|
رواية -خزامى-، وحوار يلامس الروح والفكر 🌿
لينا أحمد حمود
الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 15:13
المحور:
الادب والفن
في الثاني من حزيران عام 2025 نظّمت "مكتبة نوبلز الإلكترونية" لقاء ونشاطاً متميّزاً ضمّ نخبة من الأدباء والنقاد لمناقشة رواية "خزامى" للأديب المهندس شاهر أحمد نصر، هذه الرواية التي تأخذنا في رحلة تأملية حول الهوية، المصير، الحبّ، الفساد والأمل. يعود الفضل في اختيار هذه الرواية إلى الأديب الشاعر منذر عيسى، الذي رشّحها لتكون أول عمل أدبي يناقَش في المكتبة بهذا الأسلوب الراقي، إيماناً منه بقوة النص الأدبي، وتأثيره العميق في فكر ووجدان القارئ، ورغبةً في تقديم عمل يستحق التأمل والتحليل. لقد شهد اللقاء نقاشات ثرية، وآراء متباينة حول الرواية، إذ عبّر كلّ مشارك عن انطباعه ورؤيته الخاصة، إلا أنّ الجميع اتفقوا على أهمية مشاركة الشبّان في مثل هذه النشاطات، لأنّهم النواة التي يعتمد عليها المجتمع، والتي يجب أن تُنقل إليهم المعرفة والخبرات، ليكملوا المشوار من النقطة التي خلص إليها المفكرون والأدباء ... إليكم بعض ما جاء في هذه النقاشات: رحبّت المديرة التنفيذية لـ "مكتبة نوبلز الإلكترونية" "لينا حمود" بالحضور، واستطردت قائلة: "نجتمع اليوم في جلسة أدبية متميزة لمناقشة رواية "خزامى"، التي تُعدّ صرخة لإنقاذ الإنسان والوطن، وتجسّد المشاعر والهواجس الإنسانية منذ الطفولة وعلى امتداد مراحل الحياة.. إنّها تحمل في طياتها كثيراً من التأملات العميقة حول الهوية والمصير، وتفتح المجال أمام قارئها للتفاعل مع النص بأسلوب مشوق ومؤثر"... ثمّ وزّعت الأديبة الباحثة "لينا" على المشاركين في الندوة لمحة خطية عن قراءتها للرواية استهلالاً للنقاش جاء فيها: "هل أنتم مستعدون لاكتشاف أسرار "خزامى"، وما وراء كلماتها؟! إنّها ليست مجرد سرد، بل تساؤلات متلاحقة عن معنى الحّرّية، وعمق الحبّ، وآلام الفقد؛ تأخذك بعيداً في التفاصيل، وتدعوك للتفكير العميق في ماهية الإنسان، ومصيره، إذ تروي رحلة البحث عن الحقيقة في مواجهة الفساد والخذلان، وتأخذنا، في عالم يموج بالصراعات، في رحلة عاطفية، وفكرية عبر مسيرة بدر، الرجل الذي لم يهادنِ الفساد، ولم يهنْ أو يرضَ الخضوع منذ طفولته، التي تأرجحت بين الحبّ الطفولي والخذلان، إلى صراعات فكرية وسياسية في وجه الظُلم.. يرسم لنا الكاتب "شاهر أحمد نصر" مجتمعاً منهكاً ببنية فاسدة تلتهم أحلام أبطاله، إذ يجد "بدر" نفسه وسط عاصفة لا تهدأ، بدءاً من حبّه الطفولي لخزامى، مروراً بصراعه ضدّ الفساد، وانتهاء بالمفاجآت التي تغيّر مصيره؛ من خيانة الأصدقاء إلى صدمة اللقاءات القديمة، ومن محاولاته لفهم الحياة إلى مواجهة أكثر الحقائق إيلاماً؛ يكتشف أن لا شيء يبقى كما هو! كلّ خطوة يخطوها تقوده نحو أسئلة وجودية تتعلق بالمصير والهوية، المعرفة والفنّ، الإرادة والقدر، متجسدة في لقاءاته وأفكاره وتأملاته المتواصلة في: الحبّ، الخيانة، الأمل، الحزن والفقدان.. تتشابك كلّها في هذه الرواية الفريدة، لتجسّد لنا مشاعر إنسانية ممتدة عبر الزمن.. ما بين الاشتباك مع القوى المتسلطة، والانخراط في منتديات الفكر الحّرّ، حتى لقاءات الحبّ والماضي مع "خزامى"، التي تعود إلى حياته في لحظة فارقة، لتبقى "خزامى" مرآة تعكس قضايا العصر، وتجعل القارئ جزءاً من الصراع الداخلي لشخصياتها. في كلّ صفحة تطالعنا أحداث متسارعة، ومواقف تواجه الإنسان بأكبر تساؤلاته: هل يمكن للمرء أن ينجو بروحه في عالم يحكمه الخداع؟ وهل الحبّ الأول يمكن أن يعود بعد أن تتغيّر ملامح الزمن؟ "خزامى" مرآة تعكس صراعات الفكر، والهوية، والفساد، والمصير، تأخذ القارئ إلى أعماق المجتمع، والنّفس البشرية، وتحفّزه للتفكير في المعاني التي تشكّل وجودنا." ثم قدمت الأديبة "لينا" تعريفاً بالمؤلف جاء فيه: ولد "شاهر أحمد نصر"، ابن الصفصافة في محافظة طرطوس – سوريا، عام 1956. درس الهندسة المدنية في جامعة الصداقة بين الشعوب في موسكو وتخرج فيها عام 1981 ... اهتم إلى جانب عمله الهندسي بالأدب والترجمة، إذ نشر ترجمات علمية وأدبية متنوعة عن الروسية منذ أيام دراسته الجامعية. وهو عضو جمعية الترجمة في اتحاد الكتاب العرب، شارك في كثير من المؤتمرات والندوات الأدبية والثقافية.. لقد تحدث الأديب والشاعر الموسوعي عبد المعين الملوحي عن كاتبنا قائلاً: "يرى بعض أصحاب المهن من أطباء ومهندسين ومحامين ومعلمين أنّ مهمتهم العلمية قد انتهت بحصولهم على الشهادات العليا، لكنّ مؤلف "قدس الأقداس" - وهي الرواية الأولى للكاتب - مازال يبحث، ويُنتج، ويؤلف في مادته، وأصدر كثيراً من الكتب في الهندسة، ولم يكتفِ بذلك، ولم يوافق بعض أصحاب المهن من أطباء ومهندسين ومحامين ومعلمين، الذين اقتصروا على ميدانهم في مهنهم، ولم يتجاوزوه إلى غيره من الميادين، مع أنّ الثقافة العامة ينبغي أن تكون قاسماً مشتركاً في كلّ مثقف، وهذا ما فعله مؤلف الرواية فقد نقل اهتماماته بعد اهتمامه باختصاصه إلى ميادين ثقافية واسعة..." أهم أعماله إلى جانب رواية "خزامى" - التي نُشرت في دار "شرق وغرب" بدمشق عام 2011 –أعمال أدبية وفكرية متنوعة، من أبرزها: - رواية "قدس الأقداس"، التي تتناول قضايا النضال الوطني والهموم الشخصية لمقدسي في سياق متماسك. - "بحوث في الاقتصاد السياسي"، الذي يناقش الاقتصاد كأداة استراتيجية في الحياة السياسية والاجتماعية. - "بحوث فكرية في الفلسفة ومناهج التفكير" – اتحاد الكتاب العرب بدمشق 2020 - "الدولة والمجتمع المدني" - دار الرأي - دمشق 2005 (قدم للكتاب الدكتور: طيب تيزيني) - ستة كتب في الهندسة المدنية، منها مؤلفات حول تصميم المنشآت الهندسية على أحمال الزلازل، إذ أبدى الكاتب اهتماماً خاصاً بمجال الدراسات الزلزالية. - ترجمات أدبية عن الروسية، إذ نقل إلى العربية سبعة عشر كتاباً أدبياً وفكرياً. ثم تطرقت "لينا" إلى أسئلة فلسفية طرحتها الرواية حول مسائل القدر والاختيار وتأثير الرواية في رؤية القارئ للحياة... وأوردت مقتطفات من الرواية أثرت فيها لدى قراءتها لها، كي تحفز النقاش منها: - "كلما ضافت بك الدنيا امشِ في ربوعها". - "الحياة ليست مجرد أيام تمرّ، بل لحظات تصنعها قراراتنا... في كلّ قرار، نقطة تحول تأخذنا إلى مصير جديد." - "في قلب كلّ إنسان قصة لم تُروَ بعد، تنتظر من يكتبها... أو ربّما من يعيشها بكلّ تفاصيلها." - "هل نحن صانعو قدرنا، أم أن القدر يقودنا من دون أن ندري؟" - "حين يضيع الإنسان بين الواقع والحلم، أيهما يصبح أكثر حقيقة؟" - "الوطن ليس مجرد مكان نعيش فيه، بل إحساس يسكن في داخلنا..." فكيف تصوغ الرواية هذا الإحساس؟" ورأت أنّ هذه العبارات وغيرها في الرواية تأخذنا في رحلة تفكير عميقة حول الاختيارات التي تشكل حياتنا، وتفتح لنا أبواباً للنقاش حول تلك التفاصيل الصغيرة التي تشكل وجودنا، وتحدد خياراتنا.. في الختام تساءلت: هل يمكن أن نجد أنفسنا بين سطور الرواية؟ هل ستعيد هذه الكلمات صياغة رؤيتنا للحياة؟ وأكدت على أن هدف هذه المناقشة اليوم ليس فقط استكشاف تفاصيل الرواية، بل إثراء النقاش، أيضاً، حول الأفكار التي تطرحها، والتفاعل مع رؤية الكاتب، ومشاركة وجهات النظر المختلفة حول مضمونها وتأثيرها، وتبادل الخبرات والمعارف والمهارات الإنسانية.
