أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد وهاب عبود - البودكاست وثقافة الثرثرة














المزيد.....

البودكاست وثقافة الثرثرة


محمد وهاب عبود

الحوار المتمدن-العدد: 8402 - 2025 / 7 / 13 - 15:10
المحور: الصحافة والاعلام
    


لقد برز البودكاست كأيقونة ثقافية جديدة، محتلا مساحات واسعة من وقتنا واهتمامنا، حتى صار الصوت الذي يرافقنا في زحمة الطريق وفي لحظات العزلة وأوقات الاسترخاء العابرة. لكن هذا الانتشار المتزايد للبودكاست ثمة من يراه يمثل إضافة نوعية إلى مشهدنا الثقافي، فيما ينظر له آخرون على أنه مجرد سيمفونية من الثرثرة تهدد بتقويض دعائم الثقافة النصية الراسخة.
لا شك أن البودكاست يحمل في طياته إمكانات هائلة، فهو يتيح الوصول إلى محتوى متنوع وغني، وفي كثير من الأحيان يفتح نوافذ على عوالم لم نكن لنكتشفها لولا هذا الوسيط السمعي. بيد أنه في الوقت نفسه، يحمل بين طياته بذور ثقافة جديدة، ثقافة تعتمد على التلقي السلبي والاستهلاك السريع للمعلومات، نزعة ثقافية تغرق في السطحيات بدلا من الغوص في الأعماق.
إن طبيعة البودكاست التي تعتمد على الصوت بشكل أساسي تجعله عرضة للانزلاق نحو الثرثرة والتطويل. فالكلمات المنطوقة وإن كانت تحمل في بعض الأحيان سحرا خاصا، إلا أنها غالبا ما تفتقر إلى الدقة والتكثيف الذي يميز النص المكتوب. هذا التطويل، الذي قد يستمر لساعات يعزز ثقافة الكسل الفكري إذ يفضل المستمع الاستماع إلى تدفق المعلومات دون الحاجة إلى بذل أي جهد في التفكير والتحليل.
على النقيض من ذلك، تعتمد الثقافة النصية على الخطاب المكتوب الذي يمنح القارئ فرصة التأمل والتفكير النقدي. فالكلمات المكتوبة تتطلب من القارئ بذل جهدا أكبر في فك رموزها واستيعاب معانيها، مما يطور قدراته العقلية ومهاراته التحليلية. فالقراءة ليست مجرد عملية تلقي للمعلومات بل هي عملية تفاعلية تتطلب من القارئ أن يكون مشاركا فعالا في بناء المعنى.
كما لا يمكن إنكار وجود استثناءات مضيئة في عالم البودكاست فقد نجد برامج تسعى إلى تقديم محتوى جاد وعميق، وتحفيز المستمعين على التفكير والتأمل. غير أن هذه الاستثناءات تظل قليلة نسبيا، ولا تغير من حقيقة أن معظم برامج البودكاست تقع في فخ السطحية والثرثرة.
إن التحدي الذي نواجهه اليوم ليس في رفض البودكاست بشكل قاطع، وإنما في إيجاد طرق لتحويله إلى أداة لتعزيز الثقافة والفكر النقدي من خلال السعي إلى تطوير برامج بودكاست تعتمد على الدقة والعمق، وتحفز المستمعين على التفكير والتساؤل. فضلا عن تعزيز ثقافة القراءة والكتابة والتذكير بأهمية النص المكتوب في تطوير العقل وتنمية المعارف.
إن مستقبل الثقافة يعتمد على القدرة على تحقيق التوازن بين الوسائط المختلفة، وعلى استثمار كل وسيط في خدمة الانسانية. فالثقافة ليست مجرد وسيلة للترفيه والتسلية، بقدر ما هي أداة فعالة لتشكيل الوعي وتطوير المجتمع. فطريق الازدهار والتنمية ينطلق من تعزيز نمط ثقافي يتكئ على العمق والتفكير النقدي، بدلا من الانزلاق نحو ثقافة السطحية والثرثرة.



#محمد_وهاب_عبود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلطة النهب
- ال -ترند- والانجراف الجمعي
- فرنسا القديمة وكاليدونيا الجديدة
- الأجيال وجدل الأفضلية المزمن
- كورونا العادل في زمن الظلم
- كورونا_من زاوية اخرى
- قوى الامن في مستنقع السياسة
- حب رقمي
- سلاح ألمعرفة ألمضادة
- كيف خدعونا ؟
- كيف خدعونا ؟؟
- ها هم السياسيون
- مادية الوعي الانساني
- اباطرة المال والتهمة المكررة
- العولمة وصناعة النخبة
- الحرب رئة الرأسمالية
- دهاء الغرب ويقضة الشعوب
- ها هي الرأسمالية
- لا حاجة لنا بالقوات المسلحة
- الحلم الاشتراكي في مخيلة الشباب الامريكي


المزيد.....




- أشهر معالم البتراء..صور تخطف الأنفاس لسماء الليل في الأردن
- نقص حاد في المساعدات وتعثر في المفاوضات واستمرار غارات الجيش ...
- سوريا: وزارة الدفاع تعلن بدء انتشار الجيش في السويداء عقب اش ...
- ماكرون يريد أن يجعل من فرنسا قاطرة الدفاع الأوروبي
- مشاركة مثيرة للجدل لإندونيسيا في العرض العسكري بفرنسا... و-ح ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي: إخفاق جهاز الخدمة السرية مسؤول عن محاو ...
- كيف يحصل -التعاقب البيئي- بعد حرائق الغابات؟
- تغير المناخ يسرّع ذوبان أنهار الجليد بجبال الإنديز
- الرابح والخاسر في اتفاق الكونغو ورواندا برعاية واشنطن
- الخارجية الإيرانية: بعد الهجوم على منشآتنا النووية السلمية ل ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد وهاب عبود - البودكاست وثقافة الثرثرة