حسنين مصطفى العلي
الحوار المتمدن-العدد: 8406 - 2025 / 7 / 17 - 02:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين أصبح المهندس سياسياً... العراق يتحدث
حسنين العلي
في العراق، لم تكن كليات الهندسة مجرد بنايات إسمنتية تعجّ بالمعادلات والرسومات التقنية. كانت – وربما ما زالت – مصانع صامتة تُنتج ما هو أكثر من الجسور والسدود... تُنتج رجالاً يُمسكون بزمام السياسة والسلطة.
كبرنا ونحن نسمع عن أن فلانًا "مهندس" صار وزيرًا، أو أن رئيس الوزراء السابق خريج هندسة كهربائية، أو أن زعيمًا بارزًا في جماعة سياسية كان يوماً ما طالبًا في قسم الميكانيك. لم يكن غريبًا أن نُحصي في كل تشكيل حكومي بعد 2003 عددًا لا بأس به من أصحاب الشهادات الهندسية. في كل وزارة، في البرلمان، في الدواوين، يظهر اسم جديد بـ"خلفية هندسية".
تساءلت مرارًا: كيف تحوّل المهندس إلى سياسي؟
هل لأنهم يملكون القدرة على رسم الخطط وقراءة الخرائط وحساب الزوايا؟
أم لأن الحياة في العراق فرضت على الجميع أن يتقنوا أكثر من حرفة، وأكثر من وجه؟
في سبعينات وثمانينات العراق، كانت كلية الهندسة حلم كل طالب طموح. من يدخلها يصبح "شخصية"، والفرص أمامه تزداد. لكنها لم تكن فقط مكانًا للتفوق الأكاديمي، بل كانت أيضًا مسرحًا للأفكار، للتنظيمات السرية، وللتجمعات التي كانت تهمس بأحلام الحرية في أروقةٍ خافتة الصوت.
المهندس كان دومًا جزءًا من المعادلة السياسية، حتى لو لم يكن ظاهرًا.
في زمن القمع، كانت التنظيمات تبدأ من داخل القاعات الدراسية: خطة هنا، منشور هناك، وعيٌ ينمو بهدوء.
وبعد 2003، حين سقط النظام وانهار كل شيء، كانت الفوضى تبحث عمّن يعرف كيف يُنظمها. من لديه عقلٌ يربط بين الأجزاء، ويحسب الاحتمالات. فظهر المهندس من جديد، لكن هذه المرة ليس وراء طاولة الرسم، بل وراء طاولة الحكم.
ربما لأن السياسة في العراق كانت – وما زالت – تحتاج إلى عقلية تفكر كمهندس
#حسنين_مصطفى_العلي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