الحوار والنقاش: أشاد الأديب الشاعر منذر عيسى بأهمية الجانب الواقعي في هذه الرواية، وأنّ أحداثها شدّته كأنّه عاشها حينما عالج كثيراً من القضايا والمشكلات الشائكة في مؤسسات الدولة.. وأبدى سروره بالحضور المتميز لمناقشة الرواية. قدّم الناقد المتميز أحمد عزيز الحسين سؤالاً في مداخلة تحت عنوان: "الجمالُ بوصفه عنصراً سردياً" حول وصف شخصية "خزامى" في الرواية، إذ قال: "كان تقديم "الشّخصيّة" في النّصّ الرّوائيّ الكلاسيكيّ يتمَ عادة بثلاث طرق: الأولى وصفُ الشّخصيّة من الخارج، أو التركيزُ على مظهرها الخارجيّ، الثّانية وصفُها من الدّاخل، وإيلاءُ ما تحمله من قيم ومثل عليا ومشاعر محتدمة كلَّ الاهتمام، الثّالثة، وضعُها في موقف سرديّ، أو فعل محدَّد يُستشف منه الصّفةُ التي تكتنزها. في الغالب كانت الرّواية العربيّة التّقليديّة تركِّز على "الوصف الخارجيّ" في تقديمها للشّخصيّة، وكان هذا الوصفُ يقترن بالمصير المفجِع أو الدّراماتيكيّ الذي يصيب الشّخصيّة في المتن الحكائيّ، كما هو الحال مع "حميدة" الشّخصيّة المحوريّة في رواية "زقاق المدق" لـ"نجيب محفوظ"؛ إذ شكّل جمالُها مصدرَ نقمة ووبالاً عليها، وجعلها ترفض الزّواجَ من أبناء حيّها، وتتطلّع للخروج من الزُّقاق المُزري الذي تعيش فيه، وقد استغلّ أحدُ القوّادين الموجودين في القاهرة الجديدة هذا التّطلُّع لديها، وحفّزها على اختراق الحيّ، ومغادرة الزُّقاق، والتّحليق فوق السّياق الذي تتناسج معه؛ وأوقعها في شرَكٍ أفضى بها إلى أن تتحوّل إلى عاهرة، وتبيع جسدَها للجنود الإنكليز؛ ولذا أمسى جمالُها الخارجيّ مصدر نقمةٍ عليها، وغدا تركيزُ "نجيب محفوظ" عليه في تقديم الشّخصيّة إجراءً سرديّاً لابدّ منه في تقديمها، مع ربطه بالمصير المُفجِع الذي حاق بها في الرّواية، و الأمر نفسه يمكن أنْ نلاحظه في تقصّي آليّة وصف "الجمال الخارجيّ" في شخصيّة "الأرملة" في رواية " زوربا" لـ"كازانتزاكيس"؛ إذ إنّ هذا العنصر كان مُوظَّفاً في تقديم الشّخصيّة نفسها أيضاً، وفي تشكيل بنية الرّواية السّرديّة، وفي صياغة مستواها الدّلاليّ أيضاً؛ إذ جعل هذا العنصرُ "القطيعَ" أو "الدّهماء" في الرّواية يهجمون عليها، ويقومون بتشويه وجهها وقتْلها بعد أن أخفقوا في امتلاك جسدها، وهكذا أمسى جمالُها عنصرَ نقمةٍ عليها أيضاً، وتحوّل إلى عنصر سرديّ لابدّ منه لتشكيل الشّخصيّة المذكورة، وصياغة مبنى الرّواية، ووُظِّف لتحديد المصير المفجع الذي أصاب الشّخصية نفسّها. حتى عندما يكون التّركيزُ منصبّاً أيضاً على "الدَّمامة"، أو التشوه الجسدي بوصفهما عنصرين ضروريّين لتقديم الشّخصيّة من خلال التركيز على مظهرها الخارجيّ، كما هو الحالُ في رواية "أحدب نوتردام" لفيكتور هوغو، مثلا، فإنّ هذا التّركيز يغدو حيلة سرديّة لصياغة بنية النّصّ نفسه، وتقديم الشّخصيّة إلى القارئ؛ إذ يمكن أن يتحوّل هو الآخر إلى إجراء سرديّ ضروريّ لتشكيل بنية الرّواية ككلّ، أو يبقى عنصراً نافلا ولا ضرورة له في تشكيل الشّخصيّة نفسها، وهو ما يساعد في فتح أفق التّوقُّع لدى القارئ للتواصل مع النّصّ واستكناه مستواه الدّلالي. من