أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حيدر حسين الجزائري - الدين والدولة في العراق : تحالف خطير على حساب الوطن














المزيد.....

الدين والدولة في العراق : تحالف خطير على حساب الوطن


حيدر حسين الجزائري

الحوار المتمدن-العدد: 8412 - 2025 / 7 / 23 - 16:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدين والدولة في العراق: تحالف خطير على حساب الوطن

شكّل تداخل الدين بالدولة أحد أبرز الأزمات البنيوية التي تعيق تقدم العراق، وتحول دون نشوء نظام سياسي عصري يضمن العدالة والمواطنة المتساوية. هذا التداخل لم يكن يومًا عرضيًا أو عابرًا، بل هو نتيجة تخطيط طويل الأمد وتراكمات من الخطاب الديني المسيّس، الذي احتكر الأخلاق والهوية، ليصبح الدين أداة في يد القوى السياسية، لا مرجعية روحية توجه المجتمع نحو الخير العام.

منذ سقوط النظام السابق في العام 2003، دخل العراق مرحلة جديدة كان من المفترض أن تؤسس لدولة مدنية ديمقراطية. غير أن الأحزاب الدينية، خاصة الشيعية منها، استغلت فراغ السلطة، واندفعت لتقاسم النفوذ تحت غطاء طائفي. وبدلاً من فصل الدين عن الدولة، تم تحويل المؤسسات الدينية إلى أدوات دعم للسلطة، وتوظيف الخطاب الديني لتبرير الفشل، وتخدير الشارع، وإسكات الأصوات المعارضة.

النتيجة كانت كارثية: مؤسسات دولة مشلولة، مليشيات مسلّحة خارج إطار القانون، وقوانين تُفصَّل على مقاس المرجعيات الدينية وليس على مقاس المواطن وحقوقه. فُرضت قوالب دينية على المجتمع العراقي المتنوّع، وهُمّشَ كل صوت علماني أو مدني بدعوى "محاربة التغريب" أو "الانحلال الأخلاقي"، وكأن الهوية العراقية لا يمكن أن تكون إلا هوية دينية متشددة.

أسوأ ما في الأمر أن هذا التداخل منح رجال الدين نفوذاً سياسياً غير خاضع للمساءلة، في بلد يُفترض أن يكون خاضعًا لسيادى القانون. فمتى كانت الفتوى أداة لحل الأزمات الدستورية؟ ومتى أصبح رأي المرجعية هو البديل عن النقاش البرلماني أو المسار القضائي؟ إن تحويل الدين إلى مصدر للشرعية السياسية ليس فقط تجاوزًا خطيرًا على الدولة، بل هو، أيضًا، إساءة صريحة للدين نفسه، الذي يُفترض به أن يكون فوق المصالح الحزبية الضيقة.

لم يعد الدين في العراق شأناً خاصًا، بل تحوّل إلى نظام هيمنة. من المدارس إلى الإعلام، ومن القضاء إلى الجيش، تسربت عقلية دينية محافظة ترفض النقد، وتقدّس الطاعة، وتحاصر كل محاولات التحرر أو التجديد. حتى القوانين المتعلقة بالمرأة، بالحريات الفردية، وبالهوية الثقافية، باتت تُصاغ وفقًا لمرجعيات فقهية لا تعترف بالتعدد، ولا تقبل بالمساواة.

من هنا، فإن الفصل الصارم بين الدين والدولة لم يعد مجرد مطلب نخبوي، بل ضرورة وجودية لبقاء العراق كدولة موحدة، عادلة، وقابلة للحياة. الدولة المدنية لا تعني إلغاء الدين، بل وضعه في مكانه الطبيعي كمرجعية روحية لا تتدخل في السياسة ولا تُستخدم كأداة للهيمنة.

يجب أن نرفض بوضوح هذه الثنائية الكاذبة التي تروّج لها القوى الدينية: إما حكم ديني أو فوضى. الفوضى هي ما نعيشه اليوم، في ظل هذا الحكم المموّه بالدين. الفساد، المحاصصة، انهيار التعليم، انعدام الخدمات، كلها ثمار مباشرة لهذا التزاوج المشوّه بين العمامة والكرسي.

تحرير العراق يبدأ بتحرير العقل العراقي من وهم "قداسة" رجال الدين، ومن فكرة أن الدولة لا تقوم إلا على أساس طائفي. ما نحتاجه هو عقد اجتماعي جديد، يُبنى على أساس المواطنة، القانون، والعقل، لا على أساس الطائفة والولاء الأعمى



#حيدر_حسين_الجزائري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والدولة في العراق : تحالف خطير على حساب الوطن


المزيد.....




- جيش الاحتلال الإسرائيلي يدعي: قصف الكنيسة الكاثوليكية في غزة ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وعر ...
- مفتي لبنان يكشف عن التحضير لقمة إسلامية مسيحية لتدارك المؤام ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وعر ...
- 62 وزيرا وعضوا بالكنيست يطالبون بتواجد يهودي دائم في نابلس
- حرب الإبادة في غزة.. انتهاكات جيش الاحتلال للمستشفيات والمسا ...
- فاشية عصر التنوير المظلم
- الرئيس الإسرائيلي يلتقي الشيخ موفق طريف الزعيم الروحي للطائف ...
- “حدثها الأن” تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي ن ...
- فتوى شرعية بوجوب -كسر الحصار- عن غزة.. الاتحاد العالمي لعلما ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حيدر حسين الجزائري - الدين والدولة في العراق : تحالف خطير على حساب الوطن