موسى المزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8411 - 2025 / 7 / 22 - 11:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تُواجه إيران اليوم أزمات متشابكة ومتصاعدة تُهدد بنيتها الاجتماعية والاقتصادية، حيث تتراكم تبعات الفقر المدقع، والجفاف المتواصل، والتضخم، مع تهميشٍ بنيوي لفئات واسعة من السكان، خاصة في الأقاليم ذات الغالبية غير الفارسية، مثل عربستان، بلوشستان، كردستان، آذربايجان و تركمن صحرا. تشير الإحصاءات الرسمية الإيرانية إلى أن حوالي 30% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، أي ما يُقارب 25.4 مليون شخص بين عامي 2019 و2022. بينما تُقدر تقارير دولية مستقلة أن النسبة الحقيقية للفقر قد تصل إلى 40–60% من السكان، بسبب شمولها لحالات الفقر المدقع. بحلول يناير 2025، قدر معهد العمل والرعاية الاجتماعية الإيراني نسبة الفقر الفعلي بين 22% و27%، فيما أقر تقرير وزارة الإسكان في أبريل 2024 بوجود نحو 26 مليون شخص يعيشون في العشوائيات، بزيادة تُقدّر بـ30%مقارنة بعام 2020. أما على صعيد البطالة، فقد وصلت بين خريجي الجامعات إلى نسب مقلقة، 30% للرجال، وأكثر من80% للنساء الحاصلات على شهادات دراسات عليا، وفقا لتقارير برلمانية وأكاديمية. رغم تزايد تكاليف المعيشة، لا يزال الحد الأدنى للأجور أقل من نصف خط الفقر. حيث يُقدّر بنحو 35 مليون تومان (حوالي 120 دولار فقط) شهريا لعائلة مكونة من أربعة أفراد. في المقابل، قفزت أسعار المواد الغذائية، مثل اللحوم والخضار، بنسبة 30% إلى 70% و البعض تعتقد الى 90%خلال عام واحد، مما ساهم في وصول معدل التضخم الغذائي إلى 42% بحسب تقرير البنك الدولي للفترة من أبريل 2024 إلى أبريل 2025 و الحرب ال 12 يوم الاخيرة زادت الطين بلة، انهيار سعر العملة ، ارتفاع غير المعقول لاسعار المواد الغذائية و المعيشية خاصة ارتفاع سعراللحوم، الخبزو البقولات، الاطعمة الاساسية للمجتمع.
و أما في المناطق ذات الأغلبية غير الفارسية، مثل عربستان(خوزستان)، يعاني السكان من تهميش عميق في البنية التحتية، التعليم، الصحة والفرص الاقتصادية. رغم أن هذه المناطق تُعد من أغنى مناطق ايران بالموارد الطبيعية، فإن العربي والغير عربي في الاقليم لا يستفيد من عوائدها بشكل عادل، إذ يتم استثمار الثروات في مراكز أخرى من البلد او تخزن في بنوك خارج البلد. وفقا لـمنظمة الشفافية الدولية، حازت إيران على أسوأ درجة في مؤشر الفساد عام 2024 (23 من 100)، حيث تغلغلت الرشوة وسوء الإدارة في كافة مفاصل الدولة. حتى أن مواكب الرئاسة لم ينجى من ةهذه الحلة تعرض لتعطّل بسبب بنزين مغشوش بالماء، كما حدث في رحلة للرئيس الإيراني إلى تبريز. فإذا كان هذا حال الدولة، فكيف هو حال المواطن العادي؟ مقارىة مع المناطق الاخرى من أكثر الفئات تضررا في إيران اليوم هم العرب في إقليم عربستان (خوزستان)، حيث يُواجهون أشكالا متعددة من التمييز. تقول التقارير إن أبناء المنطقة يُرفضون في الوظائف العامة والخاصة بسبب هويتهم أو لكنتهم العربية. الناشط العربي حمدان وصف الواقع المؤلم بكلمات صادمة يقول: عندما تنام على بحر من النفط، ولكنك في الليل ترقد جائعا، عندما تُرفض في مقابلة عمل بسبب لكنتك، عندما لا تملك مياه شرب نظيفة قرب نهر كارون والكرخة والجراحي، عندما تمر أنابيب الغازمن مدينتك و قريتك ولكنك تحمل أسطوانة الغاز على ظهرك للبحث عى تعبئتها، تُدرك حينها أنك غريب. ويضيف الناشط السياسي بيجمان رحيمي(پژمان)، وهو من الأقلية البختيارية في الاقليم، أن معاداة العرب هي واقع اجتماعي لا يمكن إنكاره، مدفوع بأيديولوجيا فارسية شاملة تُعزز من تهميش العرب وتُقصيهم اقتصاديا و سياسيا. أما الناشطة هدى كريمي صدر، فتؤكد أن التمييز ضد العرب ، ليس قانونيا بالضرورة، لكنه ثقافي واجتماعي، حيث تقل فرص العمل للعرب حتى في الوظائف البسيطة مثل عمال النظافة، ففي كوت عبدالله(حي في مدينة الاهواز)، وهي منطقة عربية بالكامل، لا تجد عمال نظافة عربا.
بجانب الفقر والتهميش، يضرب الجفاف المقصود و المتعمد جذور إقليم عربستان. إذ تم تجفيف أكبر أنهاره مثل كارون، والكرخة، والجراحي، فضلاً عن إهمال هور العظيم وهور الفلاحية، المدرجين ضمن التراث العالمي لليونسكو، نتيجة بناء السدود ونقل المياه إلى مناطق أخرى. قد تسبب ذلك في موت آلاف النخيل، وانهيار الزراعة والقضاء على تربية المواشي والأسماك، ما دفع العديد من السكان إلى هجرة قسرية من أراضيهم الخصبة نحو مناطق المدن و السكن في عشوائيات محرومة من أبسط مقومات الحياة. فمن اجل مكافحة تجفيف نهر الجرحي المتعمد في مدينة الفلاحية وقراها، بدأ المزارعون والفلاحون بتنظيف مجاري المياه بأيديهم، من دون دعم حكومي، وبلا آليات أو جرافات، في محاولة يائسة لإنقاذ ما تبقى من النخيل التي جفت أو تساقط ثمرها. في تعبئة شعبية تتكون من 20 إلى 50 شخصا، يُقاتلون من أجل البقاء في حرارة تتجاوز 50 درجة مئوية، في موسم نضج التمور المعروف بـ خرماپزان. فحسب ما تتحدث الاخصايين بعلم الاجتماع و السياسة ان لن تشن حروب ضد ايران سنشهد الاخيرة عاجلا ام أجلا انفجار اجتماعي لا يعرف عقباه. ما تشهده إيران اليوم ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل أزمة عدالة اجتماعية وهيكلية سياسية. الفقر، التهميش، والتمييز العرقي والديني، مع انهيار البيئة تُهدد بإشعال مزيد من الاضطرابات، خاصة في المناطق التي طالما اعتُبرت هامشا رغم كونها شريان الاقتصاد الوطني. أصوات مثل حمدان، حمّاد، وهدى و بیجمان، عبدالله، سارا و حاج خليل باتت أكثر جرأة في التعبير عن ما يعتبره كثيرون تمييزا ممنهجا، لا يمكن علاجه بالإصلاحات السطحية أو بتغيير الإدارات، بل بتغيير النظرة العميقة للدولة تجاه تنوعها القومي والثقافي، والاعتراف الحقيقي بحقوق مواطنيها كافة.
المصادر:
ايران واير
همشهري اونلاين
#موسى_المزيدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