الملاحَظ أنّ بعض الكتاب لا يحسنون استثمار "الوصف الخارجيّ" في تقديم الشّخصيّة، ويخفقون في جعله جزءاً من بنية النّصّ؛ ويبدو الوصف لديهم أحياناً منفصلا عن بنية الرواية، ولا علاقة له بالمسار الذي تنتهجه الشخصية في الرواية؛ أو بالوظيفة التي تُسنَد إليها في الحبكة؛ ولذا يقال في هذه الحالة : إنّ الوصف غير مُبأَّر، أي ليس منظوراً إليه من وجهة نظر إحدى الشّخصيّات، بل يُقدَّم من وجهة نظر (الرّاوي العليم) الذي ينوب عن الكاتب في تقديم الشّخصيّات، ويحيط علماً مسبقاً بصفاتها، ويقرِّر مصيرَها من دون أن يكون لهذا المصير علاقةٌ ببنية الرِّواية ككلّ. . السُّؤال الذي رأى من المناسب طرحه هنا: هل كان وصفُ شخصيّة "خزامى" في رواية صديقنا شاهر نصر" خزامى" له علاقةٍ ببنية النّصّ ككلّ، وهل كان له دورٌ في تحديد المسار الذي انتهجته الشّخصيّة في اختيار حياتها وأفعالها، وتقرير مصيرها، أم كان حشواً وفضلةً ؟؟؟" تحدث الأديب: "مالك صقور" حديثاً أدبياً جذاباً عن الرواية، أّكد فيه أنّ كلّ قارئ يفهم النص بطريقته، وأنّ النص، حينما يُنشر يخرج من يد الكاتب ولم يعد له، وذكر مقولة مهمة جداً عن الفن تقول: " إن لم يكن سؤالًا عن جوابٍ وجواباً عن سؤالٍ، فلا نفع فيه"، وبدا في ومضات من مداخلته كأنّه يلّمح متفاعلاً مع سؤال الناقد "أحمد عزيز الحسين"؛ إذ أوضح أنّ رواية "خزامى" تسير في ثلاثة محاور: الحبّ، الفلسفة، والفساد، ينبغي عدم إغفالها وحصر النقاش في جانب تقني وصفي واحد؛ فضلاً عن أنّ خزامى تطرح مسائل وجودية كثيرة ومتشعبة بدءاً من سبب بقاء طيف خزامى يراود خيال الراوي، إلى مشكلة الفساد... حتى الموت الرحيم... وعاتب الكاتب لعدم تطرقه في الحوارات الفلسفية الشاملة إلى مدرسة سقراط ... ونوه أنّ ما لفته في هذه الرواية أنّ الأحكام تأتي فيها عفو الخاطر، هنا تكمن أهميتها، ولفت الانتباه إلى أنّ وصف الكاتب للمرأة في الرواية جاء بديعاً، إذ وصف روعة وجمال ولطافة المرأة حيثما وردت في الرواية، ورأى أن ذلك يعود إلى عين الكاتب التي ينظر فيها إلى المرأة نظرة المحبّة والجمال الإنسانية المرهفة... أبدى الأستاذ "محمد القاضي" إعجابه بالرواية، التي أثارت لديه تساؤلات طالما سألها: كيف يمكن السيطرة على ظاهرة الفساد لدى الإنسان؟ وذكر مقولة هامة في هذا الخصوص تقول: إنّ "الانسان هو الحيوان الوحيد الذي يحتاج إلى سلطة لتحديد ردود أفعاله وتصرفاته".. ورأى المهندس "سامي يوسف" أنّه وجد نفسه في أكثر من موقع في الرواية وأحد أبطالها، منها، على سبيل المثال، إرساله للعمل في مشاريع هندسية في لبنان، كما أوفد "بدر" إلى سانت بطرس بورغ (لينينغراد سابقاً) ... وأشاد بالرواية، ونوّه إلى ميوله إلى الكتابة لكنّ مشاغل الحياة وأمور شتى أخرى منعته من تحقيق ميوله التي حققها صديقه الكاتب... ناقش الأستاذ "نزار بعريني" أبعاد الفساد والاستبداد كمتابع سياسي، مؤكدًا أن تغييره يتطلب تغييراً سياسياً جذرياً... وقد لفته أنّ جوهر الرواية يكمن في البحث عن الحقيقة... والحقيقة تأخذ أوجه مختلفة... لا سيّما، في العالم الحديث، الذي تهيمن فيه وسائل الاعلام