أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي حسين - كلاب الطبقة العُمّالية














المزيد.....

كلاب الطبقة العُمّالية


علي حسين

الحوار المتمدن-العدد: 8423 - 2025 / 8 / 3 - 20:51
المحور: كتابات ساخرة
    


لا تتفاجأ، عزيزي القارئ، من العنوان.
فالكلاب تنتمي أيضًا لهذه الطبقة.
أكنت تظن أن العمال وحدهم من ينتمون إليها؟ أنت مخطئ.

ثمة فوارق وطبقات في كل شيء:
في الأكل والشرب، في درجات الحرارة، في الأماكن، في الأشخاص، في الحمّامات، في الجنس، في الألوان، في الرياضيات، في الأحياء، وحتى في النظريات الاقتصادية وعالم الحيوان.

كلاب الطبقة العُمالية أوفياء، بسطاء، "ولد المنطقة" كما نقول بلغتنا العامية.
لونهم جوزي فاتح متّسخ، أو أبيض باهت، أو أحمر فاتح جدًا.
أجسامهم هزيلة، ضعيفة، لكنهم رياضيون، رشيقون.
وقد تكون لديهم إصابات في بعض أطرافهم، لكنهم يتأقلمون مع مرور الوقت.

يعيشون في مجموعات: يعملون، يمشون، يأكلون، يدافعون، ويتناكحون.
الجراء الجديدة تعمل معهم منذ الصغر، وعليها أن تتأقلم مع فقدان حنان الأم وحليبها،
وأن تلجأ إلى أكياس النفايات وروائحها.
سيبدأ الصغار بتعلّم أصول العيش وفق طبقتهم.
سيبنون محيطًا ليعيشوا فيه، يحمونه، يتكاثرون فيه،
وغالبًا… يموتون فيه.

سيتعلمون أماكن الطعام، وسيتعرفون على الوجوه،
وعليهم أن يتذكروها جيدًا.
فلا نباح في وجود هؤلاء الأشخاص أو أثناء مرورهم،
فهم آمنون، أسبق منّا في هذا المكان، من أهل الأرض،
ونحن فيها مرزوقون، هانئون, ومارقون.

سنتعلم، نحن كلاب الطبقة العُمالية،
أن نحافظ على حدود بلدنا، المرسومة بالشوارع المطلية بالأصفر والأبيض.
سنُبادل النباح مع الأعداء عبر الشارع،
وعندما تحدث حوادث عبور، علينا إطلاق الإنذارات،
ليأتي كل كلب "ابن كلب" ويدافع عن كل متر في فرعه.

سنتعلم أن نضحي بأرواحنا ونحن ننبح على الغرباء الذين يحملون الحديد.
سنتعلم أن نختبر القطع التي تُرمى على الأرض،
رائحتها تجذبنا من أول الشارع.
سنتعلم أن نختنق، نحترق، وكخيار أخير… أن نموت،
في ساقية تمرّر ماء مجاريها الدافئ، في ليلة صيفية خانقة.

عندما يستيقظ أبناء الأرض، نكون قد رحلنا،
متنا منذ ساعات.
لا داعي لمحاولة إنقاذنا.
فقط أعطوا بعض الحليب لجرائنا،
واطردوا زوجاتنا، اللواتي سيجدن سريعًا كلبًا "ابن كلب" يضاجعهن.

لا حاجة لدفننا، ولا للبكاء علينا.
قولوا إننا كنا أوفياء،
لم نعضّ اليد التي أطعمتنا، ولا حتى اليد التي دسّت السم في تلك القطعة الشهية.

نحن متنا بهدوء، ولن يتذكرنا أحد.
فقط ارمونا في مزابل، ضمن حدود دولتنا.
ولا عليكم، فالدول المتحدة ستتكفّل بنقلنا، مع طعامنا، إلى مدافن كبيرة.

سنتحلل هناك.
نحن نعرف كيف نعيش بصخب،
ونموت بهدوء.
لا بكاء، لا دموع، ولا أصوات أنين خافتة.

أبناؤكم وإخوانكم،
من كلاب الطبقة العُمّالية.

في ذكرى الكلب الذي سمّاه أبي "بوش"،
وعاش معنا في منطقتنا سنوات،
يحميها، يحافظ عليها، تزوّج فيها وأنجب،
حتى قتله الأمريكان بقطعة لحم مسمومة،
لأنه كان يكشف تسلّلهم الليلي إلى دولتنا.

الرحمة والمغفرة لروحك يا بوش.
(الكلب، وليس الخنزير.)



#علي_حسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 80 عاما على رحيل تروتسكي عاشق الثورات
- تحالف أمريكي ـ إيراني لبقاء -عبد المهدي-
- اغتيال الديمقراطية في العراق
- نور
- التحرش الجنسي و السطوة الدينية
- سماسرة الطائفية
- لماذا ننتخب ائتلاف دولة القانون 337 ؟؟


المزيد.....




- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى
- -الأشرار 2- مغامرات من الأرض إلى الفضاء تمنح عائلتك لحظات ما ...
- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته


المزيد.....

- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي حسين - كلاب الطبقة العُمّالية