للنظام الإيراني بسبب انتقاداته اللاذعة والمؤثرة في المنفى. كان يتحدى الثقافة والأيديولوجيا الحاكمة في إيران بسخرية وصراحة. ادعى بعض المصادر، مثل رفيق دوست، أنه استُهدف بسبب علاقاته بالمعارضين أو نيته العودة إلى إيران، لكن الأدلة الأقوى تشير إلى انتقام النظام من نشاطاته السياسية والفنية.
كان فريدون فرخزاد فنانًا متعدد المواهب ومنتقدًا جريئًا، وقُتل في ذروة نشاطاته في المنفى في واحدة من أبشع الاغتيالات الخارجية للنظام الإيراني.
أثار اغتيال فرخزاد موجة من الغضب والخوف بين الإيرانيين في المنفى. دُفن جثمانه في البداية في قبر مؤقت، ثم نُقل بعد 15 عامًا إلى قبر دائم. لا يزال ملف قضيته مفتوحًا في ألمانيا، ولم يُحاكم القتلة.
كان اغتيال فرخزاد جزءًا من استراتيجية النظام الإيراني للقضاء على المعارضين في الخارج. بعد ثورة 1979، استهدف النظام السياسيين والمثقفين والنشطاء الذين واصلوا انتقاداتهم في المنفى. تصاعدت هذه الاغتيالات في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، في عهد المرشد الإيراني علي خامنئي ورئاسة أكبر هاشمي رفسنجاني، بتنظيم من وزارة الاستخبارات وقوات القدس التابعة للحرس الثوري.
ووفقًا لتقرير مؤسسة برومند، نفذ النظام الإيراني منذ عام 1979 أكثر من 540 اغتيالًا مستهدفًا في 40 دولة. القائمة طويلة، وفيما يلي بعض الأمثلة:- - شابور بختيار: آخر رئيس وزراء في عهد البهلوي، اغتيل في 6 أغسطس (آب) 1991 في منزله في باريس مع سكرتيره سروش كتيبة. أدانت محكمة فرنسية علي وكيلي راد كأحد القتلة، ونُسبت تنظيم العملية إلى طهران. أُفرج عن وكيلي راد بعد 19 عامًا من السجن واستُقبل في إيران.
-عبد الرحمن قاسملو: الأمين العام لحزب ديموكرات كردستان إيران، قُتل في 13 يوليو (تموز) 1989 في فيينا أثناء مفاوضات مع ممثلي النظام الإيراني، مع عبد الله قادري آذر وفاضل رسول.
عُرف محمد جعفري صحرارودي كمتهم رئيسي.
-صادق شرفكندي: خلف قاسملو، اغتيل في 17 سبتمبر (أيلول) 1992 في مطعم ميكونوس في برلين مع فتاح عبدلي، همايون أردلان، ونوري دهكردي.
أدانت محكمة ميكونوس قادة إيرانيين كبار، بما في ذلك علي خامنئي، أكبر هاشمي رفسنجاني، وعلي فلاحيان. كما أُدين كاظم دارابي وبعض اللبنانيين كمنفذين.
-غلام علي أويسي: قائد عسكري سابق، اغتيل في 7 فبراير (شباط) 1984 في باريس مع شقيقه.
تبنت جماعة الجهاد الإسلامي اللبنانية بقيادة عماد مغنية المسؤولية.
-رضا مظلومان: عضو منظمة درفش كاوياني، قُتل في 27 مايو (أيار) 1996 في باريس برصاصة. أُدين أحمد جيهوني، وسيط وزارة الاستخبارات الإيرانية، بالسجن 17 عامًا.
محاولات الاغتيال الأخيرة
واصل النظام الإيراني في السنوات الأخيرة محاولاته للقضاء على المعارضين في الخارج، بعضها باء بالفشل. ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في عام 2022 أنه بعد مقتل قاسم سليماني في 2020، كُشف عن 124 مؤامرة اغتيال للنظام الإيراني، منها 36 مؤامرة في السنوات الأخيرة، مما يشير إلى استمرار استراتيجية القضاء الجسدي على المعارضين.
- روح الله زم: صحافي ومدير قناة "آمد نيوز" على "تلغرام"، اختُطف في سبتمبر (أيلول) 2019 في العراق. كان زم لاجئًا في فرنسا، لكنه استُدرج إلى العراق ونُقل إلى إيران بواسطة عناصر الحرس الثوري. أُعدم في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2020 بتهمة "الإفساد في الأرض" بعد محاكمة وصفتها منظمة مراسلون بلا حدود بـ"غير عادلة".
أثار إعدامه ردود فعل دولية واسعة من كندا وأميركا وألمانيا وفرنسا وهيئة حماية الصحافيين، التي أدانت الحادث. أكدت وزارة خارجية كندا في تغريدة على موقفها ضد قمع الصحافيين، وقارن شريف منصور من هيئة حماية الصحافيين إعدام زم بأفعال "العصابات الإجرامية".
- مسيح علي نجاد: صحافية وناشطة في مجال حقوق المرأة إيرانية-أميركية، تعرضت لمحاولات اغتيال وخطف متكررة. في يوليو (تموز) 2021، كشفت وزارة العدل الأميركية عن محاولة أربعة عملاء استخبارات إيرانيين، بينهم علي رضا شوارقي فراهاني، لخطف علي نجاد من نيويورك ونقلها إلى إيران.
في صيف 2022، أُلقي القبض على خالد مهدي آف، مواطن أذربيجاني، وبحوزته كلاشنكوف بالقرب من منزل علي نجاد في بروكلين. اعترف مهدي آف في مارس (آذار) 2025 أمام محكمة فيدرالية في مانهاتن بمحاولة قتل علي نجاد، وقال إنه تلقى 30 ألف دولار مقابل ذلك.
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، اتهم المدعون الفيدراليون في نيويورك مسؤولًا كبيرًا في الحرس الثوري وثلاثة أشخاص آخرين، بمن فيهم رفعت أميروف وبولاد عمروف، بالتآمر لاغتيال علي نجاد.
فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على روح الله بازقندي، نائب رئيس مكافحة التجسس في استخبارات الحرس، لدوره في هذه المؤامرات. نُقلت علي نجاد إلى مكان أكثر أمانًا في نيويورك بعد هذه المحاولات.
- صحافيو "إيران إنترناشيونال": تعرضت قناة "إيران إنترناشيونال" منذ عام 2022 لتهديدات متكررة من النظام الإيراني.
كان من بين الصحافيين المستهدفين سيما ثابت وفرداد فرحزاد. ذكرت "آي تي في نيوز" في ديسمبر (كانون الأول) 2023 أن جواسيس الحرس الثوري عرضوا في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 مبلغ 200 ألف دولار على مهرب بشر لاغتيال ثابت وفرحزاد.
كُشفت هذه المؤامرة بواسطة جاسوس مزدوج. في أبريل (نيسان) 2024، وقد تعرض بوريا زراعتي، مقدم برامج آخر في "إيران إنترناشيونال"، لمحاولة اغتيال.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