التي تفبرك كلّ شيء... وأكد على أهمية الربط بين الوصف الخارجي وسياق الرواية، ورأى أنّ بنية الرواية مهمة جداً.. أما جانبا الفساد والاستبداد فهما منتشران في جميع مفاصل البنية المدروسة... ووافق على رأي الكاتب بأنّ الفساد بنية سياسية وحالة طوارئ مرتبطة بطبيعة السلطة البائدة... وأنّ معالجة وباء الفساد تتطلب تغييراً في بنية السلطة السياسية... تحدث المهندس الفلكي "غسان سليمان" عن وجهة نظره في هذه الرواية – التي نشرها في صفحته الإلكترونية – جاء فيها: "خزامى" رواية أكثر من رائعة، تعالج أكثر من موضوع يهمّ جيلنا، بطلها محامي عصامي عايش فترة قلقة في بلده، فترة مخاض إيديولوجي... وبرغم أنّ عنوان الرواية رومانسي؛ إذ بدأت بحبّ بدر لخزامى، تلك الفتاة الرقيقة، حبّاً عذرياً، لكنّ الأمور تتعقد بسرعة بانخراطه بمحاربة الفساد المستشري في الدوائر والشركات العاملة في محيطه، وبصفته محام عصامي، فقد دفعه حبّه لوطنه إلى أن يضع هذا الهدف النبيل نصب عينيه، لكنّ الأمور لم تجرِ بتلك البساطة التي تصورها، كما أنّ انخراطه في منتديات ثقافية عقّد الأمور أكثر، لأنّ حال تلك المنتديات كحال البلد، فأنتهى به المطاف - مثله مثل دون كيشوت - كأنّه يحارب طواحين الهواء. إنّها رواية مفعمة بالرومانسية من حبّ عذري، ووصف الطبيعة والعلاقات الاجتماعية الريفية، كما يمكن تصنيفها كرواية واقعية بجدارة، لأنّها تجعل القارئ يحسّ كأنّه أحد أبطالها الحقيقيين.. وتدفعني معرفتي بالكاتب إلى أن أعتقد بأنها تشبه السيرة الذاتية، وقد أثبت المؤلف أنه مثقف من الطراز الرفيع، بتسخيره معارفه العلمية والفلسفية في حواراته في الندوات ومع الأصدقاء، وإيرادها في النص، إذ عرّج على المدارس الفلسفية وفلاسفتها، لكنّ كلّ تلك الفلسفات والإيديولوجيات كانت تسقط أمام الواقع المعقد لبلادنا.. إنّها رواية أكثر من رائعة تستحق القراءة والتشريح على المنصات الأدبية والثقافية".. واستطرد يقول: إنّ أهمية الأعمال الفنية تكمن في استمتاع القارئ بها، والاستفادة منها... هذا ما لمسته بعد قراءتي "خزامى"، علماً أنّ ثمّة كتاب يسخرون رواية كاملة للإجابة عن أسئلة وجودية فقط... من الضروري عند كتابة الرواية الانتباه إلى تدقيق الجوانب العلمية عند وصف الطبيعة، إذ ورد في الرواية وصف قوسي قزح في جانبين متباينين في السماء..." أشاد المهندس "بدر درميني" بموضوع الرواية، وأهمية وضع الأدب في خدمة المجتمع، والتزام المؤلف بهذا النهج، آملاً استمرار عطائه في كافة المجالات. أما الفنان والأديب "علي محمد" فقد تحدث عن الرهافة والواقعية في هذه الرواية، وأنّها تضمنت نوعاً من الحدة كعمل الروائي... أشار المهندس "كاظم أحمد" إلى أن عنوان الرواية بحد ذاته يجذب المتلقي... وبيّن الفرق بين النقد والقراءة، وتطرّق إلى موضوع الفساد الذي يشوّه أي محاولة لنشر الجمال، وأنه حالة ينبغي أن نتكاتف جميعنا لمواجهتها، فالفساد حالة من حالات القبح... ولنشر الجمال لا بد من وجود القبح، ونشر العطر يتطلب وجود الجيف وفقاً لقوانين الكيمياء؛ إذ تُعدّ الجيف من مثبتات الروائح... واستشهد بكتاب لــ"عمران أحمد" بعنوان "العالم الحديث القديم" الذي يحكي عن الاتحاد الأوروبي الموحد برغم تعدد الدول فيه، وعدم تجانسها... وقارنه بالعالم العربي..." نوهت المهندسة "سحر كنعان" بسعادتها عند قراءة هذه الرواية، لأنّها أحسّت أنّها تتحدث عن بعض جوانب حياتها، وأغنتها في الجوانب الفلسفية، والجرأة في تناول مسائل حساسة في بنية الفساد الحاكمة، وتساءلت كيف سُمح لهذه الرواية أن تُطبع في حينه... وأكد المهندس "على علي" على أنّ من عملوا في شركات ومؤسسات القطاع العام يعيشون عند قراءة الرواية أحداثاً مرّت بهم في مؤسساتهم، فضلاً عن أنّها تغني ثقافة القارئ وأفقه، وقد ذكرته هذه الرواية بالجوالين ولا سيما الباعة (الشيني) منذ أيام "سرفانتس" الذين تجد لديهم كلّ شيء، إذ يستطيع أي قارئ أن يجد فيها ضالته... وعدّ المهندس "محمود نصر" رواية "خزامى" امتداداً للأدب الكلاسيكي، حيث تتناول قضايا معرفية ومجتمعية هامة تستحق اهتماماً أكبر.. هنّأ الدكتور المهندس "محمد عروس" الكاتب على روايته ونشاطه الأدبي، ونوّه إلى أن حياة الدراسة الغنية في الاتحاد السوفييتي جديرة أن تسجّل في روايات، وأسف لأنّه لم يسلك هذا السبيل. أشاد الأديب الشاعر "محمود حبيب"، بأسلوب الكاتب المهندس، وذكر أنّ الرواية تطرّقت إلى مسألة الفساد باستفاضة... علماً أن الفساد يلاحق البشرية منذ نشأتها الأولى، ولقد ذكرت الكتب المقدسة الفساد، وهناك آيات تتحدث عن وجود الفساد في البّر والبحر... ونوّه إلى أنّ جميع الحاضرين هم من شخوص هذه الرواية، بل إنّ نسبة 90% من العرب من شخوصها... لفت الأديب والناقد "علّام عبد الهادي" - صاحب دار أعراف للنشر - إلى تأثر الكاتب بالواقعية، وإلى البعد الاجتماعي والسياسي في السرد الروائي، وعدّ الرواية من ضمن السرد الذاتي... وأنّ الكاتب متأثر بالمنهج الماركسي في معالجة القضايا الحياتية، وأنّ هذا الأسلوب يعيدنا إلى الواقعية في الأدب... وتوقف عند سؤال: لماذا بقيت هذه الطفلة "خزامى" في خيال الكاتب، ورأى أنّ أغلب شخوص الرواية لم يأخذوا دوراً رئيساً... حتى البطل "بدر" لم يكن بطلاً كما يجب أن يكون... فالبطل ينبغي أن يكون شخصية قوية قادرة عن تغيير الأحداث... واستهجن موقف البطل، الذي لم يُبدِ ردة فعل حينما أحبّ ابنه هلال، ابنة خزامى "حنان"، وهي ابنة يهودي كان يتعقب الطلبة العرب في روسيا.. ولفت نظره سعة اختيار الأسماء في الرواية لتعبّر عن كافة الطوائف من دون استثناء... ونوّه إلى أن العمل الفكري حينما يُوغِل في وصف الطبيعة، فإن ذلك دلالة على وجود أبعاد متعددة للرواية، تميّزها بتعدد الأصوات، ما شكّل اغناء لعملية السرد.. وتساءل إن كانت النقاشات الفلسفية والحوارات بين "بدر" و"جورج" لها علاقة بـ “خزامى" وعلاقتها باليهودي؟ وهل تقويم "بدر" لدور "ابن ميمون" في الحفاظ على كتب "ابن رشد" الفلسفية أثرّ في موقفه من اليهود عموماً؟ وهل يفسّر ذلك تبريراً للسلبية التي امتازت بها شخصية "بدر" في كثير من المواقف.. في ختام مداخلته النقدية أكد على الحوارات الجميلة بين "بدر" و"ليلى"، وأنّ الكاتب اختتم روايته مثلما بدء بوصف جميل للطبيعة..."
في الختام قدّم مؤلف الرواية مداخلة بعنوان: "خزامى" والفن"، شكر فيها الحضور الكريم وإدارة مكتبة نوبلز الإلكترونية على تنظيم هذه الندوة لمناقشة رواية "خزامى"، وعلى مداخلاتهم وملاحظاتهم القيّمة.. ونوّه إلى أنّ عبارة: "كلما ضافت بك الدنيا امشِ في ربوعها" الواردة في متن الرواية، تذكّر بموقف معروف للـ"نفري"، يقول: "كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة".. كما تذكّر بقصيدة للـ"شافعي" تبين الجانب المشرق للسفر إذ يقول: "سافر، تجد عوضاً عمّن تفارقه وانصِب، فإنّ لذيذ العيش في النَّصَبِ إنّي رأيت وقوفَ الماء يفســـــده إن سال طابَ، وإن لم يجرِ لم يطِبِ". واستطرد يقول: "إنني في عملي وحياتي وكتاباتي أبحث عن الإنسان لنرتقي معاً على دروب الإنسانية المتحضرة، وأجد نفسي مهندساً، أتنفس جمال الأدب والترجمة، وتدفعني أزمات مجتمعي والعالم، التي تُلقي بثقلها على حياتنا، إلى الاهتمام بالبحوث الفكرية في محاولة للعثور على حلول لها، لذلك يشير كثيرٌ من القراء والأصدقاء، والنّقاد إلى الطابع الفكري الذي تتميز به رواياتي. إنّ الأزمات، والمآسي والهموم الكبيرة، التي شلّت مجتمعنا بسبب بينة الفساد والاستبداد دفعتني إلى الخوض في مسائل سياسية واجتماعية ابتعد عنها كثير من الأدباء، ولا سيّما، داخل سورية عند مقاربتها نظراً للمخاطر التي تتهدد الكاتب الذي يتناولها، وأقلها محاصرته، وعدم نشر أعماله.. إذ رأيت ضرورة دقّ ناقوس الخطر من الكارثة المحدقة؛ لعلّ تحذيرات الأدباء تجد آذاناً صاغية، إنّما بلا جدوى، فوقع ما حذّرت منه رواية "خزامى" التي بدأ بكتابتها عام 2007 وأنجزت عام 2009، ونشرت في دار نشر شرق وغرب بدمشق عام 2011: "لقد شُّبّه لك أنني قاتلك، والحقيقة إنّ هذه البنية هي التي تقتلنا، بنية الفساد هي التي قتلك، وصورتني قاتلك، وربّما قتلتني قبلك، الفساد كالشّر ينتشر كورم السرطان، يبدأ بخلية تافهة، ثم يعمّ مختلف مفاصل المجتمع. إذا أردنا الحياة علينا تغيير هذه البنية.. يا لقومي! أفيقوا، أفيقوا، وغيّروا بنية الفساد قبل أن تخنقنا جميعاً؛ "فإن لم تفعلوا، ولن تفعلوا، فاتقوا النّار التي وقودها النّاس والحجارة". (خزامى ص369) في هذه المناسبة؛ إنني أهنئ شعبنا الكريم المعطاء بانتصار نضاله، وهزيمة بنية الفساد وسقوط المنظومة البائدة، التي حطمت كلّ ما هو جميل في مجتمعنا، وسدّت الأفق أمامه، وأتمنى أنْ نسهم جميعاً في بناء دولة المواطنة الموحدة على كامل التراب السوري، التي يصبو إليها السوريون جميعاً، وأن تسود العدالة الانتقالية، ويُحاسب كلّ من أجرم بحقّ السوريين؛ هذا يتطلب ثقافة ووعياً اجتماعياً جديدين لتحقيق إحدى أهم المهمات البارزة أمام شعبنا ومجتمعنا، ألا وهي مهمة التنمية الشاملة بما فيها التنمية الثقافية لبناء وعي ثقافي اجتماعي حضاري جديد، وبناء دولة المواطنة العصرية، التي تنسجم مع تحديات عصر المعلوماتية في الألفية الثالثة، كي نعالج أزماتنا المستعصية ونتجاوزها. هذا يتطلب من الكاتب الاضطلاع بمهمات متعددة ومتنوعة، منها: توسيع أفقه، واكتساب المعرفة، وإنتاجها وتقديمها خدمة للمجتمع، كيلا يكون تابعاً متفرجاً، بل مشاركاً في الحياة، يسهم في نشر ثقافة وقيم الخير، والمحبّة، والحُرّية، والجمال، في مواجهة كافة أشكال الهمجية، والاضطهاد، والتمييز على أسس عرقية، أو دينية مذهبية، أو سياسية... وأن ينهل من تراثنا الأصيل، ومن بحار الحضارة الإنسانية، التي شغلت الحضارة العربية الإسلامية مكانة متميزة فيها، ويدعم ثقافته بتفعيل رؤيته النقدية، بعيداً عن الخوف والمحاباة، كما ينبغي للكاتب الاهتمام بهموم شعبه ووطنه، واحترام أسس الفنّ الحقيقي، باعتباره تجلّي للجمال، والحبّ، والحُرية التي تشكّل جوهر الفن؛ وباعتبار الجميل هو كلّ ما يرتقي بإنسانية الإنسان، والقبيح هو كلّ ما يحطّ من قدر الإنسان وكرامته.. أجل؛ إنني أناصر الرأي القائل إنّ هناك هدف إنساني نبيل للفنّ والأدب، هو نشر ثقافة وقيم الخير، والعدالة، والحرية، والمحبّة، والجمال، وينبغي أن تظلّ مسألة السمو بجماليات الأخلاق في أساس العمل الفنّي لتربية نزعة المحبّة والسلام في الإنسان، فكمال الإنسان أخلاقياً من أهم أهداف الفنّ والأدب. "الكاتب الناجح، حسب رأي تشيخوف، هو من يثير اشمئزاز النّاس من الحياة الراكدة نصف المحتضرة.. والقصص الناجحة كالزجاجات الفاتنة الممتلئة بجميع ما في الحياة من عطر"... فالبشرية لن تستغني عن فنّ القصة والرواية؛ لأنّها لن تستغني عن العطر.. آمل أن يجد القارئ في رواياتي بعضاً من أريج هذا العطر."
#لينا_أحمد_حمود (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية -خزامى-، وحوار يلامس الروح والفكر 🌿
المزيد.....
-
مقتل ناشط فلسطيني شارك في فيلم حائز على جائزة الأوسكار بالضف
...
-
إسرائيل.. الإفراج عن مستوطن قتل فلسطينيا شارك بإنتاج فيلم فا
...
-
بيان المجلس الأعلى للثورة الثقافية استجابةً للرسالة الاسترات
...
-
مستوطن يقتل فلسطينيا شارك بإنتاج فيلم فائز بأوسكار
-
سواد القدور الخاوية يوثق في لوحات ظلام مجاعة غزة
-
هل نجح الباحثون الأردنيون في توثيق هوية القدس وحمايتها معرفي
...
-
كيف أثّر فن وفكر زياد الرحباني في أجيال متعاقبة؟
-
الكتابة من تحت الأنقاض.. يوسف القدرة: في الشعر لغة -فرط صوتي
...
-
تشييع الفنان اللبناني زياد الرحباني... وفيروز في وداعه
-
(فيديو) في وداع الرحباني.. ماجدة الرومي تبكي عند أقدام فيروز
...
المزيد.....
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
-
. السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك
...
/ السيد حافظ
-
ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
/ ريتا عودة
-
رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
/ رشيد عبد الرحمن النجاب
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
المزيد.....
|